مجدي قرقر: العسكر يريدون القضاء على تظاهرات الشرعية
سيف عبد الفتاح: قانوني التظاهر والإرهاب أشد قمعًا من الطوارئ
قطب العربي: سلطة الانقلاب تشعر بالهلع نتيجة غياب الطوارئ
سليم عزوز: إلغاء الطوارئ هدفه كسب تعاطف دولي للانقلابيين

تحقيق- أشرف عبد العال:

قانون "الطوارئ" من المفترض أن يكون نظام استثنائي محدد في الزمان والمكان تعلنه الحكومة، لمواجهة ظروف طارئة وغير عادية تهدد أمن البلاد أو جزءًا منها وذلك بتدابير مستعجلة وطرق غير عادية في شروط محددة ولحين زوال التهديد.


أما في مصر فقد حكم بها المخلوع على مدار 30 عامًا واستخدمها العسكر في المرحلة الانتقالية التي امتدت لأكثر من عام ونصف إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير ثم فرضته سلطة الانقلاب الإرهابي على الشرعية الشعبية سبب انتفاض الشعب ضد المذابح وفض اعتصام رابعة والنهضة بالقوة المفرطة ودون أدنى مبرر نتج عنه آلاف الشهداء والمصابين والمعتقلين وخلافه بلا مثيل في التاريخ المصري.


القضاء على التظاهرات الداعمة للشرعية كانت الهدف من فرض وتمديد حالة الطوارئ أكثر من مرة (ضعف المدة الأصلية) للتأكيد على أن الحلول الأمنية الدموية بدلاً من السياسية وبدون أي شخصيات أو مؤسسات منتخبة، حتى وصلنا لاقتحام الجيش والشرطة لقرية دلجا بالمنيا ثم كرداسة بالجيزة وبعدها العتامنة بسوهاج في حرب عسكرية مغطاة إعلاميًّا لتبرير الانتهاكات، فضلاً عن اعتقال أكثر من 18 ألف من مؤيدي الشرعية وقتل وسحل النساء والأطفال وتفريق التظاهرات السلمية بالقوة.


وبعد فشل الانقلابيين في القضاء على مسيرات وتظاهرات الشرعية طيلة أكثر من ثلاثة أشهر من فرضها من سلطة غير منتخبة، وهو ما أدى لعدم وجود مبرر لتجديد حالة الطوارئ بعد أن وصلت للحد الأقصى من وجودها ما دفع سلطة الانقلاب لإلغائها وإصدار تشريعات أخرى أكثر فتكًا من الطوارئ ذاته وهي قانوني الإرهاب والتظاهر وذلك لتحسين صورة الانقلاب في الخارج الذي لم يعترف سوى عدد لا ذكر من دول العالم به.


الانقلابيون يريدون إرسال رسالة للعالم بأن مصر لا يوجد بها اضطرابات وأنها آمنة كل ما يقال في الإعلام الدولي من قتل وسحل وفض الاعتصامات والتظاهرات السلمية بالقوة غير صحيح وخير دليل على ذلك عدم وجود حالة "طوارئ"، في حين يتم إصدار قوانين أكثر بطشًا تتيح لقوات الأمن فض أي تظاهرة بالقانون ودون استخدام طوارئ كما يدعون.


قانون الإرهاب

وأثار القانون الجديد لمكافحة ما يسمى "الإرهاب" مخاوف عديدة لدى منظمات ونشطاء حقوق الإنسان من عودة الدولة القمعية ليكون بديلاً عن الطوارئ والذي يفرض رقابة على مواقع شبكة المعلومات الدولية ومواقع التواصل الاجتماعي وهو ما سيؤدي لتقييد كبير لحرية التعبير عن الرأي عبر تلك الوسائل وهو ما سيعيد مرتكزات الدولة البوليسية إلى سابق عهدها.


قانون "الإرهاب" الذي يفرضه الانقلابيون ليكون بديلاً للطوارئ دفع أكثر من عشرين منظمة حقوقية منها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان فضلاً عن مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف للتأكيد على يتنافى مع القوانين الدولية ويتناقض مع توصيات الأمم المتحدة ويكرس للدولة البوليسية القمعية.


