مثلت نظرة جماعة الإخوان المسلمون وعلاقتها بالغرب واحدة من أهم الإشكاليات في تاريخ الجماعة؛ حيث مثلت مادة ثرية للباحثين والإعلاميين حتى السياسيين في محاولة لتوتير العلاقات بين الإخوان والمجتمعات الغربية، وتصدير المشهد أن الإخوان يعملون على هدم الحضارة الغربية ونشر الأصولية الإسلامية بين الأجيال الناشئة في الغرب، وانطلقت صيحات التحذير، سواء من الحكومات العربية الكارهة لجماعة الإخوان، أو من جماعات الضغط الغربية التي تخشى زيادة نفوذ الإخوان وفكرهم الإسلامي في الدول الغربية.

حيث تناولَ هذا الموضوعَ كثيرٌ من الصحفيين والباحثين وعمدوا إلى الخلط بين كتابات الإخوان ضد المستعمر الغربي الجاسم على الأراضي العربية والإسلامية وعلاقتهم بالشعوب الغربية نفسها، ولم يفرقوا بين ما كتبه الإخوان ضد الدول الاستعمارية وبين نظرة الإخوان للشعوب الغربية المسالمة

ومن ضمن الكتابات التي صدرت كتاب "الإخوان المسلمون والغرب.. تاريخ من العداء والمشاركة لمارتين فرامبتون" (Martyn Frampton)" حيث رصد فيه – من وجهة نظرة - تأرجح سلوك جماعة الإخوان المسلمين تجاه الغرب منذ تأسيسها على يد "حسن البنا" عام 1928م بين القلق والارتياب، والحاجة إلى التعامل معها؛ لذا حاول الخبراء والمسئولون في الغرب فهم الجماعة؛ إما لغرض احتضانها باعتبارها طرفا معتدلا، خاصة عند مقارنتها مع تيارات الإسلام الأخرى الأكثر تشددًا؛ حيث بنى مارتين فرامبتون وجهة نظرة على مواقف الإخوان المتشددة تجاه الاستعمار ومقاومته والمطالبة برحيله عن الأراضي الإسلامية، فعمم ذلك أن الإخوان معادون للغرب حتمًا.. حيث يقول: إن جماعة الإخوان المسلمين معادية حتمًا للغرب، ويعود ذلك للظروف السياسية التي ظهرت فيها الحركة باعتبارها حركة معادية للاستعمار البريطاني والغرب الذي طالما اتهمته الجماعة بالتسبب في ضياع دولة فلسطين وإسقاط الخلافة العثمانية وعلى الرغم من عدم توافق الغرب مع فكر أعضائها لكنهم يتعاملون معها بصورة عادية، وهو ما يفسر البراجماتية التي يتعاطى بها الغرب الذي يبدو الأكثر استعدادًا للدخول في حوار بهدف التعاون والمنفعة المتبادلة معهم.

ويعتبر "فرامبتون" أن هناك عقدة في رؤية الغرب لتنظيم الإخوان المسلمين منذ الثلاثينيات بسبب أيديولوجيتهم التي وصفها البريطانيون بـ"الظلامية"، أو "المنغلقة"، والمعادية للآخر واعتبر المسئولون البريطانيون أن فكرة التواصل مع الإخوان تقوم على تحقيق مصالح سياسية آنية تتعلق بإضعاف الحركات المناوئة لهم وعالج الكاتب في هذا القسم من الكتاب جذور العلاقة التي جمعت الإخوان المسلمين بالغرب، وكيف برزت علاقة مركبة ومتشابكة بالتركيز على الفترة الممتدة ما بين 1928-1939، وأطلق عليها فيما بعد "سياسة أفضل الأعداء".

ويضيف: "تزايد قلق الغرب من حركة الإخوان المسلمين بعد اندماجها في العمل السياسي، وتمددها في المجال العام وفي هذا السياق، أشار المفوض البريطاني في مذكرة أرسلها لحكومته عام 1936 عن خطر تمدد الجماعة في المجال العام المصري، وهو ما دلل عليه بتضاعف أعداد الجمعيات الإسلامية التي تمارس أدوارًا اجتماعية وخيرية داخل المجتمع المصري، واعتبر أن هذا السلوك يمثل ريبة وشك خاصة أن هذه الجماعات لا يأتي من ورائها خيرًا.

مرَّت العلاقة بين جماعة الإخوان والغرب بمحطات من عدم الثقة، خاصة أن المنهج الفكري الذي أقرَّه "البنا" للجماعة يقوم على تحميل الغرب المسئولية عن ضياع أرض فلسطين، وإسقاط الخلافة العثمانية، لذا جاءت فكرة تأسيس الجماعة على أساس مواجهة الهيمنة الغربية على المجتمعات المسلمة، بل ومحاولة تقديم بديلًا لها، وعلى الرغم من حالة عدم اليقين، وغياب الموثوقية بين الطرفين، إلا أن الغرب اعتبر الحركة حصنًا يمكن استغلاله ضد تنامي الفكر الشيوعي في فترة التحرر الوطني التي بدأت في الخمسينيات، وهو ما عكس تخوفهم من تحول هذه الحركات إلى ما يشبه "حصان طروادة" للشيوعية.

