لقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نواسي المصابين. لقد كان ينفذ ببصيرته في أعماق نفوس صحابته الكرام فيشعر بآلامهم وهمومهم، وانظروا إلى مواقفه التي تقطر رقة ودقة شعور، منها ما وقع مع جابر بن عبد الله حين استُشهد أبوه عبد الله بن حرام، فعن جابر بن عبد الله قال: لما قتل عبد الله بن عمرو بن حرام يوم أحد لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا جابرُ ما لي أراكَ منكسِرًا؟ قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ استُشْهِدَ أبي قُتِلَ يومَ أُحُدٍ، وترَكَ عيالًا ودَينًا، قالَ: أفلَا أبشِّرُكَ بما لقيَ اللَّهُ بِهِ أباكَ؟) قلتُ: بلَى يا رسولَ اللَّهِ قالَ: ما كلَّمَ اللَّهُ أحدًا قطُّ إلَّا من وراءِ حجابِه وأحيى أباكَ فَكَلَّمَهُ كِفاحًا فقالَ: يا عَبدي تَمنَّ عليَّ أُعْطِكَ قالَ: يا ربِّ تُحييني فأقتلَ فيكَ ثانيةً قالَ الرَّبُّ تبارك وتعالَى: إنَّهُ قد سبقَ منِّي أنَّهم إليها لَا يُرجَعونَ قالَ: وأُنْزِلَت هذِه (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).

فانظر لقوله: "إني أراك منكسرا" عالمنا المعاصر جعل معظم الناس يدورون حول أنفسهم ولا يكترثون لمعاناة غيرهم حول العالم. "إني أراك منكسرا" اقتربْ من الناس، اقتربْ من كل مهموم وملهوف، تحسس أحوال من حولك وكن معهم بما تقدر عليه. "أفلا أبشرك" ويالها من بشارة ومكانة سامقة، فماذا يريد المرء لأحبابه أعظم من أن يكونوا: (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ).

بوارق أمل

إن أمتنا اليوم تعيش على امتداد رقعتها مرحلة تاريخية شديدة الوطأة، تستهدف تلك الحملة الضارية دينها وأوطانها ومقدراتها وحاضرها ومستقبلها، وتتوسل في سبيل ذلك بكل أفَّاك أثيم لا يرعى عهدا ولا ذمة ولا خُلقا، وقد نجحت تلك الحملة المسعورة في دحرجة الأمة إلى واد سحيق، وأصبحت كالغنم في يوم شاتٍ، وفي كل يوم نرى ونسمع ما يُحزن القلب ويبعث على الأسى، من تشريد وسجن وقتل وتعذيب للأحرار والشرفاء واغتيال لأحلام الشباب واستباحة كل المحرمات حتى ضاقت القلوب وبلغت الحناجر وأصبحنا نقول: هل من سبيل؟ ماذا بعد؟ متى يتوقف الطغاة عن جرائمهم البشعة؟ ألهم أعين يبصرون بها؟ أم لهم آذان يسمعون بها؟ هل عَمِيت بصائرهم؟ هل لهم قلوب كقلوب البشر أم أن خِصال الوحوش الكاسرة كافَّة قد استوطنتهم؟

قبل سنوات وأنا ألتقى شبابا يمتلكون عقولا نيرة، وأرواحا زاكية، وقلوبا طاهرة، وهمَّة ورغبة في عمل الخير واسعة، ونشاطا وحركة متواصلة في سبيل رفعة ونهضة الأمة في مصر وسوريا وتونس واليمن وغيرها من الأوطان، وبعد هذه الأعوام تبدلت أحوال كثير منهم بعد وأْد الحرية المأمولة، وتغيَّر كل شيء في أعينهم، بعد أن أصبح منهم الشريد والسجين ومن واراهم الثرى، وقد خلَّفوا وراءهم قلوبا منكسرة وأعينا بالدمع مُنهمرة.

