- أساتذة الأزهر وعلماؤه: الحل الأمني فاشل ولن يوقف انتفاضة الطلاب

المتحدث باسم الطلاب: جرائم الطيب والعبد كفيلة بمحاكمتهم دوليًّا

- عضو لجنة الفتوى بالأزهـر: الانقلابيون يقودون حربًا ضد الهوية الإسلامية

 

تحقيق- شيماء الجنبيهي

 

"جامعة الأزهر" أو "أيقونة الثورة"، كابوس مزعج يقض مضاجع قائد الانقلاب "صاحب الرؤى والأوهام" والانقلابيين أتباعه.. لم يجد معه المسكنات والمنومات- الاعتقالات والقمع- وسقطت أمام صمود الطلاب غطرسة الأمن، وتحول الغاز المسيل للدموع إلى وقود للثورة في نفوس الطلاب بمختلف انتماءاتهم.

 

مأزق كبير وقع فيه قادة الانقلاب بعد أن وجدوا أنفسهم ينجرفون إليه ولا يستطيعون الفكاك منه ولا حتى "بالفكاكة".. مما دفعهم إلى المزيد من الإجرام والعنف والإرهاب والقمع.

 

لقد جن جنون الانقلابيين فأطلقوا كلابهم من قوات المظلات والنخبة لتقمع مسيرات "بنات" الأزهر، مرددين هتافات حماسية وكأنهم، متوجهين لتحرير سيناء ومواجهة العدو الصهيوني.

 

ما زالت آلة القمع مستمرة.. وما زال الصمود أسطوريًّا.. فلم تفلح بلطجة وإرهاب الانقلابيين في وأد الانتفاضة الطلابية التي أوشكت على إحراق الانقلابيين ودحر انقلابهم.

 

استعادة مصر

ويرى الدكتور محمد محسوب وزير الدولة للشئون القانونية السابق أن مصر صعدت سريعًا من هامش الدنيا إلى قلب الأحداث أول القرن الـ19، لكن تحالفًا دوليًّا أوروبيًّا فرض عليها حصارًا ليمنع استمرار صعودها، وقد تحولت مصر من دولة واعدة إلى مسألة دولية على موائد اللئام عدا بعض الفترات القصيرة، وجاءت ثورة 25 يناير لتعيد مصر مكانتها كدولة واعدة وشعب حر، أما انقلاب 3 يوليو أعاد إلى مصر إلى مسألة تتحكم فيها دول مجاورة، وتحالفات دولية، وحوّلها إلى ملف ينتقل من يد مشبوهة إلى مائدة ملوثة".

 

وأضاف: اليوم يُكافح شعبنا لاسترداد الإرادة، ولكسر الحصار، ولاستعادة الدولة من براثن اللئام.. ليَعْلم الصامدون في الطرقات.. والثوار في الجامعات أنهم يكتبون تاريخًا جديدًا لشعبهم، ومستقبلاً باهرًا لبلدهم.. وبحجم الأمل العظيم يكون الامتحان العسير.. والنصر للصامدين".

 

ويقول عاطف عواد عضو الهيئة العليا لحزب الوسط: "كُنّا نحلم بعودة علماء ‫الأزهر من حضن السلطان إلى حضن الأوطان؛ فعاد لنا طُلابه متجاوزين الحلم ليقوموا بدور العالم والمتعلم، مضيفًا عندما يتحدثون يجب أن ينصت الجميع إلى طلاب مصر الآن فهم يقودون الثورة.

 

المحاكمة الدولية

ويؤكد عبد الله الماحي المتحدث الاعلامي باسم اتحاد طلاب الأزهر، إن ما يحدث لجامعة الأزهر من جانب قوات الانقلاب كفيل بتقديم الجنرال أحمد الطيب ونقيب الانقلاب أسامة العبد إلى محكمة الجنايات الدولية بتهمة قتل زملائنا الطلاب.

