(6) أين أنت من القرآن في أيام العشر؟

القرآن كلمة الله الخالدة، ليس مجرد مجموعة من الحروف والكلمات، ولكن وراء كل حرف روحًا تحيي القلوب الميتة، وتطمئن النفوس القلقة المضطربة.

فهلموا إلى مائدة الله. أرأيتم لو أن أحد الملوك صنع مائدة، ودعا الناس إليها، ولم يمنع منها أحدًا، ألا يكون المتخلف عنها عظيم الخسارة؟! الذي يُسمح له أن يجلس على موائد الملوك، ثم يأبى إلا أن يعيش بين الصعاليك، أيعدّ من العقلاء؟!

هذا ربك قد بسط لك مائدته، وأنت حين تقرأ القرآن فإنك تلتمس روحًا وتغذي قلبك إيمانًا ويقينًا. إن كنت قلقًا فتحت كتاب الله فإذا به يناديك ﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ (الرعد: من الآية 28)، إن ضاقت بك الحال واشتد عليك الأمر ويئست من الفلاح فتحت كتاب الله فنادي عليك ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الروم: من الآية 47)، ووجهك إلى ﴿إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ﴾ (يوسف: من الآية 87).

إن كنت عصبيّ المزاج، لا تعرف كيف تضبط أعصابك، وفتحت القرآن، وجدته يناجيك ﴿خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ (199)﴾ (الأعراف).

إن كنت مذنبًا، فتحت القرآن فيناديك الحق ﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)﴾ (المائدة).

ماذا أُعدّد لك؟

هذا القرآن ربى جيلاً لم تر الدنيا مثله، في أخلاقهم، في سموهم، في عقولهم في عطائهم. فهل نغتنم أيام النفحات المباركة لنغذي أرواحنا وقلوبنا من مائدة القرآن المباركة؟

(7) أين أنت في أيام العشر من الصدقة؟

كان الحبيب صلى الله عليه وسلم أجود الناس، ما في ذلك شك، لا يلحقه في ذلك أحد، لكنه في الأوقات الفاضلة كان يتجاوز حدود الجود المعهود عنه صلى الله عليه وسلم إلى آفاق لا يحيط بها البشر.

فأين أنت في هذه الأيام الفاضلة من سد حاجة محتاج؟ أين أنت من إطعام جائع؟ أين أنت من كسوة عار؟ أين أنت من إخوانك المسلمين المحتاجين الضعفاء؟

نحن على أبواب عيد مبارك، وقد جعل الله من شعائره ذبح الأنعام وإطعام القانع والمعتر ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36)﴾ (الحج)، الفقراء ينتظرون هذا اليوم لأنهم يعرفون أن أيدي الصالحين تمتد فيه بالعطاء، والصالحون ينتظرونه لأنهم يترقون فيه درجات عالية في العطاء والسخاء.

أنت إن أعطيت لم تعط للمسكين ولا للفقير ولا للمسجد ولا للعمل الخيري، أنت تعطي لأكرم الأكرمين الذي يرد على المحسن إحسانه أضعافًا. ﴿هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ (60)﴾ (الرحمن)، وهو لا يرد الإحسان بإحسان، بل يرد الإحسان الواحد بسبعمائة إحسان، بل بألوف وأضعاف مضاعفة.

فهل تعامل الله بالصدقة في هذه الأيام أم تستجيب لنداء الشيطان الذي يقول عنه الرحمن جل وعلا: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً﴾ (البقرة: من الآية 268)، والشيطان لا يملك شيئًا، ولكن الرحمن يملك كل شيء ﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (آل عمران: من الآية 73).

(8) أين أنت من تحسين الأخلاق في أيام العشر؟

لقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم متممًا لمكارم الأخلاق، داعيًا لأحمدها وأرشدها، موصيًا يحسن الخلق سائر أصحابه وأحبته، فقد أخرج مَالِك أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: آخِرُ مَا أَوْصَانِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ وَضَعْتُ رِجْلِي فِي الْغَرْزِ أَنْ قَالَ: "أَحْسِنْ خُلُقَكَ لِلنَّاسِ يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ".

وعدَّ حسن الخُلُق تمام البر، فأخرج مسلم عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْبِرِّ وَالإِثْمِ فَقَالَ: "الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ"... الحديث.

وعبر صلى الله عليه وسلم عن الدرجة العليا والأجر العظيم لحسن الخلق، فيما أخرجه أبو داود وغيره عَنْ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ".

ولم لا وحسن الخُلُق هو أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة، فقد أخرج أبو داود والترمذي وصححه عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء ِرضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ".

وفي رواية الترمذي: "مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ".

وفي رواية أخرى للترمذي: "وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الْخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلاةِ".

وأخرج الترمذي وصححه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ: "تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ".

وبين النبي صلى الله عليه وسلم أكمل المؤمنين إيمانًا، فقال فيما أخرجه أبو داود والترمذي وصححه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا".

فأين أنت من التدرب على تحسين أخلاقك، وبخاصة في هذه الأيام العشر؟.

(9) أين أنت من صلة الأرحام في هذه الأيام العشر؟

صلة الرحم من أفضل الأعمال وأعظمها أجرًا، وقد قرن الله تعالى قطع الأرحام بالفساد في الأرض، فقد أخرج الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتْ الرَّحِمُ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ! قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ. قَالَ: أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ: فَذَاكِ". قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ، ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)﴾ (محمد).

وفضلاً  عن كون صلة الرحم محبة للأهل وسببًا في بركة الرزق والعمر وتعجيل الثواب؛ فقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم أحب الأعمال إلى الله بعد الإيمان بالله، فقد أخرج ابن أبي عاصم وأبو يعلى عن رجل من خثعم أنه قال: يا رسول الله، أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل؟ قال: "إٍيمَانٌ بِاللهِ تَعَالَى". قال: يا رسول الله، ثم مَهْ؟ قال: "ثُمَّ صِلَةُ الرَّحِمِ".

فاحرص أخي المسلم الكريم على اغتنام هذه الأيام المباركة لتصل رحمك وبخاصة ما انقطع منها لأي سبب، واعلم أن الوصل لا يعني أن تصل أولئك الذين يصلونك ويجاملونك، بل الوصل الحقيقي هو وصل من قطعوك أو قطعت بينك وبينهم الظروف أو الخصومات، فقد أخرج البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضى الله عنه عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا".

فلتحرص على صلة رحمك في هذه العشر المباركة، جعلنا الله وإياكم من الواصلين.

(10) أين أنت من إعداد الأضحية؟

هذه الشعيرة الكريمة هي في أصلها تشبه بأبي الأنبياء خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، حين فدى الله ولده سيدنا إسماعيل من الذبح بكبش عظيم أنزله إليه فذبحه الخليل بيده؛ ليكون ذلك تصديقًا لرؤياه، وذلك في قصة الذبح المعروفة المشهورة.

وقد داوم النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الشعيرة الكريمة وحث عليها إعلانًا بالشكر لله على نعمه، وتوسعة ومواساة للفقراء والمساكين، وتقربًا مخلصًا لله رب العالمين، على حد قول الله تعالى، ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرْ الْمُحْسِنِينَ (37)﴾ (الحج).

والأضحية من أفضل القربات وأعظم الشعائر التي يمارسها المسلم في أيام العيد الأكبر، إعلانًا بشكر نعمة الله وامتثالاً لأمر الله ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)﴾ (الكوثر).

وقد روي في فضلها آثارٌ حِسانٌ، منها ما أخرجه ابن عبد البر والخطيب عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ نَفَقَةٍٍ بَعْدَ صِلَةِ الرَّحِمِ أَفْضَلُُ عِنْدَ اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ".

وأخرج عبد الرزاق وابن عبد البر عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا أيها الناس ضَحُّوا وطِيبوا أنْفُسًا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَا مِنْ عَبْدٍ تَوَجَّهَ بِأُُضْحِيَتِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ إِلا كَانَ دَمُهَا وَفَرْثُهَا وَصُوفُهَا حَسَنَاتٍ مُحْضَرَاتٍ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإِنَّ الدَّمَ وَإِنْ وَقَعَ فِي التُّرَابِ فَإِنَّمَا يَقَعُ فِي حِرْزِ اللهِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

وأخرج الترمذي وحسنه عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلافِهَا وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنْ الأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا".

قال الترمذي: "وَيُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الأُضْحِيَّةِ: "لِصَاحِبِهَا بِكُلِّ شَعَرَةٍ حَسَنَةٌ" وَيُرْوَى "بِقُرُونِهَا".

ولعله يشير إلى ما أخرجه ابن ماجه وأحمد والحاكم بسند ضعيف عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الأَضَاحِيُّ؟ قَالَ: "سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ" قَالُوا: فَمَا لَنَا فِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "بِكُلِّ شَعَرَةٍ حَسَنَةٌ" قَالُوا: فَالصُّوفُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "بِكُلِّ شَعَرَةٍ مِنْ الصُّوفِ حَسَنَةٌ".

فهل أعددت نفسك وميزانيتك لأداء هذه الشعيرة الكريمة على الوجه الأكمل، فاخترت أفضلَ الأضاحي وأسمنَها وأغلاها وأنفسَها، كما كان حبيبك صلى الله عليه وسلم يفعل؟

أخرج الشيخان عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ (وفي رواية: أَقْرَنَيْنِ) فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ.
وفي لفظ لمسلم: وَيَقُولُ: بِاسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ.

وعند ابن ماجه وأحمد عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ، فَذَبَحَ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ لِمَنْ شَهِدَ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلاغِ، وَذَبَحَ الآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.

وكذا روى أبو داود عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: ذَبَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الذَّبْحِ كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مُوجَأَيْنِ، فَلَمَّا وَجَّهَهُمَا قَالَ: "إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ، بِاسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ ذَبَحَ".

أسأل الله العظيم أن يتقبل نسكنا وأن يغفر ذنوبنا إنه جواد كريم.

وأخيرًا:

أسوق إليك أخي الكريم هذه النصائح الغالية التي رُويت عن هادي البشرية صلى الله عليه وسلم: "اطلبوا الخير دهركم، واهربوا من النار جهدكم، فإن الجنة لا ينام طالبها، وإن النار لا ينام هاربها، وإن الآخرة محففة بالمكارة، وإن الدنيا محففة باللذات والشهوات، فلا تلهينكم شهوات الدنيا ولذاتها عن الآخرة، إنه لا دنيا لمن لا آخرة له، ولا آخرة لمن لا دنيا له، إن الله قد أبلغ في المعذرة وبلغ الموعظة، إن الله قد أحل كثيرًا طيبًا لكم فيه سعة، وحرم خبيثًا فاجتنبوا ما حرم عليكم، وأطيعوا الله فإنه لن يحل الله شيئًا حرمه ولن يحرم شيئًا أحله، وإنه من ترك الحرام وأكل الحلال أطاع الرحمن، واستمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، واجتمعت له الدنيا والآخرة، هذا لمن أطاع الله عز وجل".

والله ولي التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

--------------------

* أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر الشريف.