فهل من قامات منتصبة وهامات مرفوعة وسط هذا الركام؟ هل من بوارق أمل تبدد ظلام الواقع وتعيد للحق صولته وللعدل دولته؟ نعم وبكل اعتزاز إننا لنرى وراء الأفق أشعة من نور حق يزهق الله به ظلمة الباطل، بل نرى الآن صُورا ومشاهد تزيد المؤمن إيمانا لتؤكد أن الحالة المؤلمة التي تعيشها الأمة لن تدوم، وسيجعل الله من بعد عسر يسرا، وتلكم بعض بوارق الأمل..

أمهات ثكلن أولادهن على أرض فلسطين وسط الحصار الجائر وإذ بهن يستقبلن قدر الله بقلب منيب وبرضا عجيب وأمل في رب العباد أن يقبل ويرضى ويقين بالنصر ولو بعد حين .ورجل فقير في بيت المقدس يُسَاوَم على بيع بيته الصغير بملايين الدولارات ويأبَى، لأنه يملك نَفْسا لا تباع بأموال العالم كله .وفي مصر أمهات فُجِعن بأبنائهن على يد الطاغية، لكننا رأينا منهن ثباتًا وصبرًا عَزَّ نظيره، وقُل مثل ذلك في زوجة غيب زوجها أو عائلها وهي تواصل مسيرة تربية أبنائها رغم الظروف القاهرة، وطفلة صغيرة لم يملك أبوها أن يضع قبلة على جبينها مثل سائر الآباء، ومع حزن القلب والإحساس بالقهر إلا أن العزم والإيمان يبقى لهم خير معين وظهير.

نرى رجالا ونساءً وشبابا في زمن المحنة يجددون عهد مصعب بن عمير وصهيب الرومي وخُبَيْب بن عدي وأسماء بنت أبي بكر والخنساء وغيرهم ممن قال الله فيهم: "فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِين"، ويَعجب المرء ويتساءل: من أين لهم كل هذا الصبر والتسليم؟ ويأتي الجواب: إنك لا تدري يا مسكين أن هناك شيئا لا يكتسب بالمال ولا بقوة السلطان إنما بأن يُفرِغ الله مقادير من الرضا على قلب من سلَّم له وناداه "وأسألك الرضا عند القضاء".

أتتذكر أم موسى؟ هل تدرك ما معنى أن ترمي بروحها وقطعة من قلبها في اليَم؟ كيف جرى هذا؟ السر يسكن في قول ربنا الرحمن جل في علاه: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} فيا كل مسكون بالخوف، أو الهم والحزن، أو يا مَنْ فُجِعتَ بحبيب، قل لمن لا يغفل ولا ينام: اربط على قلبي وارضني. قل كما قال سحرة فرعون لما آمنوا وأيقنت قلوبهم بفاطر السماوات والأرض "رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ".

واعلم أن كل لحظة ألم، وكل دمعة عزيزة، وكل صرخة انطلقت من صدر مكلوم، وكل ساعة غربة باعدت بين الأحبة والأهل لن تضيع عند الله تعالى، بل هي نور وهدى ورحمة وبشارة عاجلة من الله ، وتأمل معي قول الله تبارك وتعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.. فهل بعد هذا الفوز من فوز؟ اللهم لا. كما أننا نوقن بسنَّة الله في هلاك الظالمين، وقصص القرآن الكريم وتاريخ الأمم والشعوب منذ آلاف السنين شاهد على ذلك ومؤكد عليه.

موازين الربح والخسارة

يظن البعض أن ميزان الربح أن تتحقق غاياتك البعيدة كاملة وتقطف ثمارها بنفسك، والحق أن ميزان الربح الحقيقي أن تكون مستقيما مع الله، وأن تثبت على مبادئك، وأن تستفرغ طاقتك كاملة في سبيل الوصول لأهدافك النبيلة مستمطرًا من الله العون والسداد، عاملاً متعاونًا على الخير مع كل مُتَشوِّف لنفع العباد وإصلاح البلاد، يأمل في رب العالمين القبول والرضا.