 

وأضاف لن نسمح لميليشيات السيسي بحرق الأزهر ومؤسساته مهما كان الثمن، مضيفًا أن ما يحدث بجامعة الأزهر وجامعات مصر هو حرب إبادة جماعية من خلال الهجوم الجماعي على كافة الجامعات والحركة الطلابية الرافضة للانقلاب.

 

وأكد أن الحركة الطلابية الرافضة للانقلاب لن تهدأ أو تتوقف عن دفع الظلم مهما كان ثمن ذلك من تضحيات.

 

ووجه الماحي رسالة لأساتذة التدريس بجامعة الأزهر قائلاً: "أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر.. ننتظر الجديد منكم ويشرفنا انضمامكم إلينا وتبني مطالب الطلاب والطالبات".

 

الأزهري الثائر أشد

وحول وحشية التعامل الأمني مع طلاب الأزهر تحديدًا فسر ذلك الشيخ أنس السلطان الإمام والخطيب وصاحب مشروع (شيخ العمود) أنه خلال أيام المخلوع مبارك كان التعامل الأمني مع طلاب جامعة الأزهر أشد قسوة ووحشية من التعامل مع مظاهرات باقي الطلاب في الجامعات وذلك لعدة أسباب منها الآتي:

 

أولها: الأزهري الثائر أشد على النظام القمعي من غيره لما للأزهر ولحملة القرآن وخطباء المساجد ولأهل الديانة عامة من تأثير كبير على عقل الشعب واتجاهاته الفكرية فلا ينبغي السماح بقيادة شعبية أزهرية أن تتشكل وتقوى خارج الإطار المتاح لها، ومن ذلك أيضًا أن النشاط الطلابي داخل جامعة الأزهر محدود جدًّا مقارنة بغيرها من الجامعات رغم الفارق الهائل بين أعداد طلابها وأعداد الطلاب في باقي الجامعات .

 

ثانيها: أن كثيرًا من طلاب الجامعة الأزهرية لهم أصول ريفية، فهم "غلابة" لا بواكي لهم، فيكون التعدي عليهم أقل كلفة- نوعًا ما- على النظام القمعي من التعدي على غيرهم!

 

ثالثها: ولنفس السبب السابق من أن كثيرًا منهم لهم أصول ريفية، فهم غالبًا الأصدق والأقرب إلى الفطرة، وهم الأقوى قلبًا والأشجع فؤادًا فوجب أن يكون التعامل معهم أقسى وأشد.

 

وأضاف عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) ليس معنى هذا أن تعامل النظام القمعي مع طلاب الجامعات الأخرى جيد أو مقبول أبدًا، ولكنها درجة ومقدار الأذى الذي يتعرض له طلاب جامعة الأزهر (وطلاب كلية دار العلوم خاصة دون غيرها من كليات جامعة القاهرة) هي أكبر بكثير مقارنة بباقي الجامعات والكليات.

 

الحل الأمني فاشل

ويشير الدكتور خالد الخواص الأستاذ بكلية الزراعة جامعة الأزهر أن ما يحدث داخل جامعة الأزهر العريقة من اعتداءات أمر مرفوض وغير مقبول.

 

ويؤكد لـ(إخوان أون لاين) أن التعامل الأمني مع الطلاب غير مجدٍ نهائيًّا، وأن البطشة الأمنية تزيد من ثورية الطلاب وتشعل من مظاهراتهم ومسيراتهم، مؤكدًا أن الحل الأمني يزيد الأمر سوءًا لا محالة.

 

وحول دور أساتذة الجامعة في حل الأزمة قال الخواص إن مجموعة من أعضاء هيئة التدريس اجتمعوا مع رئيس الجامعة، واتفقوا على تشكيل لجنة من إدارة الجامعة تكون مسئوليتها الأساسية هي الاستماع إلى الطلاب والتعرف على مطالبهم مشيرًا إلى أنهم توصلوا إلى اتفاق مع إدارة الجامعة للسماح للطلاب المعتقلين بأداء امتحاناتهم وعدم فصلهم من الجامعة.

