صفحة من جهاد الإخوان المسلمين في فلسطين

لم يكن دخول الجيوش العربية الحرب في فلسطين سوى نكبة أخرى فكل دولة من دول الجوار كانت تفكر في ضم أكبر جزء تسيطر عليه من فلسطين إلى أراضيها، ولم تكن الجيوش على المستوى المناسب من حيث التدريب والتسليح ومن حيث الخطط العسكرية كذلك، ولما شعرت الجيوش العربية بقوة اليهود واستعدادهم للحرب، تقوقعوا وتخاذلوا، وحدثت الهزيمة النكراء.

نعود مرة أخرى إلى قطاع مار إلياس، فبعد أن انتهت الهدنة المشئومة، وقتل اليهود "برنادوت" الوسيط الدولي، حتى لا يطلب هدنة أخرى ليسوا في حاجة إليها، بعد أن تضاعفت قوتهم وقويت شوكتهم، بقينا في مواقعنا في صور باهر ومار إلياس وما حولها، ولولا تحصين مواقعنا بالتخطيط الذي رسمه معروف الحضري والأستاذ محمود عبده، لما استطعنا التواجد على أرض صور باهر من ناحية، وموقع 3جـ، 3ب المواجهين لكامب "معسكر" العالمين من ناحية أخرى، أما موقع عصفورة، و3 أو جواد، فقد كانت مواقع مكشوفة ومليئة بأشجار الزيتون.

وبعد أيام جاءتنا أخبار بأن القوة الموجودة في دير التندور من الجيش الأردني، تركت الموقع، فأخذنا قوة في عربة مصفحة من العربات التي غنمناها من العصابات اليهودية، في دير البلح بقيادة الضابط حمدي واصف وعسكرنا في المكان لعدة أيام خشية أن يحتله اليهود، حتى جاءت قوة أخرى مكاننا، وعدنا مرة أخرى إلى مار إلياس.

كان الأخ سعد زهران قائد قوة المفرقعات وهو من الإخوان المسلمين بشبرا مصر، في طريقه ليركب القطار المؤدي إلى القاهرة، ليقضي إجازته هناك، فمر على الضابط أبي بكر المنزلاوي، وهو ضابط التدريب على المفرقعات في الهايكستب وكان مسئولا عن كتيبة أخرى، فسأله المنزلاوي عن وجهته، ثم قال ألا تريد الشهادة في سبيل الله؟ قال: نعم فقال له: إذن أجل إجازتك لأننا سنخوض معركة معًا، حيث إنني استكشفت منطقة يمكن أن يعسكر فيها اليهود فيقطعوا الطريق بين مصر وفلسطين، وبالتالي نقع جميعًا في الحصار وبالفعل قاما سويًا – الأخ زهران والضابط أبو بكر المنزولاي – بزرع حقل ألغام في تلك المنطق، دون أن يعلم الجيش المصري عن هذه الموقعة شيئًا، وبعد أن زرعا الألغام وسويا المكان، وربطا الألغام بسلك متصل بمولد كهربي، وجلس الأخ سعد زهران بجوار المولد، وبقي الضابط أبو بكر المنزلاوي بعيدًا للمراقبة وهو يحمل معه رشاش برن، ثم جاءت مصفحة يهودية لاستكشاف المكان ودخلت حقل الألغام، لكن الأخوين تركاها تعود من حيث أتت دون أن يفجراها، وكانت حكمة كبيرة أجراها الله بقدره، حتى اطمأنت الدورية الاستكشافية اليهودية إلى خلو المكان من المجاهدين، وما هي إلا لحظات حتى وصلت المكان قوة كبيرة من اليهود، قوامها خمسون عربة مصفحة محملة بالجنود، ودخلت حقل الألغام، وانفجرت المصفحات جميعًا، بالجنود الذين كانوا بداخلها ويقدر عددهم بأكثر من خمسمائة جندي، وكانت كارثة كبيرة للعدو، وبدأنا بعد ذلك في القيام بأعمال فدائية لنسف خطوط المياه والإمداد والتموين والمخازن، وهذه الأعمال هي التي أقلقت العصابات الصهيونية بشدة.

