حلَّت اليوم السبت، الذكرى السنوية الـ32 لإعلان تأسيس حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، التي طانت انطلاقتها في 14 ديسمبر 1987.

ووفق ما أعلنته الحركة في بيان قبل أيام، فإنها تحتفل هذا العام بذكرى تأسيسها من خلال عدة مسيرات تنطلق في عدد من محافظات قطاع غزة.

وأوضحت أنها قررت إلغاء فعاليات ذكرى تأسيسها لصالح دعم وإسناد الشعب الفلسطيني في مخيمات اللجوء بلبنان.

واستكملت قائلةً: "في ظل الأوضاع السياسيّة والاقتصاديّة في لبنان، وانعكاسها على واقع شعبنا (...) سنقدم الإسناد والدعم الممكن لشعبنا في لبنان، من أجل بلسمة معاناته الاجتماعية وتعزيز صموده".

وجدَّدت الحركة تمسّكها بـ"الحقوق والثوابت الوطنية كاملة، وبالمقاومة خيارًا وحيدًا حتى التحرير والعودة".

وتُعرّف حركة "حماس" نفسها على أنها "حركة تحرر وطني، ذات فكر إسلامي وسطي معتدل، تحصر نضالها وعملها في قضية فلسطين، ولا تتدخل في شئون الآخرين".

وتمثّل مقاومة الاحتلال الصهيوني المشروع الاستراتيجي لحماس، كما أنها تعمل إلى جانب ذلك في مختلف الميادين، سواء السياسية والدبلوماسية والإعلامية والثقافية والجماهيرية والاجتماعية والإغاثية والتعليمية، كما جاء في موقعها الرسمي.

التأسيس

في 14 ديسمبر 1987، تأسست حركة "حماس" على يد مجموعة من قادة جماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة، كان أبرزهم الشيخ أحمد ياسين.

وتزامنت انطلاقة الحركة مع بداية اندلاع أحداث الانتفاضة الفلسطينية الأولى، المعروفة باسم "انتفاضة الحجارة"، في 9 ديسمبر 1987.

نفوذ الحركة انتشر بشكل كبير، بعد المشاركة، التي وصفها مراقبون سياسيون بالفاعلة والقوية، في مواجهة ومقاومة الاحتلال الصهيوني في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وحملت حركة حماس السلاح، عام 1987، من خلال تأسيس جهاز عسكري أسمته "المجاهدون الفلسطينيون".

الميثاق الأول

أصدرت حركة "حماس" ميثاقها الأول عام 1988؛ حيث عرّفت نفسها بأنها جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين.

وقالت في الميثاق الأول إنها تعتبر أن "منهجها، منه تستمد أفكارها ومفاهيمها وتصوراتها عن الكون والحياة والإنسان، وإليه تحتكم في كل تصرفاتها، ومنه تستلهم ترشيد خطاها".

كما عرّفت نفسها أنها "حلقة من حلقات الجهاد في مواجهة الغزوة الصهيونية، تتصل وترتبط بانطلاقة الشهيد عز الدين القسّام وإخوانه المجاهدين من الإخوان المسلمين عام 1936، وتمضي لتتصل وترتبط بحلقة أخرى تضم جهاد الفلسطينيين وجهود وجهاد الإخوان المسلمين في حرب 1948، والعمليات الجهادية للإخوان المسلمين عام 1968 وما بعده".

وتحمل "حماس" شعارًا نصّت عليه الوثيقة وهو "الله غايتها، والرسول قدوتها، والقرآن دستورها، والجهاد سبيلها، والموت في سبيل الله أسمى أمانيها".

ومن أبرز أهداف الحركة التي ذكرتها الوثيقة مقاومة الاحتلال الصهيوني وتحرير الأرض وإقامة دولة الإسلام.

وعن ذلك، جاء في نص الوثيقة: "الهدف منازلة الباطل وقهره ودحره، ليسود الحق، وتعود الأوطان، وينطلق من فوق مساجدها الأذان معلنا قيام دولة الإسلام، ليعود الناس والأشياء كل إلى مكانه الصحيح، والله المستعان".

واعتبر ميثاق "حماس" أرض فلسطين "وقفًا إسلاميًّا على أجيال المسلمين إلى يوم القيامة، لا يصح التفريط بها أو بجزء منها"، وأن تحرير فلسطين هو "فرض عين على كل مسلم حيثما كان".

وفي هذا الميثاق، لم تفرّق حركة "حماس" بين اليهود والصهيونية؛ حيث اعتبرت أن معركتهم مع "اليهود" بشكل عام.

العمل العسكري

أسست حركة "حماس" جناحها العسكري المسلّح، عز الدين القسّام، عام 1992؛ حيث أعلن عن اسم الكتائب في أول بيان صدر في 1 يناير من ذلك العام.

