المواطنون:

•          الانقلاب يعيش في رخاء.. والمجاعة تفتك بالفقراء

•          عودة دولة مبارك الإحتكارية مع الانقلاب على الشرعية

•          أسعار بعض السلع زادت بنسبة 300%

 

تحقيق: محمد جابر

 

تشهد أسواق السلع الغذائية الأساسية واللحوم والخضراوات والفاكهة ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار عقب  الانقلاب العسكري الدموي؛ بسبب ما آلت إليه البلاد من تدهور اقتصادي بل وموت اقتصادي خلال فترة تحكم الانقلابيين بالبلاد.

 

يحدث ذلك في مصر بينما تتراجع أسعار السلع الغذائية على مستوى العالم؛ بسبب زيادة الإنتاج الغذائي في سلع كثيرة ما أدى إلى هبوط أسعارها.

 

إن الطبقة المتوسطة في مصر اليوم تكاد تعيش على حد الكفاف في وقت ترفل فيه قيادات الانقلاب وحكومته الفاشلة في حياة من النعيم والرخاء.

 

"إخوان أون لاين" رصد خلال جولته بالأسواق ارتفاع سعر كيلو المكرونة من 3 جنيهات إلى 5 جنيهات، وسجلت اللوبيا "الجافة" أكبر معدلاتها؛ حيث وصل سعر الكيلو إلى 25 جنيهًا بدلاً من 9 جنيهات، ووصل سعر كرتونة بيض المائدة إلى 30 جنيهًا بدلاً من 15 جنيهًا قبل الانقلاب على الرئيس مرسي ووصل سعر كيلو البطاطس إلى 7 جنيهات بدلاً 1,5 و2 جنيه، وارتفع سعر كيلو البامية إلى 12 جنيهًا بدلاً من 4 جنيهات، ويتراوح سعر كيلو الثوم من 15 إلى 18 جنيهًا للكيلو بدلاً من 3 جنيهات، ووصل سعر كيلو البصل إلى 6 جنيهات، فيما ارتفع سعر الكوسة إلى 8 جنيهات للكيلو.

 

وسجل كيلو الفاصوليا 18 جنيهًا، وكيلو الجزر إلى 6 جنيهات وكذلك الخيار، أما الفلفل الأحمر والأصفر فوصل سعر الكيلو إلى 12 جنيهًا، أما حزمة الكسبرا الخضراء وصل سعرها إلى 1,5 جنيه.

 

وشهدت أسواق اللحوم والأسماك والدواجن ارتفاعًا ملحوظًا؛ حيث وصل سعر كيلو اللحم الطازج إلى 80 جنيهًا، وسجل كيلو الدواجن البيضاء 18 جنيهًا بدلاً من 15 جنيهًا، أما الأسماك فسجل سعر كيلو السمك البلطي البحري 35 جنيهًا، والمزارع 20 جنيهًا.

 

وبلغ سعر البطاطس 7 جنيهات، برغم أن سعرها في هذا الوقت من العام الماضي كان جنيهين ونصف الجنيه.

 

وحول أسباب ارتفاع الأسعار أرجع البعض السبب إلى حالة الموات الاقتصادي الذي تمر به مصر في ظل الانقلاب، بالإضافة إلى فرض حالة الطوارئ وحظر التجوال، فضلاً عن عودة الممارسات الاحتكارية لما كانت عليه في السابق قبل ثورة يناير بعد انقلاب العسكر عليها.

 

يقول حسين محمد صاحب "تاجر فاكهة": "إن الأسعار مرتفعة عن الأيام الماضية وإن الإقبال على شراء الفواكه تحديدًا بسيط ومن يقبل على الشراء هم أصحاب الدخول المرتفعة، أما اصحاب الدخول المتوسطة فقليلاً ما يقبلون على شراء الفواكه، مرجعًا ذلك إلى سوء الأوضاع السياسية منذ الانقلاب العسكري.