في فترة الهدنة:

وفي فترة الهدنة، استولى اليهود على بيت صغير لأسرة فلسطينية في أطراف إحدى القرى، فذهبنا إليهم وطلبنا مسئولا نتفاوض معه وهددناهم إن لم ينسحبوا، فسوف نخرجهم بالقوة، فانصاعوا للأمر وتركوا المنزل لأهله.

وفي فترة الهدنة أيضًا، ذهب ضابط برتبة ملازم من الجيش المصري إلى مواقع اليهود دون علم القيادة، وعندما تأخر قلقنا أن يكون قد أصابه منهم شر، فأرسلنا أحد الإخوان لاستطلاع الأمر، وقررنا إن لم يعد هذا الأخ هو الآخر، فسوف نهاجم المكان مهما كانت النتائج، وبعد فترة عاد الأخ أسيفًا حزينًا، إذ وجد هذا الضابط جالسًا يتسامر مع مجموعة من الرجال والنساء اليهود، ففكرنا في ضربه عندما يعود، ثم قررنا أن نكتفي بإبلاغ القيادة بهذه الواقعة، وكان معنا شاب مصري مسيحي متطوع، فاستنكر فعلة هذا الضابط واستحسن رأينا بتبليغ القيادة.

وفي هذه الفترة أيضًا، وقعت مصيبة كبيرة، أحزنتنا حزنًا عميقًا، وهي استشهاد البطل أحمد عبد العزيز قائد المتطوعين، ومما زاد من شعورنا بالأسى أنه قُتل بأيد مصرية، والرواية – كما سمعناها عن مصرعه – أنه كان في القدس في اجتماع مع لجنة الهدنة، وبعد الاجتماع جاءه الضابطان: الورداني، وصلاح سالم من قيادة القوات بالمجدل لأخذ تقرير لجنة الهدنة، وذهب البطل أحمد عبد العزيز معهما بسيارته، وكان الوقت ليلا، وفي الطريق استوقفه جنود قرب الفالوجا وسألوه عن كلمة "سر الليل" ثم قتلوه فورًا وهي حادثة تبدو شديدة الغموض والغرابة، وليس هناك من تفسير إلا أنها مؤامرة مقصود منها التخلص منه، خصوصًا بعد خطبته التي أشرت إليها، والتي ذكر فيها أن جميع البلاد العربية ومنها مصر بحاجة إلى التحرر من الاستعمار ومن حكم الطغاة الفاسدين، وأنه سوف يسعى إلى تحرير البلاد العربية بعد أن تتحرر فلسطين.. والحقيقة أنه رغم الحزن العميق الذي خيم على جميع المجاهدين، إلا أننا كنا نتوقع له هذا المصير..

فرح اليهود كثيرًا باستشهاد البطل أحمد عبد العزيز، كيف لا وهو الذي قاد أقوى المعارك ضدهم، وأذاقهم الكثير من الآلام والجراح وحرمهم نعمة الأمن والسكينة، رحمه الله رحمة واسعة، وأنزله منازل الأبرار فقد كان قائدًا وطنيًا مخلصًا لدينه ولأمته ولقضية فلسطين وأقيم له نصب تذكاري في مدافن الشهداء في بيت لحم، وتسلم قيادة المتطوعين من بعده البكباشي محمد عبد الجواد طبالة، الذي انتهج نهجه من أول يوم بالمرور على المواقع والخطوط الأمامية وتفقد القوات المرابطة.

كان المتطوعون اليمنيون يحمون تبة مقدمة من قطاع كرمزان، فاستولى عليها اليهود، فطلب معروف الحضري من الأستاذ محمود عبده إرسال قوة لاسترداد هذه التبة، وفعلا أرسلت قوة بقيادة الأخ عبد الغفار علي قوامها عشرون أخًا فاستردوا التبة، بعد أن كان اليهود قد غيروا مواقعها في أربع وعشرين ساعة فقط لتكون في مواجهة كرمزان، وسميت بعد ذلك بـ "تبة الإخوان المسلمين".

وفي العاشر من أكتوبر 1948 بدأ اليهود التحرك في بيت صفافة بكامب العالمين، ووصلت أنباء هذا التحرك إلى القيادة، فأرسلت قوة بقيادة الملازم أول خالد فوزي واستمرت المعركة من الليل حتى السادسة صباحًا، وبعد المعركة الضارية اتصل بنا مراقبو الهدنة لإخلاء سبيل جثث قتلى اليهود، وظلت المناوشات بيننا مستمرة لا تنقطع.

وفي السابع والعشرين من نفس الشهر، احتل اليهود بئر السبع، وفر قائدها القائمقام أحمد سيف اليزل خليفة إلى بيت لحم، ومعه عدد من ضباط الجيش المصري، ولجأ قائد المتطوعين البكباشي محمد عبد الجواد طبالة إلى احتلال مبنى الونستون، لكن للأسف ظل الطريق مقطوعًا بالنسبة لنا، وكانت الذخيرة والتموين تأتينا عن طريق الطيران المصري من مطار المفرق الأردني.

معركة جبل المكبر:

وبعد سقوط بئر السبع ذهبت إلى صور باهر مع قوة الأستاذ محمود عبده وقمت بقيادة المدفعية هناك وتسببت في إزعاج اليهود حول الموقع عن طريق توجيه الضربات صباحًا ومساءً.. وفي صور باهر وقعت معركة كبيرة.. حيث كانت قوات الأستاذ محمود عبده قد أقامت تحصينات واستحكامات قوية للموقع، وقد حاولت العصابات الصهيونية الهجوم على الموقع باعتباره يشكل خطورة على مستعمراتهم، فأحضروا قوة كبيرة لا تقل عن ألف جندي، وبدأوا التحرك نحو صور باهر عن طريق جبل المكبر، وعن طريق الوديان، لأن منطقة صور باهر مرتفعة.. وكان لنا في الوادي دشم يحرسها إخوة كرام، في دوريات مستمرة، وعندما شاهدوا التحركات أبلغوا القيادة فاتصل محمود عبده بكمال الدين حسين قائد المدفعية، ووقفت القوة المرابطة في صور باهر على أهبة الاستعداد، وترك القائد اليهود يتقدمون صوب المعسكر، حتى وصلوا إلى مرمى المدفعية، التي بدأت الضرب في كل الاتجاهات، حتى اضطر العدو للانسحاب، وفي هذه المعركة أصيب القائد محمود عبده بطلقة نارية تحت القلب ونقل على الفور إلى المستشفى في بيت لحم، وقام اليهود باتصالات مع مراقبي الأمم المتحدة لسحب قتلاهم.. واتفق المراقبون على اللقاء في دار الحكومة، وحضر عدد من قادة العدو ومعهم قوة كبيرة لسحب القتلى.

وكانوا يبكون بشدة لأن كثيرًا من قوادهم كانوا ضمن القتلى الذين بلغ عددهم 264قتيلا، وهذا العدد الضخم في معركة واحدة، هو العدد الذي لم يتمكنوا من إخلائه أثناء المعركة، لأن كل جندي إسرائيلي مزود بحبل وفأس وكوريك لدفن القتلى، وبودرة خاصة بالجروح وشاش معقم، ومع كل مجموعة تابوت من الأسياخ الحديدية لسحب القتلى أو الجرحى بسرعة من الميدان، المهم أنهم لا يتركون جرحاهم أو قتلاهم إلا عند العجز فقط، ومعنى ذلك أن المعركة كانت شديدة جدًا، وأن العدد الإجمالي للقتلى والجرحى كان أكبر من ذلك.

وحمدنا الله كثيرًا على نتيجة هذه المعركة الكبيرة، التي كانت ثمرة الاعتماد على الله أولا ثم على حكمة وحنكة القائد محمود عبده الذي كان مدرسًا وضابطًا احتياطًيًا بالجيش المصري فجزاه الله خير الجزاء.

وفي إحدى المرات كنت جالسًا مع بعض الأخوة، وكان أحدهم كبير السن، فقال: أسأل الله أن أصاب بطلقة ها هنا لأستشهد في سبيله، وأشار بيده إلى جبهته، وفعلا كان الأخ صادقًا في دعوته فاستجاب الله له، وفي أول معركة يخوضها أصابته طلقة في نفس المكان الذي أشار إليه، ولقي ربه شهيدًا، وصدق الله العظيم إذ يقول: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (الأحزاب: 23).

وذات يوم، بينما نحن في معسكرنا بمدينة صور باهر، سقطت علينا قذيفة مدفع هاون طولها متر وعشرون سنتيمتر، وقطرها ثلاث بوصات.. سقطت القذيفة في حديقة المدرسة، لكنها بفضل الله لم تنفجر، وعندما ذهبنا لرفعها وفحصها لمعرفة مكوناتها، خصوصًا أنها مصنعة محليًا، سمعنا أزيز قذيفة أخرى في الجو فجرينا مسرعين إلى أماكن متفرقة، وانبطح زملائي على الأرض، وجريت أنا ناحية المطبخ خلف شجرة، وإذا بالقذيفة تسقط على بعد مترين وتنسف المطبخ عن آخره، وشاءت إرادة الله ألا أصاب بأي أذى منها، وأصيب أحد الأخوة واسمه "الحملي" بشظية في فخذه.

خداع العدو:

ورغبة في إزعاج العصابات اليهودية وإقلاقهم باستمرار، كنا نصنع هياكل من الخشب على شكل مدافع، وصنعنا شواخص ووضعنا على رؤوسها خوذًا، وكنا نقوم برفعها في مكان، فيظن اليهود أننا سنهاجمهم من هذا المكان، فينطلق وابل من الرصاص على المكان الذي نكون قد انسحبنا منه، وبعد فترة نضع هذه الهياكل والشواخص في مكان آخر وهكذا.. وأيضًا كنا نشعل بعض أصابع من مادة الجلجنايت المتفجرة، ونقذفها في وسط المسافة بيننا وبينهم، فينهمر وابل من الرصاص وطلقات المدفعية على المكان، الخالي بالطبع من أي قوات أو أسلحة، وهكذا دواليك.

وكان هناك منزل مكون من أربعة طوابق، يشرف على الطريق الجبلي الذي يربط بيت لحم بالقدس، استولت عليه العصابات الصهيونية من صاحبه الفلسطيني ويدعى أحمد محمود، وكانوا يستخدمونه في إطلاق النار على من يمر من هذا الطريق ومعظمهم من التجار الفلسطينيين، الذين ينقلون بضاعتهم بين القدس وبيت لحم، فقررنا نسف المنزل لتأمين الطريق، وتقدمت مجموعة من الفدائيين بقيادة المجاهد ضيف الله السباعي، وهو سوري الجنسية وابن شقيق الدكتور مصطفى السباعي المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا، وأثناء التقدم نحو المنزل لتنفيذ الخطة في ظلام الليل، أصيب الأخ ضيف الله السباعي برصاصة طائشة، ولكنه أمر القوة بالتقدم وتنفيذ الخطة، وبالفعل تم وضع المتفجرات في المكان ا لمناسب، وانسحبت القوة وهي تحمل الأخ ضيف الله إلا أنه استشهد قبل وصوله المعسكر – رحمه الله رحمة واسعة – وبعد قليل انفجرت العبوت، ونسف المنزل على من فيه من اليهود، واهتزت المستعمرات المحيطة، واستراح المارة على الطريق من شرور العصابات اليهودية، وحمدنا الله على ذلك كثيرًا.

كنت أحرص، أنا وبعض الإخوان، على أداء صلاة الجمعة في القدس ما أمكننا ذلك، لعلمنا أن الصلاة في المسجد الأقصى تعدل أجر 500 صلاة فيما سواه، وكنا نذهب إلى هناك عن طريق الجبل، وكان هذا الطريق يأخذ حوالي ساعتين سيرًا على الأقدام، وفي أحد الأيام ذهب الملك عبدالله ملك الأردن (جد الملك حسين) لصلاة الجمعة في المسجد الأقصى ورأينا موكبه في الطريق إلى المسجد، وجلس في مقصورة وحوله الحاشية، إلا أنه اغتيل في ساحته في نفس اليوم، على يد أحد الفلسطينيين، لأن الشعب الأردني والشعب الفلسطيني كانوا يعتبرونه خائنًا للقضية الفلسطينية.

