استشهد فريد إسماعيل، القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين ووكيل لجنة الدفاع والأمن القومي في برلمان 2012 والذي كان معتقلا زورا على ذمة عدة قضايا هزلية، وذلك يوم الأربعاء 13 مايو 2015، بعد يومين من نقله إلى مستشفى بغرب القاهرة، إثر تدهور حالته الصحية بسجن العقرب شديد الحراسة الواقع ضمن مجمع سجون طرة، والذي يقبع خلفه أبرز قيادات جماعة الإخوان المسلمين.

والشهيد فريد إسماعيل البالغ من العمر 58 عاما، كان يشغل منصب عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة، وأحد وجوه جماعة الإخوان في ميدان التحرير، بوسط القاهرة، إبان ثورة يناير 2011.

وهو برلماني سابق اشتهر في قضايا مواجهة الفساد، وكان محبوسا في سجن العقرب، جنوبي القاهرة، إثر إدانته في قضية مرتبطة باتهامات في "أعمال عنف" وقعت في أعقاب الانقلاب على الرئيس الشهيد محمد مرسي في 3 يوليو 2013. وألقي القبض عليه في سبتمبر من نفس العام.
 
ولم يكن الشهيد هو الحالة الأولى التي ترتقي فيها قيادات محبوسة تنتمي للمستويات العليا بجماعة الإخوان شهيدة متأثرة بمرضها داخل السجون، إذ سبقه حالتان بارزتان في نوفمبر الماضي هما وفاة أبو بكر القاضى، أحد قيادات الإخوان الذي كان محبوسا في سجن بمحافظة قنا، جنوبي البلاد، وطارق الغندور، الأستاذ بكلية الطب جامعة عين شمس، الذي توفي داخل محبسه بالقاهرة.

وفي 27 سبتمبر 2013، توفي صفوت خليل (57 عاما)، وهو من قيادات الإخوان المسلمين بالدقهلية، بسجن المنصورة العمومي متأثرا بإصابته بمرض السرطان،وفي هذه الحالات السابقة اتهمت جماعة الإخوان داخلية العسكر بالإهمال الطبي.

إهمال متعمَّد

كعادتها تعنتت سلطات سجن العقرب في نقل إسماعيل إلى مستشفى خارج السجن لتلقي العلاج، رغم علمها بالتدهور الذي أصابه في أواخر أيامه جراء إصابته بمرض السكري والتهاب الكبد الوبائي "فيروس سي"، ما أدى إلى إصابة الرجل بغيبوبة كبدية تامة وساءت الحالة إلى أن وصلت لإصابته بجلطة في المخ، كل ذلك وسط تعنت من إدارة مصلحة السجون المصرية في نقله لمستشفى خارجي لتوفير الرعاية الصحية له، بالتزامن مع منع الأدوية الطبية عنه وإصابته بسوء تغذية بسبب تضييق إدارة السجن الخناق على المعتقلين السياسيين.

وعلى الرغم من علم سلطات العقرب بإصابة الشهيد بإذن الله بغيبوبة فإنهم أصروا على نقله من سجن العقرب في القاهرة إلى مدينة الزقازيق بالشرقية لحضور جلسة محكمة خاصة به، ونظرًا للتدهور الشديد في الحالة الصحية للرجل، فقد اضطرت سلطات الانقلاب إلى وضعه في مستشفى سجن الزقازيق العمومي، ولعدم معرفة أطباء مستشفى السجن بالحالة فإنهم وقفوا أمام حالته متفرجين لا أكثر، مع مطالبات بنقله إلى أقرب مستشفى جامعي للوقوف على حالته ولكن إدارة سجن الزقازيق رفضت هي الأخرى، وأعادته إلى القاهرة ليتم وضعه في مستشفى ليمان طرة.