ويميل الغرب في علاقته مع جماعة الإخوان منذ تأسيسها إلى المفاضلة ما بين الحركات الإسلامية "المتشددة"، و"المعتدلة"، أو "الحمائم" في مقابل "الصقور" وشهدت علاقة الغرب خاصة الولايات المتحدة الأمريكية والإخوان تحولًا جديدًا بعد أحداث 11 أيلول - سبتمبر التي أفرزت نمط الإسلام الجهادي؛ حيث اعتبر الغرب جماعة الإخوان بمثابة "جدار الحماية" ضد القوى الإسلامية الأكثر تطرفًا كالقاعدة والجهاد، وهو ما يعيدنا إلى السياسة التي انتهجتها بريطانيا في التعاطي مع جماعة الإخوان المسلمين منذ البداية باعتبارهم "أفضل الاعداء"، وبالتالي قامت العلاقة بين الغرب والجماعة على أساس البحث عن شركاء معتدلين، أو أقل تطرفًا عن غيرهم.

وأضاف فرامبتون: "في يوليو 1941 أعد مكتب 5 MI في القاهرة تقريرًا نصح فيه بريطانيا بالاستمرار في دعم ومساندة الوفد ولكن عليها أيضًا إقامة علاقة غير رسمية ومتعاطفة مع حسن البنا باعتباره زعيمًا ثانيًا لأكبر حركة شعبية في مصر مع شرح الموقف للنحاس حتى لا يعتقد أن البريطانيين ينافسونه مع حسن البنا".

وذكر أن هذا الأسلوب ربما يساعد في تحويل الإخوان إلى الليبرالية وأن الانفتاح عليهم سيساعد في تحويلهم إلى معتدلين وقد جرى خلاف داخل أجهزة الأمن البريطانية حول الإخوان والتعامل معهم وذهبت إحدى وجهات النظر إلى أن الوفد أقوى وأكثر ثقة فيه من الإخوان بخلافاتهم وآرائهم المتطرفة بينما ذهب فريق آخر من الأجهزة البريطانية إلى أن دعمهم للإخوان سيحولهم للتطرف والقتل بدرجة أكبر وإن الإخوان لجؤوا لإحداث خلاف داخل الحكومة البريطانية في إطار وزارة الخارجية التي أيد فريق منها موقف الاستخبارات بالانفتاح على الإخوان في أكتوبر 1943 وأن لهم شعبية وخشي فريق آخر من أن التقارب مع الإخوان سوف يثير النحاس وأن تقوية الإخوان ستعزز علاقتهم بالقصر الملكي وقد يتحولون للعب دور مستقل وذهب فريق ثالث إلى أن الإخوان يخشون أن يخونهم الوفد.

وأكد فرامبتون محاولة الغرب رشوة البنا فيقول: "لم يتنبه البريطانيون إلى الإخوان المسلمين إلا عند مشاركتهم في الثورة العربية الكبرى في فلسطين (1936-1939)، عندما حاولوا رشوة البنا من أجل التوقف عن المشاركة في الثورة وقد ساهم الإخوان بعد الحرب العالمية الثانية في المواجهات العسكرية المسلحة ضد البريطانيين.

لم تتوقف الكتابات عند ذلك بل حاول بعض الباحثين والصحفيين – خاصة الصحفيين والكتاب العرب – تجذير أصول أن الإخوان صنيعة الغرب، وأنه صنعها لضرب الحركات الوطنية، وأنها كانت تتلقى المعونات المالية سواء من بريطانيا أو ألمانيا، خاصة في بداية نشأتها، فتوقيت تأسيس الجماعة نفسه كان عاملا مهمًّا جدًّا في تحديد مسار هذه العلاقة فالظروف المحيطة بنشأة الجماعة ووجود مصر تحت الاحتلال البريطاني في ذلك الوقت - وللإنصاف لا بد أن نذكر أن الظروف السياسية والاجتماعية المحيطة بنشأة الجماعة كانت لها دور كبير جدًّا في تشكيل الأفكار والمعتقدات ونظرة الإخوان للغرب.

الغرب وجماعات الإسلام السياسي

الحقيقة التي يريد أن يتجاهلها الجميع هي اختلاف الأيديولوجيات بين الإسلام وساسة الغرب خاصة الذين لا يريدون لهذا الدين التواجد، وإن تواجد فلا بد أن يكون محصورًا في المساجد والبدع والخرافات، وهي السبل التي يرضى عنها ساسة الغرب من أجل أن تظل هذه الشعوب سوقًا مفتوحًا أمام كل ما هو غربي، سواء سياسيًا أو اقتصاديًا أو ثقافيًا وغيرها.

