أنور وجدى  هو واحد من ألمع وأشهر نجوم الفن والسينما في الأربعينات ، حيث كان فتى الشاشة الأول حينذاك ، وقد التقى يوما بالإمام الشهيد حسن البنا ، وحكى لنا في مذكراته شاهد عيان ذلك الموقف ، والذى يوضح نظرة الإمام البنا والإخوان للفن والفنانين


يقول الدكتور محمود عساف:


"في يوم من أيام صيف عام 1945م وكان الجوُّ صحوًا، ونسمة خفيفة تداعب الشجر في ميدان الحلمية الجديدة، ذهبت إلى الأستاذ الإمام كعادتي كل يوم أتلقَّى تعليماته فيما يتصل بالمعلومات، وكان في ذلك الوقت غير مشغول بضيوف أو أعمال لها صفة الاستعجال، قال لي: "قم بنا نذهب إلى البنك العربي لنفتح حسابًا للإخوان هناك"؛ إذ لم يكن للإخوان حساب بأي بنك حتى ذلك الوقت.


توجهنا إلى مكتب رئيس البنك وكان يتبع سياسة الباب المفتوح للعملاء، ويستطيع أي عميل أن يدخل إليه بغير استئذان، دخلنا وألقينا السلام، وجلسنا على أريكة مواجهة للمكتب، وكان هناك رجل جالس على مقعد مجاور للمكتب وظهره منحرف نحوَنا، وكان يتحدث مع شومان بك (رئيس البنك) وفي انتظارنا صامتين إلى أن تنتهي تلك المقابلة، فاجأنا شومان بك بقوله: "أهلاً وسهلاً" بصوتٍ عالٍ جعل الجالس إلى مكتبه ينظر نحوَنا، وإذ بذلك الجالس ينتفض واقفًا ويهتف: "حسن بك؟! أهلاً وسهلاً يا حسن بك، ثم تقدم نحوَنا مصافحًا الإمام ثم إياي، ثم جلس على مقعد مجاور للإمام وقال: "أنا أنور وجدي.. المشخصاتي.. يعني الممثل.. طبعًا أنتم تنظرون إلينا ككَفَرة نرتكب المعاصي كل يوم، في حين أني والله أقرأ القرآن وأصلي كلما كان ذلك مستطاعًا".


كانت مفاجأةً لي، فلم نكن ننادي الإمام أو نشير إليه إلا بقولنا: فضيلة الأستاذ.. أما حسن بك، فقد كانت نشازًا.


قال له الإمام: يا أخ أنور أنتم لستم كفرة ولا عصاة بحكم عملكم، فالتمثيل ليس حرامًا في حد ذاته، ولكنه حرامٌ إذا كان موضوعه حرامًا، وأنت وإخوانك الممثّلون تستطيعون أن تقدموا خدمةً عظمى للإسلام إذا عملتم على إنتاج أفلام أو مسرحيات تدعو إلى مكارم الأخلاق، بل إنكم تكونون أكثر قدرةً على نشر الدعوة الإسلامية من كثير من الوعَّاظ وأئمة المساجد.


إني أرحِّب بك وآمل أن تحضر لزيارتنا بدار الإخوان المسلمين بالحلمية الجديدة لنَتَبَادَلَ الرأيَ حول ما يمكن أن تُسهموا به في نشر الفضيلة والدعوة إلى الله" 


عندما سمع أنور وجدي هذا الردَّ الجميل من الإمام البنا بكى أنور وجدي وقبَّل يده ورأسه   بعدها رأينا لأنور وجدي (ليلى بنت الفقراء)