ارقصوا كيكي.. وارفع سعر البنزين يا طارق!

 
طارق هو وزير البترول الذي يحدد سعر البنزين، وكيكي هي الرقصة المجنونة التي شاعت في الفترة الأخيرة وتبناها بعض سفهاء المجتمع الذي أسقطوا القيم والأخلاق، ويتصرفون بمنطق الوارث السفيه، الذي لا يتعب في الحصول على المال.
 
من خلال موقف السلطة الانقلابية من هذه الرقصة، ومواجهتها برفع الأسعار والضحك، نحتاج إلى التذكير بخطاب الاستبداد، وعناصره في قيادة المجتمع، ويمكن تلخيصها فيما يلي:
 
أولا- بدأ الانقلاب بالدم والعنف، تحت ذريعة فشل النظام الديمقراطي، فقتل عشرات الساجدين في مذبحة الحرس، ثم آلاف المعتصمين في رابعة والنهضة ورمسيس والفتح والمنصة وكرداسة وناهيا ودلجا والميمون والقائد إبراهيم وسيدي جابر وغيرها، بعد خطف الرئيس الشرعي وتغييبه، واعتقال عشرات الآلاف من الرافضين للانقلاب وتغييبهم وراء الأسوار، تحت أسوأ الظروف، وسن قوانين خاصة للانتقام من ثوار يناير، ومن طالبوا النظام المستبد الفاشل بالرحيل، وتشكيل محاكم مخصوصة لإنزال أشد العقوبات بالأسرى، دون توفير آليات قانونية أو خلقية أو إنسانية حقيقية للمحاكمات غير العادلة( مثلا الحكم بإعدام المئات في قضية واحدة بعد جلستين لم تتوفر فيهما المرافعات والتحقيقات والمناقشات القانونية).
 
الدم والعنف من وسائل الإرهاب والتخويف، ورأس الذئب  الطائر!
 
ثانيا- استخدام الأبواق الفاسدة لقلب الحقائق، وهجاء الضحايا والتشهير بهم دون أن يستطيعوا الرد على الأكاذيب والتضليل.
 
أضف إلى ما سبق، تعبير هذه الأبواق عن أكاذيبها وتضليلها بأسلوب مبتذل، يهبط إلى أحط أنواع السفالة والفحش، ولا يكتفون بتوجيه بذاءاتهم إلى الأسرى والضحايا ولكنهم يتوجهون إلى الشعب كله بهذه اللغة المتدنية. سأكتفي بإيراد ما كتبته الصحفية كريمة كمال في المصري اليوم  ١٩/ ٧/ ٢٠١٨، تحت عنوان "وصلة ردح" وهي بالمناسبة من مؤيدي الانقلاب العسكري الدموي الفاشي تقول: "موجها حديثة للمشاهدين.. توفيق عكاشة «بيقولك الحاجة ولعت نار طيب ما هى لازم تولع نار يا غبى انت وهو يا غبية انت وهى لازم الأسعار تغلى» ثم يكمل «حتاخد كلامى أن أنا بطبل طيب بطبل إنت حتعملى إيه حاتكرهنى اكرهنى مش عايز حد يحبنى يا أخى أنا مش عايزك تحبنى أنا مش عايز واحد غبى وجاهل يحبنى أقسم بالله لو لقيت واحد غبى وجاهل بيحبنى لاضربه باللـ أى حاجة».
 
ويخرج مرتضى منصور فى برنامج آخر ليقول «اللى مش عاجبه مصر يغور فى ستين داهية» أما عزمى مجاهد فيخرج ليقول «عزيزي المواطن سواء كنت تعبان فى عيشتك أو مستريح إذا كان بيت حضرتك من إزاز فمفيش داعى تحدف بالطوب ماشى يا ننوس عين مصر» «مش عاجبكم حال بلدنا امشوا غوروا فى داهية» بل إن الفنانة هالة فاخر تخرج على جمهورها لتقول «لو مش عاجبك يا خويا منك له القطر ده نط منه وهو ماشى إياك تتكسر رقبتك» وعلى نفس النهج يخرج تامر أمين ليقول «اللى مش عاجبه العيشة فى البلد دى وشايف الحياة صعبة، ومش عارف اعيش ياخد باسبوره ويورينا عرض كتافه» ويصل الأمر بعزمى مجاهد للقول «شعب يخاف ما يختشيش».
 
