عانت مصر في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي والقرن العشرين من الوقوع تحت نير الاستعمار الإنجليزي منذ سبتمبر 1881م ومن قبله الاحتلال الفرنسي عام 1798م، مما كان عاملا قويا في تخلف البلاد وانهيارها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا.

فقد انقسمت البلاد اجتماعيا إلى طبقات يستعبد بعضهم بعضا، فقد تشكل المجتمع المصري من طبقة الأغنياء وكانوا يملكون أكثر موارد البلاد، والطبقة المتوسطة وهي طبقة صغار الموظفين والطبقة التي مثلت الغالبية الغالبة من سواد الشعب المصري وهي الطبقة المحرومة والفقيرة، وكان التفاوت ظاهرًا بين هذه الطبقات.

أضف لذلك الحملات التبشيرية التي ابتليت بها البلاد، وموجة الانحلال التي اكتسحت المجتمع فقلبت الحرام حلال، ومما زاد الأمر نكاية الدعوات التي أطلقها عملاء الغرب من أجل تحرير المرأة على الطريقة الأوربية والتي وجدت آذانًا صاغية من بعض فئات وطبقات المجتمع.

لم يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل كانت الطامة الكبرى بوجود حكام يخضعون للمحتل ويسلمون لكل ما يقوله، بداية من الملك ورؤساء الوزراء الذين كانوا يتزلفون للمحتل، وأيضا رؤساء الأحزاب وكثير من الذين بهرتهم حضارة الغرب بزيفها.

وظهر أثر المحتل واضحا في انهيار اقتصاد البلاد وجعل العملة والاقتصاد المصري يدور في فلك الجنيه الإسترليني مما أضعف اقتصاد مصر.

كما ظهر أثره في الفكر والثقافة وسيرهما في نمط الفكر الغربي فظهر الفكر التغريبي والدعوة إلى فصل الدين عن السياسة والشيوعية الهدامة، كما انهار التعليم، فأصبحت نسبة المتعلمين لا تتجاوز الـ20% من نسبة المجتمع جلهم من الطبقة الثرية، ناهيك عن المدارس التبشيرية والتي كانت تتبع للإنجليز أو الأمريكان أو غيرهم.

في ظل هذه الأوضاع ظهرت هذه الشخصيات التي تركت بصمات في إصلاح المجتمع قبل رحيلها.

أمامنا شخصية ذكرها الإمام البنا في (رسالة المؤتمر الخامس) قال فيها تحت عنوان (فكرة الإخوان في نفوس أربعة)، وهي شخصية الشيخ حامد عسكرية: وإن كان كثير من الناس يجهلون من هو الشيخ حامد عسكرية فيكفيه أن ربه يذكره.

النشأة

ولد الشيخ عسكرية فى قرية الطيبة بمحافظة الشرقية فى مطلع القرن العشرين، وعمل أبوه على تربيته تربية إسلامية فأرسله إلى كتاب القرية فحفظ القرآن صغيرا، والتحق بالأزهر الشريف، ومر بمراحل تعليمه حتى تخرج فيه، واتصف بصوته الندى، وحبه الشديد للقرآن والسنة والدفاع عنهم.

عسكرية والبنا على الطريق

خلال فترة الدراسة في القاهرة تعرف على الأستاذ حسن البنا وأصبح صديقا له لا يرى الإمام البنا إلا ومعه حامد عسكرية فقد اتصف عسكرية بالغيرة على الإسلام وحبه له والدفاع عنه وسط موجة الانحلال والبعد عن الإسلام التي كانت تحيا فيها البلاد بسبب الاستعمار الذي نشر هذه الصفات وسط المجتمع المصري وكان هذا أيضا ما تحلى به الإمام البنا فجمعت بينهما الغيرة على الإسلام.

وكانا يجوبان القهاوى ليبلغا دعوة الله، أثناء فترة الدراسة في الأزهر ودار العلوم، ثم فرقتهما الظروف خاصة بعد أن تم تعيين الأستاذ البنا في الإسماعيلية وظل عسكرية في القاهرة بعد تخرجه، وعندما أنشأ الأزهر قسم الوعظ والإرشاد كان أول من اختير من رجاله الشيخ حامد عسكرية وجاء تعيينه بالإسماعيلية.

