بقلم: ناصح أمين

هذه رسالة حب وإشفاق، أكتبها بكل إخلاص ووفاء وإنصاف إلى أهلي وعشيرتي وعمي وخالي وعمتي وخالتي.. إلى أخي وأختي.. إلى جدي وجدتي.. إلى ابني وابنتي وأبنائكم جميعًا.. إليكم يا كرام الناس.. يا أحباب رسول الله.. يا من تحبون الله ورسوله، وتحبون الفوز بالجنة، وتخافون من العذاب والنار.. إليكم يا عشاق الرجولة والأخلاق الكريمة والمروءة والشرف والصلاح.. إليكم يا من تكرهون الكفر والفسوق والعصيان، والخسة والمذلة.. أخاطب فيكم الضمير الحي المؤمن، والمشاعر الإنسانية الرقيقة والنزيهة، والعقل الحكيم الذكي، والنفس العزيزة الأبيَّة.

هذه كلماتي أبعثها من قلبٍ امتلأ بحبكم والحرص عليكم والرغبة فيما يسعدكم، وأنتم في أعلى مراتب الشرف والكرامة والسعادة في الدنيا والآخرة، والله أسأل أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم ويجمعنا بكم في عفو وعافية على خيرَي الدنيا والآخرة.

كلمة أعذر بها إلى الله في حبكم ونصحكم والأخذ بسبب هدايتكم والله يتولى الصالحين.. هذه كلمة ونصيحة توضح ما يجب أن يكون بيننا وبين كل قريب مع أهله وأقربائه من حب وصفاء وود وعطاء وإحسان وتواصل وتعاطف وتعاون وإخاء بما يرضى الله تعالى.. حديثنا عن صلة الرحم والأقارب والتحذير من القطعية.

فضيلة صلة الرحم والإحسان إلى الأهل والأقارب

هي شعبة من شعب الإيمان، ولكنها شعبة عظيمة الخطر لما لها من أهمية في حياة الإنسان في الدنيا والآخرة، وهي التي يتوقف عليها فوز الإنسان أو خسارته يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ..﴾ (التحريم: من الآية 6) أمر- سبحانه وتعالى- بالاهتمام بالأهل ونصحهم وتقريبهم من الله تعالى، وإبعادهم ووقايتهم مما يغضبه- سبحانه وتعالى- ومن لم يفعل سيكون من الخاسرين، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ (الزمر: 15).

وقد عد الله- سبحانه وتعالى- الذين يصلون أرحامهم من المؤمنين الذين يعلمون الحق ووصفهم بأولي الألباب.. ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ* الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ* وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴾ (الرعد: 19-21) إلى أن قال: ﴿أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ* جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ* سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ (الرعد:22-24)، وجعل الخاسرين الذين يقطعون الرحم ولا يصلون ما أمر الله به أن يوصل ﴿وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ (الرعد:25).

إن الذين يقطعون الأرحام ولا يصلونها يفسدون في الأرض ولا يصلحون، فشرط النجاة من الخسران والفساد والعذاب في الدنيا والآخرة والفوز بالجنة ورضا الله هو صلة الرحم والإحسان إلى الأهل والأقارب جميعًا، وعدم الإساءة إليهم وإن هم أساءوا، والحرص على هدايتهم ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ (الشعراء:214) بل قرن الله بين الأمر بتقواه واتقاء عذابه والأمر بانقضاء قطيعه الرحم لما لها من الأهمية والخطر فقال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ (النساء:1 ).. أي اتقوا الأرحام أن تقطعوها، وقرن تعالى بين توحيده والإحسان للوالدين: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا﴾ (الإسراء:23) فانظر كيف اقترن توحيد الله وعبادته والإحسان إلى الوالدين، وقد جاء في الحديث: "رضا الله من رضا الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد".. فتدبر يا من تريد أن تعبد ربك بحق.

فضل الإحسان إلى أهلك وأقاربك

1-  تخفيف الحساب يوم القيامة: لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴾ (الرعد: 21)، فمن وصل رحمه- خشيةً لله وخوفًا من سوء الحساب- خفَّف الله عنه.. قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "إن البر والصلة ليخففان سوء الحساب يوم القيامة.. ثم تلا الآية..".

