تحقيق: أمل محمد

يحتفل العالم في الحادي والعشرين من شهر مارس بيوم الأم، فيتوجه الأبناء إلى أمهاتهن يرتمون في أحضانهن فتنهمر القبلات وتتدفَّق الهدايا وتحلو جلسات السمر.

 

وترى هناك في الظل أمًّا تحتفل احتفالاً خاصًّا بهذا اليوم، فتجدها تحمل في يدها صورةَ ابنها تقبِّلها وتنهمر العبرات ويتمتم اللسان بحمد الله ويبتهل بالدعاء.. إنها أمُّ الشهيد.. وينتهي هذا المشهد.. ولكن لا تنتهي فصولُ المأساة، فأينما توجَّهت.. في العراق أو في فلسطين أو في الشيشان.. سيتكرَّر المشهد نفسه.

 

إنها الأم الصابرةُ التي لا تنتظر في هذا اليوم ابنًا يحمل لها الهدايا، بل تتذكَّر ابنًا أتاها يحمل كفنَه مقدِّمًا روحَه في سبيل الله، ونعم بشرف الشهادة فكان أعظم البرِّ بها.

 

خنساوات في كل مكان

* فهذه أم إبراهيم جوابرة الفلسطينية التي قاربت الخمسين ودَّعت ابنها أسامة شهيدًا على يد جنود الاحتلال الصهيوني منذ خمسة أعوام، أما أشقاؤه الأربعة فقد غيبتهم سجون الاحتلال.

 

 

 نعيمة العابد تودع ابنها المجاهد

* أما الحاجة أديبة رزق- خنساء رفح- البالغة من العمر ستين عامًا أمُّ الشهداء الثلاثة: بسام وياسر ويوسف فتلقَّت نبأ استشهاد أولادها الثلاثة بالزغاريد، ووقفت توزِّع الحلوى على مَن جاء يواسيها في مصابها، وأخذت تأمرهم بالكفِّ عن البكاء.

 

*

وبابتسامة على وجهها وبندقيةٍ في يدها ودَّعت نعيمة العابد ابنَها قبل أن ينضمَّ إلى مجموعة من المقاتلين خرجوا لنصب كمين لجنود صهاينة في قطاع غزة، وقالت: "رأيت ابني، وجلست معه ساعات.. قلت له لا ترتعد أمام العدو ولا تهدر الرصاص، ورسالتي للأمهات الصهيونيات: لا ترسلن أبناءكن للموت في معركة خاسرة".

 

 

 فاطمة الجزار إحدى خنساوات فلسطين

*

الحاجة فاطمة الجزار (60 عامًا) "خنساء أخرى من رفح" تلقَّت نبأ استشهاد ابنها الرابع محمد الشيخ خليل قائدِ سرايا القدس في جنوب قطاع غزة وهي تقول: "أدركت أن هذا هو قدرُ الله، فأخذت أزغرد وأصرخ بصوت عالٍ، ووقفت أوزِّع الحلوى بفخر على مَن جاء يواسيني".

 

على درب النبوة

ويؤكد الدكتور محمد مختار جمعة أن ظاهرة هؤلاء الأمهات اللاتي يقدمن أولادَهن للشهادة في سبيل الله ليست ظاهرةً جديدةً؛ فقد حفلت السيرة النبوية وكذلك التاريخ الإسلامي بنساءٍ سِرن على درب النبوة؛ فهذه أم عمارة.. جُرِح ابنها عبد الله في معركة أحُد جرحًا غائرًا، كان الدم لا يرقأ من جرحه، فقال النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اعصب جرحك" فجاءت نسيبة لولدها، وكان معها عصائب في حِقْوها، فربطت الجرح وعالجته، ثم قالت بعد ذلك لولدها: "انهض بني فضارب القوم"، فقال لها الرسول: "من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟" وعندما بلغها ق