في مقال للكاتب والصحفي البريطاني، بيتر أوبورن، تناول فيه تفشي الإسلاموفوبيا داخل الحزب المحافظ، معتبرا أن رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون غير قادر على معالجة الأمر.

وقال أوورون في مقاله في موقع "ميدل إيست أي" البريطاني، إن "جونسون وجد نفسه مضطرا لأن يفعل شيئا بشأن وباء الإسلاموفوبيا القبيح المستشري في أوصال حزبه".

وانتقد أوبورن نجاة أعضاء البرلمان عن حزب المحافظين المرة تلو الأخرى، من أي مساءلة أو محاسبة على ما يصدر عنهم من تصريحات معادية للمسلمين.

واعتبر أن "الحقيقة المحزنة هي أن جونسون غير قادر على معالجة مشكلة معاداة المسلمين داخل حزبه"، وأن ذلك يجعله عرضة للاتهام بالنفاق، لأن حزبه لا يكف عن إثارة موضوع العداء للسامية داخل حزب العمال"، وفق قوله.

وأضاف: "ليس من حق حزب المحافظين، أخلاقيا، أن يوجه أي نقد لحزب العمال إلى أن يقوم بمعالجة مشكلة التعصب والتحامل داخل صفوفه، وهي مشكلة باتت تخترق الحزب حتى النخاع".

وصل التعصب ضد المسلمين إلى رأس الهرم وهو ما يفسر الارتباك الحاصل بشأن تحقيق حزب المحافظين المقترح في الفضيحة

يبادر جميع الزعماء السياسيين البارزين إلى مواجهة الخيارات عندما يستلمون مناصبهم العليا الأمر الذي يحدد ملامح المرحلة التي يكونون فيها في موقع المسؤولية.

واجه رئيس الوزراء بوريس جونسون واحداً من هذه الخيارات عندما وجد نفسه مضطراً لأن يفعل شيئاً بشأن وباء الإسلاموفوبيا القبيح المستشري في أوصال حزبه.

فإما أن يتعامل مع الأمر كما لو كان قضية من المستوى الثاني، بوصفها مسألة تتعلق بالسمعة التي يحتاج لأن يحافظ عليها فيعمد إلى كنس المشكلة تحت البساط.

أو أن يتصرف كزعيم، الأمر الذي يعني التصدي لأصل المشكلة ولفروعها بهدف وضع حد بشكل نهائي لسلوك جائر ومريع.

كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة يوغوف في وقت مبكر من هذا العام عن أن ثلثي أعضاء حزب المحافظين يعتقدون بأن أجزاء من بريطانيا باتت تخضع لحكم الشريعة الإسلامية.

 وأضافت يوغوف إن ما يقرب من نصف المحافظين يعتقدون بأسطورة المناطق المحظورة حيث لا يتمكن من الوصول إليها غير المسلمين، بينما يظن تسعة وثلاثون بالمائة أن الهجمات الإرهابية الإسلاموية "تعكس انتشار العداوة لبريطانيا في أوساط المجتمع المسلم."

لم يكن مفاجئا وقد تعمقت الإسلاموفوبيا داخل حزب المحافظين إلى هذا الحد أن تصرح شخصيات موقرة، مثل الرئيس السابق للجمعية العمومية للحزب سيدة وارسي، بأن المشكلة مؤسساتية.

 ومع ذلك، توجه لها بكل تعال في الأسبوع الماضي وزير الصحة ماثيو هانكوك بالقول "هناك آخرون يتبنون وجهة نظر أكثر اتزاناً."

يُظهر هذا التصريح مدى الحجم التي وصلت إليه المشكلة, ولك أن تتصور حجم السخط الذي كان سيحدث لو أن شخصية كبيرة ضمن فريق زعيم حزب العمال جيريمي كوربين قللت من أهمية شكوى شبيهة حول معاداة السامية تقدم بها سياسي يهودي داخل حزب العمال.

ومع ذلك، وللمرة تلو الأخرى، يصر كبار المسؤولين في حزب المحافظين بأنه لا توجد مشكلة، فلقد صرح الرئيس السابق للجمعية العمومية في حزب المحافظين براندون لويس بأن الإسلاموفوبيا ليست قضية بينما يقول جاكوب ريس موغ وكذلك النجم الصاعد داخل الحزب توم توغندات إن الحزب قد قام بمعالجة المشكلة بشكل جيد.

يفسر هذا العمى الارتباك الحاصل حول إجراء حزب المحافظين لتحقيق مقترح في ظاهرة الإسلاموفوبيا. وذلك أن جميع المرشحين الذين تنافسوا على رئاسة الحزب أثناء الحملة الانتخابية (بما في ذلك بوريس جونسون نفسه) تعهدوا بإجراء تحقيق كاف.

إلا أنه تم التخلي عن إجراء التحقيق بمجرد أن أصبح بوريس جونسون رئيسا للوزراء، ثم ما لبث الموضوع أن عاد إلى السطح من جديد عندما صرح مايكل غوف في برنامج "اليوم" بأنه سوف يتم إجراء "تحقيق كاف في مشكلة الإسلاموفوبيا وأن ذلك سيتم قبل نهاية هذا العام".

ومنذ ذلك الحين، بدأ حزب المحافظين من جديد يتراجع عن الالتزام. ويبدو أن الخطة باتت الآن تتمثل في إجراء تحقيق داخلي يبحث في أوضاع الإدارة داخل الحزب بشكل عام وليس في مشكلة الإسلاموفوبيا تحديداً.

ولعل هذا يجعله عرضة للاتهام بالنفاق لأن حزبه لا يكف عن إثارة موضوع العداء للسامية داخل حزب العمال.

ليس من حق حزب المحافظين أخلاقياً أن يوجه أي نقد لحزب العمال إلى أن يقوم بمعالجة مشكلة التعصب والتحامل داخل صفوفه، وهي مشكلة باتت تخترق الحزب حتى النخاع.