قتلت سيدتان وأصيب 7 أشخاص آخرين. من أقلية الروهينجا ، في قصف  لقوات ميانمار، اليوم السبت.

ونقلت "رويترز" عن عضو بالبرلمان الميانماري أن امرأتين من أقلية الروهنجيا، إحداهما حامل، لقيتا حتفهما وأصيب 7 أشخاص آخرين، اليوم السبت، في قصف لإحدى قرى الروهنجيا نفذته قوات الجيش بعد يومين من صدور حكم من محكمة العدل الدولية يلزم الحكومة بحماية الأقلية المسلمة.

وقال العضو البرلماني عن بلدة في شمال ولاية راخين: إن قذائف أُطلقت من كتيبة مجاورة ليلاً أصابت قرية كين تونج. وأضاف: لم يكن هناك قتال، ما حدث أنهم أطلقوا قذائف مدفعية على قرية دون معركة، مضيفاً أن هذه هي المرة الثانية خلال العام الجاري التي تشهد مقتل مدنيين.

واضطر أكثر من 730 ألفاً من الروهنجيا للفرار إلى بنجلاديش المجاورة من ولاية راخين في عام 2017 بعد حملة عسكرية قالت الأمم المتحدة: إنها نُفذت بنية الإبادة الجماعية. ونقلت "رويترز" عن سو تون أو شاهدة عيان من الروهنجيا، تعيش على مسافة ميل من القرية، قولها: إن القصف تسبب في تدمير منزلين.

وقالت: الجيش يطلق الأسلحة الثقيلة دائماً، يطلقون الأسلحة الثقيلة حول المنطقة التي يشتبهون بها، مستحيل أن نفر إلى أماكن أخرى رغم أننا نعيش في رعب.

وفي شق مستعجل من دعوى أقامتها جامبيا، في نوفمبر الماضي، قضت محكمة العدل الدولية، يوم الخميس الماضي، بإلزام ميانمار بحماية الروهنجيا من أي فظائع جديدة وحماية الأدلة التي تثبت الجرائم المزعوم ارتكابها ضدهم. والخميس الماضي أمرت محكمة العدل الدولية،  ميانمار باتخاذ جميع التدابير التي في حدود سلطتها لمنع وتجنب الإبادة الجماعية ضد أقلية الروهنجيا المسلمة.

جاء ذلك في حكم المحكمة الصادر في دعوى تقدمت بها غامبيا في 11 نوفمبر الماضي، تتهم فيها ميانمار بانتهاك التزاماتها بموجب أحكام اتفاقية "منع جرائم الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها" لعام 1948. ونص الحكم على ضرورة أن تتخذ ميانمار جميع " التدابير التي في حدود سلطتها لمنع أعمال الإبادة الجماعية، أو التحريض أو التواطؤ أو التآمر لارتكاب أعمال الإبادة الجماعية".

وطالبت المحكمة أن تقدم حكومة ميانمار تقرير حول أوضاع الروهنغيا إلى هيئة المحكمة كل 6 أشهر، على أن ترسل تقريها الأول بشأ هذه القضية بعد 4 أشهر من تاريخ صدور القرار. كما حثت المحكمة ميانمار على إلغاء أي تدابير من شأنها حرمان ومنع أقلية الروهنغيا من الإنجاب، لافتة إلى أن هذه الاقلية "مجموعة تحظى بالحماية بموجب المادة 2 من اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية".

وفي السياق، شددت المحكمة على أنّ جهود ميانمار لإعادة الروهنغيا إلى موطنهم "ليست كافية"، كونها لم تقدم أي دليل ملموس على سبل حمايتهم. في 11 نوفمبر الماضي، تقدمت دولة غامبيا الواقعة غربي إفريقيا، بدعوى رسمية أمام محكمة العدل الدولية، ضد ميانمار اتهمتها فيها بانتهاك التزاماتها بمراعاة أحكام اتفاقية "منع جرائم الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها".

ولقيت غامبيا دعما كاملا، من 57 دولة في منظمة التعاون الإسلامي، وقالت غامبيا في عريضة الدعوى إن ميانمار تنتهك بوضوح اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 بطرق متعددة. ويشار إلى أن ميانمار وغامبيا من بين أكثر من 140 دولة عضو في الأمم المتحدة وقعت تلك المعاهدة، في عامي 1956 و1978، على التوالي.