خبراء السياسة والإعلام أكدوا أن الهدف من إلغاء قانون الطوارئ محاولة يائسة من سلطة الانقلاب الإرهاب لتجميل صورتهم بالخارج في حين يتم إصدار تشريعات أكثر جرمًا وأشد بطشًا للقضاء على التظاهرات السلمية.


الانقلاب في مأزق

ويؤكد الدكتور مجدي قرقر الأمين العام لحزب الاستقلال وعضو التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب الإرهابي أن قادة الانقلاب في مأزق بعد انتهاء العمل بقانون الطوارئ ويحتاجون لقانون آخر يجمل صورتهم أمام العالم الخارجي، وفي ذات الوقت يقضي على المظاهرات المؤيدة للشرعية.


ويقول إنه حينما استشعر الانقلابيون ضعفهم أمام قوة الشعب الرافض للانقلاب رغم حشودهم الأمنية وآلياتهم ومصفحاتهم ومجنزراتهم وأسلحتهم أرادوا أن يتسلحوا بقانون لتنظيم التظاهر، مؤكدًا أن قانون التظاهر في حقيقته قانون لمنع التظاهر نهائيًّا ولكن بصورة تظهر كأنها قانونية.


ويشير إلى أن العسكر قاموا بإلغاء قانون الطوارئ رغمًا عنه فضلاً عن قيامهم بتشريعات غير دستورية واستبداله بقانون آخر لمكافحة الإرهاب ليقنن لهم ممارسة العنف والقتل والاعتقال ضد المتظاهرين السلميين، مشددًا على أنها حملات وقرارات مفضوحة أمام العالم أجمع حتى الدول الداعمة للانقلاب الإرهابي.


ويشدد على أن الانقلاب ألغى الطوارئ في صورة لتجميل صورته أمام العالم بأن مصر أصبحت دولة آمنة ولا يوجد ما يبرر العمل بالطوارئ في حين أصدر تشريعات لزيادة كبت الحريات ومنع التظاهر وتقييد الحق في حرية التجمع السلمي ومنع الحق في الاعتصام، كما أنه يطلق يد قوات الأمن في استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين.


الإرهاب

ويؤكد الدكتور سيف الدين عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن سلطة الانقلاب ليس أمامها بد لإنهاء حالة الطوارئ بعد تجديدها مرتين ووصلوها للحد الأقصى من وجودها، موضحًا أن إنهاء الطوارئ جاء رغمًا عن العسكر أمام دول العالم لتجميل صورتها بعد مقتل وسحل واعتقال الآلاف بحجة الطوارئ وحظر التجوال.


ويشير إلى أن العسكر يريدون القضاء على تظاهرات المؤيدين للشرعية بعد فشل قانون الطوارئ عن طريق قانوني الإرهاب والتظاهر الذين يعدان أشد فتكًا من قانون الطوارئ نفسه، مؤكدًا أن قانون الإرهاب الهدف منه فرض مزيد من القمع والقيود على الحريات وحقوق الإنسان.


ويوضح أن الدول القمعية البوليسية العسكرية هي التي لا تستطيع العيش، إلا في ظل القوانين الاستثنائية التي تهدف لمزيد من البطش لكل رافضي الانقلاب الإرهابي، مشيرًا إلى أن قانون الإرهاب البديل للطوارئ يتضمن تعريفات وعبارات غامضة وفضفاضة بالمخالفه لوثائق الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان والتي تزيد من القمع لمؤيدي الشرعية.


ويشدد على أن مؤيدي الشرعية ماضون في فاعلياتهم السلمية حتى إسقاط الانقلاب الذي أطاح بالشرعية الشعبية والدستورية وألغى الدستور المستفتى عليه مهما كانت القوانين أو حالة البطش ضد داعمي الشرعية، مشيرًا إلى أن قانون الإرهاب يؤدي للخرق التعسفي للحق في الخصوصية بدعوى الترويج للأفكار الإرهابية التي لا نجد تعريفًا لها في القانون.


ويستطرد أن خطط الانقلابيين في كبت الحريات وفض الاعتصامات والمظاهرات السلمية الرافضة للانقلاب الإرهابي دائمًا مفضوحة وأن الشعب المصري يعي جيدًا أن ثمن الحرية غالي وأن استعادة الثورة من العسكر لم تأت بسهولة وهو ما أكده ملايين المصريين عبر الخروج في مسيرات يومية سلمية ضد الانقلاب على الشرعية. 