عندما انتقل الإمام البنا إلى الإسماعيلية وعين بها مدرسا عام 1927م، عمل على إتمام رسالته داخل المجتمع الإسماعيلي فأخذ يربى الناس على تعاليم الإسلام الصحيح وكون جماعة الإخوان، وبعد أن انتقل الشيخ عسكرية للعمل واعظا بالإسماعيلية التقى بالإمام البنا وتبايعا على العمل لنصرة الإسلام.

يا شباب الإسلام حثوا خطاكم

                تدركوا عزة الشباب الأولى

أدركوا الأمة التى خدعوها

                فأصاخت لتسمع التضليـلا

احملوا العبء وحدكم ليس فى

                الأرض مجال ترونه مستحيلا

ودعوا عصبة الخنوثة سكرى

                يؤثرون العناق والتقبيــلا

سدد الله للمعالى خطاكــم

                ورعاكم على العرين شبولا

ولقد كتب الإمام البنا يزكي نفس وروح الشيخ حامد عسكرية وإخوانه في رسالة "دعوتنا" تحت عنوان: الإخوان في نفوس أربعة، فقال: "وليت وجهي شطر الأصدقاء والإخوان ممن جمعني وإياهم عهد الطلب وصدق الود والشعور بالواجب فوجدت استعدادا حسنا، وكان أسرعهم مبادرة إلى مشاركتي عبء التفكير وأكثرهم اقتناعا بوجوب العمل فى إسراع وهمة، الإخوة الفضلاء الأستاذ أحمد السكري والأخ المفضال المرحوم الشيخ حامد عسكرية أسكنه الله فسيح جنته والأخ الشيخ أحمد عبد الحميد وكثير غيرهم وكان عهدا وكان موثقًا أن يعمل كل منا لهذه الغاية حتى يتحول العرف العام في الأمة إلى وجهة إسلامية صالحة".

وصدق الشاعر الذي قال:

قيض الله للمعالي شبابا

                يمنع اليوم ركنها أن تميلا

ورأت مصر من سيكتب فيها

                شيخة السوء والسباب الدخيلا

إخوة أشربوا الكمال فما

                يلفون إلا إليه حثوا الرحيلا

خلق طاهر وقلب نبيل

                جانب السوء واحتوى المر ذلولا

آثروا الله فاستساغوا التفانى

                وامتطوا نافر الصعاب ذلولا

الشيخ ودعوة الإخوان

لقد كان الشيخ عالما جليلا وواعظا صادقا ومجاهدا عاملا، ظل محافظا على بيعته مع الله والتي اقتطعها على نفسه، فكان من السابقين الصادقين في بيعته مع الإمام الشهيد حسن البنا، وقد سكن معه في نفس الدار التي سكنها الإمام البنا بالإسماعيلية مدة إقامته في الإسماعيلية حتى انتقل إلى شبراخيت.

ويقول الأستاذ البنا: "وعمل الزمن عمله فتفرقنا نحن الأربعة فكان أحمد أفندي السكرى بالمحمودية وكان الشيخ حامد عسكرية بالزقازيق وكان الشيخ أحمد عبد الحميد بكفر الدوار وكنت أنا بالإسماعيلية".

وفي الإسماعيلية بايع الإمام البنا ستة من النفر وكانوا بمثابة اللبنة الأولى لجماعة الإخوان المسلمين وهم: (حافظ عبد الحميد "نجار" وأحمد الحصري "حلاق" وفؤاد إبراهيم "مكوجي" وعبد الرحمن حسب الله "سائق" وإسماعيل عز "جنايني" وزكي المغربي "عجلاتي") فكانوا هم أول من بايع الإمام البنا وسرعان ما انضم لقافلة الصالحين الشيخ حامد عسكرية والشيخ محمد فرغلي.

ومنذ اللحظة الأولى في الدعوة وضع الشيخ عسكرية نفسه في خدمة الدعوة وإخوانه. وقد شمر عن سواعده في التصدي للمنكرات والحملات التبشيرية.