فحكام دول الغرب لا تريد لأي دولة إسلامية منافستها الريادة والزعامة، ولا تريد لهذه الشعوب معرفة حقيقة دينها الذي يفرض عليهم عدم الذل والاستعباد لأي أمة من الأمم، كما يفرض عليهم الجد والعمل والسعي وراء العلم للازدهار والتقدم، وهذه أمور تقلق ساسة الغرب الذين يرون في الإسلام مارد سيكون عقبة أمام نفوذهم ويعملون على تخويف شعوبهم منها حتى لا يتغلغل هذا الدين وسطهم.

أصبح واقعنا الآن يعيش فيه عالم مفتوح وتحتاج الشعوب للكثير من الموارد، وهذا جهد يقع على الساسة الذين يحكمون البلاد، ومن ثم ليحافظ كل سياسي على مكانته يسعى لتحقيق مطالب شعبه على حساب بقية الشعوب، وربما تقوم التحالفات من أجل تبادل المصالح، وهذا ما يدفع دول الغرب للبحث عن الموارد الطبيعية في الدول الفقيرة والتي لا تحسن استغلالها.

ومن ثم كان هذا دافعًا قويًّا وراء العمل على إبقاء هذه الشعوب ترزح في محيط الجهل والتخلف. لقد جاء سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991م بتداعيات كثيرة، حينما نظر الساسة الغربيون للإسلام وانتشاره الكبير بأنه يمثل الخطر الأعظم على حضاراتهم التي أقاموها – جهلا بتعاليم الدين الإسلامي الذي لا يحض على الكراهية أو يتمنى الشر لأحد - وهذا ما ذكره مسئول فرنسي كبير في التسعينيات هو جاك بومل حول استمرار حلف الأطلنطي رغم انتهاء مهمته.

فيقول: "عمد أصحاب المصالح إلى تضخيم قوة المسلمين مع تصويرهم كعدوٍّ مخيف من أجل إبقاء الحلف، وبالتالي لزم اصطناع حروب تستهلك الأسلحة، وتفتح الباب للأموال القادمة من خزائن الدول الأخرى ثمنًا للسلاح، وثمنًا لمساعدة الغرب العسكرية لها".

وليس ذلك فحسب، بل يوجد جزء كبير عقدي وخوفًا من تغلب هذا الدين في بلدانهم فتدين البلاد لهذا الدين، وغير ذلك من الأمور التي دفعت الغرب لخلق كينونات وهمية من داخل المسلمين لصرف المسلمين عن معنى الدين الحقيقي وبث الفرقة فيما بينهم، فظهرت البهائية والبابية والسبئية وغيرها الكثير والذين بثوا في النفوس الركون للدعة والرضى بما يعطيه لهم ساسة الغرب.

أمام ذلك كوّن الغرب المراكز البحثية التي أصبح جلّ عملها هو دراسة جميع الحركات الإسلامية التي تظهر على الساحة ودراسة جوانب القوة ونقاط الضعف، وفرص انتشارها، والتهديدات التي من الممكن أن تشكلها هذه الحركات على مصالح الغرب، وأطلقوا سهام التشويه ضدها في محاولة منهم للقضاء عليها في المهد، رغم تبني مثل هذه الحركات الأسس الديمقراطية التي نادى بها الغرب.

كما أنهم وضعوا في مناهجهم ورؤيتهم المستقبلية النهوض بأوطانهم وامتلاك غذائهم ودوائهم وسلاحهم؛ مما كان دافعا كبير لتكالب الغرب عليهم لوقف امتدادهم، بل وربطوا هذه الحركات المعتدلة - مثل الإخوان المسلمين وحماس والجماعة الإسلامية بباكستان وغيرها من الجماعات التي حمل فكرها منهج الإسلام الشامل- بحركات التطرف والعنف وصوروا ذلك لشعوبهم الغربية، وصدرّوها بمساعدة أعوانهم من حكام العرب والمسلمين إلى الشعوب الإسلامية، وذلك في محاولة لحصار هذه الحركات أو على الأقل تقليل وتيرة انطلاقها نحو النهوض بأوطانهم، ومن ثم رأينا وصف الإخوان بالجماعة الإرهابية، وكذلك حماس مثلهم مثل داعش والقاعدة.