2- يتم به العدل بل الإحسان: قال تعالى:﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ﴾ (النحل: 90) بينت الآية الكريمة أن العدل والإحسان الذي أمر الله به لا يتم من أحد إلا بصلة الرحم والإحسان إلى الأهل والقرابة..  فهل تستطيع أن تعيش أخي الحبيب دون عدل وإحسان أو أن تلقى الله دون ذلك؟ فهيا سارع إلى رحمك وأهلك واحملهم فوق الأعناق.

3- زيادة العمر والرزق والولد والبركة في كل ذلك، ويعمر الديار، ويدفع ميته السوء: هذه أمنية الحياة وحسناتها، قال- صلى الله عليه وسلم-: "من سره أن يُمَد له في عمره ويوسَّع له في رزقه، وتُرفَع عنه ميته السوء فليتق الله وليصل رحمه" (رواه البيهقي- شعب الإيمان 7949)، وقال في حديث آخر: "إن الصدقة وصلة الرحم يزيد الله بهما في العمر ويدفع ميته السوء"، وفي رواية: "ويدفع بها المكروه والمحذور" (الترمذي).

وقال- صلى الله عليه وسلم-: "إن الله ليعمر بالقوم الديار وينمي لهم الأموال، وما نظر إليهم منذ خلقهم بغضًا لهم..!! قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟! قال بصلتهم أرحامهم" (البيهقي)، وإذا زاد العمر والولد وعمرت الديار ووضعت البركة في كل ذلك ونجوت مما تجد من المكاره والمحاذير ومصارع السوء فتلك هي الحياة الطبية: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ (النحل: 97) فاهتف من أعماق قلبك: وقل: رب زدني إحسانًا إلى أهلي لتزداد من هذا النعيم العظيم.

4- تحويل الشقاوة إلى سعادة، وتصبح من أهل المعروف في الآخرة: بل إذا كنت من أهل الشقاوة والتعب وأحببت أن يحول الله هذا الشقاء إلى سعادة، وتموت ميتة سوية فأسرع وبادر بصلة الرحم وأحسن إليهم.. قال- صلى الله عليه وسلم-: "الصدقة على وجهها، وبر الوالدين، واصطناع المعروف يحول الشقاوة إلى سعادة، ويزيد في العمر، ويقي مصارع السوء" (ابن مردويه وابن عساكر)، وقال- صلى الله عليه وسلم- أيضًا: "أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة".. الحديث.

5- مغفرة الذنوب: الجميع يشكو كثرة الذنوب، ويخاف من العذاب ومن العقاب، والجميع يصرخ هل من مخرج؟! هل من مغفرة لذنوبي الكثيرة؟! نقول نعم.. هذا هو الطريق لتتخلص من ذنوبك، يدلك عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "إذ أتى النبيَّ- صلى الله عليه وسلم- رجلٌ فقال: إني أذنبت ذنبًا عظيمًا فهل لي من توبة؟! قال: هل لك من أم؟! قال: لا، قال: هل لك من خالة..؟! قال نعم.. قال: فبرها" (رواه البيهقي): أمك إذن أو خالتك هي الطريق إلى مغفرة الذنوب هي السبيل إلى الراحة في الدنيا والآخرة فسارع في الإحسان إليها، فالخالة بمنزلة الأم، كما جاء في حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.

6- إذا أحببت أن تكون من خير الناس وتقدم أحب الأعمال إلى الله: هذا هو الطريق يصفه لك الصادق المصدوق؛ لتنال هذا الشرف العظيم، وتصبح من خير الناس.. قال- صلى الله عليه وسلم-: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".. الحديث، وقال- صلى الله عليه وسلم- لمن سأل من خير الناس يا رسول الله؟! قال:أتقاهم للرب، وأوصلهم للرحم، وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر"، وقال- صلى الله عليه وسلم-: "أحب الأعمال إلى الله إيمان بالله، ثم صلة الرحم، ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".. فصلة الرحم أحب الأعمال التي تسارع بها إلى ربك وجنته، وفي الحديث: "بر الوالدين أفضل الأعمال".

7- صلة الرحم أسرع الطاعات ثوابًا: إذا أردت أن تفوز بالثواب في أسرع وقت فعليك بالإحسان إلى أهلك، قال- صلى الله عليه وسلم-: "أعجل الطاعة ثوابًا صلة الرحم؛ حتى إن أهل البيت ليكونون فجَّارًا فتنموا أموالهم، ويكثر عددهم إذا وصلوا أرحامهم" (البيهقي).. فانظر يا محب للثواب والأموال والأولاد.. برغم أنهم من الفجار لكنَّ الله رزقهم كل ذلك من الأموال والعدد الكثير من الذرية.. كل ذلك بسبب صلة الرحم.

