دمٌ .. دمٌ .. دمٌ .. دمٌ ...

 

دمٌ على أبواب الملاعب وفي داخلها .. دمٌ في الشوارع والميادين .. دمٌ في المدن والقرى .. دم في سيناء والصحراء .. دمٌ في كل مكان ..

 

هو دم المصريين الأبرياء ، يقتلهم الرصاص الحي والخرطوش والأباتشي والغاز المسيل الحارق ..

 

أكثر من خمسة آلاف بريء تم قتلهم أو إحراقهم حتى التفحّم ؛ منذ مذابح الحرس الجمهوري والمنصة ورابعة والنهضة ورمسيس ودلجا وناهيا وكرداسة إلى الآن ؛ عدا المصابين والمعاقين والذين غيبتهم البوابات السوداء وهم أكثر من أربعين ألف مصري بريء من صفوة العلماء والخبراء والشباب ..

 

تتضاءل جرائم داعش إلى جانب جرائم العسكر ضد المصريين المشتاقين إلى الكرامة والحرية والأمل .

 

جمهورية الخوف أو جمهورية الرعب هي حصاد عشرين شهرا بعد الانقلاب العسكري الدموي الفاشي . لم يعد في مصر من يأمن على نفسه في جمهورية العسكر ، إما السجن أو المنفى أو المطاردة أو المداهمة . حتى الذين غنّوا تسلم الأيادي وظنّوا أنهم من الشّعب الثاني وأتباع الربّ الثاني ، لم يعودوا في مأمن . صاروا مطلوبين في أية لحظة ، ليستقرّ النظام العسكري الفاشي الذي يدوس على الرقاب بالبيادة الخشنة دون مراعاة لقيمة أو معنى أو قانون أو فضيلة !

 

على الجانب المادي الصرف كان الإخفاق التام ، والفشل الذريع اقتصاديا واجتماعيا وإداريا وأمنيا ..

 

مع كل ما يدفعه الأعراب من حبّات أو مليارات فالاقتصاد يترنّح ، والاحتياطي يتآكل ، والسياحة انهارت لدرجة خروج الطبل والزمر لاستقبال وفد سواح قادم من بلاد الروس الفقراء في سيارة أتوبيس .. الفنادق خالية والعمال عاطلون والبازارات تهشّ وتنشّ ، والمترجمون صدئت ذاكرتهم نتيجة توقفهم عن العمل .

 

تم إغلاق أكثر من ألفي مصنع ، وتعثّر أكثر من ستة آلاف ، والعمال في بطالة أو يعانون بسبب عدم تسلم الأجور ، ناهيك عن الحوافز والبدلات ..

 

الفلاحون يشتكون إلى الله ارتفاع ثمن الأسمدة و تكاليف الزراعة وشحّ المياه وانخفاض أثمان المحاصيل والثمار ، وإغلاق نوافذ التصدير للخارج ..

 

بقية الأنشطة الاقتصادية تعاني وتتعثّر ، وخسائرها تتوالي ، حتى البورصة تخسر في معظم الأيام .. والاستثمار يهرب أو يتجمد ، والجنيه يتهاوى ..

 

العاملون في الخارج يتعرّضون للمهانة والانتقام بسبب السياسة الرعناء للسلطة العسكرية القائمة . وأحداث ليبيا شاهد على الرعونة وعدم التفكير ، وعدم وجود سياسة بالمفهوم العلمي الصحيح .

 

ليبيا تضم أكثر من مليون عامل مصري ، يعولون أكثر من مليون أسرة أي ما يتراوح بين  7 – 10 مليون مصري ، ويعيشون الآن رهائن لا يعرفون كيف سيكون مصيرهم أمام سياسة بلادهم الرعناء التي لا تراعي واقعا ولا مستقبلا . إنها سياسة الإعلام الفج التي أسسها البكباشي الأرعن يوم وقف في شهر مايو 1967م ، وقال أمام وسائل الإعلام العالمية :" أنا مش خرع زي  مستر إيدن !" ، وبعدها كانت الكارثة التي ندفع ثمنها حتى الآن !