بل أكثر من ذلك ربطوا تجارب هذه الجماعات في الحكم ببعضها بعضًا، فحينما تسمع أو تشاهد تجدهم يضعون الإخوان في سلة واحدة مع تجربة طالبان والصومال وإيران، وغير ذلك، فاختلطت المفاهيم والمصطلحات لدى الجميع، وعلى الرغم من أن ساسة الغرب ومراكزهم البحثية يسعون لوضع هذا السياج بين هذه الحركات المعتدلة وشعوبهم فإن هذه الحركات وضعت نفسها في موضع الشبهات حينما لم تحسن التعامل مع الموقف ومع مجريات الأحداث.

ولم تستعمل لغة العصر في إقناع الشعوب الغربية أن هدفهم أن تعيش الإنسانية في حرية وديمقراطية دون أن يُفرض عليها ذلك، فقد عاش العالم الإسلامي في ضعف في نهاية حكم الدولة العثمانية، والتي تكالب على جسدها المتهالك معظم الدول الغربية لتمزيق هذا الجسد وبسط النفوذ والسيطرة على مقدرات وموارد هذه الدول.

وظل الأمر يزداد ضعفًا، حتى كانت القاضية التي وجهها مصطفى كمال أتاتورك بإلغاء الخلافة الإسلامية عام 1924م، فأصبح المسلمون بلا رأس تجمعهم، واستبعد الشريعة الإسلامية من المؤسسات التشريعية، وقام بتصفية رموز الإسلام والمحافظين؛ ما أدى إلى شعور دفاق لدى المسلمين الغيورين على دينهم بأن هناك خطرًا كبيرًا بات يتهدد الإسلام.

لا سيما بعد وقوع العديد من الدول الإسلامية تحت انتداب الدول الغربية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، وكذلك انتشار حركة القومية العربية ذات النزعة العلمانية المعارضة لتطبيق الشريعة الإسلامية، فكانت هذه العوامل سببًا مباشرًا لانتشار ما سمي بحركات الإسلام السياسي في كثير من الدول العربية والإسلامية؛ حيث تشكلت للتصدي للمحتل ولإيقاظ الوعي لدى الشعوب المحتلة، وغرس مفاهيم الجهاد، وهذا ما أزعج دول الغرب وخوّفها من هذه الحركات فقد انبثقت وظهرت حركة عز الدين القسام بفلسطين والإخوان المسلمين بمصر وجماعات عمر المختار بليبيا وعبدالكريم الخطابي بالمغرب وأبو بكر الجزائري في الجزائر والجماعة الإسلامية في الهند وباكستان وتشكلت هذه الجماعات..

وانتشرت وسط جموع الشعوب وتجنّد في إطارها كثير من الشباب الذي سعى لفهم دينه أو للعلو بوطنيته، وهو ما أقلق السياسة الغربيين، فسعوا لتحجيم هذه التيارات أو السيطرة عليها بكل السبل، أو الاستفادة منها لخدمة مشروعها، أو وأدها إن لزم الأمر، وهذا يتضح بصورة جلية في وصف بعض الكتابات الذين استشعروا قوة وخطورة هذه الحركات عليهم وعلى نفوذهم الاستعماري والصهيوني، فوضعوا الخطط لتشويه وتدمير هذه الحركات.

بل إن كثيرًا من التقارير الرسمية كمساجلات السفراء ووثائقهم، وتقارير المخابرات كانت تزيف في كثير من الأحيان لإدراكهم أنها ستظهر في يوم من الأيام للرأي العام، فأرادوا أن يرسخوا صورة سرية مشوهة لهذه الحركات الاسلامية واتهامهم بالعمالة السرية لهم؛ ليستغلها الكتاب والباحثون في ترسيخ الصورة المشوهة بعد سنوات؛ ليقتنع الرأي العام أن المراسلات السرية هي حقيقية مائة بالمائة.

ففي عام 1965م نشر الكاتب اليهودي "إيرل برغر" كتابًا بعنوان "العهد والسيف" قال فيه: "إن المبدأ الذي قام عليه وجود إسرائيل منذ البداية هو أن العرب لا بد أن يبادروا ذات يوم إلى التعاون معنا، ولكن هذا التعاون لن يتحقق إلا بعد القضاء على جميع العناصر التي تغذي شعور العداء ضد إسرائيل في العالم العربي وفي مقدمة هذه العناصر رجال الدين المتعصبين من أتباع الإخوان المسلمين.

ويقول الكولونيل اليهودي ناتنيال لورشي: "أول مشاركة مصرية في حرب فلسطين قام بها الإخوان المسلمون، الذين يعتبرون الاستعمار والصهيونية ألدَّ أعداء الإسلام، وكان محاربو الإخوان المسلمين يمتازون بروح قتالية متعصبة، وكانوا على استعداد واضح للتضحية بالحياة.

