- وزير الأوقاف المستقيل: الانقلاب يسعي لخطاب ديني يعمق جذور الولاء للعسكر


- د. جمال عبد الستار: الحشود السلمية أربكت الانقلابيين فأرادوا وأدها من المساجد


- د. عبد الله سرور: العلماء يرفضون الاستخفاف بشعائر الله والتنكيل بنا لا يخفينا


تحقيق: سماح إبراهيم


لم يشهد التاريخ سابقة لهذه الجريمة إلا في عهد الحملة الفرنسية حيث اقتحمت خيول الجيش البربري المتوحش الجامع الأزهر.. غير ذلك فهي السابقة الأولى من نوعها التي تأتي ضمن سلسلة من التجاوزات الخطيرة في حق الدين والبشر المؤمنين به والأساليب القمعية يمارسها أعوان الانقلاب للتضييق على المواطنين وكل ما هو إسلامي، بغلق المساجد الصغيرة والزوايا ومنع المصلين من أداء صلاة الجمعة بها، وقصر الصلاة على مساجد الأوقاف، ومنع العلماء والدعاة من الخطبة بها.


قرارات صادمة لا نصيب لها من دين أو عقل لم تحدث سوى في عهد الآلة الأمنية لقادة الانقلاب العسكري الذي يسعي جاهدًا لمنع الشعب المصري من إحياء بيوت الله والاستخفاف بدورها بعدم تعظيم شعائر الله في أرضه بهدف طمس الدور التاريخي والرائد للمساجد ورسالتها.


وسارعت قوات أمن الانقلاب في تطبيق القرار بعدم السماح للمصلين بالصلاة أمام المساجد ومنع إقامة صلاة الجماعة ووقف 55 ألف خطيب مسجد من أداء دورهم في الوعظ بالمساجد, وهددت المصلين بالاعتقال والتنكيل إن لم يغادروا المساجد، وإلا فهم يعرضون أنفسهم للأذى!!


علماء مصر ودعاتها استنكروا عبر "إخوان أون لاين" تجاوزات وزارة الأوقاف التي يحركها الانقلاب مخالفة نصوص الشريعة الإسلامية وإطاحتهم بمبادئ الديمقراطية بأوامر جبرية من سلطات الانقلاب، مناشدين المواطنين بالصلاة بالمساجد والالتزام بالسلمية مهما بلغت استفزازات أعوان الانقلابيين، فإلى التفاصيل..


انتقاضة شعبية


يوضح الدكتور طلعت عفيفي، وزير الأوقاف المستقيل أن هناك بعض دعاه تخلوا عن دورهم الحقيقي مقابل الولاء للنظام الانقلابي فلم يكتفوا بتكميم أفواههم بل تحايلوا على الشرع من أجل تحقيق مكاسب دنيوية ضئيلة، موضحًا أن هؤلاء سوف يسألون على أمانة العلم أمام الله وقلب الحقائق.


وحول دوافع الانقلابيين من إصدار قرار غلق الزاويا والمساجد الصغيرة يؤكد عفيفي أن السبب الحقيقي من وراء تلك التصرفات الحمقاء هو توجيه الخطابة في اتجاه يعمق بذور الولاء للنظام العسكري الدموي.


ويدعو الشعب المصري وجبهة علماء مصر وكافة الأطراف السياسية الغيورة على دينهم بالانتفاض والتصدي لأي قرارات من شأنها مصادرة بيوت الله من أجل مطامع قادة الانقلاب السياسية، موضحًا أن المساجد مهمتها لا تقتصر على أداء الصلاة فحسب، فالتاريخ الإسلامي يشير إلى دورها في محاربة الفساد وقضاء حوائج الناس ومراكز لإقامة الندوات الثقافية ودراسة أحوال الدنيا والفصل في أمور المتنازعين.                 


ويستطرد أن ما يحدث الآن في مصر يعد مصادرة لحرية الشعب وخروج على إرادته، مطالبًا علماء الأزهر بالتحرك الدائم والمستمر لإدانة وفضح تلك القرارات بالبيانات فالإعلام يعمل ليل نهار على تشويه أفكار الناس، ويمارسون الإرهاب الفكري والإعلامي لمحاربة كل من يخالفه الرأي والزج بالاتهامات لعلماء مصر الرافضين للانقلاب لتكميم أفواههم.