وفي يوم من أيام الجمعة ذهبنا لزيارة الأخ سعيد رمضان – زوج ابنة الإمام الشهيد حسن البنا – وهو من كرام الإخوان، وكان بمثابة الحاكم العسكري للقدس في ذلك الوقت ولم نجده، وقيل لنا إنه ذهب لتسلّم القدس القديمة، وذهبنا إلى هناك ودخلنا حارة اليهود ووجدناها مليئة بالمحلات الخالية والمبعثرة.. وكان معي في تلك الزيارة الأخ صلاح العطار والأخ محمود حسن، ولم نتمكن من لقاء الأستاذ سعيد رمضان فعدنا آخر النهار إلى موقعنا في صور باهر بعد أن صلينا في المسجد الأقصى وزرنا قبة الصخرة المشرفة.

قائمة شهداء في عدة مواقع:

1-  الشهيد عبد الوهاب البتانوني.

2-  الشهيد رشاد محمد زكي.

3-  الشهيد محمد حامد ماهر.

شهداء العسلوج:

1-  الشهيد مكاوي سليم علي .. من الزقازيق

2-  الشهيد سيد محمد قارون .. المنصورة.

3-  الشهيد إبراهيم عبد الجواد .. من الفيوم.

شهداء تبة اليمن:

1-  الشهيد سيد منصور.

2-  الشهيد عبد الحميد بسيوني.

3-  الشهيد حسن العزازي.

4-  لا أعرفه.

5-  لا أعرفه.

6-  ضيف الله السباعي في معركة بيت أحمد محمود بصور باهر.

وفي العشرين من أكتوبر 1948 حاولت العصابات اليهودية الهجوم على صور باهر، غير أن هجماتهم المتكررة تكسرت تحت تحصينات الإخوان القوية، فقرر العداء الاستيلاء على المرتفعات المجاورة، للانقضاض على صور باهر وعلى قيادات القوات الخفيفة "الكوماندوز" في بيت لحم، وحشدوا حشودهم لهذا الغرض، فأرسل المجاهد الكبير محمود عبده قوة كبيرة لتنفيذ هجوم مضاد تستعيد به تبة اليمن التي كانت أولى المرتفعات التي احتلها اليهود، وكان على رأس هذه القوة الملازم أول خالد فوزي، وقد نجح الإخوان – بفضل الله  تعالى – في الهجوم، وتراجع العدو بعد مقاومة شديدة وخسائر من الطرفين، وقد وصف قيادة بيت لحم هذا الهجوم في إشارتها إلى قيادة الجيش المصري يوم 20من أكتوبر تقول:

"قام العدو بهجوم عنيف على جميع مواقعنا الدفاعية، تحت ستار غلالة شديدة من نيران الأسلحة الأوتوماتيكية والهاونات، وقذائف الألغام والمدفعية الثقيلة، وقد صدت قواتنا الهجوم، وتمكن العدو من الاستيلاء على مواقعنا بجبل اليمن، وقامت قوة من الإخوان المسلمين بقيادة الملازم أول خالد فوزي بهجوم مضاد، فطردت العدو بعد أن كبدته خسائر فادحة"..

وعلقت جريدة "الناس" العراقية في عددها الصادر يوم 7من نوفمبر 1948 على هذه المعركة بمقال تحت عنوان "بسالة متطوعي الإخوان المسلمين" جاء فيه:

.."وإن اليومين الماضيين امتازا ببسالة منقطعة النظير من متطوعي الإخوان المسلمين، فقد استولى اليهود شمال غربي بيت لحم، بعد محاولات عديدة، على جبل مرتفع يسمى "تبة اليمن" ويشرف على قرى الولجة وعين كرم والمالحة وما جاورها، وأصبحوا يهددون كل المناطق المحيطة بها، ورأت قيادة الجيش المصري ضرورة تطهيرها فندبت لذلك عددًا من متطوعي الإخوان المسلمين في صور باهر، فتقدمت سرية منهم، ولم تمر ساعة حتى كانت هذه القوة قد أجهزت على القوة اليهودية، وغنمت ذخيرتها ومتاعها وحررت قرية الولجة، وأصبحت تسيطر على منطقة واسعة..".

وقد  أصدرت قيادة الجيش أمرًا بتسمية الجبل "تبة الإخوان المسلمين".