8- خير من صلاة النفل والصوم والصدقة: إذا كنت أخي الحبيب تجتهد في الصلاة والصيام لعلمك أنها تقربك من الله فهذا رسول الله يعرفك ويدلك على عمل هو خير لك عند الله من الصوم والصلاة ألا وهو إصلاح ذات البين، وأعظم إصلاح ما يكون بين أهلك وأقاربك.. قال- صلى الله عليه وسلم-: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة..؟! قالوا بلى يا رسول الله قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة"، وفي رواية: "لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين" والعياذ بالله.. فاحذر أن تفسد علاقتك بأهلك وأقاربك فتحلق لذلك دينك، وسارع إلى الإحسان وإصلاح ذات البين لتفوز بهذا الأجر العظيم.

9- تأتي على منابر من نور على يمين الله يوم القيامة: قال- صلى الله عليه وسلم-: "إن المقسطين عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلوه في حكمهم وأهليهم وما وُلُّوا" (صحيح مسلم).. فبالله عليك هل هناك أعظم من هذا الفضل والفوز يبحث عنه العاقلون؟! إذا أردت ذلك فاعدل في أهلك وأنصفهم من نفسك..

10- يشهدون لك وبشهادتهم يكون مصيرك في الآخرة: قال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة من أهل أبيات جيرانه الأدنيين أنهم لا يعملون منه إلا خيرًا إلا قال الله تعالى: (قد قبلت قولكم)، أو قال: بشهادتكم غفرت له ما لا تعلمون" (رواه احمد والحاكم على شرط البخاري ومسلم).

فعلى رِسلك يا مسلم يا عاقل فأهلك وجيرانك يحددون مصيرك يوم القيامة.. إن شهدوا لك بخبر غفر الله لك وقَبِل شهادتهم فيك، وإن شهدوا بغير ذلك فمصيرك حيث يشهدون عليك.. فاحذر أن يشهد عليك لا لك، وهذا دليل آخر قال صلى الله عليه وسلم: "أهل الجنة من ملأ لله أذنيه من ثناء الناس خيرًا وهو يسمع، وأهل النار ممن ملأ أذنيه من ثناء الناس شرًا وهو يسمع" (ابن ماجة بإسناد حسن)، وأهلك هم خير من يعرف حالك وينشرها بين الناس، فأحسن إليهم واحذر غضبهم ومقولتهم فيك، وهذه شهادة السيدة خديجة بأن الله لا يخزي ولا يخذل من يصل رحمه.. تقول للنبي- صلى الله عليه وسلم- عندما رجع خائفًا عند نزول الوحي لأول مرة: "كلا.. والله لا يخزيك الله أبدًا.. إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق".

ويؤيد ذلك قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات.." (صحيح)، وليس هناك معروف أفضل مما يفعله الإنسان مع أهله وأقاربه.. بل المعروف معهم أجره مضاعَف عن غيرهم؛ حيث يأخذ عليه أجر المعروف وأجر صلة الرحم.. كما جاء في الحديث: "الصدقة على ذي الرحم ثنتان: صدقة، وصلة" (الترمذي وقال حديث حسن)، وقال- صلى الله عليه وسلم-: "أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح" والكاشح أي مضمر العداوة يعني أفضل الصدقة أجرًا التي تعطيها لقريبك الذي يعاديك ويكرهك بنص الحديث.

هذا يا أهلي يا كرام الخلق والدين والأصل هو بعض فضل الله وثواب وأجر من يصل رحمه ويحسن إليهم، والإحسان يشمل تحمل الإساءة منهم، والرد عليهم بالتي هي أحسن، وبذل المال لهم وزيارتهم، والقيام معهم بكل الواجبات وإن كانوا جيرانًا فالواجب آكد وألزم والأجر والثواب أكبر وأعظم، فهل بعد هذا العرض لكل هذه الجوائز والفوائد يمكن لأحد أن يتأخر عن الإحسان أو يقتصر فيه أو يخطر بباله أن يسيء إليهم؟! كلا.. والله لن يكون هذا من أي إنسان عاقل وعنده ذرة حب لله وخوف من عقابه ولديه أدنى درجة من المروءة والرجولة..!!

