بسم الله الرحمن الرحيم

شاءَ الله تبارك وتعالى أن تُبتَلى مصرُنا العزيزةُ بعد كارثة غرق العبارة بأزمة أنفلونزا الطيور التي توشك أن تنتهي بكارثة أسوأ من سابقتها.. ولذا وجب تقديرٌ موضوعيٌّ لحجم هذه الأزمة وتقويمٌ للجهود المبذولة لاحتوائها، ثم تدارُكٌ للتقصير ومسارعةٌ في تنفيذِ الحلول قبل فوات الأوان.

 

لا شك أن ما يُثار حول وباء أنفلونزا الطيور يصيب المجتمعَ الدولي كله بالقلقِ من احتمال وقوع وباءٍ عالمي يُسبِّب أضرارًا كبيرةً صحيةً واقتصاديةً واجتماعيةً على الشعوب والدول.

 

وللأسف الشديد كانت مواجهةُ الأزمة في مصرنا الحبيبة مواجهةً تنقصها الشفافيةُ والمعلوماتُ الصحيحةُ التي أدَّت إلى إجراءاتٍ متعسفة لم تحقق وقايةً ولا أمنًا للمصريين.. وأُهدِرت مليارات من الاستثمارات في صناعة الدواجن التي تُقدَّر بثمانيةَ عشرَ مليارًا من الجنيهات، وألحقت ضررًا بالغًا ومأساويًّا بثمانيةِ ملايين مصري يعيشون على صناعة الدواجن، كما ألحقت أضرارًا غير مباشرة بالشعب المصري بأسره، وفي محاولةٍ لاحتواء الأزمة تعاونَ الإخوانُ مع كل المخلصين في مؤسسات الدولة من جامعاتٍ ومستشفياتٍ ووسائل إعلام وغيرها بالإضافة إلى مؤسساتِ المجتمع المدني من نقابات وأندية هيئات تدريس وجمعيات خيرية ومواقع إنترنت.. كما حثَّ الإخوان المدرسين والوعاظَ والمثقفين بالقيام بواجبهم في توعية كل فئات الشعب بالإجراءات الصحية الواجبة وتقليل أضرار الإجراءات المتعسفة التي قامت بها بعض أجهزة الدولة.

 

وعلى الصعيدِ البرلماني قام نواب الإخوان في البرلمان باستخدام كافة الوسائل الرقابية والتشريعية لاحتواء الأزمة وإصدار بيان للشعب بهذا الشأن.

 

وفي خطوةٍ عمليةٍ لاحتواء الكارثة نرى ضرورةَ الإسراع بفحص المزارع وتقديم بيانٍ صحيحٍ عن الإصابات واتخاذ الإجراءات المناسبة نحو الاستفادة من الطيور السليمة وتعويض أصحاب المزارع عن الأضرار التي لحقتهم والتوسع العاجل في توفير المجازر تحت إشرافٍ صحيٍّ مناسب، وكذلك توفير المبردات والثلاجات لنقل الطيور المذبوحة وبيعها بصورةٍ مناسبة.

 

وأمرٌ ضروري للنجاةِ من كل أزمة وكرب، الصدقُ مع الله تبارك وتعالى والصدقُ والشفافيةُ مع الناس حتى يكشف الله هذه الغمة.. والله الهادي إلى سواء السبيل.

 

محمد مهدي عاكف
المرشد العام للإخوان المسلمين
القاهرة في: 24 من المحرم 1427هـ= 23 من فبراير 2006م.