هذا وقد نشر نجل البرلماني المتميز محمد فريد إسماعيل قبيل استشهاد والده بأيام تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وضح فيها سوء الأحوال الصحية لوالده داخل السجن، متهمًا إدارة السجن بعدم تقديم الرعاية الصحية لوالده؛ حيث قال: "والدي د. فريد إسماعيل دخل في غيبوبة كاملة غالبًا كبدية منذ 4 أيام في سجن العقرب ويمكن أكثر من هذه المدة.. لا نعلم.. بعد أن فتحوا باب الزنزانة الانفرادية عليه في هذا الوضع.. ولسه عارفين حالًا بالمعلومة دي منذ ساعة تقريبًا بالصدفة".

وتابع نجل الشهيد فريد إسماعيل القول: "طبعًا بعد أن منعنا من الزيارة في العقرب لأكثر من شهر وتم وضعه بلا آدمية في مستشفى السجن هناك في العقرب بلا أدنى مستوى من الرعاية لأرواح البشر وتم نقله لسجن الزقازيق وهو في الغيبوبة بحالته الصحية المتدهورة (عشان عنده جلسة اليوم السبت) وتم وضعه فى مستشفى سجن الزقازيق وطبعًا لم يحضر الجلسة .. وهو الآن يرقد فى غيبوبة كاملة بمستشفى سجن الزقازيق.. منتهى الاستهتار بأرواح البشر، للعلم هذا ما لدينا من معلومات وهو ما عرفناه بالصدفة البحتة".

مضيفًا: "ما يقال إن مستشفى العقرب لم تعلم ما حالته ولا أسباب الغيبوبة ومع ذلك تم ترحيله بهذا الوضع المتدنى وأيضًا مستشفى سجن الزقازيق لا تعلم السبب ولم ينقل حتى إلى مستشفى جامعي للوقوف على الحالة، للعلم والدي مريض سكر وكبد (فيروس سي) منذ سنوات".

فحسب ما قال نجل إسماعيل بأنه يقضي سجنه في حبس انفرادي رغم أنه مصاب بمرض مزمن يهدد حياته، وهذا اعتبره البعض أمرا متعمدا؛ إمعانًا في القمع من سلطات الانقلاب تجاه قيادات جماعة الإخوان المسلمين، الذين شكت أغلب أسرهم من منعهم من زيارة ذويهم في هذا السجن شديد الحراسة بالتحديد، بعد أن صادرت إدارته من المعتقلين كل مستلزماتهم الشخصية من ملابس وأطعمة وكتب وتركتهم بملابس السجن "البالية"، على حد وصف بعضهم.

قانون السجون المصرية الصادرعام 1956 يحمل رقم 396 والذي ينظم إدارة السجون، المادة  36  منه تقول إن كل محكوم عليه يتبين لطبيب أنه مصاب بمرض يهدد حياته بالخطر أو يعجزه عجزًا كليًا يعرض أمره على مدير القسم الطبي للسجون لفحصه بالاشتراك مع الطبيب الشرعي للنظر في الإفراج عنه.

فحالة الشهيد فريد إسماعيل كانت مستوفية للشروط القانونية للإفراج الصحي عنه، ولكنه لم يتم حتى وافته المنية؛ جراء سوء الرعاية الطبية للمعتقلين السياسيين.

وفي المقابل ظهرت الرواية الرسمية للدولة على لسان مسؤول مركز الإعلام الأمني بوزارة الداخلية الذي قال أن فريد إسماعيل توفي بمستشفى المنيل الجامعي بعد خضوعه للعلاج بها جراء إصابته بتليف كبدي، ما أدى إلى وفاته بغيبوبة في المستشفى، وهو ما تم إخطار مصلحة السجون به.

نجل الشهيد يفضح العسكر

هذه الرواية الرسمية أول من شكك بها هم أهل المعتقل الشهيد فريد إسماعيل، الذين أكدوا أن الإهمال الطبي من جانب داخلية الانقلاب وبالتحديد إدارة سجن العقرب هو السبب الرئيس لتردي الأوضاع الصحية للمعتقل، ما أدى إلى مضاعفات نتيجة أمراضه المزمنة التي كانت تستلزم نقله إلى مكان به "رعاية مركزة" مجهزة بأجهزة حديثه لإنقاذه، وهو ما أكدت أسرته أنه لم يتم من جانب سلطات سجن العقرب، فنقل المعتقل فريد إسماعيل إلى مستشفى المنيل لم يقل به أحد سوى داخلية الانقلاب في بيانها الرسمي، إذ يعتقد أن جثة المعتقل نقلت إلى هناك لتفادي الغضب الشعبي، ولنفي تهمة الإهمال المتعمد من جانب إدارة السجن، ما أدى لوفاة المعتقل.