ويقول الكاتب الإنجليزي "توم ليتل": "إنَّ كلَّ الحركاتِ النشطة والعاملة في مصر بما فيها حزب الوفد اشتركت في العملياتِ الهجومية ضد قوات الجيش البريطاني المرابطة في قناة السويس، ولكن المصدر الذي انبعثت منه استراتيجية حرب العصابات ضد الإنجليز وإثارة الشغب ضدهم، تتمثل في جماعة الإخوان المسلمين المتوغلة في تطرفها الوطني".

كما ذكر الفرنسي جان فرنسوا لوغران في كتابه "الإسلاميون والنضال الوطني الفلسطيني في الأراضي المحتلة"؛ حيث تحدث عن تطور نشاطات الإخوان في الميدان العسكري من خلال جناحهم الجهادي حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين (حماس).

لهذه الأسباب والعوامل انطلقت سهام الغرب لوقف نشاط هذه الحركات الإسلامية فألصق بها صفة الإسلام السياسي وحصر نشاطها فقط حول الصراع على الحكم والوصول للسلطة، وسيطرة الحكم الديني على مقومات الحياة، لكن بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 م حاولت الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس الأمريكي "جورج بوش" إيجاد طريقة للحد من انتشار هذه الحركات.

فأعلنت الولايات المتحدة الحرب على "الإرهاب الإسلامي"، فعانت بعض الدول من ويلات الحرب الأمريكية، كما اكتوت كثير من الشعوب من الأنظمة الديكتاتورية، فجاء ذلك بأثر عكسي على سياسته؛ حيث دفعت الشعب للتلاحم حول هذه الحركات التي أخذت في الانتشار، وحققت نجاحات كثيرة على أرض الواقع، سواء في المجالس النيابية أو الحكومات التنفيذية.

في تركيا حقق حزب العدالة والتنمية بزعامة "رجب طيب أردوغان" النجاح الذي مكنه من تشكيل الحكومة وحدة، وفي ماليزيا برز محمد مهاتير بفكره الإسلامي، كما حقق الإخوان المسلمون نجاحا لفت الأنظار عام 2005م، وبعدها فازت حركة حماس بأغلبية في المجالس النيابية.

وشكلت "التنمية والعدالة" الحكومة في المغرب، وغيرها، مما حدا بالدول الغربية لدراسة هذه الظاهرة ووضع السبل لعرقلتها؛ حتى استيقظ العالم على انتفاضة الشعوب في تونس ثم مصر وسوريا واليمن، والتي أفزعت العالم بحركاتها العفوية، والتي اتضح فيما بعد أن الحركات الإسلامية تتولى زمام القيادة في هذه الانتفاضات الشعبية، فكان العمل على إجهاضها والقضاء عليها.

الإخوان والحكومات الغربية

كان لنشأة الإخوان في ظل وقوع البلاد تحت نير المحتل، خاصة البريطاني، تأثير في تطور فكر الإخوان ومنهجهم نحو الغرب – خاصة الدول الاستعمارية – وهو ما جعل كتابات الإمام حسن البنا وأنصاره تتميز بطابع الهجوم على هذه الدول الغربية الاستعمارية.

غير أن هناك سمة تباعد بين موقف الإخوان من الدول الاستعمارية وبين شعوبهم المسالمين؛ حيث لم يقبل الإخوان بوقوع وطنهم أسيرًا في قبضة أمة أخرى، واعتبر أن من حقهم الدفاع عن حرياتهم والعمل على تحرير بلادهم من المغتصب الغربي؛ حيث جاءت كتاباتهم ومواقفهم معبرة عن ذلك، وذلك وفق مجريات التاريخ وقت أن كان الوطن الإسلامي يعاني من ويلات المحتل الغربي، وهي الصورة التي تختلف – بالتأكيد – عن نظرة الإخوان وموقفهم من الشعوب الغربية الآن، غير أن الباحثين والصحفيين يحاولون استجلاب الماضي ليظهروه أمام الشعوب والحكومات الغربية الآن على أنه منهج فكري وحقيقة واقعية لسياسة وموقف الإخوان تجاه الغرب.

إن الذي يقرأ رسائل الإمام البنا، رحمه الله، يجد بوضوح لا لبس فيه أنه يحدد الموقف الإسلامي، وهو الحكم الشرعي من الدول الغربية المعتدية على بلاد المسلمين، ويذكر الدول الاستعمارية كبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها.

وبعد أن يحدثنا - رحمه الله - عن جرائم هذه الدول التي ارتكبتها بحق المسلمين في بلاد المسلمين يقرر أنّ الوطن الإسلامي وحدة لا يتجزأ وأن العدوان على جزء من أجزائه عدوان عليه كله، وأن على المسلمين أن يقاتلوا الدول المعتدية ويحرروا أوطانهم منها.