نشاطه الفكري والدعوي

وفي الإجازة الصيفية وبعد وضع حجر الأساس لمشروع الإخوان المسلمين بالإسماعيلية، ونتيجة للمعاكسات والشكاوى الكيدية تم نقل الشيخ حامد عسكرية من الإسماعيلية إلى شبراخيت، وقد تفاءل الإمام البنا والشيخ حامد عسكرية بهذا النقل، وقال كل منهم لصاحبه: خير إن شاء الله، ستستفيد الدعوة من هذه الحركة ولا شك والمؤمن خير أينما كان.

انتقل الشيخ عسكرية من الإسماعيلية إلى شبراخيت بالبحيرة للعمل بها واعظا، بعد وشاية أرسلت لوزارة الأوقاف ضده، ومنذ أول يوم نزل فيه شبراخيت أخذ على عاتقه نشر دعوة الإخوان بها، وعمل جاهدًا على نشر الدعوة بها، فلم يمض على نقله سوى عدة شهور حتى تأسست شعبة شبراخيت، وتم افتتاح هذه الشعبة في المحرم سنة 1349هـ - الموافق يونيو 1930م، في احتفال بالعام الهجري الجديد.

حرص الإمام الشهيد الذي حضر من الإسماعيلية ومعه بعض إخوانه منها على حضور افتتاح شعبة شبراخيت، وحضر معه عدد من الإخوان من كل مكان ليشهدوا حفل افتتاح الشعبة، وكان ذلك في يوم العاشر أو الحادي عشر من شهر المحرم، فنشطت هذه الشعبة لنشر الإسلام والتصدي للحملات التبشيرية التى غزت البلاد تحت رعاية الاستعمار تستغل ضعف وجهل كثير من طوائف الشعب المصري لتفتنه عن دينه فكان لهذه الشعبة وأخواتها من باقي الشعب دور كهك في دحض مزاعم المبشرين وحماية الضعفاء من براثنهم، وكان من نتاج نشاط الشيخ أن قام بمعاونة الأخ قاسم جويد ببناء مسجد ومدرسة للإخوان في الشعبة كان له أثر عظيم في الدعوة للإسلام.

عسكرية والمهام الجسام

لم تؤثر في الشيخ وشاية أو افتراء فقد حمل على عاتقه العمل للإسلام فلم تره يوما كَلّ أو مَلّ، بل كان مثالا للحركة الدءوب والنشاط المتوقد والحكمة البالغة، ومن مواقفه الحميدة التي تدل على غيرته وحبه لدعوته أن الوشايات لم تنقطع ضده لإدارة الأزهر الشريف فكان بينه وبين شيخ الأزهر الشيخ محمد الأحمدي الظواهري رحمه الله مناظرة حول أن يستمر الشيخ عسكرية واعظا أم يبقى على صلته بالإخوان، فرد عليه بقوله: "لا أرى تضاربا بين العملين بحال فوعظي للإخوان ودعوتي لفكرة الإسلام باسمهم جزء من عملي العام بل لعله أنفع هذه الأجزاء فإن قبلتموني على هذا الوضع فبها وإذا كان ولا بد من هذا التخيير الذي لا مبرر له فإنني أشهد فضيلتكم أنني أختار الإخوان ولا أعدل بالدعوة شيئا".

وكان لهذا الجواب أثره في نفس الشيخ فقال له: "إنى أغبطك ياشيخ حامد بهذا الإيمان فاعملوا والله يقيكم ويتقبل منكم ولكن أرجو أن تجعل للوعظ في نفسك وعملك نصيبا"، فابتسم الشيخ حامد وقال: "يا مولانا أنا كلي للوعظ والحمد لله"، لكن الوشاية استمرت حتى نقل الشيخ إلى شبين الكوم بالمنوفية.

وعندما أراد الإخوان إقامة مشروع المسجد والمدرسة فى الإسماعيلية وبحثوا عن قطعة أرض يشترونها أو يتبرع بها أصحابها لإتمام مشروعهم، حتى وجدوا قطعة أرض مناسبة ملكًا للحاج علي عبد الكريم، كان يود أن يبني عليها مسجدًا فتحدثوا إليه في ذلك الأمر، فسروا به وكتبوا عقدًا ابتدائيًا بتنازله عن هذه القطعة، غير أن أصحاب النفوس الضعيفة والحاقدة ومروجي الشائعات استغلوا سلامة صدر الحاج علي عبد الكريم وضيقوا عليه الخناق وأوغروا صدره على الإخوان.