 

حرب ضد الهوية

ويضيف الشيخ الدكتور هاشم إسلام عضو لجنة الفتوى بجامعة الأزهر لـ(إخوان أون لاين) أن الأزهر هو قيمة وقامة شامخة على مر العصور وإن كان البيت الحرام هو قبلة المسلمين في الصلاة فإن الأزهر هو قبلة المسلمين في العلم وللعلماء.

 

ويلفت إلى أنه على مدى فترات من الزمن حاول الحكام الظالمين والمستبدين كبح جماح علماء الأزهر والعمل على منع استقلاليته وإخضاعه لسيطرتهم وذلك وفقًا للمخطط العالمي للقضاء على الأزهر، بهدف تحقيق مآربهم في القضاء على رقعة الإسلام والمسلمين.

 

ويوضح أن الأزهر عانى من سياسات العلمنة والسيطرة عليه من خلال تنصيب رؤساء له موالين للأنظمة الديكتاورية، مشيرًا إلى أن الجنرال أحمد الطيب هو أحد أعضاء مكتب سياسات للحزب الوطني المنحل، وكان ضمن ثمانية أفراد يعاونون المخلوع مبارك، بمعنى أنه كان بمثابة عقل مفكر، فضلاً عن أنه معروف للجميع نشأة أحمد الطيب وذلك المجتمع الذي تربي في فرنسا فضلاً عن مؤلفاته التي لا تمت للإسلام بصلة.

 

ويضيف: "لا يتعجب أحد من موقف شيخ الانقلاب أحمد الطيب فلعل موقفه من ثورة الخامس والعشرين من يناير يعتبر أحد الأدلة الدامغة على موالاته للأنظمة الديكتاتورية الفاسدة فحينها كان رافضًا للثورة واعتبرها خروجًا مرفوضًا على الحاكم، وادعى أن الخروج عليه حرام شرعًا".

 

ويتابع أن انقلاب 3 يوليو أظهر موقفه المؤيد للانقلاب العسكري الدموي، ليصير جزءًا من منظومة الانقلاب وداعميه، فضلاً عن تأييده لأعمال العنف بالضرب والخرطوش وغيره ضد الطلاب.

 

وحول إصرار أمن الانقلاب على اقتحام الأزهر وإخراس صوت أبنائه يوضح الشيخ هاشم أن شيوخ النظام في مؤسسة الأزهر يسعون إلى إضفاء الشرعية على هذا النظام الانقلاب العلماني الماسوني العسكري، مشيرًا إلى أنهم يقود حربًا على الهوية الإسلامية .

 

ويؤكد أن ما يحدث في جامعة الأزهر الآن من اعتداءات همجية ووحشية جريمة لا تغتفر، وجريمة عنصرية وعودة للقرون الوسطى، فمن غير المقبول على الإطلاق أن يتم اقتحام الحرم الجامعي بهذا الشكل فهو لم يحدث في عهود الاحتلال.

 

وتساءل: هل السياسة قاصرة على الطغاه؟، لماذا يأخذون من الغرب كما يشاءون ولا يأخذون منهم الحرية التي يمحنها الغرب لطلابهم؟

 

واختتم الشيخ هاشم حديثه يتوجيه رسائل للشيوخ والعلماء الذين لم يتحركوا لمساندة ودعم طلاب الأزهر قائلاً: "قولوا كلمة حق، وأمروا بالمعروف وأنهوا عن المنكر".

 

واستشهد بقول الله تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ).

 

(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (.

 

وأضاف: يا علماء الأزهر قولوا كلمة حق وانصروا أزهركم إن الأزهر الشريف بخير وهناك مؤامرة للقضاء على الأزهر فقفوا ضد تلك المؤامرة وحرروا أزهركم من هذه الأنظمة الدكتاتورية .

 

أما طلاب الأزهر فقال لهم: "ثقوا في نصر الله وأبشروا فإن النصر الله قادم"، مستشهدًا بقوله تعالى: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).