ويوصي شباب الدعوة بأن يبينوا للناس اعتداء الدول الكافرة وجرائمها بحق المسلمين، وأن يُعلموهم أن الإسلام لا يرضى من أبنائه بأقل من الحرية والاستقلال، فضلاً عن السيادة وإعلان الجهاد، ولو كلفهم ذلك الدم والمال، فالموت خير من هذه الحياة، حياة العبودية والرق والاستذلال، ويبشرهم بالنصر إن صدقوا الله في جهادهم مستدلاً بقوله تعالى: (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قويٌ عزيز (21)) "المجادلة"

ويضيف: "ولنا حساب بعد ذلك مع إنجلترا في الأقاليم الإسلامية التي تحتلها بغير حق، والتي يفرض الإسلام على أهلها وعلينا معهم أن نعمل لإنقاذها وخلاصها أما فرنسا التي ادعت صداقة الإسلام حينًا من الدهر فلها مع المسلمين حساب طويل، ولا ننسى لها هذا الموقف المخجل مع سوريا الشقيقة، ولا ننسى لها مواقفها في قضية المغرب الأقصى والظهير البربري، ولا ننسى أن كثيرًا من إخواننا الأعزاء شباب المغرب الأقصى الوطني الحر المجاهد في أعماق السجون.

لقد اتسم المنهج الفكري للإمام البنا بالتدرج في الخطوات للنهوض بالأمة والتصدي للمستعمر والعمل على تحرير الأوطان، وإقامة تعاون مشترك مع الدول المتقدمة للاستفادة من تقدمها العلمي، غير أنه وقف بكل قوة في وجه الاحتلال الإنجليزي الذي احتل مصر عام 1882م، ولم يتوقف مواجهتهم على المحتل البريطاني في مصر فحسب، بل طالبوا وعملوا على خروج جميع الدول المحتلة التي احتلت الدول الإسلامية.

لقد سعى المحتل إلى طرح أشكال مزيفة للاستقلال المنقوص، وأداروا بمهارة الصراع بين القوى الأساسية المختلفة وقد أمسكوا بخيوطها، وبالتالي تدهورت الحالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وانتشر الفساد بأشكال مختلفة في كل هذه المجالات، ولذا جعل الإمام حسن البنا تحرير الوطن من هذا الاحتلال هدفا رئيسيا من أهداف المشروع الإسلامي، "وهي تحرير الوطن من كل سلطان أجنبي" وأن هذا لا بد أن يسبق إقامة الحكم الإسلامي المنشود، والذي استند فيه على تعاليم الإسلام الذي جعل الحرية فريضة من فرائضه لا يجوز التنازل عنها أو التفريط فيها، وان الجهاد لتحرير الوطن فرض عين وواجب حتمي تسعى الأمة كلها إليه.

لقد كان الإمام الشهيد يستهدف نزع جذور الاستعمار الأجنبي من العقول والأفكار ومن النفوس والقلوب، ومن تبعية السلوك والتقليد وادعاءات المصالح والارتباطات، كان يريد تحريرًا واستقلالاً كاملاً شاملاً لا يقتصر فقط على مجرد رحيل القوات الأجنبية، ولهذا كان يؤسس مشروعه وخطته لمواجهة الاحتلال وفق هذه الرؤية الشاملة والبعيدة المدى.

ولهذا يؤكد ضرورة التصدي للمحتل بكل أشكاله فيقول: "ومن هنا يعتقد الإخوان المسلمون أن كل دولة اعتدت وتعتدي على أوطان الإسلام دولة ظالمة لا بد أن تكف عدوانها، ولا بد من أن يعد المسلمون أنفسهم ويعملوا متساندين متحدين على التخلص من نيرها".

لقد اعتبر الإمام البنا أن إخراج المحتل وتحقيق استقلال الوطن وتحريره من كل سلطان أجنبي في شتى المجالات، هدفًا رئيسًا تعمل عليه الجماعة وتحشد له طاقات الأمة، وهو يمثل المحور الأساسي لهذا الأمن القومي ووضع لذلك مسارات وبرامج وخطوات.. فيقول:  "إن حقوقكم قد اجتمعت عليها كلمتكم، وارتبطت على المطالبة بها قلوبكم، وهى الجلاء التام عن وادى النيل بلا مراوغة ولا تسويف، ووحدة الوادي بلا تردد ولا إمهال، وحل المشاكل الاقتصادية المعلقة بيننا وبين الإنجليز على وجه السرعة، حتى تتنسم البلاد ريح الحرية، ويطمئن الناس على حياتهم ومستقبلهم"

ويضيف: "والإخوان المسلمون إذ يضعون هذه الحقوق والأهداف من رسالتهم موضع العقيدة والإيمان أنها ليست مما يصح أن يكون محلاًّ للمساومة على الإطلاق، وكل من حاول ذلك فهو خارج على وطنه متحمل وحده تبعة عمله منبوذ من سائر المواطنين".