أيها الأحباب: إذا لم يكن ما ذكرناه كافيًا بأن تسارعوا في العمل والإخلاص.. فها أنا أسوق لكم تحذيرًا من الله ورسوله من عاقبة ونتيجة التقصير في الإحسان معهم أو الإساءة إليهم بأدنى سوء أو مكروه.

1- ذكر بعض العلماء أنها كبيرة من الكبائر التي تهلك صاحبها

نقل القرطبي في تفسيره اتفاق الأمة على وجوب صلة الرحم، وحرمة قطعها، وقالوا القطعية تشتمل ترك الإحسان، كما تشتمل الإساءة، فترك الإحسان- حتى إن لم تُسِئ إليهم- فهو قطعية، يعني لا يجوز لأحد أن يقول سأهجر أهلي وأبتعد عنهم، ولا يكون بيني وبينهم أي علاقة.. لا إحسان ولا إساءة.. فهذا قاطع لرحمه، كما أن الذي يسبب لهم أدنى إساءة بأفعاله قاطع لا شك، فإذا عرفت ذلك فالسؤال هو: ما جزاء من يقطع رحمه؟!

2- قطيعة الرحم من أشراط الساعة

قال- صلى الله عليه وسلم-: "سوء الجوار وقطعيه الأرحام من أشراط الساعة" (ابن مردويه)، وقال: "إن الله لا يحب الفاحش ولا المتفحش وسوء الجوار وقطعية الأرحام" (الترمذي).. هذا يا أخي هو شؤم قطعية الرحم.. إنها من علامات القيامة حيث الشر ويندثر الخير ويضيع الدين..

3- تعجيل العقوبة

لما كانت صلة الرحم أسرع طاعةً ثوابًا، فكذلك قطعية الرحم هي من أعجل المعاصي عقوبةً ونقمةً.. قال عليه الصلاة والسلام: "خمس تعجل عقوبتهن لصاحبهن: البغي، والغدر، وعقوق الوالدين، وقطعية الرحم، ومنكر لا ينكر" (ابن ماجة)، وقال- صلى الله عليه وسلم-: "ما من ذنب أجدر أن يعمل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة- من البغي وقطعية الرحم والخيانة والكذب" (البخاري).

انظر عقوبة في الدنيا عاجله، وعقوبة مدخرة في الآخرة، وليحذر الخائف من عقاب الله أن تجتمع كل هذه المعاصي في موقف واحد وهو الغالب والكثير، فما من إنسان يحدث بينه وبن أقربائه عداوة أو سوء عشرة إلا وحدثت كل هذه المعاصي دفعةً واحدةً، فيحدث البغي وهو في الغالب سبب بداية المشاكل، ثم يدخل الكذب في الحديث بعضهم على بعض، ثم الخيانة في الأمانة وفي الكلمة، وفي الشهادة، ثم العقوبة، ثم تنتهي بالقطعية التامة للأرحام، وتمتلئ القلوب بالحقد والكراهة والتدابر والتلاعن، وما إلى ذلك من كبائر الإثم، وبذلك يعجِّل الإنسان على نفسه بعقوبة.. كل ذلك في الدنيا.. اللهم أعذنا من ذلك، وارزقنا الإحسان إلى أقربائنا ثم الناس أجمعين.. آمين.

4- لا يدخل الجنة

قاطع الرحم ممنوع من دخول الجنة، ولا يجد حتى ريحها الذي يوجد من مسيرة ألف عام.. قال- صلى الله عليه وسلم-: "إياكم وعقوق الوالدين؛ فإن الجنة يوجد ريحها من مسيرة ألف عام ولا يجده عاق ولا قاطع ورحم ولا شيخ زان ولا جار إزاره خيلاء، وإن الكبرياء لله تعالى" (الديلمي)، وعن علي قال- صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل الجنة قاطع" (مسلم).. فبالله عليك إذا منعت من دخول الجنة فأين تذهب؟ وكم تدفع لتفدي نفسك من النار وتدخل، ولو خيرت في هذه  اللحظة بأن تحسن إلى أهلك مهما حدث منهم من إساءة إليك لكي تنجو من النار وتدخل الجنة.. هل ستردد لحظةً واحدةً إذا أيقنت أنك إن لم تفعل مُنعت من دخول الجنة وليس لك إلا النار؟ المؤمن الخائف من ربه يقول أنا أحملهم فوق رأسي مدى الحياة إذا ضمنت رضا ربي ودخول الجنة، فاحذر يا أخي أن يحركك الشيطان- وهوى نفسك- إلى المهالك.