وتلزم الاتفاقية الدول الموقعة عليها بمنع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها.

وباعتبارها دولة طرف في المعاهدة، تلتزم ميانمار بتطويع قوانينها الوطنية وفقًا لاتفاقية الإبادة الجماعية، وهو أمر فشلت فيه منذ توقيعها على المعاهدة في 14 مارس 1956، في انتهاك مباشر لالتزاماتها.

وبشكل ملموس، تبرز الدعوى التي قدمتها غامبيا، نتائج خلصت إليها بعثات تقصي الحقائق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في ميانمار بشأن الإبادة الجماعية ضد الروهنغيا.

وبموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، تلتزم جميع الدول الأطراف في المعاهدة بالسعي لتصحيح أي انتهاكات للمعاهدة من قبل الدول الأعضاء.

وفي واقع الأمر، فإن غامبيا تتصرف وفقًا لهذا الالتزام المحدد في المعاهدة كدولة مسؤولة، رغم أن سياسات وممارسات الإبادة الجماعية في ميانمار ليس لها تأثير مباشر على غامبيا.

والأسبوع الماضي، قال فيليب ساندس، أحد أبرز خبراء الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية بالعالم، في حديث لصحيفة الغارديان إن "محكمة العدل الدولية الحارس النهائي لاتفاقية الإبادة الجماعية الي أُقرت قبل سبعة عقود، لمنع ومعاقبة الأهوال من النوع الذي حدث - وما زال يحدث - في ميانمار".

وتتمثل إحدى أهم المميزات التي تتمتع بها محكمة العدل الدولية، سلطتها في إصدار تدابير "فورية" لمواجهة انتهاكات ميانمار المستمرة بحق الروهنغيا.

وتسعى غامبيا إلى الحصول على تدخلات "فورية" من المحكمة لحماية ما تبقى من الروهنغيا - الذين تقدر الأمم المتحدة عددهم بنحو 600 ألف شخص - يتم احتجازهم داخل معسكرات النازحين داخليا وفي "سجون مفتوحة" شاسعة غربي ميانمار.

كما تطمح غامبيا إلى منع ميانمار من تدمير الأدلة المادية على جرائم الإبادة الجماعية، بما في ذلك المقابر الجماعية، والقرى المتفحمة، فضلا عن الرفات البشرية.

واستنادًا إلى صور الأقمار الصناعية، أثبتت بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة أن ميانمار دمرت آلاف من المباني السكنية والدينية والتجارية في نحو 400 قرية، وفيما بعد، قامت ميانمار بتجريف عددا من القرى المحروقة ، وشيدت مبانٍ جديدة محلها، لطمس الأدلة.

ولاحقا دعت زعيمة ميانمار، أونغ سان سو تشي، المستثمرين الأجانب من جميع أنحاء العالم للمجيء والاستثمار في الأراضي التي تم انتزاعها من الروهنغيا، تحت شعار "تنمية راخين".

وعليه، ستقوم محكمة العدل الدولية "بمحاكمة" ميانمار كدولة طرف في الانتهاكات المزعومة لاتفاقية الإبادة الجماعية.

وعلى هذه النحو، بدأت عجلة العدالة العالمية في التحرك، فعليا، للاقتصاص للروهنغيا، ضحايا الإبادة الجماعية في ميانمار، أملا في أن يمثل الجناة أمام قاعات المحاكم لملاقاة جزاءهم.

ومنذ 25 أغسطس 2017، تشن القوات المسلحة في ميانمار ومليشيات بوذية، حملة عسكرية ومجازر وحشية ضد الروهنغيا في أراكان.

وأسفرت الجرائم المستمرة منذ ذلك الحين عن مقتل آلاف الروهنغيين، حسب مصادر محلية ودولية متطابقة، فضلا عن لجوء قرابة مليون إلى بنغلاديش، وفق الأمم المتحدة.

وتعتبر حكومة ميانمار الروهنغيا "مهاجرين غير نظاميين" من بنغلاديش، فيما تصنفهم الأمم المتحدة "الأقلية الأكثر اضطهادا في العالم".