في المفهوم الشعبي الذي يعيش به المصريون يتحول الشخص صاحب اللحية إلى رجل طيب أو من أهل الله ، أي لا يرتكب الموبقات ، ولا يكذب ، ولا يحب الظلم . وفي التشريع الإسلامي اللحية سنة مؤكدة ، أو سنة واجبة ، ولا تعفي صاحبها من الحساب والمؤاخذة أمام الله ، ولا يترتب عليها امتياز يختص به الملتحي . ويسمي المصريون الشخص الملتحي الذي لا يلتزم بالإسلام وأخلاقه بأن لحيته تايواني ، أي فالصو ، أي مزيفة ، أي لا علاقة لها بالإسلام .


وتروي كتب التاريخ أن يزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري ؛ كان مع عباد بن زياد بسجستان، فاشتغل عنه بحرب الترك، وضاق على الناس علف الدواب، فقال ابن مفرغ شعرا يهجو ابن زياد ، وكان صاحب لحية كثة طويلة ، على ما كان منه فقال:


ألا ليت اللحى كانت حشيشا         فنطعمها خيول المسلمينا


فالشاعر رأى أن صاحب اللحية أهمل من معه ، وتركهم نهبا للحاجة ، ولم يأخذ بالأسباب ، وهو مالم تغن عنه لحيته الكثة الطويلة !


ويبدو أن بعض المنتمين إلى الحركة الإسلامية اعتقدوا أن تدينهم الشكلي سوف يغني عن أفعالهم وسلوكهم، ويرفعهم إلى درجة المعصومين الذبن بنبغي أن يحتفي بهم الناس ويقيموا لهم أضرحة في خيالهم بدلا من الأضرحة المبنية . ولا عليهم بعد ذلك إذا خانوا الإسلام والمسلمين ، وأكلوا حقوق العاملين معهم ، وقبلوا أموالا حراما لينفقوها صدا عن سبيل الله وإشباعا لشهواتهم الدنيوية الرخيصة ، وانحازوا إلى أعداء الإسلام والمتآمرين عليه ، وأباحوا لأنفسهم الكذب والتدليس والتضليل والوشاية ، وتخلقوا بأخلاق الشامتين والحاقدين ، و تمسكوا بأهداب الدنيا ومتاعها الزائل على حساب كل قيمة نبيلة وفكرة مضيئة !


ما معني أن يشمت ملتح تايواني في الرئيس الشرعي محمد مرسي – فرّج الله كربه – ويسخر منه ، ويعدّد ساخرا ما يسميه إنجازاته التي يقصد بها سلبياته ومعالم فشله كما يدعي ، والرجل في في أسره لا يستطيع أن يرد عليه ويفحمه بالعقل والنقل . ونسي الملتحي التايواني تعاليم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعدم الإجهاز على جريح !


لقد تجاهل الملتحي التايواني الذي يستقي تعليماته من السلفية المدخلية الجاهلة ؛ الإنجازات الحقيقية لمحمد مرسي ، في أصعب ظروف مر بها رئيس أو حاكم ، فقد كان المجرمون يحرضون ضده ، ويحركون أذرعهم الإعلامية ونشطائهم السياسيين المرتزقة لإفشاله خوفا من نجاحه ، وكان الملتحون التايواني من ضمن الخونة الذين باعو الإسلام والمسلمين ، وأسهموا بوحشية في مساعدة أعداء الإسلام وعلى رأسهم قادة التعصب الطائفي ، وهو ما عبر عنه تواضروس المرشد الأعلى للانقلاب بوضوح حين صرح بأن المصريين خرجوا ضد مرسي رفضا للنظام الإسلامي ! 


صاحب اللحية التايواني يسخر من مرسي   ويرصد 26 سلبية كانت ترددها الأذرع الإعلامية المأجورة قبل إسقاط مرسي، وهي سلبيات مزيفة يتضاءل إلى جانبها لو كانت حقيقية ما ارتكبه الملتحون التايوانيون في حق الإسلام وحق المسلمين ..