ما هو الخسران؟

 - الخسران أن يتمكن منك اليأس فتقعد، وتُشمت بك عدوك وتترك طريقا للحق خَطوْت عليه زمانا وغرست فيه أشجارا قاربت على الإنبات والإزهار لو أنك تترَّستَ بالصبر.

 - والخسران أن تخطئ وتتعامي عن الخطأ.

-  والخسران أن تواصل الخطأ وتصم أذنيك عن كل ناصح أمين.

-  والخسران أن تتجاهل تجارب الآخرين الناجحة والفاشلة فتستلهم من الأولى وتعتبر من الأخرى.

- والخسران أن تغفل عن عيوبك ولا تحاسب نفسك لتعرف مواطن القوة والضعف وأسباب النجاح والتراجع.

لقد بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعوة ونال منه الأذى ما نال، وبلغ منه الجهد، وواصل الليل بالنهار داعيا إلى بإذنه وسراجا منيرا وفارق الحياة ولم يتجاوز الإسلام ربوع الجزيرة، بيد أنه أكمل رسالته وأتم دعوته وربى جيلا أكمل الغايات وبلغ بالإسلام المدى.

وكل دعوة صالحة أو باطلة تبدأ ضعيفة ثم تنمو وتقوى مع تواصل الجهود ودقتها، والوقت جزء من التدبير. ولا يصح أن نيأس لجولة خسرناها، بل نتوقف ونتعلم وننظر للمستقبل، فالأيام دول، والدهر يتقلب بأهله، والصغير يكبر، والضعيف يقوي، وبنيان الظلم ينهار، وتلك سنة الله في الكون ولن تجد لها تبديلا.

ولو وقفنا مع القرآن العظيم لوجدنا أن الله تعالى عاتب الرسول صلى الله عليه وسلم في مواقف عديدة -عبس وتولى- صلاته على زعيم المنافقين وما هذا إلا لتتعلم الأمه ولا تغفل عن خطأ مهما يكن صغيرا، وفي بدر قال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) وحذرَنا من التنازع والتفرق لأنه قرين الضعف والهوان فقال (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) وعند حلول الهزيمة يوضَّح السبب فيما يَحل بنا فيقول تعالى: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

كيف نتجاوز اللحظة الراهنة؟

إن ما يضيق به صدور المؤمنين أن يصل بنا الحال عند الشدائد لحد التورط في التلاوم الدائم، والاستغراق في جَلْد الذات، والبكاء طويلا على فرص أضعناها دون النظر في الحلول، وتجاوز العثار وإتاحة الفرصة لتعدد الاجتهادات وتقديرها.

علينا أن ندرك طبيعة المرحلة التي نعيشها، ولا نغالب سنن الحياة، والواجب أن ننظر للحظة الآنية أنها من الماضي، ولا أقصد التكاسل عن العمل، إنما أعنى تجاوز اللحظة الحرجة وأنها لن تبقى، ستكون صفحة من التاريخ، وبالتالي لا يصح أن نترك الأحداث تستوعبنا دون التخطيط للمستقبل.

عندما تنظر إلى بُحيرة ماء عليك أن تتذكر أنها تتكون من جزيئات صغيرة، وما أريد قوله هنا: إن الأمَّة في وقتنا الحالي في كافة الأوطان بحاجة لتحقيق نجاحات وإنجازات فردية وجماعية في كافة التخصصات والمجالات، وهكذا إن أردت إعادة إعمار مدينة تهدمت أو بناءٍ تصدع، فإنه يتطلب منك تخطيطا هندسيا دقيقا وتوفير الطاقات ومواد البناء اللازمة.