ثالثا- قتل الحياة السياسية والفكرية. فقد تم إغلاق المنابر التي تبدى أقل معارضة أو رفضا للاستبداد العسكري الحاكم. وتم حل الأحزاب الفاعلة، والإبقاء على أحزاب الديكور، وما أكثرها. وإغلاق الصحف والقنوات الفضائية التي كانت تتيح قدرا من التعبير الحر، بل امتد الأمر ليشمل القنوات والصحف الأجنبية التي لا تملكها السلطة لوضعها تحت نيران الشتم والسب والتشهير، ورفع القضايا ضدها بسبب عرض رأي لمعارض أو حوار مع رافض للحكم العسكري المستبد.
 
لم يبق في الميدان مفكر ذو قيمة أو صاحب رأي حقيقي، لكن الاستبداد فتح المجال لمن يسمونهم مثقفي الحظيرة أو مفكري السلطة ليصولوا ويجولوا بأكاذيبهم وتدليسهم، ويشيطنوا الإسلام، ويتحدثوا عنه بوصفه دينا إرهابيا!
 
رابعا- تبرير الفشل الاقتصادي والتخلف. ويتم ذلك عن طريق الأبواق السافلة والمثقفين الاستعماليين، لتسويغ الخيبات المتتابعة في المشروعات الفنكوش- كما سماها الشعب- وإقناع الناس أنها مشروعات ناجحة وذات عائد، مع تكرار نغمة الصبر والانتظار. انتظروا ست شهور، اصبروا سنة ، سنتين وانت يا مصر يا نور العين، تتدحرجين إلى درك سحيق. الديون الخارجية 84 مليار دولار، الديون الداخلية 3,4 تريليون جنيه، أكثر من أربعة آلاف مصنع متوقف، الزراعة في النزع الأخير، منع زراعة الأرز والموز وقصب السكر، بسبب المياه، بينما تستهلك ملاعب الجولف وحدها مياها أكثر مما يحتاجه الأرز.
 
خامسا- تغيير الدين باسم تجديد الخطاب الديني. واستثماره لتسويق الاستبداد، وإرضاء الآباء الروحيين. فقد تم تأميم منابر المساجد، وراح الوزير المختص، يضع خطبة الجمعة من قبل الوزارة ليلتزم بها خطباء الدولة جميعا، يبث من خلالها تأسيس ثقافة الاستبداد، والاستسلام للأعداء والمتربصين بالأمة وغاصبي حقوقها وأرضها، وزرع السلبية وعدم المشاركة في قضايا الوطن، وتصوير المتدينين بالإرهابيين الشياطين الدمويين، ولو لم يكونوا قادرين على ذبح فرخة، وتحويل أعمال العنف من قبل بعض الجهات الغامضة إلى ظاهرة عامة تجعل المنتمين إلى الإسلام كلهم إرهابيين.
 
خذ مثلا شيطنة الأمة كلها. في حديث الجنرال بمناسبة ذكرى المولد الشريف عام 2015، حين قال "إنه ليس من المعقول أن 1.6 مليار مسلم يريدون أن يقتلوا الدنيا كلها اللى فيها 7 مليار علشان يعيشوا هما"! ثم يكرر الأمر بصورة أكثر ظلما للإسلام والمسلمين فيما يسمى مؤتمر الشباب السادس؛ حين يقول: "أمة فكرها مبنى على الحرب! هل الحرب استثناء واللا أصل؟ الحرب استثناء. لما يكون الفكر كله لأمة هو الحرب فقط؟ على الاقل في المائتين سنة الماضية فهمها لدينها ان الحرب هي الاصل والاستثناء هو السلام. هل من المعقول ان يكون هناك فهم ديني كده؟".
 
طبعا يتجاهل سيادته أن الأمة الإسلامية لم تذهب إلى أمريكا وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وهولندة والنمسا والبرتغال وإسبانيا وروسيا بجيوشها الإسلامية الجرارة ليقتلوا أهلها الأوربيين المسالمين، ولم يستدعوا هذه الدول ليقتلوا ملايين المسلمين في العراق وسوريا والصومال وأفغانستان وباكستان وميانيمار وإفريقية الوسطى وليبيا ومالي، ومن قبل الجزائر ومراكش وموريتانيا وفلسطين ولبنان والسودان والشيشان.. واتباع سياسة الأرض الحروقة، واستخدام الغازات السامة!
 
هل أتكلم عن الحملة الهمجية باسم الخطاب الديني لتغيير الإسلام بنشر آلاف المقالات والكتب وإقامة مئات الندوات، فضلا عن الحملة على الأزهر الشريف من أجل هذا الهدف الشيطاني الذي يطالب به اليهود الغزاة القتلة والصليبيون الاستعماريون الهمج؟
 
الله مولانا. اللهم فرّج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!