تعد سيطرة قوات حكومة الوفاق على قاعدة الوطية خطوة مفصلية ومهمة في المعركة ضد مشروع اللواء المتقاعد خليفة حفتر في الانقلاب على الشرعية في ليبيا، وفق ما أكده مسؤولون وخبراء ليبيون للجزيرة نت.

وأكد المتحدث باسم عملية "بركان الغضب" مصطفى المجعي أن حفتر يخسر غرفة عمليات رئيسية ومواقع إستراتيجية مهمة جديدة في غرب ليبيا بسقوط قاعدة الوطية الجوية في يد قوات حكومة الوفاق.

وقال المجعي "فقدان حفتر وحلفائه قاعدة الوطية يحرمهم السيطرة الجوية التي وفرت لهم سابقا تفوقا جويا للطيران في مدن الغرب الليبي".

وأفاد بأن امتلاك قوات حكومة الوفاق السيطرة على الوطية يمنح القاعدة مهمة للطيران الحربي للانطلاق من القاعدة بعيدا عن صواريخ ومدفعية حفتر، كما يحدث لقاعدة معيتيقة بطرابلس، إضافة إلى إمكانية تسخير قاعدة الوطية لمراقبة الحدود البرية والبحرية.

وأوضح المجعي أن الرسالة المهمة من انتصار الوطية نرسلها للإمارات، ومفادها "أن ليبيا أكبر من حفتر ومليشياته، وأكبر من أوهام أبو ظبي، ولن تكون بلادنا ممرا لمشروع الانقلاب على الدولة والعودة لحكم العسكر".

موقع إستراتيجي

تكمن أهمية قاعدة الوطية في موقعها الإستراتيجي، حيث توفر لها التضاريس المعقدة المحيطة بها حصانة طبيعية، دفعت الولايات المتحدة الأمريكية لاختيار هذا الموقع لتشييد القاعدة خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945) نائية بها عن التجمعات السكانية، إذ إن أقرب تجمع سكني مأهول لها يبعد عن القاعدة 25 كلم، هذه الميزة الطبيعية تجعل الهجوم عليها أمراً صعباً من الناحية العسكرية، إذ تكون القوات المهاجمة مكشوفة أمام طائرات القاعدة ومدفعيتها الثقيلة.

وتمتلك القاعدة مخازن أسلحة كبيرة، ومحطات للوقود ذات قدرات تخزينية كبيرة، ما يمكن القطعات العسكرية التي تتواجد فيها من الصمود لفترات طويلة في حال تعرضها للحصار، وهذا ما يفسر سبب عدم قدرة الحكومة الشرعية على استعادة السيطرة عليها على مدار السنوات الست الماضية.

ولقاعدة الوطية خط إمداد مهم عبر طريق وعر يمتد باتجاه بلدة الرجبان، ومدينة الزنتان 170 كلم جنوب غرب طرابلس بالجبل الغربي، ومنه نحو الجنوب أو شرقاً باتجاه قاعدة الجفرة الجوية، 650 كلم جنوب شرق طرابلس، وقد استخدمت قوات حفتر هذا الطريق للإمداد والتحشيد ولربط قواعدها ما بين شرق ليبيا وغربها.

ويرى الخبير العسكري أسعد إسماعيل شهاب، أن سيطرة قوات حكومة الوفاق على الوطية سيمكنها من توفير قاعدة جوية آمنة لطائراتها بعيدة نسبياً عن تهديدات طائرات حفتر، بالإضافة إلى تفعيل مطار زوارة (100 كلم غرب طرابلس)، حتى يكون بديلاً لنقل المسافرين من وإلى مطار معيتيقة بطرابلس، خاصة بعد أن أصبح كامل الطريق الساحلي بين المدينتين سالكاً.

وأضاف شهاب، في حديثه لـ"المجتمع"، أن ميزة القاعدة المهمة التي كانت تحمل اسم قاعدة "عقبة بن نافع" سابقاً، أنها تستطيع تنفيذ عمليات قتالية جوية ضد أهداف عسكرية بمحيط كامل الجغرافية الليبية وليس العاصمة طرابلس فقط.

وتابع: وهذا يفسر سبب تشبث حفتر وداعميه الإقليميين بها، بحيث تم إرسال منظومة دفاع جوي روسية قبيل 24 ساعة من السيطرة عليها، رغم أن مثل هذا الإجراء ينطوي على مخاطر كبيرة من الناحية السوقية العسكرية، إذ إن وقوع المنظومة بيد قوات الوفاق كان أمراً وارداً، لكن حجم الإحباط في معسكر حفتر لم يمنع من القيام بهذه الحركة اليائسة على أمل إعادة القاعدة للعمل.

يذكر أن قوات حكومة الوفاق أعلنت، أول أمس السبت، أنها تمكنت من تدمير منظومتي دفاع جوي من نوع "Pantsir S1" روسية الصنع، الأولى فور وصولهما إلى القاعدة، والثانية في محيطها فجر أمس الأحد، الأمر الذي اعتبره مراقبون بأنه مقدمة لفشل مساعي قوات حفتر لإحياء القاعدة وإعادتها للعمل، وهي خطوة مهدت للسيطرة السريعة عليها.

سيطرة تامة

في غضون ذلك، اعتبر الضابط في الجيش الليبي بحكومة الوفاق عادل الزنتاني أن التحكم في قاعدة الوطية الجوية يمكّن قوات حكومة الوفاق من السيطرة على كامل أجواء المنطقة الغربية ومناطق الجبل الغربي وإبعاد أي خطر داهم عليها.

وذكر أنه "بالسيطرة على الوطية يمكن رصد ومتابعة وضرب جميع خطوط الإمداد لمليشيات حفتر القادمة من قاعدة الجفرة العسكرية وقاعدة تمنهنت الجوية جنوب ليبيا".

وحسب الزنتاني في تصريحات للجزيرة نت، فإن قاعدة الوطية خطوة إستراتيجية مهمة لمراقبة الحدود التونسية الليبية، واستهداف أي عمليات تهريب تقوم بها مجموعات خارج نطاق القانون، إضافة إلى أن كبر مساحة القاعدة يمكن من اتخاذها غرفة عمليات رئيسية لسلاح الجو الليبي".

وأشار الزنتاني إلى أن قوات حكومة الوفاق الوطني يجب أن تنهي المعركة في محاور وسط جنوب طرابلس لإنهاء مشروع حفتر بالكامل في المنطقة الغربية، وتهيئة الوضع لانهيار قواته في ترهونة وقاعدتي الجفرة وسرت.