5- عليهم اللعنة ومنع الهداية عنهم وخصهم بالخسران وسوء الدار

هذا وعيد بذلك.. ﴿وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ (الرعد:25)، و﴿أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ﴾ (البقرة: 27)، وفي سورة محمد ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ* أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ (محمد: 22-24).. فجعل قطيعة الرحم عديل الفساد في الأرض، ثم جعل عقابهم أن لعنهم وأبعدهم عن مواطن الخير والرحمة فلا يقبلون خيرًا ولا يرجى لهم هداية ولا فلاح؛ بسبب أنه أصمهم وأعمى أبصارهم.. عطَّل حواسهم عن أن تسمع أو تبصر أو ترى الحق والهداية، فهم دائمًا في ضلال، ولا عقاب أشد من ذلك والعياذ بالله، وجعل سبب كل ذلك هو عدم تدبر القران وفهم معانية والعمل به، وامتثال ما جاء به.. فمن يرضى لنفسه اللعنة والخسران والضلال وسوء الدار ومنع الهداية؟

6- لا تنزل عليهم الرحمة والملائكة

قال صلى عليه وسلم "إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم" (رواه البخاري)، وكان فتى يجلس في مجلس رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقام فذهب إلى خالته.. كان بينهما بعض الشيء فاستغفر لهما ثم دعاه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى مجلسه وذكر له الحديث "البخاري" وروى الطبراني "إن الملائكة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم".. فياله من عقاب أليم شديد.. إذ كيف يعيش إنسان منعت عنه رحمة الله ومنع عنه حفظ ودعاء ونزول الملائكة عليه بالخير.. كيف يمكن أن يعيش إنسان حتى ولو ملك الدنيا كلها دون رحمة الله وحفظه له بالملائكة؟ فليدبر ذلك كل إنسان يخاف على نفسه من الهلاك وعلى أهله من الضياع.. ثم تدبر الذين منعت عنهم الرحمة في الموقت الآتي.

7- الخسف والمسخ والريح العقيم والحجارة من السماء

قال- صلى الله عليه وسلم-: "يبيت قوم من هذه الأمة على طعم وشرب ولهو ولعب، فيصحبون وقد مسخوا قردة وخنازير، ويصيبهم خسف وقذف حتى يصبح الناس فيقولون خسف الليلة ببني فلان وخسف الليلة ببني فلان خواص، ولترسلن عليهم الحجارة من السماء التي أرسلت على قوم لوط على قبائل فيها وعلى دور، ولترسلن عليهم الريح العقيم التي أهلكت عادًا على قبائل فيهم وعلى دور؛ بشربهم الخمر ولبسهم الحرير واتخاذهم القينات وأكلهم الربا، وقطيعتهم الرحم" (الحاكم في المستدرك).

8- قطيعة الله لك وعدم قبول الدعاء ولا الأعمال

لا يرفع لقاطع الرحم دعاء.. هذا هو العقاب لمن ارتكب هذه المعاصي وقطع رحمه وأساء إلى أهله، فمُنعت عنه رحمة الله، فكانت هذه أنواع العذاب الذي أصابهم في الدنيا، وذلك غير ما ادُّخر لهم في الآخرة.. فهل تطيق ذلك يا أيها الضعيف الذي لا حول لك ولا قوة تجاه غضب السماء.. فاتق الله وانج بنفسك وأهلك قبل فوات الأوان.

وبعد كل ما تقدم من ألوان العذاب والعقاب الذي ينزل للذين لا يصلون رحمهم ويسيئون إليهم.. وياليتها توقفت عند هذا الحد فقد يفعل الإنسان معصيةً أو ذنبًا ما، ولكن يبقى لديه أمل في أن يقبل الله دعاءه ويقبل منه أعماله الأخرى الصالحة، فهو يطمئن إلى ذلك بحيث يقول ليس مهمًّا أن أفوز بأجر صلة الرحم، ويكفيني ما أفعله من أعمال صالحة أخرى تشفع لي عند الله.

نقول لهذا الغافل: انتبه فالباب مغلق لا يدخل منه شيء ما دمت تسيء إلى أهلك وتقطع رحمك، وإليك تحذير رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لك.. كان ابن مسعود- رضي الله عنه- جالسًا بعد الصبح في حلقة فقال: "أنشد الله قاطع رحم لما قام عنا فإنا نريد أن ندعو ربنا وإن أبواب السماء مرتجة أي مغلقة دون قاطع رحم" (رواه الطبراني بسند صحيح).