استشهاد البرلماني فريد إسماعيل بهذه الطريقة المتعمدة أحدث ضجة بين النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأ الجميع في تعاطي ملف الإهمال الطبي في السجون للمعتقلين، فلم تكن هذه الحالة الأولى التي ترتقي نتيجة الإهمال الشديد من قبل السجون في الرعاية الصحية للمعتقلين السياسيين تحديدًا فضلًا عن غيرهم من الجنائيين، إذ تشير تقارير إلى أن هناك عددًا يفوق المائتين قد توفوا داخل السجون جراء الإهمال الطبي.

كانت الحالة الأبرز التي تدوالت بين النشطاء هي وفاة الدكتور طارق الغندور أستاذ الطب بجامعة عين شمس والمعتقل السياسي، إذ تعرض لنزيف حاد استمر لمدة ثماني ساعات دون إغاثة حتى وافته المنية، ليخرج أخوه متهمًا السلطات المصرية بقتله عمدًا، لتقوم بعدها السلطات بعملية "شرعنة للجريمة" على حد وصفه، عبر تركيب أجهزة تنفس صناعي، والتقاط صورة له وكأنه توفي وهو تحت الرعاية الطبية، رغم أن هذه الأجهزة ركبت بعد وفاته بالسجن، في مشهد يهدف لتغطية ما حدث، هذا فضلًا عن رصد المنظمات الحقوقية في مصر لأكثر من 5000 حالة مريضة بأمراض مزمنة معرضة لمواجهة مصير إسماعيل نتيجة الإهمال الطبي داخل السجون المصرية.

وقد وجه متابعون تهمة التصفية الجسدية المتعمدة للدكتور فريد إسماعيل عبر وزارة الداخلية، التي قصدت تركه بدون علاج حتى مات، مؤكدين أن صحة الرجل متدهورة منذ أيام وقد ناشد البعض قبل وفاته بالتدخل لإنقاذه، وبعد تقدم المحامين بطلبات لنقله لأحد المستشفيات، لم تستجب إدارة السجون المصرية إلا بعد وصوله إلى حالة حرجة، أدت الى جلطة في المخ، ونقل إلى مستشفى القصر العيني، والتي توفي بها بعد يوم من نقله نتيجة للإهمال الطبي الجسيم، الذي قال بعض الحقوقيين عنه أنه يصل إلى القتل العمد.

والشهيد فريد إسماعيل أستاذ بكلية الصيدلة بجامعة الزقازيق وعضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، والقيادي بجماعة الإخوان المسلمين تم اعتقاله من مسكنه بالزقازيق مطلع سبتمبر من العام  2013، بعد مجزرة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وملاحقة كافة قيادات الجماعة في المحافظات.

ولا يزال القتل العمد بالإهمال الطبي في سجون الانقلاب مستمرا دون حراك محلي أو تحرك دولي، وكأن السجناء حرموا من الحرية داخل سجون النظام الانقلابي، إلا أنه أبى إلا أن يحرمهم الحياة كلية بتركهم  فريسة لأمراضهم.

شهادة وكفاءة

لقد وضع حزب الحرية والعدالة على رأس القيادة نخبة من السياسيين من جماعة الإخوان المسلمين، شهد لهم العدو قبل الصديق بدماثة أخلاقهم وحسن طلتهم وهدوء طباعهم، وكان في مقدمتهم الدكتور فريد إسماعيل، عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة، الذي اغتالته يد الانقلاب من خلال جلادي سجن العقرب، الذين منعوا عنه العلاج والدواء، وهو الصيدلي والنقابي "الدينامو" في خدمة زملائه، ومن عالج ضباط وجنود سيارة ترحيلات تنقله لمحاكمة ظالمة، ولم يفكر في الهروب منهم.

