تحل اليوم السبت الذكرى الثلاثة والخمسين لضم الكيان الصهيوني لمدينة القدس الشرقية، والذي تبعه إعلان الكيان القدس عاصمة له في مخالفة صريحة لكافة القرارات والمواثيق الدولية، لفرض أمر واقع على الفلسيطينين والمجتمع الدولي.

فيما شجعت إدارة دونالد ترامب الرئيس الأمريكي، الحكومة الصهيونية في مشاريعها الإحلالية، حيث اعترف ترامب في ديسمبر 2017، بمدينة القدس (غير مقسمة) عاصمة للكيان الصهيوني.

وتأتي هذه الذكرى في ظل مواصلة الحكومة الصهيوني مساعيها لضم المزيد من الأراضي الفلسطينية إلى سيادتها، حيث تعتزم ضم أكثر من 30 بالمئة من مساحة الضفة الغربية المحتلة مطلع يوليو المقبل.

ملابسات إصدار قرار ضم القدس

في عام 167 أصدر الكنيست الصهيوني قرار بضم القدس الشرقية لحدود الكيان الصهيوني المغتصب للأراضي الفلسطينية، ، وتم إلحاق القدس الشرقية للكيان سياسا وإداريا،  ولم يحظ هذا القرار بشرعية دولية ، إذ صدر عن الأمم المتحدة عدد من القرارات، تطالب الحكومة الصهيونية بالتراجع عن إجراءاتها في القدس الشرقية. وجاء هذا القرار بعد عدة اجتماعات عقدتها الحكومة الصهيونية، بدءا من 11 يونيو 1967، لبحث ضم القدس إليها.

وبعد القرار بيوميْن أي في 29 يونيو، أصدر الكيان الصهوني قرارا بحل مجلس أمانة القدس العربي (المجلس البلدي للمدينة في فلسطين)، واستولت على جميع ممتلكاته وسجلاته، وألغت القوانين والأنظمة العربية واعتبرت الأنظمة الإسرائيلية هي السارية. ووفق مراجع تاريخية، فقد تمت آنذاك، عملية نقل مكاتب الوزارات والمؤسسات الرسمية الإسرائيلية إلى القدس الشرقية. وفق مؤرخين فإن التطبيق الفعلي لهذا القرار "بدأ مع وضع اللجنة الداخلية التابعة للكنيست الإسرائيلي، حجر الأساس الأول، في إقامة أول تواجد يهودي في الحرم القدسي". هذا القرار فتح الباب أمام قادة الأحزاب الصهيونية لطرح خططهم ومشاريعهم الاستيطانية في القدس، بهدف التوسّع الجغرافي والديموغرافي في المدينة.

تشريد سكان المدينة

وعمدت الحكومة خلال احتلالها لمدينة القدس، وشطرها الشرقي، لإخلاء أحيائها من السكان الفلسطينيين، وبعد انتهاء حرب يوني 1967، وحتّى نهاية الشهر ذاته، تم تشريد نحو 4 آلاف عربي، من القدس الشرقية. كما بدأ الكيان الصهيوني آنذاك، بإنشاء سلسلة من المستوطنات والأحياء السكنية لليهود داخل مدينة القدس، لأسباب ديموغرافية وأمنية.

وبحسب المراجع التاريخية، فإن تلك الأسباب تتلخص بـ"الإخلال بالتوازن النسبي بين عدد اليهود والعرب في المدينة، ومنع التواصل الجغرافي بين عرب القدس، والعرب في المناطق المجاورة". وحتى سبتمبر 1967، بلغ عدد الفلسطينيين الذين اضطروا للنزوح من مدينة القدس، نحو 23 ألف. وبلغ آنذاك عدد اليهود في القدس حوالي ربع مليون مستوطن، فيما وصل عددهم اليوم إلى 569 ألفا و400 مستوطن، بحسب دراسة صادرة عن معهد القدس لبحث السياسات (غير حكومي)، في مايو 2020.

وحتى عام 1981، بلغ مجموع ما صادرته الحكومة الصهيونية من أراضي الفلسطينيين في مدينة القدس، حوالي 33 ألفا و556 دونما (الدونم يعادل ألف متر)، أقيمت فيها نحو 22 ألف وحدة سكنية. وفي الوقت الحالي، يبلغ عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في مدينة القدس بشطريها الشرقي والغربي نحو 349 ألفا و600، حيث يشكّلون ما نسبته 38 بالمئة من سكان المدينة.

وبموجب اتفاقية وادي عربة (اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة في 1994)، تحتفظ الأردن بحقها في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس.

رفض أممي

وقوبل قرار الكيان الصهيوني برفض دولي وأممي، إذ صدر عن الجمعة العامة للأمم المتحدة، في 4 يوليو 1967 القرار رقم (2253)، واعتبرت فيه أن التدابير الصهيونية"غير صحيحة"، وطالبت بإلغائها، والتوقف عن أي عمل من شأنه أن يغيّر وضع القدس. وتوالت القرارات الأممية الرافضة لمخططات الضم الصهيونية، ففي عام 2016 صدر عن مجلس الأمن، في 23 ديسمبر قرار جديدً حثّ على وضع نهاية للمستوطنات الصهيونية في الأراضي الفلسطينية، كما طالب بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وأكد على عدم شرعية إنشاء الكيان الصهيوني للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967.

وفي ذات السياق، أصدرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، عدة قرارات تؤكد أن القدس مدينة عربية وإسلامية، ومنها:

أكتوبر 2016

اتخذت اليونسكو قرارا يؤكد أنه "لا توجد علاقة بين اليهود والقدس والحرم الشريف، بل العلاقة تربط هذه الأماكن بالمسلمين فقط"، وأيد هذا القرار 26 من الدول الأعضاء واعترض 6 فقط.

يونيو 2018

اعتمدت لجنة التراث العالمي بـ"اليونسكو"، قرارين بالإجماع حول مدينتي القدس المحتلة، والخليل جنوبي الضفة الغربية.

ويطالب القرار المتعلق بالقدس سلطات الاحتلال بالكف عن الانتهاكات التي من شأنها تغيير الطابع المميز للمدينة، وعليه يبقي القرار القديم للقدس وأسوارها مدرجة على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر، وكذلك الأمر بما يخص بلدة الخليل القديمة التي تبقى بسبب الانتهاكات الصهيونية على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر أيضاً.

أكتوبر 2019

اتخذ قرار بالإجماع "يؤكد إسلامية وعربية مدينة القدس ويرفض الانتهاكات والإجراءات الصهيونية أحادية الجانب في هذه الأماكن التاريخية، ويطالب بوقف انتهاكاتها وإجراءاتها أحادية الجانب وغير القانونية ضد المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف، وفي البلدة القديمة للقدس وأسوارها".

ويؤكد القرار "بطلان جميع الإجراءات الإسرائيلية الرامية لتغيير طابع المدينة المقدسة وهويتها، ويعيد التذكير بقرارات اليونسكو الخاصة بالقدس والتي عبرت جميعها عن الأسف نتيجة فشل إسرائيل، كقوة قائمة بالاحتلال، في وقف أعمال الحفر وإقامة الأنفاق وكل الأعمال غير القانونية والمدانة الأخرى في القدس الشرقية وفق قواعد القانون الدولي".