حتى انتهى الأمر بأن سلم الإمام الشهيد له ورقة التنازل عن طيب خاطر، ولما علم المرجفون بذلك أشاعوا فشل المشروع، وانتهز الإخوان الفرصة وقاموا بالاتصال بالناس لإزالة الشبهات والدعوة للمشروع، وكان الفارس المجلي في هذه الحلبة الشيخ حامد عسكرية، وقد ناصر المشروع الكثير من أهالي الإسماعيلية حتى إن الشيخ حسين الزملوط تبرع وحده بمبلغ 500 جنيه للمشروع، فزاد ذلك من طمأنينة الناس.

كما كان من مواقفه أيضا عندما حدثت الفتنة الأولى داخل الجماعة الناشئة حيث حاول البعض الطعن فى الامام البنا عندما أراد تعيين نائبا له فى الإسماعيلية وقت أن قرر العودة للقاهرة والاستقرار فيها، ترك الشيخ عسكرية شبراخيت واتجه الى الإسماعيلية في محاولة لاصلاح أصحاب الفتنة والتوسط في الأمر، وإفهامهم إلا أنهم ركبوا رءوسهم وأبوا إلا العناد، فقال الشيخ حامد عسكرية: إن هؤلاء لا خير فيهم، فقد فقدوا إدراكهم لسمو دعوتهم، وفقدوا إيمانهم لطاعة القيادة، ومن فقد هذين فلا خير فيه في صفنا، فاحتسبهم وامضِ في طريقك والله المستعان، وجاهرهم برأيه هذا ثم عاد إلى شبراخيت.

وعندما افتروا الكذب على الشيخ أخرج الإمام البنا بيانا مرفوعا إلى أهل الإسماعيلية يوضح فيه افتراءاتهم ومما جاء فيه: أما أمر تحكيم الشيخ حامد عسكرية فإنهم لما جلسوا إليه اتفقوا معه على أحد أمرين يفعلهما الأستاذ البنا حتى يعودوا إلى الجماعة مرة أخرى، وهما إما فصل النائب، وإما توقيع الأستاذ على كمبيالات دين الجمعية. فوافق الأستاذ على الحل الثاني، لأنه يمس شخصه أما الحل الأول فيمس اختيار الجمعية العمومية وحقها في اختيار النائب. وتم الصلح على ذلك وأعلن في جلسة ودية في ليلة عيد الأضحى المبارك إلا أنهم بعد هذا الإعلان بيومين أعلن الثمانية استقالتهم.

وكان الشيخ لا يرهب شيئًا ولا يأبه بالمتاعب ولا يعرف الراحة فى سبيل خدمة دينه، فيذكر الإمام البنا أنه خطر لهم فى بعض الأوقات أن يتخير مكانا للإخوان فى الصحراء ويسمى وادى النخيل، فأرسل الشيخ أحمد عبد الحميد -الصديق الثالث- ليستأجر أرضا في الصحراء في كوم حقين بين أبي المطامير والعامرية وأقام بها الشيخ أحمد فأراد الإمام البنا زيارته فاصطحب معه الشيخ عسكرية ولما لم يجدا مواصلات والوقت ضائق والجو حار ،طوى الشيخ حامد جبته بين حزامه وحمل الحقيبة بعصاه على عاتقه، وانطلق مع الإمام يقطعا خمسة عشر كيلو مترًا سيرا على الأقدام داخل الصحراء يترنم بالمدائح النبوية حتى وصلا إلى صديقهما الشيخ أحمد عبد الحميد، وبعد أن اطمئنا عليه، أراد الإمام البنا التوجه للعامرية فطويا مسافة خمسة عشر كيلو أيضا حتى وصلا إلى العامرية ثم استقلا القطار إلى الإسكندرية.

وأثناء زيارة المرشد العام للإخوان مدينة الإسماعيلية لحضور حفل عيد الهجرة المبارك لسنة 1354م بصحبة فضيلة الأستاذ الشيخ حامد عسكرية رئيس الإخوان بشبراخيت وحضرة الأخ محمد الطاهر منير أفندي أمين صندوق السويس وأحمد أفندي المصري مندوب بورسعيد ووفد أبو صير تبرع بعض الفضلاء ببعض المبالغ المالية معاونة للجمعية بالإسماعيلية لتكمل مهمتها النبيلة ومشروعاتها الجليلة.

ولم تفتر همته يوما ما وتمثل بقول الشاعر:

إذا رمت أن تحظى من الله بالرضا

                وتلقى بدنياك النعيم المعجلا

فحافظ على الأعمال والوقت واتخذ

                لنفسك تقوى الله حصنا وموئلا

وظن بخلق الله خيرا ولا تثق

                بعبد وصاحب من على الله أقبلا

ولازم كتاب الله واعمل بأمره

                وعقلك صنه فهو بالحق أنزلا

وإن نظرت عيناك في الكون آية

                فشاهد جمال الحق في الخلق

عسكرية وأول مكتب إرشاد

بعد أن انتقل الإمام البنا الى القاهرة انتقل معه المركز العام للإخوان المسلمين عمل على تنظيم الدعوة فكان يجتمع بنواب الإخوان فى القطر المصرى مرة سنويا فى مجلس شورى وكان أول مجلس شورى بمدينة الإسماعيلية يوم الخميس الموافق 22 من صفر 1352هـ 15 من يونيو 1933م وقد تكون أول مجلس شورى للإخوان المسلمين من أعضاء مكتب الإرشاد بالإضافة إلى نواب وممثلي شعب الإخوان المسلمين في القطر المصري وهم:

        حسن أحمد البنا مرشد الإخوان المسلمين.
        محمد أسعد الحكيم سكرتير مكتب الإرشاد.
        عبد الرحمن الساعاتي "شقيق المرشد" نائب القاهرة.
        أحمد السكري نائب المحمودية.
        حامد عسكرية نائب شبراخيت.
        مصطفى الطير نائب المنزلة.
        عفيفي الشافعي نائب الأربعين بالسويس.
        عبد الفتاح فايد نائب شبلنجة بالقليوبية.
        محمد مصطفى طيرة نائب بور سعيد.
        محمود عبد اللطيف نائب الجمالية.
        محمد فرغلي نائب البلاح.
        عبدالله سليم نائب أبو صوير.
        طه كراوية سكرتير الجمالية.
        علي الجداوي نائب الإسماعيلية.
        محمد حسن السيد سكرتير الأربعين.
        سليمان عويضة عضو الأربعين.
        حافظ عبد الحميد مراقب الإسماعيلية.

ولقد اختار مجلس شورى الإخوان الأول المنعقد في عام 1352 هـ- 1933م الشيخ عسكرية عضوا منتدبا في أول هيئة مكتب للإرشاد العام للإخوان المسلمين، وفي المؤتمر الثانى لمجلس الشورى المنعقد في يناير 1934م قرر المجتمعون أن فضيلة المرشد هو رئيس المجلس، ووكيل مكتب الإرشاد وكيل المجلس، وينضم إليه وكيل آخر وقد اختير لذلك فضيلة الأستاذ الشيخ حامد عسكرية، ومراقب مكتب الإرشاد مراقب المجلس، وينضم إليه مراقب آخر، وقد اختير لذلك حضرة الأستاذ أحمد أفندي السكري.

وفى المؤتمر الذي عقد في العام التالي كان جدول أعمال المجلس:

الجلسة الأولى: السبت 11 من ذي الحجة 1353هـ 16 من مارس 1935م من الساعة 9 مساء إلى الساعة 11 مساء:

قرآن كريم:

الافتتاح: فضيلة الأستاذ المرشد العام.

الاستقبال: فضيلة وكيل المكتب الأستاذ الشيخ حامد عسكرية.

مكتب الإرشاد في عام: سكرتير المكتب محمد أسعد راجح أفندي.

قصيدة شاعر الإخوان المسلمين: الأستاذ الشيخ أحمد حسن الباقوري.

مطبعة الإخوان المسلمين: سكرتير المكتب عمر غانم أفندي.

جريدة الإخوان المسلمين: سكرتير المكتب محمد أسعد الحكيم أفندي.

الدعوة العامة وصندوق التعاون: أمين صندوق المكتب محمد حلمي نور الدين أفندي.

ولقد قدم الشيخ النفس والمال في خدمة الدعوة، وكان من المساهمين في إنشاء مطبعة للإخوان المسلمين وجريدة لهم مع إخوة آخرين، كما أنه رأس اللجنة التي وضعت لائحة الزكاة داخل جماعة الإخوان المسلمين وكان ذلك عام 1935 والتي اعتمدها مكتب الإرشاد.