نقابي دءوب

ويعد "د. فريد" نقابيًّا بارزًا عرف عنه سعيه في الدفاع عن زملاء مهنته؛ إبان عضويته بنقابة صيادلة الشرقية 3 دورات متتالية، كما أنه كان عضوا ببرلمان 2005، وفاز بشق الأنفس في المرحلة الثانية عن مدينة فاقوس محافظة الشرقية، حيث دفن فيها.

ويحسب لـ"د. فريد إسماعيل" أنه أول برلمانى يتهم حكومة نظيف بالخيانة العظمى ويطالب بمحاكمتها؛ بسبب بيع 650 ألف متر مربع من أرض طابا لشركة إسرائيلية فى واحد من أخطر الاستجوابات التى تقدم بها فى الفصل التشريعى التاسع 2005/2010.

كما كشف عن العديد من ملفات الفساد فى ملف نهب أراضى الدولة، خاصة فى سيناء وطريق مصر إسكندرية الصحراوي، والعياط بالجيزة، وشرم الشيخ، أيضا كشف عن اختراق الأجانب لسيناء، وتملكهم وحدات سكنية فى شرم الشيخ فى قرية "كورال باي"، واعترفت الحكومة خلال مناقشة طلب الإحاطة باختراق الأجانب لسيناء، ومثل الحكومة وقتها 7 وزراء ومن بينهم "مجلس الوزراء- الداخلية- العدل- الأمن العام- الإسكان- السياحة- الخارجية"، وتم إلغاء البيع وإحالة الموضوع للقضاء.

إضافة لكشف الفساد فى مشروع إنشاء مستشفى أورام جامعة الزقازيق، بعد أن كانت الأرض المخصصة له مقلب قمامة، واستطاع توفير اعتماد مالي للمشروع إلى أن بدأت المستشفى تعمل، وبفضل محاربته للفساد أصبح عضوا بمجلس إدارة منظمة "برلمانيون عرب ضد الفساد" ممثلا لمصر.

وسجلت مضابط مجلس الشعب لإسماعيل تقدمه بأكثر من 50 استجوابا و5000 طلب إحاطة وبيان عاجل وسؤال تحت قبة البرلمان، وتقدم بالعديد من مشاريع القوانين والتى كان آخرها قانون زيادة رواتب وترقيات أفراد الشرطة والقوات المسلحة، والذى أقره برلمان الثورة.

أمام محكمة الظلم

ومن داخل قفصه في أغسطس 2014، دخل د. "فريد" رافعا بيده شارة "رابعة"، وقال أمام دائرة الإرهاب المنعقدة بمحكمة بلبيس: إن "السلطة الحالية استباحت دم المصريين، وساعدت على قتل الأبرياء، وهذا دليل قاطع على الفشل الذريع لها".

وأضاف أن "الإخوان ليس لهم أى عداء مع الجيش أو الشرطة، ولكنهم مصرون على حماية أعوان النظام، وليس قيامهم بدورهم الرئيسي فى حماية الشعب المصري".

مؤكدا أن "الدم المصري كله حرام، ولكنهم ضد من يظلمهم، وأنهم كثيرا ما وقفوا مع قضاة مصر فترة حكم مبارك، مشيرا إلى أنهم يدعُون ليل نهار على كل قاض ظلمهم".

وقال للقاضي قولته الشهيرة: "لو أنني أيدت الانقلاب لكنت في وضع آخر، ولتلقفني قادة الانقلاب السيسي ومحمد إبراهيم القتلة بالترحاب".

سياسيون ينعونه

وفي 13 مايو 2015، أثارت وفاة "فريد إسماعيل" العديد من ردود الفعل الغاضبة، حيث لم تقتصر الإدانة والغضب على مؤيدي "الإخوان"، أو المتعاطفين معهم فقط، ولكنها امتدت لتشمل قطاعًا من السياسيين الذين غيروا وجهتهم عن الجماعة.