لا احترام

بداية يقول الكاتب الصحفي قطب العربي إنه في عهد اﻻنقلاب يختفي احترام أي قانون مهما كانت وجهة نظرنا فيه، مضيفًا: فحتى قانون أو حالة الطوارئ التي فرضوها عقب اﻻنقلاب وقاموا بتجديدها شهرين إضافيين لم يكونوا يحترمونها.


ويضيف: ففي ظل قانون الطوارئ من حق المعتقل أن يعرف سبب اعتقاله وأن يمكن من اﻻتصال بمحاميه ومن حقه التظلم ولكن سلطات اﻻعتقال وضعت الكثير من المعتقلين في أماكن اعتقال غير معروفة لذويهم حتى الآن فهم في حكم المختطفين المغيبين ناهيك عن عمليات التعذيب بل والقتل والحرق للعديد من المحتجزين كما حدث في سيارة ترحيلات أبو زعبل وفي حالة وفاة بعض السجناء نتيجة الإهمال الطبي.


ويؤكد أن السلطة القائمة تريد فعلاً تجميل صورتها دوليًّا بإلغاء حالة الطوارئ التي لم تنهها بقرار منها بل انتهت بحكم قضائي ومع ذلك هي تشعر بالهلع نتيجة غياب حالة الطوارئ فهرعت إلى تعديل قانون العقوبات أو قانون التظاهر الذي ستستخدمه لمنع المظاهرات بطريقة قانونية لكنها لن تفلح كما لم تفلح من قبل وبيدها قانون الطوارئ، مشددًا على أن أنصار الشرعية عزموا أمرهم لإسقاط الانقلاب ولن يثنيهم عن ذلك عشرات القوانين وﻻ تنسى أنهم كسروا حظر التجول منذ أيامه الأولى وأجبروا سلطات اﻻنقلاب على تمديده مرة تلو الأخرى.


ويشدد على أن سلطة الانقلاب تعمل وفقًا لهواها وليس وفقًا للقانون وبالتالي فإنهم سيسيرون على سياستهم كما هي ما لم يروا مصلحة في غير ذلك، مؤكدًا في الوقت ذاته على أن رافضي الانقلاب مستمرون في مظاهراتهم وفعالياتهم وسيتم إعلان خطة تحرك جديدة فضلاً عن وجود تحركات متواصلة لمحاكمة قادة اﻻنقلاب أمام محاكم جنائية دولية.


الديمقراطية

ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي سليم عزوز أن إلغاء العمل بقانون الطوارئ بعد تمديدها من قبل الرئيس المعين من قبل العسكر هدفه إرسال رسالة ضمنية للخارج بأن مصر لا يوجد بها ما يقلق زاعمين عدم وجود ما يثير الشغب العام وأن المصريين يؤيدون الانقلاب ولا داعي للقلق، مشيرًا إلى أن الانقلاب لا يعترف به سوى عدد قليل جدًّا من الدول ويريدون كسب مزيد من التعاطف الدولي بعدم وجود قمع أو قوانين استثنائية لإدارة مرحلة ما بعد الإطاحة بالشرعية.


ويضيف أن الانقلابيين في حيرة من عدم استطاعتهم للتجديد بالعمل بالطوارئ وهو ما دفعهم في التفكير جديًا لإصدار قوانين بديلة منها قانوني الإرهاب والتظاهر وهو ما يعني مواجهة الاعتصامات والمظاهرات المؤيدة للشرعية بالقوة دون مخالفة للقانون.


ويشدد على أن قانونًا التظاهر والإرهاب يقيدان الحقوق الدستورية في الاجتماع والتظاهر ويطلق يد الشرطة في استخدام العنف، مشددًا على أن إقرار أي قوانين تصدرها السلطة الانقلابية ستستغل لقمع الخصوم السياسيين.


ويوضح أن الدول القمعية البوليسية العسكرية هي التي لا تستطيع العيش، إلا في ظل القوانين الاستثنائية التي تعطي لها حقوق تجعلها لا تكترث بارتكاب الجرائم، مشددًا على أن قانوني الإرهاب والتظاهر يشكلان انتهاكًا لحقوق الإنسان أكثر من قانون الطوارئ فضلاً عن مخالفتهما القوانين والأعراف الدستورية والدولية.