لكن بذور هذه الكتائب تشكّلت قبيل الإعلان عنها في عام 1986؛ قبيل الانطلاقة الرسمية لحركة "حماس"؛ حيث نفّذت الحركة عمليات مختلفة تحت عناوين مختلفة منذ ذلك الوقت وحتى عام 1992 عام تأسيس القسّام.

الجناح العسكري لحماس - قبل تأسيس "القسّام" - كان يعمل باسم "المجاهدون الفلسطينيون"، بقيادة الشيخ صلاح شحادة.

وبحسب مراجع تاريخية، تمكّن "المجاهدون الفلسطينيون" من اختطاف وقتل الرقيب الصهيوني "آفي ساسبورتس" في 3 فبراير 1989، والجندي إيلان سعدون في 3 مايو عام 1989.

وفي المقابل، شنّ الكيان الصهيوني في مايو 1989 حملة ضد "المجاهدون الفلسطينيون"؛ ما أدى إلى تفككه، ودفع الحركة لاحقًا إلى تشكيل كتائب "عز الدين القسّام" عام 1992.

ولذلك قال مراقبون سياسيون: إن "تأسيس القسّام ساهم في تغيير معادلة الصراع مع إسرائيل".

المشاركة السياسية

انخرطت حركة "حماس" في العملية السياسية الفلسطينية للمرة الأولى عندما شاركت في الانتخابات التشريعية التي عقدت عام 2006.

وفازت الحركة آنذاك بغالبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني.

هذا النجاح لاقى رفضًا إسرائيليًّا وأمريكيًّا وأوروبيًّا، كما رفضت حركة فتح (الخصم السياسي لحماس) وبقية الفصائل المشاركة في الحكومة التي شكلتها الحركة آنذاك، برئاسة إسماعيل هنية، بدعوى "عدم الاتفاق على البرنامج السياسي".

شهدت تلك الفترة اختلافات ومشاكل داخلية بين الطرفين حول الحكومة وشرعيتها، تطورت في وقت لاحق إلى اشتباكات مسلّحة، انتهت بسيطرة حركة حماس على قطاع غزة عام 2007.

وكانت تلك الأحداث بداية رسمية للانقسام الفلسطيني الداخلي بين حركتي "فتح" و"حماس"، والذي لا يزال مستمرًّا حتّى اليوم؛ في ظل جهود "متعثّرة" لتحقيق المصالحة الفلسطينية.

واتفقت حركتا فتح وحماس، مؤخرًا، على عقد الانتخابات الفلسطينية العامة، التشريعية على أن تتبعها انتخابات رئاسية، في مدة أقصاها 3 شهور.

وأرسلت حركة "حماس" موافقة خطية بذلك للرئيس الفلسطيني محمود عباس، على أن يصدر عقب هذه الموافقة، المرسوم الرئاسي من أجل البدء الفعلي بالتوافق على إجراء الانتخابات، فيما لم يصدر هذا المرسوم حتى اللحظة.

الوثيقة الجديدة

في مايو 2017، أصدرت حركة "حماس" وثيقة سياسية جديدة، تسعى من خلالها إلى الحصول على القبول الإقليمي والدولي، وإبعاد سمة "الإرهاب" عنها، بحسب آراء مراقبين.

وفي هذه الوثيقة، وافقت حماس على إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، دون الاعتراف بشرعية الكيان الصهيوني.

واحتوت الوثيقة على العديد من البنود التي تؤكد رفض الحركة للتطرف، وتؤكد "الوسطية والاعتدال".

كما عرفت حماس نفسها في الوثيقة على أنها حركة فلسطينية، دون الإشارة إلى ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين.

وذكرت "حماس" في وثيقتها أن صراعها مع اليهود، ليس دينيًّا، وأنها لا تعاديهم، بل تقاوم من احتل الأرض الفلسطينية.

اغتيال قيادات الحركة

تعرّض قيادات حركة "حماس" و"كتائب القسام"، منذ إعلان التأسيس، للملاحقة الصهيونية والتي وصلت إلى حد تنفيذ عمليات اغتيال بحقّهم، ومن أبرز القيادات التي تم اغتيالها:

-اغتيال صلاح شحادة، مؤسس الجهاز العسكري الأول لحركة "حماس"، والذي عُرف باسم "المجاهدون الفلسطينيون، في 22 من يوليو عام 2002.

-اغتيال إسماعيل أبو شنب، القيادي البارز في "حماس"، في 21 أغسطس 2003.

-اغتيال أحمد ياسين، مؤسس حركة "حماس"، في 22 مارس 2004.

-اغتيال عبد العزيز الرنتيسي، أحد مؤسسي الحركة وزعيم حركة حماس، في 14 أبريل 2004.

- اغتيال أحمد الجعبري، أبرز قادة كتائب "عز الدين القسّام"، في 14 نوفمبر 2012.