فالباب مغلق أمامك يا قاطع الرحم، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن أعمال بني آدم تُعرض كل يوم خميس ليلة الجمعة فلا يقبل منها قاطع رحم" (الخرائطي في مساوئ الأخلاق 280)، وفي حديث: "تعرض الأعمال في كل اثنين وخميس فيغفر لكل امرئ لا يشرك بالله إلا امرئ كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا" (رواه مسلم).

إن مغفرة ذنوبك وقبول دعائك وقبول أعمالك كل هذا موقوف ومرهون في قبوله بشرط إصلاح ما بينك وبين أهلك وأقاربك ورحمك وإحسان الصلة بينهم.. فماذا تفعل؟ وبأي شيء تقف أمام ربك يوم القيامة إذا لم يقبل عملك ولم يغفر لك ولم يقبل دعاءك بأي شيء بعد ذلك تنجو من النار ومن العذاب الشديد فإن قلت: "برحمة الله" يرد عليك حديث رسول الله: "أنظروا هذين حتى يصطلحا"، وقوله: "إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم".. سبق أن الرحمة ممنوعة منك أيضًا ما دمت لا تصل رحمك.. تحسن إليه.. ستقول بدعاء واستغفار والملائكة فقد عرفت أن الملائكة منعت من النزول عليك بأي خير ما دمت قاطعًا لرحمك فأين تذهب يا مسكين؟ وما الحيلة وكيف النجاة هو طريق أمامك؟؟ أحسِن لأهلك، وصل رحمك تكن خير الناس وتفوز بكل خير؟ ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ (ق: 37).

أخي الحبيب..

أظنك بعد ما عرفت صلة الرحم وفضلها والإحسان إلى الأهل والأرقاب، ثم عرفت خطورة التقصير في حقهم وترك الإحسان إليهم، وعرفت أن الإحسان إليهم واجب أوجبه الله عليك أن تفعله تعبدًا لله وإبمانًا واحتسابًا؛ لذلك لا تفخر به عليهم ولا تمن عليهم به، ولا ترى لنفسك عليهم فضلاً بسبب أنك تحسن إليهم ليس لك ذلك؛ لأنك إنما فعلت الواجب المفروض من الله طاعةً لله ورغبةً في ثوابه وخوفًا من عقابه، فإنك إن لم تفعل كان العقاب الذي عرفته لأنك ارتكبت إثمًا عظيمًا وجرمًا كبيرًا وحرامًا حرمه الله عليك.. فكيف تتفاخر عليهم لو صليت المكتوبات هل لك ذلك؟ كلا والله ليس لك ذلك.. بل الله يمن عليك أن عرفك طريق النجاة وهداك إلى الحق وفوق ذلك ألزمك اتباعه وشرح صدرك للعمل به فكذلك كل عمل صالح هو لله وليس لأحد لذلك.. قال تعالى: ﴿وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ﴾ (العنكبوت:6) ﴿وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ (النمل:40) ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾ (فصلت:46).

فبالِغ واجتهد في الإحسان إليهم وضع نصبك عينيك هذا الحديث: "إذا لم تمش إلى ذوي رحمك برجلك ولم تعطه من مالك فقد قطعته"، واعلم أن الاجتناب وعدم الإساءة لا يعتبر بذلك طائعًا لله عاصيًا قاطعًا إنما الإحسان والوصل يكون بالإحسان إليهم والإنفاق عليهم والمواساة فيما يصابون به، وأداء جميع الحقوق، والصبر على الأذى، والدفع بالتي هي أحسن.. هذا هو الواصل.. قال- صلى الله عليه وسلم-: "ليس الواصل بالمكافئ وإنما الواصل الذي إذا قطع وصل". (مسلم). أو كما قال: يرد السيئة بالحسنة والشر بالخير.. هذا هو الواصل.