 

هناك عشرون مخطوفا مصريا .كيف ننقذهم بأقل قدر من الخسائر ؟

 

أردوغان تعرض للموقف ذاته من قبل حين تم اختطاف أو أسر أكثر من خمسين عاملا تركيا في الموصل . ماذا فعل أردوغان مع الإرهاب ؟ ظل يفاوض وحكومته تعمل بهدوء بعيدا عن سياسة " أنا مش خرع زي مستر إيدن " الفاشلة والغبية ، وأخيرا استطاع إنقاذ مواطنيه وأعادهم سالمين ، ولم يخسر كثيرا ..

 

السياسة الانقلابية استسلمت لمنطق تواضروس المرشد الأعلى للانقلاب ، " منطق عليها واطيها "، وهو منطق صاحب الدولة االذي يأمر وينهى ، ولا تعنيه هموم الناس ولا مصائرهم . هو يريد الدم والمزيد من الدم ولوخربت مصر . لقد زغردت برقياته يوم تم قتل الأبرياء وإحراقهم في رابعة والنهضة ، ولولا الملامة لغنّى علنا تسلم الأيادي ، وجمهورية الخوف تعود وحكومة الرعب تتألق ، وهو اليوم لايعنيه أمر المسائل الروحية . لقد شطبها من برنامجه اليومي لتحل مكانها شئون بناء الدولة القبطية التي لايعيش فيها مسلمون ، وإن عاشوا فهم العبيد ، وفقا للتجربة النيجيرية بعد أن أخفق سلفه شنوده في تحقيق النموذج الأندلسي .

 

الشعب المصري اليوم يصرخ من ارتفاع الأسعار ، ويتقاتل من أجل أنبوبة بوتاجاز ثمنها خمسون جنيها أو أقل أوأكثر ، ويتصارع أمام أفران الخبز والحصول على خمسة أرغفة وفقا للمنظومة إياها !

 

الفشل التعليمي ،واستباحة الأزهر والجامعات ، وحركة التواصل والشرفاء الذين يبلغون عن الأساتذة والطلاب ، ولأول مرة في تاريخ الجامعة المصرية يقوم رئيس الدولة بتعيين عميد الكلية ورئيس الجامعة . بقي رئيس القسم ، ومن المؤكد أن تعيينه سيتم بمعرفة سنجق دار أمن الدولة في المحافظة !

 

أصبحت الوشاية وكتابة التقارير ومداهمة البيوت قبيل الفجر وانتهاك الحرمات ، وترويع  الآمنين سياسة الانقلاب العسكري الدموي الفاشي الذي أخفق في كل شيء ، وفشل في كل شيء .

 

من مقولات المشير محمد عبدالغني الجمسي – العسكري الحقيقي ،والمقاتل الحقيقي ، أحد أبرز القادة العسكريين فى تاريخ مصر الحديث، الذي وصفه اليهود القتلة الغزاة بالنحيف المخيف :

 

" إن الرجل العسكري لا يصلح للعمل السياسي قط ، وإن سبب هزيمتنا عام 1967 هو اشتغال وانشغال رجال الجيش بالألاعيب في ميدان السياسة؛ فلم يجدوا ما يقدمونه في ميدان المعركة " .

 

هل سمع قادة الانقلاب العسكري الذين يحكمون مصر هذا الكلام ؟ لا أظن !

 

الجنرال قائد الانقلاب قال في حديثه إلى صحيفة دير شبيجل مؤخرا :" رئيس  الجمهورية الذى لا ينجح فى توفير الاستقرار والموارد الأساسية للمواطنين من غذاء ووقود ومياه عليه أن يتنحى عن منصبه " .

 

هل استقرت مصر، وهل توفرت الموارد الأساسية من غذاء ووقود ومياه وكهرباء ؟

 

إلقاء تبعة الإخفاق والفشل على عاتق الإخوان وأغلبيتهم في السجون والمعتقلات ، ودولتي قطر وتركيا وقناة الجزيرة التلفزيونية ، والاعتماد على فرق الردح والكذب والتدليس من الأذرع الإعلامية لا يغير من الواقع شيئا ،ولكنه يطرح التساؤل الملح : أما آن للجنرال أن يرحل ؟ !

 

 الله مولانا . اللهم فرّج كرب المظلومين . اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم !