مصر الآن تشبه فؤادة في فيلم شيء من الخوف، لا فرح يدوم، لكنه حزن مقيم، فبعد ارتفاع أسعار البنزين والمحروقات بيومين منيت مصر بهزيمة منتخبها أمام منتخب روسيا في كأس العالم هزيمة مخجلة، معيبة، غير متوقعة.

سبق المنتخب السعودي بالهزيمة بخمسة أهداف، ليلحقه المنتخب المصري بثلاثة أهداف، ثم يعود المنتخب السعودي للهزيمة مرة ثانية أمام الأوروجواي، لنكتشف أن الالتقاء بين مصر والسعودية، ليس في بيع الجزر – تيران وصنافير – ولا في القضاء على الربيع العربي، ولا في حصار قطر، ولا في تجويع شعبيهما، ولا في الإدارة والإرادة السياسية الفاشلة، لكنه أيضاً في منتخبيهما اللذين افتقدا للياقة، وعدم الخبرة في التعامل الاحترافي دوليًا، وهو نفس ما حدث في ملف حقوق الإنسان في مصر والسعودية، ونفس ما حدث في التعامل دوليًا مع حصار قطر.
 
من شاهد لاعبي المنتخب الروسي ومهارتهم في التكتيك والمناورة واللعب سيفهم جيدًا الفرق بين إدارة الملفات المحلية والدولية لدى الدول العربية في التعامل والمران والإصرار، والحرص على الخطة المحكمة في الرياضة/ السياسة..!
 
الإدارة ليست أموالاً فقط ولا ثراءً فاحشاً، لكنها أيضًا في المقدرة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، فاتحاد الكرة المصري أوجد مدرباً أجنبياً، لكنه فاشل في إدارة فريق يلعب دوليًا، وخلاف الفساد الموجود في اتحاد الكرة المصري، إلا أن مباراة مصر وروسيا كانت كاشفة بالنسبة له، وهو نفس ما حدث في وزارة الشباب والرياضة التي يتبعها، والتي تتبع بدورها رئاسة مجلس الوزراء، الذي يختاره السيسي، لتكتشف أن الفشل هو العنوان الأبرز لهذه المرحلة في الدولة المصرية.
 
إدارة المنتخب المصري في كأس العالم 2018 هي المتممة لإدارة حكم السيسي منذ 2014 وحتى الآن، هي الإدارة التي دفعت 68 مليار جنيه على حفر قناة السويس الجديدة، دون دراسة جدوى، ولا رؤية اقتصادية تستفيد من الماضي، وتقدر الحاضر، وتشرف على المستقبل، وبعد أن فشل المشروع، برر السيسي الأمر على طريقة شخص يشرب المخدرات ظنًا منه أنها تجلب له السعادة فأجاب: حفرت القناة الجديدة لرفع الروح المعنوية للشعب المصري، وهو نفس ذات السبب الذي أرسل نظام السيسي فيفي عبده وخالد صلاح وبقية الجوقة إياها، لرفع الروح المعنوية للمنتخب، الذي خطط له ليرفع الروح المعنوية لنظام السيسي بالفوز على المنتخب الروسي !
 
وعلى نفس مستوى مهارة اللاعب في المنتخب المصري، الجندي والضابط في الجيش المصري في سيناء، فاللاعب غير مؤهل للعب في كأس العالم، وكذلك الجندي المصري غير مؤهل لمقاومة الإرهاب في سيناء، ولا يمتلك التدريب الكافي في مهارة التكتيك والمبارزة، كما لاعبي المنتخب المصري، وكذلك إدارة خطط المعارك والقتال، كمين كرم القواديس على سبيل المثال، تم ضربه وقتل كل الضباط والجنود الذين كانوا فيه عدة مرات، وبنفس الطريقة والتكتيك من قبل الإرهابيين، ومع ذلك لا نجد خطة واضحة، ولا تكتيكاً ناجحاً، ولا استفادة من الأخطاء السابقة، وكأن آخر عهدنا بالأمن والأمان في سيناء هو عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، كما آخر عهدنا هدف مجدي عبد الغني في كأس العالم 1998، ما عدا هدف محمد صلاح الذي كسر قاعدة مجدي عبد الغني.
 
الرياضة فن ومهارة واستعداد وإخلاص، وكذلك السياسة، فإذا لم تكن تمتلك الأدوات الحقيقية، فستتحول حياتك وشعبك من فشل إلى فشل، في متوالية لا تنتهي، وهذا ما يحدث من قبل النظام المصري، وعود بالكلام المعسول الذي ليس من ورائه طائل، سوى مزيد من الغلاء والفقر والديون الداخلية والخارجية، وتنفيذ شروط مجحفة للبنك الدولي من جيب المواطن المصري، وعلى حساب أمانه الوظيفي.
 
إنه الفشل العام في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفنية، التي تولد مجتمعاً مفككاً، يعيش على أرض مصر، لكنه يحس داخليًا أنها ليست أرضه، ويدفع ضرائب مجبراً، لعلمه أن عوائدها لا تعود بالنفع عليه، حتى كاد يصل إلى مرحلة «إنْ بيت أبوك خِرب خد لك منه قالب».
---------
@Samykamaleldeen