وهناك سؤال مهم يقول البعض محتجًا إنني أفعل الإحسان مع أهلي وهم يردون على بالإساءة ولم أرَ منهم إحسانًا قط ومعاملتهم لي بأسوأ حال ظلم وإيذاء وجهل وقطعية.. لذلك فأنا سأرد عليهم بمثل معاملتهم أو أبتعد عنهم نهائيًا.. نقول لك هل ترضى بحكم رسول الله في تلك المسالة، وهل ترضى بعلاج رسول الله لهذه المشكلة أم تريد أن تتبع هواك ونفسك والشيطان؟ بالطبع ستقول: بل أرضى بحكم وعلاج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نقول لك: أحسنت وأمنت وإليك الجواب: عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رجلاً قال يا رسول الله: "إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عنهم ويجهلون علي.. فقال- صلى الله عليه وسلم-: "لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل "الرماد الحار"، "ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك" (رواه مسلم)، وقال رجل آخر يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ أفكافيهم؟ فقال صلى الله عيه وسلم: "إذن يترككم الله جميعًا، لكن إذا وصلت وقطعوا وأحسنت وأساءوا كان لك عليهم من الله ظهير".. أي معين وناصر (رواه البيهقي: 616 ).

هذا هو العلاج لهذه المشكلة مهما بلغت في حجمها ومهما بلغت الأحقاد، ومهما بذلت لهم من الخير وبذلوا لك من الشر فذلك ليس سببًا يجعلك تفكر في الرد بالمثل من السوء والشر، فقد قال لك رسول "إذن يترككم الله جميعًا" يعني "إن الغالب في العلاقة بين الأقارب العداوة والبغضاء فإذا بادل كل واحد الآخر بالعداوة والبغضاء ترك الجميع شعبة من شعب الإيمان، وهي صلة الرحم، ووقعوا جميعًا في الإثم، وتعرضوا للعقاب، وتركهم الله جميعًا بسبب أنهم نسوا أنفسهم فنسيهم الله، وقد حدد لك رسول الله أن تستمر على الإحسان رغم الإساءة منهم وشجعك على ذلك بأنك معك من الله ظهير ومعين يدافع عنك وينصرك عليهم وأنت بفعلك هذا تسفهم المل "الرماد المحترق".. كأنك تضع في أفواههم الحجر الحار من النار.. هذا هو حل وعلاج وحكم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- التي هي سبب عداوة تحدث بين الأقارب لأن طرفًا منهم رد الإساءة بالإحسان وظل مستمرًا على ذلك فإنه بلا شك ستنتهي هذه العداوة ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ "(الإسراء:53)..  نعم ستنتهي وسيتحول العداء والغل والبغض والحنق والشر إلى رحمة وصداقة حميمة وألفة وتعاون بنص حديث النبي- صلى الله عليه وسلم- ونص قوله الله تعالى ﴿وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ (فصلت: 34).

وأختم بمثلين عظيمين

الأول: ما كان من قوم النبي ومنهم قرابة وقعوا عليه من الأذى والشر وطردوه، وحاولوا قتله ومكروا به مكرًا عظيمًا وطعنوا عليه وسبوه، واتهموه بالكذب والسحر والجنون حتى كان أول من يعاديه عمه أبو لهب ولكن النبي كان صابرًا بأمر الله يقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعملون".

ولما جاء ملك الجبال وقال للنبي "لو أمرتني أن أطبق علهم الأخشبين لفعلت: "فرفض- صلى الله عليه وسلم- أن يقع بقومه الشر، وقال: "لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبد الله ويوحده"، ولما دخل- صلى الله عليه وسلم- مكة فاتحًا قال لهم: "ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا أخ كريم وابن أخ كريم.. قال لهم: "اذهبوا فانتم الطلقاء" ولم يمسهم سوء.

الثاني: ما كان من قرابة يوسف وإخوته الذين حقدوا عليه وتآمروا على قتله.. فلما نجاه الله منهم وجعل له في مصر ملاذًا وأمنًا جاءوه بعد زمن وقد عرفهم وهم له منكرون فعرفهم بنفسه وقال أنا يوسف.. يوسف الذي طردتموه وأردتم قتله وبعتموه بثمن يخس دراهم معدودة، وكانوا فيه من الزاهدين.. لما فاجأهم وقال لهم: "أنا يوسف" قالوا متعجبين تالله لقد آثرك الله علينا"، وقالوا معتذرين وإن كنا لخاطئين، فأجابهم وهو كريم متسامح قد عفا عن خطاياهم وتجاوز عن سيئاتهم "لا تثريب عليهم اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين" أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده.

ربنا اشرح صدرونا.. ويسر أمورنا.. وأصلح ذات بيننا.. وانصرنا على عدونا وعدوك.. آمين