 

ويضيف أحمد علي "مدرس": "السبب في ارتفاع الأسعار هو عدم الاعتراف الدولي بحكومة الانقلاب، وهذا له تاثير كبير على الصادرات التي تستوردها مصر لسد العجز في بعض السلع الأساسية".

 

ويقول الحاج حسن محمود "أعمال حرة": مش عارفين نعمل إيه في ارتفاع الأسعار ده، معشناش يوم في البلد دي مرتاحين.. نعمل إيه نصوم عن الأكل والشرب عشان نستريح.. من ساعة ما عملوا الانقلاب ده والبلد خربت.. كل مانقول الدنيا هنستقر ونعيش يطلع لنا اللي يفسد البلد.. حسبنا الله ونعم الوكيل".

 

وترى منال مصطفى "إدارية بمدرسة" أن التجار هم من يتحكمون في السوق خاصةً بعد الانقلاب العسكري الأخير، وعودة سيطرة رجال أعمال مبارك على البلد، والسيسي كل همه أن يسيطر على البلد ويصفي الإخوان وسايب الشعب ياكل طوب، ونسي قوت الغلابة".

 

وتابع محمد صبري "بالمعاش": "إن سعر اللحوم في ارتفاع خصوصًا ونحن على أبواب عيد الأضحى فاليوم كيلو اللحمه بـ80 جنيهًا طيب لما ييجي العيد هتكون بكام؟ يعني لما أكون موظف وعندي ولد وبنت في الثانوية وولد في الجامعة نعيش ازاي، ربنا ينتقم من السيسي.. مش هيشيله غير ثورة جياع".

 

الطوارئ والأسعار

قال الكاتب الكبير ممدوح الولي نقيب الصحفيين ورئيس مجلس إدارة الأهرام السابق- الأغذية والزراعة "الفاو"- إنه حدث انخفاض في أسعار الحبوب بنسبة 19% ما بين شهري أغسطس من العام الحالي والماضي، كما انخفضت أسعار الزيوت مرجعًا الأسباب إلى توقع نمو كبير لإنتاج الحبوب خلال العام الحالي، في ضوء ما سجله إنتاج الذرة من انتعاش، كذلك وفرة إنتاج زيت النخيل وزيادة إنتاج زيت الصويا وصادراته بالأرجنتين، وتوقعات تحسن إمدادات الزيت النباتي في موسم 2013/2014.

 

وأشارت بيانات أسعار السلع الأولية خلال شهر أغسطس حسب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلى انخفاض أسعار القمح والذرة والأرز والشعير عما كانت عليه خلال العامين الماضي والأسبق، وانخفضت أسعار زيت فول الصويا وزيت النخيل وزيت دوار الشمس عما كانت عليه خلال العامين الماضيين.

 

وانخفضت أسعار اللحم البقري عما كانت عليه بالعام الماضي، أما السكر والكاكاو والألومنيوم وخام الحديد والنيكل والزنك والفحم فقد تراجعت أسعارها عما كانت عليه خلال السنوات الثلاثة الماضية، وانخفضت أسعار الموز والبن والذرة الرفيعة والأخشاب والمطاط والنحاس والذهب والفضة وصخر الفوسفات وكلوريد البوتاسيوم عما كانت عليه خلال العامين الماضيين.

 

 أما عن التغير في الأسعار المحلية والذي يعبر عنه مؤشر أسعار المستهلكين الذي يعلنه الجهاز المركزي للإحصاء، فقد أشار إلى بلوغ نسبة الارتفاع ما بين شهرى أغسطس من العام الحالي والماضي 9ر10 %، وينقسم المؤشر إلى عدة مجموعات سلعية وخدمية، حيث أشار الى بلوغ نسبة الارتفاع لمجموعة الطعام والمشروبات 14 %، كما أشار جهاز الاحصاء الى ارتفاع أسعار الغذاء فى الريف عنها بالحضر خلال شهر أغسطس.

