أم إسماعيل- مصر:

 

أنا زوجة وأم لولدين تزوجت من 9 سنين من رجل نحسبه على خير ولا نزكيه على الله كريم وطيب فهو شخصية ذات قيمة وفكر، زواجنا كان زواجًا تقليديًّا، ولأنه كان أول شخص في حياتي أعطيته كل الحب والإخلاص وصدق المشاعر، والتي أكننتها بداخلي لزوجي عففتُ نفسي عن كل مغريات الحياة، وطلبت عفو الله، وأن يرزقني الله بمن يعوضني في الحلال والحمد لله.

 

مشكلتي أن زوجي العزيز كان يحب واحدة قبل الزواج حبًّا شديدًا، ولكنها تركته وتزوجت من صديقه المتيسر ماديًا ودارت الأيام والسنين، وبعد زواجه بـ4سنين وزواجها بدأت تتصل به وتكلمه، وللأسف هو استجاب لها بسهولة جدًّا، وعندما علمتُ وتأكدتُ جيدًا واجهته حاول ينكر، ولكنه في الآخر اعترف وحاول إقناعي بأنه إطار مجتمعي وصداقة عادية، ولكني رفضت بشدة، ووعدني بعدها بأنه لم يتصل بها مرةً أخرى، ولكن للأسف عرفتُ أنه يكلمها ومازال على اتصال، فهددت بترك البيت وعدم الرجوع مرةً أخرى فأقسم لي وما كان مني إلا أنى أصدقه وأنا أعلم أنه يكلمها من الحين للآخر، حاولت كثيرًا أن أتحمل من أجل أولادي، ومرت السنون وللأسف من فترة وجدته متغيرًا، وعلمت بعدها أنه مازال يعرفها

 

تجيب عليها الداعية سمية رمضان أحمد

 

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والرسول على النبي الهادي محمد صلى الله عليه وسلم، أدَّى الأمانة، وبلغ الرسالة، واهتدى به من أراد الهداية، كلمات لا يختلف عليها من المسلمين اثنان، ولكن من منا بحق يتبع هدي ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، حتى لا يضل ولا يشقى، ولا يشقى من معه ويتعس، (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى)، وكم منا على يقين أن اتباع الهدي حتمًا هو السبب الرئيس لشعوره بالأمان والسعادة، (فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون).

 

إن ادعاء كل منا أنه يتبع الهدي، يتعرض لفتن كمقياس حقيقي على اتباعه حقًّا للهدي، وذلك حتى لا يعيش في خديعة أنه يطيع الله ورسوله، ومسلم وليس بينه وبين دخول الجنة إلا الموت، (أحسب الناس أن يتركواأن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون).

وما يتعرض له زوجك يعد من هذه الفتن، وليس الأمر قاصرًا على حدود ما تسبب في شقائك، وحزنك، وهمك، وغمك، ولكن الأمر تعدَّى إلى محاولة إنقاذ رجل وصفتيه بالكرم، والطيبة، والحنان، من قبضة الشيطان على ناصيته، أما قولك أن زوجك هو أول رجل في حياتك، واعطيتيه كل الحب والإخلاص، وصدق المشاعر، فهذا هو ما يجب أن يكون في مجتمع قائده محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا فضل الله عليك ومنته العظيمة التي يجب أن تحمديه عليها آناء الليل وأطراف النهار، (وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وماكنا لنهتدي لولا أن هدانا الله).

فالحمد الله أن النموذج الذي أراده سبحانه موجودًا ومتمثلاً فيك، لنستشعر بشاعة النموذج الآخر الذي صبغته الفتنة، ونستنكفه ونرفضه ونحاول تغييره، فأرهفي لي سمعك، فزوجك بما رويت في رسالتك، يتعرض لفتنة اتباع الهوى.. (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله).

وقد زين له الشيطان سوء عمله، وجعله يدعي أن حديثه المتواصل مع امرأة لا تحل له من الصداقة المجتمعية، هذه الأكذوبة القاصمة، والتي على إثرها انهارت نفوس وتهدمت بيوت، ورسالتك ذكرتني بزيارة قمت بها من عدة أيام إلى السجن المركزي لدولة عربية، لتوعية السجينات، فوجدت أكثر ما يؤدي إلى هذا المكان المخيف، الاستهانة بالاختلاط، والتي يقوم على إثرها علاقات حرَّمها الله، وسنت القوانيين الدنيوية عليها العقوبات، وممن رأيت امرأة قتلت زوجها مع عشيقها، وكانت البداية، استهانة الزوج باختلاط صديقه مع زوجته، وكانت تروي له كل شيء كصديق، وبسرعة أخذتها زلاقة الفتنة إلى حيث الخزي والعار، ونساء وفتيات تم القبض عليهن، متلبسات بعلاقات مشبوهة، وعند حديثي معهم، ذبتُ خجلاً، فهم لا يتصورون عاقبة الخطوة التاليه للخطوة الأولى ويقلدون غير المسلمين، ولا يتذكرون مجرد تذكر، (ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرًا).

