المشكلة: طفلي تعوَّد أن يصلي بالمسجد الصلوات الخمس، لكنه يتخذ ذلك وسيلةً لتضييع الوقت الهروب من المذاكرة!! فهل أمنعه؟ وكيف أتصرف معه؟

 

الحل:

شيء رائع أن يحافظ الطفل ويتعوَّد من سنٍّ باكرة على حب المسجد والتعلق به والانتظام في الصلوات، ما بين المنبر والمحراب، والأجمل ألا يتخذ الآباء في تكوين هذه العاطفة أسلوبَ القهر والإجبار والتعنيف، نريد أن نزرع حب المسجد بالحب في قلوب غضَّة تخطو أولى خطواتها في معرفة دينها.

 

أما في أوقات الدراسة والضغوط تتوالى على الطفل من المدرسة والبيت أن يحفظ، يدرس، يتعلم، يكتب، يتفوق، هنا يجب أن ندرك أن للطفل طاقةً للتحمل يجب مراعاتها، بل ينبغي علينا أن نجعل له في الأوقات البينية فرصًا للراحة واللعب والتنزه وأحيانًا الزيارات العائلية أو محادثة الأصدقاء هاتفيًّا والا سينقطع الحبل المشدود يومًا وتكون الخسارة كبيرة!!

 

يجب أن ننأى عن هذه الضغوط التي تُثقل كاهلَ الطفل حتى لا يبحث عن أي منفذ ليتسلَّى أو يتلهى أو يتهرب!! وإذا حدث وبدأ هذا المسكين يتلمس نافذةً ينفس من خلالها عن هذا الضغط وكان المسجد والخطو إليه في الصلوات فلا مانع، دعوه يذهب، فليست المشكلة في تلك الأوقات وإنما في سد المنافذ، والخلل في التعامل مع أوقات ورغبات ومتطلبات الطفل.

 

إن قليلاً في تنظيم وتخفيف الضغط وتقليل حدة تشنُّج الآباء إذا وجدوا طفلهم قد تململ من تلك القيود لن يغير شيئًا.

 

ولكن الضرر كله عندما يقتنع الوالدان أن الصلاة في المسجد مضيعةٌ للوقت والتفوق، فيأتي قراره بالمنع والتشديد والمحاسبة والمعاقبة، فتكون النتيجة كالتي تعاني منها أم عصام وقد أصبح ابنها شابًّا يصلي الفرض في البيت بشكل تستري ومبتور، على الرغم من أنه وهو طفل كان ينتظم في صلوات المسجد الخمس ويحب المسجد، ولكنَّ حرصَ أمه الشديد على وقت الاستذكار ومراجعة الدروس والنوم مبكرًا أفقد الطفل تدريجيًّا حماسَه للمسجد ثم للصلاة، وترسب في قناعاته أن الصلاة مضيعةٌ للوقت والمسجد ترَفٌ لا لزومَ له!!

 

بل تولَّد لديه حاجزٌ نفسيٌّ من دخول المسجد حتى في صلوات الجمعة، فكثيرًا ما ضبطه جيرانُه يلهو حتى وقت صلاة الجمعة ثم يصلي في الساحة الخارجية ليكون أول الخارجين أو الهاربين كما يقول، ولم تُفِقْ الأم من عواقب ذلك إلا عندما رأت حلمها في تفوق ابنها وقد تعثَّر الولد دراسيًا والتحق بإحدى الكليات المتواضعة.

 

يجب علينا مكافأة أولادنا ليذهبوا إلى المسجد، ونذكِّرهم دائمًا بكل رفق وحنان أن الصلاة في مواعيدها تعلِّم من جملة ما يتعلم الإنسان الانضباطَ في الوقت والإحساسَ بأهمية الدقائق الغالية في الحيلة، وأن كل أعماله عبادة إن صح التوجه إلى الله وصلح العمل، وما كان الرفق في أمر إلا زانَه، وما كان الحوارُ في موضوع إلا أكسبه لونًا طيبًا، والله الموفق.