 

وأشار الجهاز الى زيادات ملموسة ما بين شهرى أغسطس من العامين الحالى والماضى، فى أسعار : القمح والفول الجاف والعدس والفاصوليا الجافة والبطاطس والجزر والباذنجان والموز والتين.

 

 وكذلك اللحوم المحلية الطازجة والمستوردة والطيور الحية والمجمدة والبيض، والأسماك الطازجة والمجمدة والألبان ومنتجاتها وكل أنواع الجبن، وعسل النحل والطحينة والأرز والمكرونة السائبة والشاى وزيت دوار الشمس وزيت الذرة وغيرها من السلع الغذائية.

 

 أما أسعار مواد البناء للتجزئة فقد زادت كلها بلا استثناء، سواء أنواع الحديد أو الأسمنت أو الطوب وكذلك الرمل والزلط والجبس والأخشاب والزجاج، والبلاط والسيراميك والرخام والجرانيت والمواسير البلاستيكية والحديدية.

 

 وهكذا تكون الأسباب المحلية هى الأكثر تأثيرا فى ارتفاع الأسعار، رغم استيراد الجانب الأكبر من الاستهلاك الغذائى، فقد يكون هناك انخفاضا فى أسعار سلعة غذائية معينة بالخارج، ولكن انخفاض سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية يزيد من تكلفة استيرادها، الى جانب ارتفاع نسب التأمين على الواردات المصرية فى ضوء تدنى التصنيف الائتمانى لمصر واضطراب الأحوال الأمنية.

 

 ويجىء اعلان حالة الطوارىء والمتاعب التى تواجهها سيارات نقل البضائع خلال ساعات حظر التجول، وتوقف القطارات المتجهة الى القاهرة، الى جانب تعدد حلقات تداول السلع وارتفاع نسب الفاقد، والتوجس من المستقبل فى ضوء استمرار الطوارىء وتوقف القطارات والمداهمات الأمنية لبعض المناطق الانتاجية مثل الشيخ زويد وبعض القرى.

 

 ويظل السؤال عن مدى دقة بيانات التضخم التى يعلنها جهاز الاحصاء، حين يذكر أن نسبة ارتفاع الأسعار خلال العام الممتد من أغسطس من العام الماضى وأغسطس من العام الحالى بنسبة 9ر10 %، حيث يشعر أرباب الأسر أن نسبة ارتفاع الأسعار تزيد عن تلك النسبة كثيرا.

 

ولأن مؤشر أسعار جهاز الاحصاء يقيس التغير فى 479 مجموعة سلعية وخدمية، فان جهاز الاحصاء يعطى أوزانا نسبية للمجموعات السلعية والخدمية الرئيسية، فهو يعطي مجموعة الطعام والشراب نسبة 40 % من مؤشر الأسعار، بينما يشير واقع الحال لدى غالبية الأسر المصرية إلى أن الانفاق على الطعام والشراب يستولي على أكثر من 70 % من الدخل، وبالتالي فانها تحتاج لمؤشر أسعار مختلف يعبر عن مدى الارتفاع الحقيقي للأسعار لديها.

 

 أيضًا أشار مؤشر أسعار جهاز الإحصاء إلى أن نسبة الزيادة فى أسعار النقل المواصلات خلال الاثني عشر شهرًا كانت 7ر3%، بينما تضررت آلاف الأسر من ارتفاع أسعار وسائل النقل البديلة بعد توقف القطارات بنسبة أكبر من ذلك، لكن سبب تدني نسبة ارتفاع أسعار المواصلات بالمؤشر يعود إلى إعطاء النقل والمواصلات وزنًا نسبيًّا من أنفاق الأسرة يبلغ 1ر3% فقط، وهو أمر تغير بوضوح لدى آلاف الأسر بعد توقف القطارات.