خذ مثلا ما يردده الملتحي التايواني أن مرسي صرح أكثر من مرة أن مصر دولة مدنية. وأنه نقض العهد كما يزعم في شأن الدستور واختيار مبادئ الشريعة بدلًا من الشريعة . وإني أتساءل : كيف يفهم صاحب اللحية التايواني معني المدنية ، وأي عهد نقضه مرسي ؟ ثم كيف قبل التايوانيون دستور الانقلاب الذي ألغي المادة 219 التي كانوا  يتشدقون بأن دونها الرقاب ؟


يتحدث الملتحي التايواني عن مرسي والنصارى في مواقف عديدة كتهنئة النصارى في أعيادهم وبناء كنيسة في النوبارية ، ويتجاهل أن آباءه من ذوي اللحي التايواني الكثة الطويلة يضعون على رأس قوائمهم الانتخابية لمجلس نواب الانقلاب عشرات النصارى تقربا إليهم وتزلفا علّ الانقلاب والكنيسة يرضيان عنهم ، بعد أن رفضت كل القوى والأحزاب العلمانية التحالف الانتخابي معهم ، وأن الانقلاب يصرح ببناء عشرات الكنائس الآن دون أن يفتح الملتحون التايوانيون فمهم بكلمة !  


 ويصل الكذب والتدليس بالملتحي التايواني أن وفد الإخوان في لقائه مع الكونجرس الأمريكي ذكرهم بحمايتهم أي الإخوان للحريات والليبرالية والعلمانية وحقوق الشذوذ(!) . ثم التكبير من منصة رابعة فرحًا بخبر كاذب وهو اقتراب البوارج الأمريكية من السواحل المصرية لإقامة الشريعة والخلافة وإعادة الشرعية(!) .


لست في حاجة إلى تذكير الملتحي التايواني بأن القارئ أذكى منه ، ويعلم جيدا أن البوارج البحرية لا تقيم الشريعة ولا تعيد الخلافة ولا الشرعية !


ولكن فيما يبدو فإن أصحاب اللحي التايواني ماضون في تقليد الراقصة العجوز التي تريد إرضاء السكارى ، فتخلع ماتبقى من ثيابها دون أن تجد قبولا ، وهو ما يفعلونه ويفحشون فيه ، ويتجاوزون أحيانا ما يقترفه غلاة العلمانيين من فجور ضد الإسلام والمسلمين .


تأمل مثلا مايروجونه ضد الشهيد سيد قطب وكتابه الظلال من أكاذيب تقوم على أجتزاء بعض نصوصه وتشويهها وإصدار أحكام ضد الرجل وتاريخه وجهاده ليرضى عنهم سادتهم المدخليون الجهلاء ، والطائفيون المتعصبون ، والانقلابيون الدمويون ، والعلمانيون المتوحشون!


لقد قصر الملتحون التايوانيون اهتمامهم على تبرير دموية الانقلاب ، والترويج للحكم الاستبدادي الديكتاتوري، واتهام غيرهم من الإسلاميين بكل نقيصة ، وما بالك إذا اتهموا مرسي كذبا بأنه كرم إحدى العوالم والغوازي في القصر الجمهوري ، ثم يباركون بالصمت انتقال عوالم مصر وغوازيها المشهورات والمغمورات  إلى القصور الجمهورية والمواقع العسكرية مع حفاوة إعلامية ومكافآت سخية من عرق الشعب التعيس ؟


لقد ركلهم الانقلاب بعد انتهاء مهمتهم الخيانية ، ومنعهم من ارتقاء المنابر، ووضع لهم شروطا وامتحانات صعبة حتى يصعدوها ، وكان أن سمحت السلطة الأمنية مؤخرا بالصعود لبعض آبائهم من ذوي اللحي الكثة الطويلة على أن يلتزموا بالدقائق المقررة ، وأن يهاجموا الإخوان .. يا للعار !


لم يعد أحد يسمع كلام أصحاب اللحى التايواني عن الشيعة وغزوهم لمصر وتغييرهم لعقيدة المصريين ، ولم ينطقوا بحرف عن العلاقات الوثيقة بين الانقلاب وحزب الله وإيران ، ولم يصرخوا من أجل المسلمين السنة في العراق الذين تقتلهم الميليشيات الشيعية ، وتمثل بهم مدعومة من حكومة العراق الشيعية الدموية .


ولم نذهب بعيدا ، هل استنكروا بكلمة قتل الآلاف من المصريين وإحراقهم في رابعة والنهضة ؟ الله مولانا، اللهم فرج كرب المظلومين، اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم !