في تطور جديد لأزمة ترحيل مصريين بالكويت بدعوى أنهم ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين رغم عدم ارتكابهم أي جريمة أو تهمة تمس الأمن الكويتي، سوى ما تدعيه أجهزة الانقلاب في مصر أنهم متورطون في عمليات عنف بعد انقلاب 3 يوليو 2013م، تستهدف أجهزة الأمن التابعة لسلطات الانقلاب ترحيل 15 مصريًّا وتعقُّب 3 منظمات خيرية بالكويت، وتعمل على استلامهم في أقرب وقت ممكن.

وبحسب صحيفة "القبس" الكويتية، سلمت سلطات العسكر في مصر كلاًّ من الكويت والسعودية والإمارات قوائم جديدة، تضم أسماء أشخاص ومنظمات خيرية، تتهمها بإرسال أموال لأسر معتقلي الإخوان بمصر، وتنقل "القبس" عمن وصفته بمصدر أمني كويتي رفيع المستوى مزاعمه أن "الجهات المصرية تحقق حاليًّا في شبكة كبيرة لنقل الأموال لتنظيم الإخوان لإعادة تشكيله، عبر مجموعات وخلايا تعمل في الدول العربية".

وأشار إلى أن سلطات الانقلاب "أرسلت مذكرة إلى السعودية والإمارات والكويت بأسماء وحسابات بنكية ومعلومات عن عناصر أخرى يشتبه وجودها في هذه الدول، وتعمل في الخفاء عبر وسطاء ويقومون بنقل الأموال".

وأضاف أن "الأجهزة الأمنية المصرية أرسلت قائمة جديدة للكويت تضم 15 شخصًا و3 منظمات خيرية، تقول إن أعضاء بالإخوان يعملون بها".

وبحسب هذا المصدر الأمني المجهول، فإن "القائمة تضم أشخاصًا نفذوا تحويلات بنكية عبر "ويسترن يونيون" وفروع بنوك مختلفة لأشخاص مصريين، وأن أجهزة أمن الانقلاب تزعم أنها أكدت أن هناك عمليات إرسال أموال جرت من منظمات خيرية في الكويت لمصريين، ولكن بعد التدقيق ثبت أن هذه العناصر تقوم بتسليم الأموال لعناصر الإخوان في مصر".

وزعمت سلطات الانقلاب - وفق المصدر الأمني الكويتي - أن من بين من ضمتهم القائمة الجديدة "خالد المهدي"، الذي يجري التحقيق معه في الكويت حاليًّا، إضافةً إلى شخص يدعى "محمد مصطفى"، وهو مصري مقيم بالكويت، تم القبض عليه مؤخرًا وتطالب سلطات الانقلاب بتسليمه. وبحسب ما نشرته "القبس"، فقد تعهدت الأجهزة الأمنية الكويتية بتسليم الموقوفين المتهمين المصريين - الذين ينتمون إلى الإخوان، بحسب ادعاءات الانقلاب - إلى سلطة الانقلاب بعد التحقيق معهم، على أن ترسل نسخة من التحقيقات لمصر.

وتتهم سلطات الانقلاب "المهدي" بنقل عناصر إخوانية للعمل في دولة الكويت بعد الانقلاب، وتحويل مبالغ مالية بشكل دوري وتحديدًا يوم 20 من كل شهر إلى أسر الإخوان، في إشارة إلى أسر الشهداء والمعتقلين الذين لا يجدون من ينفق عليهم، وكذلك تتهمه بإنشاء ما وصفتها "بميليشيات إلكترونية هناك و3 دول أخرى للهجوم على سلطات الانقلاب والسيسي والتشكيك بالمشروعات القومية ونشر الشائعات"، ولتحريض حكومات السعودية والإمارات تزعم أجهزة أمن الخائن السيسي أن "المهدي" شكّل أيضًا ميليشيات إلكترونية في تركيا، مهمتها الهجوم على مصر ودول الخليج، وتحديدًا الإمارات والسعودية، والتركيز على الهجوم على قيادات هذه الدول، حسب المذكرة الأمنية المصرية".

وكان الباحث بالتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، أحمد العطار، قد كشف عن قيام السلطات الكويتية بحملة اعتقالات ضد معارضين مصريين موجودين على أراضيها، لافتا إلى أن الحملة طالت حتى الآن أربعة شباب مصريين. وذكر - في تصريحات صحيفة سابقة - أن "حملة الاعتقالات تأتي في أعقاب الزيارة الأخيرة التي قام بها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، ونائب عام الانقلاب نبيل صادق، إلى الكويت"؛ حيث تم توقيع اتفاقية أمنية تسمح بتبادل تسليم المتهمين، وأوضح العطار أنه "تم حتى الآن رصد وتوثيق اعتقال ثلاثة شباب، هم: محمد مصطفى، خالد المهدي، وإسلام الشويخ، بالإضافة إلى شاب آخر جار التعرف على هويته".

وتأتي هذه التطورات في أعقاب الزيارة التي قام بها قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي للكويت يومي 31 أغسطس الماضي والأول من سبتمبر الجاري؛ حيث كشفت تقارير عن أن المباحثات بين السيسي والمسئولين بالكويت شهدت تحريضًا واسعًا ضد الإخوان بالكويت والخليج عمومًا، ولم يقف التحريض على عناصر الإخوان بمصر، بل امتد إلى إخوان الكويت؛ بدعوى أنهم يدعمون الجماعة الأم بمصر، وطلب السيسي خلال المباحثات "تكثيف التعاون والعمل المشترك، فيما سماه "ملف مكافحة الإرهاب والمخططات التي تستهدف البلدان العربية".

ومنذ انقلاب 3 يوليو 2013، فإن قادة الانقلاب العسكري المدعوم من "الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية والسعودية والإمارات" يستهدفون الإسلاميين وكل من شارك في ثورة 25 يناير 2011م التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وارتكبت سلطات الانقلاب مجازر وحشية راح ضحيتها الآلاف، واعتقل أكثر من 100 ألف على مدار السنوات السبع الماضية، فيما تمكن الآلاف من الهجرة إلى بلدان أخرى خوفًا من الاضطهاد والظلم والقمع الوحشي.

ويسعى نظام الانقلاب إلى ملاحقة المعارضين له في الخارج، ويحاول بشتى الطرق التضييق عليهم وعلى تحركاتهم، وخاصةً عبر قوائم الإنتربول أو عبر الاتفاقيات الأمنية الثنائية المُوقعة بين مصر والدول الأخرى، وهو الأمر الذي كان نتيجته ترحيل عشرات - إن لم يكن مئات - المعارضين في الخارج إلى القاهرة، سواء كان ذلك بشكل معلن أو غير معلن.

ويخشى حقوقيون من انتقال عدوى الاضطهاد من مصر والسعودية والإمارات إلى الكويت التي عرفت بدورها المختلف عن سياق الإمارات والسعودية؛ فهي لم تصنف الجماعة منظمة إرهابية، بالإضافة إلى حرصها على إقامة ساحة تعايش آمن بين مكونات المجتمع، الذي يضم العديد من المكونات الإثنية والمذهبية، مع وجود جالية ضخمة من مختلف الجنسيات التي تعمل في الدولة بسلام.