وعلق ناشطون حقوقيون في "الائتلاف العالمي للحريات والحقوق" على الحادث بقولهم، إن "الإهمال المتعمد في تقديم الرعاية الصحية للمعتقلين في السجون المصرية يرقى إلى درجة القتل العمد، والتصفية الجسدية لمعارضين سياسيين، وبالأخص أن الائتلاف العالمي سجل حالات مماثلة لحالة الدكتور فريد إسماعيل، توفي فيها معتقلون سياسيون إثر منعهم من الحصول على الرعاية الصحية المناسبة".

ووفقا لتقارير إعلامية دولية، فإن الإفادات التي تقدمت بها منظمات حقوقية تؤكد أن ما حدث في "رابعة العدوية" و"النهضة" وفي السجون، يرقى إلى جرائم الحرب، المتهم الأول فيها هو قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي.

وكان من بين من نعاه د. عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، محملا "النظام الأمني المصري فَقْدَ إنسانيته في التعامل مع مواطنيه"، واعتبر هيثم محمدين، القيادي بـ"الاشتراكيين الثوريين" والمعتقل بسجون الانقلاب، أن "فريد إسماعيل قُتِلَ اليوم داخل سجون العسكر"، مؤكدًا أن "وفاة فريد إسماعيل في رقبة السيسي".

وقالت غادة محمد نجيب، القيادية السابقة بحركة تمرد: إن "فريد إسماعيل" قتل لأنهم منعوا عنه الدواء، ورفضوا نقله للمستشفى، قائلة: "إنهم هم القتلة وهو شهيد بإذن الله".

وكتب عمرو علي، المنسق العام لحركة شباب 6 أبريل: "وفاة الرجل الخلوق د. فريد إسماعيل في سجن العقرب بسبب الإهمال الطبي المتعمد من إدارة السجن، ربنا يرحمه".

وسجل الكابتن نادر السيد رأيه في شهيد العقرب قائلا:  "د. فريد إسماعيل استشهد من سنة فى المعتقل، انهارده محكمة بلبيس حكمت عليه بـ١٠ سنين سجن، والله الخبر بجد مش نكتة".

واعتبر م. حاتم عزام، النائب السابق بالبرلمان الشرعي، أن مقتل د. فريد "جريمة قتل جنائية مع سبق الإصرار ونوع من التعذيب المفضي للموت، وجريمة ضد الإنسانية".

وأضاف: "زاملت إسماعيل في البرلمان والجمعية التأسيسية للدستور، وأشهد أنني رأيت إنسانا في قمة الخلق والسماحة".

واتفق معه الصحفي وائل قنديل في تغريدته على "تويتر"، قائلا:  "من يمنع دواء عن سجين ومن يرفض نقل سجين للمستشفى فهو قاتل مع سبق الإصرار، فريد إسماعيل شهيدا".

كان يمتلك قدرة كبيرة على كسب القلوب، حتى قلوب أولئك الذين يقفون ضد جماعة الإخوان المسلمين ويناصبونها العداء.

ذهب ضحية الإهمال المتدرج رغم معرفة إدارة السجون المصرية بحالته الصحية، وكان ثمة تعمد لإيصاله إلى مرحلة الموت، وهو ما يرقى إلى جريمة قتل متعمد مع سبق الإصرار والترصد، وفقا لتصريحات شخصيات مصرية من توجهات وأطياف سياسية عدة.

إدانة حقوقية

وقال محمد أبو هريرة، عضو هيئة الدفاع عن متهمي جماعة الإخوان والمعتقل حاليا: "فريد إسماعيل كان يعاني منذ شهرين من تدهور كبير في صحته نتيجة مرضه بالكبد، وتم نقله للمستشفى منذ 48 ساعة، لكنه توفي اليوم".

وبينما نفى مصدر أمني وجود أي "إهمال طبي" من مصلحة السجون وراء وفاة إسماعيل، أضاف أبو هريرة: "وفاة فريد إسماعيل جاءت نتيجة سوء الرعاية الطبية داخل السجن، ومنع دخول الطعام والدواء"، معتبرا أن "المادة 36 من قانون تنظيم السجون (المتعلقة بالإفراج الصحي) لم تطبق عليه".

