في السنوات الأخيرة تزايد الهجوم على شيخ الإسلام ابن تيمية ( 661 – 728هـ، 1263 – 1328م) وشارك في الهجوم عليه غلاة العلمانيين وبعض الطرق الصوفية، التي تتبناها أمريكا، والمدعومة من دولة ولاية الفقيه الفارسية، ومن نظام القذافي، الذي كان يدعو لإحياء الدولة الفاطمية الباطنية.

حتى لقد نشرت إحدى هذه الطرق الصوفية بالقاهرة كتابا يصف ابن تيمية بأنه “الخبيث الفاجر الكذاب الجبان، ناقص العقل والدين، المكذب لرب العالمين، الذي استبدل عقيدة التثليث بعقيدة التوحيد”!!.

يحدث هذا الاصطفاف الأمريكي الصوفي العلماني ضد ابن تيمية، رغم إجماع أئمة اليقظة الإسلامية الحديثة على مكانته الرائدة في هذه اليقظة، التي واجهت وتواجه التخلف الموروث والهيمنة الإمبريالية الغربية وغزوها الفكري لعالم الإسلام.

فرائد هذه اليقظة الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده (1266 – 1323هـ، 1849 – 1905م) يصف ابن تيمية بأنه “أعلم الناس بالسنة، وأشدهم غيرة على الدين” ويقول عن خصومه وشاتميه: “إنهم مقلدون، يملؤون أفواهمم بهذه الشتائم وعليهم إثمها وإثم من يقفوهم بها إلى يوم القيامة”.

كما كان الإمام محمد عبده – وهو رائد إحياء عيون التراث في عصرنا الحديث – أول من أوصى بطبع كتب ابن تيمية، فأخذت كتبه “منهاج السنة النبوية” و”درء تعارض صحيح المنقول بصريح المعقول” طريقها بتوصية من الأستاذ الإمام، إلى المطبعة.

وفي الجناح المغربي لهذه اليقظة الإسلامية، يتحدث الإمام عبد الحميد بن باديس (1308 – 1359هـ، 1889 – 1940م) عن المشروع الفكري لابن تيمية باعتباره “باب الشريعة الإسلامية”، أما الإمام محمد البشير الإبراهيمي (1306 – 1385هـ، 1889 – 1965م) فيصف ابن تيمية بأنه “المثال في شجاعة الرأي” الذي شنها حربا شعواء على البدع، عندما كانت الضلالات أقوى ما كانت رسوخا وشموخا، وأكثر اتباعا وشيوخا، يظاهرها الولاة القاسطون، ويؤازرها العلماء المتساهلون والمتأولون، ولقد عاش شاهدا ومات شهيدا، وترك بعده ما تترك الشمس من شفق يهدي الساريين المدلجين”.

كما تحدث الشيخ البشير عن أن ابن تيمية ومحمد عبده كانا عنوان الحركة الإصلاحية بالجزائر والمغرب، وأن خصوم هذه الحركة كانوا يصفون من يسلك طريقها بأنه “تيمي وعبداوي”.

وفي الجناح الشرقي لليقظة الإسلامية، وضع العلامة المودودي (1321 – 1399هـ، 1903 – 1979م) ابن تيمية في مقدمة المجددين، فهو:

1. الذي انتقد المنطق والفلسفة اليونانية.

2. وأقام الأدلة والبراهين على استقامة عقائد الإسلام وأحكامه.

3. ولم يجتزئ برفع النكير على التقليد الجامد فحسب، بل ضرب المثل بمزاولة الاجتهاد على طريقة المجتهدين من القرون الأولى.

4. وجاهد البدع وتقاليد الشرك وضلال العقائد والأخلاق جهادا قويا، ولقي في سبيل ذلك أعظم المصائب.

5. وجاهد بالسيف همجية التتار ووحشيتهم.

هكذا شهد أئمة الصحوة الإسلامية الحديثة لشيخ الإسلام ابن تيمية، وهكذا تحدثوا عن مكانته المتميزة بين المجددين للإسلام، وعن مكانته الرائدة في اليقظة الإسلامية الحديثة، فهو “أعلم الناس بالسنة، وأشدهم غيرة على الدين، وإبداعاته هي لباب الشريعة الإسلامية، ولقد عاش شاهدا ومات شهيدا وكان نجما ساطعا وشمسا مشرقة في سماء الإسلام.