لا تزال الحكومة الهندية تواصل ممارساتها القمعية ضد الأغلبية المسلمة في إقليم جامو وكشمير الذي تحتله الهند منذ عام 1947م، وتتنازع معها باكستان عليه، فتلك الحكومة لا تتورع عن استخدام أبشع الوسائل والقرارات الشيطانية لقمع انتفاضة شعب كشمير المسلم، وتصفية شبابه وأطفاله ومحو الهوية الإسلامية, خوفَا من أن يأتي يوم يحرر فيه المسلمون أرضهم وعرضهم، ويطهرون فيه ديارهم من رجس عبدة الأبقار والأوثان.

ففي 5 أغسطس الماضي أعلنت الحكومة الهندية - منفردة ومهدرة كل المواثيق الدولية - عن إلغاء الحكم الذاتي الدستوري في ولاية جامو وكشمير، بموجب مرسوم رئاسي يدخل "حيز التنفيذ فورًا"، فمن هم مسلمو كشمير؟ وما هي قضيتهم؟

كشمير مسلمة

تبلغ مساحة كشمير بشقيها الحر والمحتل 240 ألف كيلو متر مربع, ويبلغ عدد سكانها أكثر من 12 مليون نسمة؛ 85% منهم يدينون بالإسلام، بينما الباقون أخلاط من الهندوس والسيخ والبوذيين وغيرهم, وعلى خلاف مزاعم الهنود فإن أهل كشمير لا ينتمون إلى العرق الهندي؛ لأنهم بيض البشرة طوال الأجسام، ولهم لغة خاصة بهم لا تُشبه أية لغة من اللغات الهندية.

دخل الإسلام إقليم كشمير في القرن الثامن الهجري على يد مسلم تركستاني هو "بلبل شاه" الذي نشر دعوة الحق في ربوع البلد, وتوجت جهوده بإسلام حاكم كشمير الهندوسي "رنجن شاه", وضمها جلال الدين أكبر عام 1587 إلى دولة المغول الإسلامية، وبنى فيها الإمبراطور المغولي حدائق "شاليمار"، قبل أن يدخلها الإنجليز عام 1839م.

بداية الصراع

وبدأ جذور الصراع الهندي الباكستاني حول كشمير عام 1947، عندما اندلعت ثورة مسلحة في إقليم بونش الواقع وسط كشمير، وتمكن الثوار من إقامة أول حكومة في إقليم آزاد كشمير بمساعدة باكستانية، وفي العام نفسه قامت جماعات إرهابية من الهندوس والسيخ بمذابح طائفية أدت إلى فرار 5 ملايين مسلم باتجاه آزاد كشمير، فتدخلت القبائل الباكستانية في الحرب (أكتوبر 1947).

وسيطرت على أغلب مناطق كشمير بمساعدة باكستانية، وعند هذا الحد، أعلن مهراجا كشمير انضمامها للهند طالبًا الاستعانة بالقوات الهندية التي دخلت كشمير فى نفس الشهر، وهزمت قوات القبائل أمام الجيش الهندي وتدخل الجيش الباكستاني في الحرب عام 1948, وعليه دخلت الهند وباكستان في مفاوضات حول كشمير.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن نحو 50 ألف شخص قتلوا في الصراع في العقود الثلاثة الأخيرة.

إلغاء الحكم الذاتي

وفي 5 أغسطس الماضي، أعلنت الحكومة الهندية إلغاء الحكم الذاتي الدستوري في ولاية جامو وكشمير، بموجب مرسوم رئاسي يدخل "حيز التنفيذ فورًا".

وينذر القرار الذي سبقته إجراءات أمنية مشددة تضمنت وضع زعماء بالولاية قيد الإقامة الجبرية وتعليق خدمات الهاتف والإنترنت، بتصعيد التوتر بين الهند وجارتها باكستان، التي سارعت بالتنديد بالقرار.

من جانبها، اعتبرت باكستان قرار الهند خطوة "غير شرعية"، مؤكدة أن المنطقة، التي تشهد تمردًا انفصاليًّا وتطالب إسلام أباد بالسيادة عليها، معترفًا بها دوليًا كأرض متنازع عليها.

وأكدت الخارجية الباكستانية - في بيان - "تندد باكستان بشدة وترفض الإعلان" الصادر الإثنين من نيودلهي، مضيفةً: "لا يمكن لأي إجراء أحادي الجانب من الحكومة الهندية أن يغير الوضع المتنازع عليه، وكجزء من هذا النزاع الدولي، ستفعل باكستان كل ما بوسعها للتصدي للإجراءات غير الشرعية".