اعتداء على الإسلام


الدكتور جمال عبد الستار الأستاذ بكلية الدعوة الإسلامية بالأزهر، ووكيل وزارة الأوقاف السابق يؤكد أن هذا القرار يعد اعتداء سافرًا وواضحًا على الإسلام، وأن الانقلابيين منذ اللحظة الأولى من اغتصاب السلطة قاموا بالاعتداء على المساجد وبيوت الله ومحاصرة المصلين، لإدراكهم أن العزة في الإسلام، وأن الثورة عليهم ستأتي من أبواب المساجد               


ويشير إلى أن قرار إغلاق المساجد وتعطيلها عن إقامة الصلاة فيها وإقامة الدروس وتعليم الناس الخير لا يجوز، فقد قال الله تبارك وتعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا) (البقرة: 114).


وتابع: "الانقلابيون يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، ولكن الله متم نوره، وسينهي انقلابهم إلى زوال، ولن يكتب لهم التاريخ سوى الخزي والذل، ويضيف إن خروج الآلاف من المعتصمين من المساجد لكسر الانقلاب وصمودهم في المطالبة بعودة الشرعية أزعج جميع قادة الانقلابيين، فهم لم يتوقعوا كل هذا الصمود الذي قلب مخططاتهم رأس على عقب الأمر الذي جعلهم يلجئون لحيل أخرى وأساليب وقرارات أكثر غباء.


ويطالب علماء مصر ودعاتها بمواجهة تلك الهجمات بسليمتهم المعهودة، ودورهم الدعوي بتعريف الأهالي بدور الشريعة الإسلامية وأحكامها وتطبيق مبادئها، خاصة في ظل التضليل الإعلامي وتشويهم لصورة الإسلام والإسلاميين، مشيرًا إلى أن الخير والأمن والسلام قد كفله الله لكل من احتمى بالإسلام وعاش في كنفه، فتطبيق الشريعة لا يخيف كما يدعي المضللون.


أهمية المساجد


ومن جانبه يرى الدكتور عبد الله سرور المتحدث باسم نقابة علماء مصر أن تطبيق قرار وزير الأوقاف يحمل الكثير من علامات الاستفهام، ويضع الوزارة في موقف حرج، مشيرًا إلى أن هناك الكثير من الأحياء لا يوجد بها المسجد الجامع, فضلاً عن أن الأحياء العشوائية تكتظ بالمصلين يوم الجمعة، ويفترشون خارج المسجد لأداء الصلاة.


 ويقول إن مصر الآن تعيش حالة من القمع السياسي لم تشهدها قط، وأن قادة الانقلاب أدركوا أهمية دور العبادة في حشد المتظاهرين ضد الانقلاب العسكري، قاموا باتخاذ إجراءاهم للتضييق على المصلين.


ويوضح أن الحرب على الثورة لن يهدأ، وأن هؤلاء الفشلة يحاربون من أجل وأدها بكافة الصورة وإن وقفت المساجد حائلاً أمام توطيد سلطانهم وشوكتهم سيحاربون مساجد الله، مشيرًا إلى أن قوات الانقلاب الأمنية تبعث بتقارير مفصلة عن كل صغيرة وكبيرة بخطبة الجمعة بالمساجد، وإذا تحدث الخطيب بكلمات تدين الانقلاب يقوم الأمن بإثارة المشادات ضد الخطيب وافتعال المشاكل ومحاربته في مهنته.


وتابع "إن المسجد في عهد رسول الله "صلى الله عليه وسلم" لم يكن مكانًا للصلاة فقط، بل كان دار ندوة في الوقت نفسه باعتباره المركز الديني والثقافي والاقتصادي والاجتماعي للمدينة. وكان المسجد يشبه مركز إدارة الحكومة ومجالس التشريع.


ويضيف أن اشتداد حملة مداهمة بيوت الله بلغت ذروتها خلال مجزرة فض اعتصامي رابعة والنهضة وتعامل ميليشيات زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي مع المساجد بشكل غير لائق ولا يجوز شرعًا، ومحاصرتها وضرب المتظاهرين من الداخل، وحرق المصلين والمصاحف، وانتهاك قوات الانقلاب لحرمة بيوت الله وتدنيسه.


ويصف المشاهدات القمعية التي تمارسها قوى الانقلاب بالأعمال الإجرامية الخالية من احترام شرعية الشعب المصري وإرادته وإن تلك الممارسات حتمًا ستعجل بنهايتهم القريبة, فالقرار الذي أصدره وزير الأوقاف بتلقين من السلطات المنقلبة لغلق المساجد الصغيرة والزوايا وقصر الصلاة على مساجد الأوقاف قرار سياسي بالدرجة الأولى ولم يصدر في عهد أي رئيس مصري أو عربي، مهما بلغ تجبره وديكتاتوريته.


ويشدد على أن العلماء لن يرضوا بالاستهانة أو الاستخفاف بشعائر الله، داعيًا أن ينصر من نصر دينه وينتصر لإرادة شعبه.