لم يرد حسن البنا المسلم المتعبد أو الزاهد المتنسك فحسب، بل أراد المسلم المدرك لحقائق دينه والذي يعالج كل مناحي الحياة، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية وغيرها، وهو ما كان يخشاه المحتل وعمل على طمسه، أو غرسه في نفوس المسلمين بأن الدين فقط في المساجد أو الكنائس، ولذا كان لا بد من تشويه صورة حسن البنا الذي جدد معاني الحياة وصبغها بالصبغة الإسلامية، وعلى رأسها مقاومة المحتل.. فيقول الشيخ البنا: "أستطيع أن أجهر في صراحة بأن المسلم لن يتم إسلامه إلا إذا كان سياسيًّا، بعيد النظر في شئون أمته، مهتمًّا بها غيورًا عليها وإن على كل جمعية إسلامية أن تضع في رأس برنامجها الاهتمام بشئون أمتها السياسية، وإلا كانت تحتاج هي نفسها إلى أن تفهم معنى الإسلام".

لقد حارب الإمام البنا القومية التي تنادي بفصل كل وطن إسلامي عن الآخر، أو انشغال كل شعب بنفسه عن بقية الشعوب الإسلامية، وعمل على غرس وتجذير الثقافة المتحدة التي تجعل همَّ الشعوب الإسلامية همًّا واحدًا مشتركًا في الدفاع عن أوطانهم والعمل على طرد المحتل، متمثلاً بقول الشاعر:

يا أخي في الهند أو في المغرب

            أنا منك ، أنت مني ، أنت بي

لا تسل عن عنصري عن نسبي

            إنه الإسلام أمــي وأبـي

ولهذا كتب الإمام البنا يحث الشعوب على التمسك بمبدأ الوحدة والشعور بقضايا الأمة فقال: "أريد أن أستخلص من هذا أن الوطن الإسلامي واحد لا يتجزأ، وأن العدوان على جزء من أجزائه عدوان عليه كله، هذه واحدة، والثانية أن الإسلام فرض على المسلمين أن يكونوا أئمة في ديارهم، سادة في أوطانهم".

ويؤكد ذلك في موضع آخر بقوله: "أيها المواطنون.. إن حقوقكم قد اجتمعت عليها كلمتكم، وارتبطت على المطالبة بها قلوبكم، وهى الجلاء التام عن وادي النيل بلا مراوغة ولا تسويف، ووحدة الوادي بلا تردد ولا إمهال، وحل المشاكل الاقتصادية المعلقة بيننا وبين الإنجليز على وجه السرعة، حتى تتنسم البلاد ريح الحرية، ويطمئن الناس على حياتهم ومستقبلهم.. والإخوان المسلمون إذ يضعون هذه الحقوق والأهداف من رسالتهم موضع العقيدة والإيمان أنها ليست مما يصح أن يكون محلاًّ للمساومة على الإطلاق، وكل من حاول ذلك فهو خارج على وطنه متحمل وحده تبعة عمله منبوذ من سائر المواطنين".

ويؤكد وحدة الأمم الإسلامية وأن قضية وطن وألمه تعتبر قضية جميع الأوطان فيقول: "أيها المصريون.. نحن لا نقول لكم قصروا فى حقوق أوطانكم، ولا ندعوكم إلى أن تتركوا مصر وتعملوا لطرابلس أو لفلسطين، فإنه إذا كان الإسلام يفرض عليك - وأنت مصري - أن تعمل لفلسطين ولطرابلس وللمغرب لأنها من أرض الإسلام، فإنه يفرض عليك ذلك لمصر؛ لأنها من أرض الإسلام؛ ولأن لها مرتبة الصدارة في أرض الإسلام؛ ولأنها أقرب الميادين إليك، فمن واجبك أن تقوم بحقها وأن تعمل جاهدًا لتحريرها وخيرها".

ومن أجل تحقيق هذه المعادلة حرص الإمام البنا أن يكون مظهر الجماعة أقل من حقيقة قوتها وانتشارها، وكان يسبق الرصد من العيون المتربصة، والتقارير المرفوعة، فلا يعرفون مدى النمو الحقيقي، حتى إن الإنجليز ظنوا في البداية أنها جمعية مثل باقي الجمعيات وحركة مثل الباقين، وتعاملوا معها مثل ما تعاملوا مع الآخرين من حركات وجمعيات تموج بها الساحة، غير أن قضية تحرير الوطن من المستعمر نالت حظوة كبيرة في منهج وفكر الإخوان، ولم يستطع أحد أن ينقص من دورهم الوطني في التصدي للمحتل، سواء بالكتابة أو المواجهة العملية على أرض الواقع.. يقول الإمام البنا: "إن الحقوق الطبيعية القومية لشعب وادي النيل محدودة معروفة لا تقبل جدلاً ولا مساومةً، وهي الاستقلال الكامل لهذا الشعب، ولن تكون لهذا الاستقلال حقيقة إلا بجلاء هذه القوات جميعها عن الوادي في أقرب وقت، ولن تكون لهذه الوحدة حقيقة حتى تشمل كل مظاهر الحياة السياسية والاجتماعية في جميع أنحاء الوادي شماله وجنوبه. وإن قناة السويس جزء من أرضنا يجب أن نقوم نحن بحمايته وحراسته، وإن مرافق بلادنا الاقتصادية من حقنا وحدنا أن ننصرف في الانتفاع بها كما نشاء، وإن وضعنا الاجتماعي وحياتنا المدنية نحن الذين نرسمها ولا نقبل فيها تدخل أحد، فعلى الشعب أن يحفظ هذه الحقوق، ويتفقه فيها ويتحمس لها ولا يغفل عنها طرفة عين".