ورأت أن الخطوة - التي "ترفضها" إسلام أباد "بشدة وتندد بها" - لن تكون "مقبولة أبدا لشعب جامو وكشمير وباكستان".

وتابع البيان: "تعيد باكستان تأكيد التزامها الثابت بقضية كشمير، ودعمها السياسي والدبلوماسي والمعنوي لشعب جامو وكشمير المحتلة من أجل التوصل لحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير".

من جهتهم، حذر الزعماء السياسيون في كشمير من أن إلغاء القانون سيثير اضطرابات على نطاق واسع في الإقليم الذي يشكل سببًا رئيسًا للتوتر بين الهند وباكستان على مدار نحو 70 عامًا.

عقود من الاضطهاد

ومنذ اللحظة الأولى لفترة الاحتلال التي دامت أكثر من 72 عامًا حتى الآن، لم تتوقف الجرائم الوحشية ضد أبناء كشمير المحتلة.

ومن الواضح أن الممارسات الهندوسية تندرج في إطار مخطط متكامل للتطهير العرقي بعيد المدى, فهناك الإبادة الجماعية للرجال رميًا بالرصاص أو ذبحًا بالسكاكين والمدى أو حرقًا بالنار أو بإلقاء أحماض كيميائية قاتلة على رءوس وأجساد الضحايا وهناك الاعتقال العشوائي المقترن بتعذيب عشرات الألوف بلا محاكمات أو تحقيقات عادلة، وإحراق المتاجر والمنازل والزراعات على أوسع نطاق وحظر التجوال معظم الوقت وبتر الأطراف.. إلخ.

إدانات حقوقية

وقالت منظمة العفو الدولية: "إن القوات الهندية تورطت في انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان من بينها عمليات إعدام بدون محاكمة وجرائم اغتصاب وتعذيب واغتيال للعاملين في الرعاية الصحية بصورة متعمدة، وقد أسهمت نيودلهي في ازدياد انتهاكات حقوق الإنسان بعدم تقديم جنودها وضباطها الذين ارتكبوا المخالفات إلى المحاكمة", وكذلك (الاكتفاء بعقوبة ضئيلة مثل وقف الترقية أو تسجيل ملاحظات بلفت النظر في ملفات أفراد القوات المسلحة رغم خطورة الجرائم التي ارتكبوها مثل الاغتيال والاغتصاب).

وتصف منظمة (آسيا ووتش) عمليات القتل الجماعي لمئات المعتقلين أسبوعيًا داخل السجون بأنها "جرائم يجري تصويرها على أنها مسألة سياسية بحتة"!! وتهاجم المنظمة الدولية حكومة الهند بشدة، وتتهمها بالتراخي في معاقبة الفاعلين في مثل هذه الجرائم الخطيرة والتستر عليهم في أغلب الأحيان.

منظمة دولية ثالثة هي الرابطة الدولية لمنظمات حقوق الإنسان أدانت أعمال التعذيب والاغتصاب والقتل التي ترتكبها القوات الهندية في كشمير، وأكدت أن عددًا كبيرًا من الضحايا هم من الثوار المطالبين بالاستقلال أو المتعاطفين معهم، ونقل تقرير المنظمة شهادات وأقوال شهود عيان بشأن جرائم التعذيب الوحشي والاغتصاب وإطلاق النار عشوائيًا على المواطنين.

وقالت المنظمة الدولية: "إن الاجراءات التي تدعي الهند أنها تتخذها دفاعًا عن النفس لا يمكن أن تكون مبررًا لوحشيتها وإهدارها للقوانين والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان"، وأكدت أن التعذيب للحصول على معلومات من المعتقلين أثناء التحقيقات هو عملية شائعة في معسكرات الاستجواب الهندية.

واختتمت المنظمة التي تتخذ من باريس مقرًا لها تقريرها بمطالبة السلطات الهندية باحترام حقوق الإنسان في كشمير وغيرها من المناطق، وإيجاد حل عادل وسلمي للقضية طبقًا لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن التي توجب إعطاء الكشميريين حق تقرير المصير، وسحب قوات الاحتلال الهندي من الولاية ذات الأغلبية المسلمة.

وأعربت المنظمة الألمانية عن قلقها البالغ بشأن أوضاع مئات الألوف من المفكرين والمثقفين والأبرياء والمعتقلين بدون محاكمة، كما أدانت بشدة عمليات قتل المحتجزين على نطاق واسع، وكذلك قتل المدافعين عن حقوق الإنسان في كشمير، مؤكدة أن هذه الإجراءات الإجرامية لن ترهب أنصار ودعاة حقوق الإنسان.