فإلى كل الشباب الذين يتوقون لنهضة بلادهم وقد تفرقوا في أصقاع الدنيا.. ابذلوا وسعكم في تحصيل أعلى الدرجات العلمية، وتشبيك علاقات واكتساب خبرات، حتى إذا دَنَت الحقيقة قدَّمتم ما ينفع البلاد ويصلح العباد. ولا أعني أن يعيش الشباب معزولاً عن أي مجتمع يعيش فيه أو لا يتفاعل مع قضاياه، فالمسلم كالغيث أينما وقع نفع، لكننا نتحدث عن دورنا مع قضايا الأمة في كل مكان وضرورة النهوض بحالها إلى المستوى الذي أراده الله لها. واستعينوا بالله واصبروا، وساعة اليسر وزوال الغمة عند العليم الحكيم، لا يُجلِّيها لوقتها إلا هو، ولكل شيء حين، ولكل أجَل كتاب، وإنما ينظر الله لصلاح أعمالنا وطهارة قلوبنا، ولا يعجل بعَجلة أحدنا (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).

التمحيص سنة ماضية

يقول أبو الطيب المتنبي:

عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ *** وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ

وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها *** وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ

إن كانت الدرجات في الدنيا تُنال بقدر بلاء الفرد وكَدِّه، فإن درجات القرب من الله ونيل رضاه والظفر بجنته يتطلب تهيأً أكبر وبذل جهود كبيرة، وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة" رواه الترمذي، وقال تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ).

وتتبع النصوص من القرآن والسنة في هذا المقام يطول، إننى وغيري نشعر بالحزن الشديد عند مشهد كل أم انشطر قلبها على ولدها الغريب أو الأسير أو الشهيد، وعلى كل زوجة حيل بينها وبين زوجها، وكان أكثر ما تحصل عليه من وصاله أن تُلقى له إشارة بيديها وهو خلف قضبان الطغاة، وكم نذرف دمعا على طفلة أو طفل حرم من أبيه وأصبح يتقلب على فراشه يتحسس مكان والده، أو ينتظر عودته ليرتمي بين أحضانه مجددا.

ثم أستيقظ وأقول لنفسي: أولم يجبر الله كسر قلب كل محزون ومبتلى بأول نظرة للجنة تنسيه كل بلاء؟ أولم يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أهل البلاء يتمنوا أن يعودوا إلى الدنيا لينالوا أضعاف ما نالوه من البلاء لما رأوا من الكرامة في الآخرة؟ أولم يُصَب هو صلى الله عليه وسلم في بدنه وعرضه، ولمَّا سال الدم من إصبعه الشريف نظر إليه قائلا: وهل أنت إلا إصبع دمِيت وفي سبيل الله ما لقيت؟! ألم يُقَدم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أعز ما لديهم، وكل آمالهم أن يرضى الله ويقبل منهم؟! رحم الله ابن عطاء السكندري حينما قال: ربما أعطاك فمنعك وربما منعك فأعطاك، وإذا فهمت حقيقة المنع حقيقة المنع هو عين العطاء "

لماذا الحزن إذًا؟

الحزن.. وهل يتعارض الحزن مع الإيمان؟ لا ينفي فقد قال صلى الله عليه وسلم عند فراق ولده إبراهيم إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، عَلِم الله أنني لستُ في موقع الناصح لأحد، إنما هي كلمات أخاطب بها نفسي أسليها وأشارك كل مهتم بشأن أمتنا، ولعلها تخفف شيئا عن كل مصاب، فإن أصبت في شيء فمن الله الكريم، وإن تجاوزت أو سهوت فمن غفلتي ونفسي، والخيرَ أردت.

فهنيئا لمن لقى الله ثابتا على الحق، وهنيئا لأهله وأحبابه، وحُق لهم أن يعيشوا مرفوعي الرأس في الدنيا مُؤملين في ربنا الودود حسن العاقبة في الدنيا والآخرة. (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).