ثم ما ذنب الآباء والأمهات، والأطفال على هذا الخزي والعار الذي يلاحقهم أينما ذهبوا، وكانت البداية ميسرةً إن أرادوا، فالحجة الأولى لزوجك الشرع يبطلها ليس هناك صداقة بين رجل وامرأة لا تحل له، ولكن هناك زمالة عمل، زمالة دراسة، وقد قننها الشرع واضعًا ضوابطها بدقة.

عزيزتي، لقد اجتهدت مشكورةً لمساعدة زوجك، ألا يعاود الاتصال بالمرأة المتزوجة، المحصنة، ولك الحق، حيث يتساءل الإنسان ما هي نهاية مثل هذه العلاقات، فهما اثنتان، إما أن تطلب المرأة الطلاق من زوجها لتتزوج الآخر، فيمكن أن تهدم بذلك بيتين، والله أعلم ستنجح مثل هذه الزيجة، أم يكتب عليها الفشل، فيخسر الجميع الزوجان، والزوجتان، وقافلة من الأولاد، أو أن تقتل مع عشيقها زوجها، ويدخلان السجن، فتكون الخسارة المهلكة، لا هما تزوجا، ولا ربيا أولادهما، ولا أي شيء علي الإطلاق، فمن المحتم أن مثل هذه العلاقات لا تبدأ من الأساس، كما نبهنا الشرع.

وأرجع لسؤالك ماذا تستطيعين فعله لإنقاذ بيتك وزوجك، ونفسك، وأولادك، بل وعائلتك، وعائلته، ولنبدأ ببسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، فزوجك رادعه الأساس هو الخوف من الله، (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوي فإن الجنة هي المأوى).

فلا تجعلي قضيتك الأولى ألا يكلمها فقط، ولكن صححي الأساس الذي بني فوقه الخطأ، استعيني بشرائط تقوي العقيدة، وليستمع إليها كليكما، وكذلك بعد الاتفاق معه تذهبان سويًّا إلى مكان بعيد، لبضعة أيام، وليتكم تكثفان في هذه الفترة الحضور إلى مجالس علم ترقق المشاعر، وترد زوجك إلى الله ردًَّا كريمًا، وليتكم تكون في صحبتكما بعض الكتب التي تعينه علي اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ونهى النفس عن الهوى وزجرها والسيطرة عليها، وتسليم ناصيته إلى الله سبحانه، وشهر رمضان قادم عليكما، اتفقي معه أن يكون شهرًا لتجديد الإيمانيات، وفعل وتنفيذ ما دعانا إليه الشرع، وليتكما تحفظان بعض السور القرآنية، ولتكن البداية بقصة يوسف عليه السلام مع تفسيرها، لعلها تعينه على طاعة المولى، واتخاذ يوسف عليه السلام قدوته، من غير الله حبيبتي لن يستطع زوجك الخروج من محنته، وتكون إعانتك له بالتوقف تمامًا عن المشاجرات بسبب مكالماته، ويكون تركيزك على مساعدته لاجتياز هذه المحنة، وقيام الليل لي معه خبرة في استجابة الله للدعاء، بللي سجادتك بدموعك واسألي خالقك، مع دفع بعض الصدقات، وأيضًا صلة الأرحام بنية أن يفك الله كربك، والعمل الصالح حدث ولا حرج يفتح الأبواب المغلقة.. لعل الله اختاركِ لإنقاذ هذا الرجل الطيب الكريم، فلا تبخلي على زوجك بمساعدته بكل ما أُوتيتِ من قوة، ليستعيد ثقته في إيمانه، ولو تأخرت النتيجة فيمكنك الاستعانة بأحد الصالحين من الأقارب ليمد له يد العون، ويساعده على الاستيقاظ من غفلته.

أسأله سبحانه أن يحفظ بيتكما وأنفسكما وكل مسلم على هذه الأرض.

وهمسة في أذنك لا تتنازلي عن زوجك وصبي عليه الحب صبًّا، واجعليه شاغلك الأول، غيري من أثاث منزلك ومن نفسك، وتسريحة شعرك ومكياجك، وتحدثي معه برقة ولطف، وابذلي أقصى ما عندك لإسعاده.