وتقول هذه المادة، حسب أبو هريرة، "كل محكوم عليه يتبين لطبيب أنه مصاب بمرض يهدد حياته بالحظر أو يعجزه عجزا كليا، يعرض أمره على مدير القسم الطبى للسجون لفحصه بالاشتراك مع الطبيب الشرعى للنظر فى الإفراج عنه".

الشهيد الفريد في سطور

ولد فريد إسماعيل عام 1957، في  فاقوس – محافظة الشرقية، وحصل على بكالوريوس العلوم الصيدلية عام 1980، وعمل أستاذا بكلية الصيدلة في جامعة الزقازيق.

بدأ العمل العام مبكرا وهو على مقاعد الدراسة الجامعية، حين كان عضوا في اتحاد طلاب كلية الصيدلة بجامعة الزقازيق، ومن ثم عضوا بنقابة صيادلة الشرقية لثلاث دورات، ثم بعد ثورة يناير (كانون الثاني) 2011  أصبح عضوا بارزا في المكتب التنفيذي والهيئة العليا بحزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين.

وأصبح عضو مجلس شورى عام الإخوان، وعضو مجلس أمناء ثورة 25 كانون الثاني/ يناير، وعضو الجمعية التأسيسية لوضع دستور 2012، ووكيل لجنة الدفاع والأمن القومي.

دخل البرلمان، بعد نجاحه في انتخابات عام 2005 وظل بها حتى 2010، ثم أعيد انتخابه على قوائم الإخوان في برلمان 2012، عن دائرة فاقوس بالشرقية. وخلال عمله البرلماني قدم العديد من الاستجوابات لممثلي الحكومة والوزراء، أبرزها استجواب ارتفاع أسعار الدواء، واستجواب التفريط في أراضي سيناء.

وشهدت الدورة البرلمانية إنجازات كبيرة له، سواء في الجانب التشريعي أم الرقابي أم الخدمي، حيث قدم أكثر من 1500 أداة رقابية، منها 25 استجواب، بالإضافة إلى تبني القضايا الجماهيرية الملحة وملاحقة ملفات الفساد ولوبي الفساد في المجلس.

وظهر في أكثر من 50 برنامجا تلفـزيونيا ومئات الصحف، في ملفات كان أبرزها ملف الاستيلاء على أراضي الدولة الذي حركه النائب بالمجلس.

بعد 30 حزيران/ يونيو، شارك فريد إسماعيل في اعتصام رابعة العدوية، وفي تصريح له أكد استمراره في الاعتصام حتى عودة الشرعية الممثلة في الرئيس محمد مرسي، ودستور 2012 الذي أقره الشعب باستفتاء شعبي، أملا في سقوط ما وصفه بـ"الانقلاب الدموي".

تم اعتقاله في أيلول/ سبتمبر 2013 في شقة بالزقازيق بمحافظة الشرقية، وادعت وزارة الداخلية وقتها أنه كان يستعد للهروب إلى غزة.

كان قد تلقى حكما بالسجن لمدة سبع سنوات في قضية اتهم فيها زعما بإحداث شغب وتظاهر في دائرة قسم شرطة الزقازيق، إلى جانب إدراج أسمه في قضية "التخابر الكبرى"، واتهامه بارتكاب "جرائم التخابر مع منظمات وجهات أجنبية خارج البلاد- منها حماس" و"إفشاء أسرار الأمن القومي" و"التنسيق مع تنظيمات جهادية داخل مصر وخارجها للإعداد لعمليات إرهابية داخل الأراضي المصرية".

ومقتل الدكتور فريد إسماعيل يؤكد أن دائرة الدم والكراهية تتسع في مصر تحت حكم العسكر، وانفلات قوى الأمن من أي ضوابط أو رقابة أو عقوبات.

كلمة للدكتور الشهيد فريد إسماعيل حول: الثورة.. المكتسبات والتحديات