كما وقف الإخوان في وجه المعاهدات التي أذلت الشعب المصري، وعلى رأسها معاهدة 1936م، وطالبوا كثيرا من خلال المراسلات للملك والحكومات المتعاقبة إلغاء المعاهدة، بل طالبوا رؤساء الوزراء بالتوقف عن المفاوضات مع الانجليز؛ لأنه يحاول كسب الوقت من خلالها فقط ولن يترك الوطن إلا بالجهاد والتصدي له.

ولهذا شدد الإمام البنا في كتاباته على ذلك بقوله: "يعلن المركز العام للإخوان المسلمين باسم شعب وادي النيل هذه الحقائق الآتية: أن معاهدة سنة 1936 ملغاة بحكم الحوادث والظروف، ولن تفيد بنودها ونصوصها والتزاماتها هذا الشعب بشيء، فقد حل محلها ميثاق الأمم المتحدة وأصبحت غير ذات موضوع، وأن حكومة صدقي باشا بإصرارها على المفاوضة لا تمثل إرادة الأمة، وكل معاهدة أو محالفة مع بريطانيا تعقدها قبل جلاء قواتها باطلة، لا ترتبط الأمة بها في كثير ولا قليل، وأن بقاء القوات الأجنبية عدوان مسلح على سيادة الوطن وحريته يترتب عليه آثاره القانونية والعملية".

وحينما عرضت القضية المصرية على مجلس الأمن عام 1947م لم يكتف بإرسال مصطفى مؤمن لحشد الرأي الغربي للتضامن مع القضية المصرية في أمريكا، بل أرسل برقية إلى رئيس مجلس الأمن جاء فيها: "والشعب المصري الثائر يستنكر كل قرار ينتقص من حقه، ويرفض العودة إلى المفاوضات الثنائية، ويعلن سقوط معاهدة 1936م، ويهيب بمجلس الأمن أن يحافظ على صيانة الأمن المهدد في الشرق".

غير أنه حمل المسلمين الأحداث التي وقعت، والاحتلال الذي رحبوا به، وأن بعضهم تعاون مع المحتل على السيطرة على البلاد، بل عتب على الشعوب أنها سارت في فلك الحضارة الغربية وانبهروا بزينتها، ثم وضح لهم العلاج فيقول: "أيها المسلمون: لا تلوموا فرنسا ولا هولاندا ولا إيطاليا ولا إنجلترا في شيء من هذا ولا تعيبوها، فإن مهمتها جميعًا الاستعمار، وهو يتطلب في عرفهم هذا وأكثر منه، ولا تقولوا: إن ذلك ينافى المدنية والحضارة، ومزاعم الأوروبيين في تقديس الحرية والعمل لإنصاف الشعوب إلى آخر هذه المترادفات، فإن هذه مصطلحاتهم يغيرونها في أي وقت ويفسرونها كما شاءت لهم الأهواء. وإنما خدعكم عن حقكم أنكم اتبعتم ما زينوا لكم من أعمال وأقوال ولا تحاولوا أن تطلبوا من هذه الدول وأشباهها من ذوى المطامع إنصافًا أو عدالة، فإن أكبر العجز أن يكون عدوك خصمًا وحكمًا، ومتى رجا الناس الإنصاف من مصدر الظلم أو جنوا العنب من منابت الشوك؟ ولن يكون الخصم حكمًا أبدًا ولا تقولوا: ماذا نصنع ونحن مغلولون مقيدون، وقد أحيط بنا من كل مكان؟ فإن طريق الخلاص واضحة وسبيل النجاة ممهدة، فإن شئتم أن تسلكوها فهيا حرروا أنفسكم من شهواتها التي استرقتها وكبلتها وصفدتها ومنعتها القوة والعافية، وأذهبت ما فيها من مناعة وحرارة، ثم ربوها على تعاليم القرآن وحماس القرآن وهمة القرآن وأصول القرآن، ثم ضموا صفوفكم ووحدوا كلمتكم".