ولقد تميز الشيخ حامد عسكرية بخفة الروح، وبلاغة التعبير وفصاحة المنطق وجاذبية تشع أنوار التقى من قسمات وجهه النبيل، ولقد عمل على التقرب من الله بكل الطاعات فخرج حاجا ملبيا لله في بعثة الإخوان والتي أرسلها الأستاذ حسن البنا عام 1936م ونوهت لهذه الرحلة جريدة أم القرى كبرى الجرائد السعودية.

لم تنقطع الوشاية ضد ضد الشيخ وتجددت حتى صدر قرار بنقله إلى البدارى غير انه رفض تسلم العمل وجرت وساطات بينه وبين المفتش العام الشيخ عبد ربه –وكان رجلا واسعا الأفق سليم الصدر- فسوى الأمر وخير الشيخ عسكرية فاختار أن ينتقل لشبين الكوم في المنوفية، واختاره مكتب الإرشاد مندوبا عاما عن المنوفية، وظل الشيخ ثابتا على دينه ودعوته ومبدئه حتى توفاه الله.

وفاته

توفى الشيخ وهو ما زال في ريعان شبابه في إشراقة شمس يوم الأحد 16 شوال 1356هـ، ديسمبر 1937م، بعد إصابته بسرطان المثانة، ودفن في مسقط رأسه بقرية الطيبة، ولقد حرص الأستاذ الإمام حسن البنا على تشييع جنازة صديقه ورفيقه حتى واراه التراب كما حرص الإخوان على تشييع جثمان هذا العالم المجاهد الذي قضى نحبه وهو ثابت على طريق ربه مثل الاستاذ عبد العظيم الهادي رسلان والدكتور أمين المغربي ممثلين عن الزقازيق، كما حضر لفيف من الوعاظ مندوبين عن إدارة الوعظ والإرشاد.

وبذلك تنطوي صفحة مجاهد ثبت على شعار دعوته: الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا.

بعض ما قيل عن الشيخ عسكرية

قال فيه الأستاذ عمر التلمساني:

    " الشيخ حامد عسكرية: خفة في الروح، بلاغة في التعبير، فصاحة في النطق، ذات لطيفة وروح محببة، جذاب تشع أنوار التقى من قسمات وجهه النبيل.

ويقول الأستاذ أحمد السكري:

    "حامد أيها الأخ الصالح.. ايها الأخ البار.. عهدك ياحامد وأنت ثالث ثلاثتنا فى هذه الغرفة الضيقة حيث لا رابع لنا إلا الله من عشر من السنين الخوالى وأمامنا كتاب الله عهدناه على العمل من أجل دينه.............".

ونعته جريدة الإخوان المسلمين بقولها:

    "إي وربى إنه الخطب يكاد يسلخ النفوس من الصبر وفجيعة توشك أن تودي بثبات القلب ذلك بأن ركنا من أركان الإخوان المسلمين تزلزل بنيانه لقد عصف الحمام بشقيق أرواحهم وأحد الصفوة المتقدمين فى طلائع صفوفهم الأستاذ الكريم الشيخ حامد عسكرية وكيل مكتب الإرشاد العام والواعظ بمركز شبين الكوم.

ولقد قام الإخوان فى كل مكان بعمل سرادق تأبين للشيخ الجليل ففي شبراخيت احتشد الإخوان فى سرادق يتقدمهم الشيخ السيد حلمي محفوظ واعظ طنطا وصديق الفقيد.

كما أرسل ببعض الإخوان برقيات تعزية منها: الإخوان بالسويس قالوا فيها: عز على الإخوان فقد وكيلهم تغمده الله برحمته، ومما جاء فى برقية إخوان المنيا : نشاطركم الأحزان فى فقيد الإخوان الشيخ حامد عسكرية ونسأل الله له الرحمة والغفران.

إن ثمار غرسك لم تنسك فستظل في قلوبنا، تشع همتك فى نفوسنا العمل لدين الله وتعطينا الحمية والدفع للعمل لدعوة الله، وسنظل جنودا لله ونسأله أن يثبتنا حتى نلقاه.