 

 ويظل السؤال الأهم هل بدأت حكومة الانقلاب اتخاذ خطوات عملية وحاسمة لمواجهة استمرار ارتفاع أسعار الغذاء ؟، أم أن الهاجس الأمني سيظل صاحب الاهتمام الرئيسى على حساب باقي القضايا الاجتماعية؟

 

الجنيه لا قيمه له

وأكد الدكتور محمد الجوادي المؤرخ المعروف أن الأسعار زادت أكثر من قيمة الأجر بعد تطبيق الحد الأدنى إذا طبقه الانقلابيون.

 

وقال الجوادي إنه تاريخيًّا قبل ما حدث في 1952 كان الحد الأدنى لعمال التراحيل وهم أدنى الفئات المجتمعية 3 جنيهات بما يعادل في قوته الشرائية 7000 جنيه مصري الآن.

 

وأضاف الجوادي أن حكومة الانقلاب تزيد الأرقام في مصر بينما الجنيه ليس له قيمة، وضرب مثلاً لجنوب السودان عقب انفصالها مباشرة عن السودان حيث وصل سعر الدولار لـ1000 جنيه سوداني بعدما كان بجنيهين.

 

وعن كيفية قيام الحكومات، بذلك قال الجوادي إنها تلجأ لطبع نقد جديد تعرفه من إمضاء محافظ البنك المركزي الجديد، هشام رامز وتجد الأوراق النقدية جديدة.

 

وأوضح الجوادي أنه مع زيادة معامل التضخم ينبغي أن تكون هناك زيادة في معامل الزيادة في الأجر، موضحًا أن ما حدث من بعد انقلاب 3 يوليو هو أن معامل الزيادة في الأجر أصبح بالسالب؛ لأن الأسعار زادت أكثر مما زادت قيمة الأجور.

 

انقلاب اقتصادي

وقالت شيماء بهاء الدين الباحثة بمركز الحضارة للدراسات السياسية إن إصرار الانقلابيين على وصف ما حدث بأنه ثورة وليس انقلابًا بالتزامن مع ارتكاب مجازر ضد رافضي الانقلاب أدى إلى تدهور وضع مصر إقليميًا ودوليًا والإساءة لصورتها، بينما يهدر الانقلابيون مبالغ ضخمة في جولات لتحسين صورتهم.

 

وأضافت أن هذا كان له أثره على مجمل الأوضاع الاقتصادية والأسعار إذ جاء في تقرير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أنه قد بلغت الزيادة الشهرية للتضخم 0,7% وارتفع التضخم السنوى العام للأسعار بنحو 10.9% خلال شهر أغسطس مقارنة بالشهر السابق والفترة المماثلة. فضلاً عن ارتفاع أسعار الخضراوات بنسبة 5,2%، كما ارتفعت أسعار اللحوم والدواجن 0,5%. أيضًا تم تخفيض عوائد شهادات الاستثمار بسبب العجز. والأخطر أنه تم إغلاق أكثر من 500 مصنع بعد الانقلاب؛ الأمر الذي من شأنه ترك آثارًا اجتماعية خطيرة على عدد كبير من الأسر. أما السياحة، فلا مكان لها في بلد يدعي أنه يحارب الإرهاب ويطالب الأمم المتحدة بدعمه في حربه.

 

وتابعت : أما رد فعل الانقلابيين بحسب "شيماء" فلا شيء سوى مطالبة المواطنين بالصبر كالمطالبة بانتظار 10 سنوات لحل مشكلة القمامة بينما كان على الرئيس مرسي حلها في 100 يوم!.

 

وتساءلت: هل لدى الحكومة الانقلابية برامج زمنية يصبر على أساسها المواطنون؟ هل تمتلك مشروعًا قوميًا كمحور قناة السويس ليتم الالتفاف حوله؟ هل من شيء غير التوسع في بناء السجون وكأنها المشروع القومي للإسكان؟!