تمضي الهند قدما في تعديل التركيبة السكانية لمنطقة كشمير ذات الأغلبية المسلمة، وهو ما يعتبر "تطهيرا عرقيا" يتم في ظل عدم مبالاة من باقي العالم، في تحد صارخ للمواثيق الدولية وبشكل متسارع، وفق ما يؤكد موقع "غلوبال فيلاج سبايس" الأميركي.

ويؤكد الموقع -في تقرير له- أن ما يصل إلى 25 ألف شخص مُنحوا منذ 18 مايو/أيار الماضي شهادات إقامة في إقليم جامو وكشمير الواقع تحت السيطرة الهندية، مما دفع سياسيين محليين للاعتقاد بأنها بداية "سياسة تغيير ديمغرافي" ممنهجة في المنطقة.

وتمنح شهادات الإقامة هذه أي شخص الحق في الإقامة وتقلد وظائف حكومية بالإقليم، وهو أمر كان مخصصا حتى وقت قريب فقط للسكان المحليين.

أغلبية مسلمة
ووفقا لإحصاء رسمي أجرته الهند عام 2011، يشكل المسلمون حوالي 69% من أصل 12.5 مليون نسمة يقطنون المنطقة، فيما يشكل الهندوس ما نسبته 29%.

وفي 5 أغسطس 2019 ألغت الهند وضع الحكم الذاتي النسبي في المنطقة، وألغت أيضا قانون المواطنة المحلية الخاصة والمضمون بموجب المادة 35 (أ) من الدستور الهندي الذي يمنع القادمين من الخارج -بمن فيهم المواطنين الهنود- من الاستقرار والمطالبة بوظائف حكومية بالإقليم حفاظا على التوازن الديمغرافي.

وفي إبريل الماضي -وسط إجراءات الإغلاق المستمر بسبب فيروس كورونا- أعلنت الحكومة الهندية عن قانون إقامة جديد يجعل عددا غير محدد من السكان غير المحليين مؤهلين للحصول على الإقامة والوظائف في المنطقة.

ووفقا لهذا القانون، فإن أي شخص عاش في المنطقة لمدة 15 عاما أو درس فيها لمدة 7 أعوام يحق له الحصول على شهادة الإقامة، كما يملك أبناء موظفي الحكومة الذين خدموا في الولاية لمدة 10 أعوام حق الإقامة، ويعتبرون مؤهلين للمطالبة بحقوق الجنسية المحلية حتى لو لم يسبق لهم أن سكنوا في المنطقة.

وقال عمر كريم، الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، خلال حلقة نقاشية استضافها مركز دراسات الشرق الأوسط في أنقرة مؤخرا، إن هذه الخطوة الهندية "ستخلق الكثير من التوترات بين نيودلهي وإسلام أباد".

وأضاف أن الهند أرادت حسم قضية كشمير بشروطها الخاصة، من خلال جلب عرقيات أخرى للاستقرار في كشمير؛ الأمر الذي سيحوّل الكشميريين إلى أقليات في منطقتهم. وأشار أن ما أقدمت عليه الهند سيخلق "غزة جديدة" في إقليم كشمير، في إشارة إلى ممارسات إسرائيل في قطاع غزة الفلسطيني.

ولفت إلى أن الهند تريد أراضي كشمير، دون الكشميريين أنفسهم. مضيفا "طوال 17 عاما مضت، حاولت الحكومة الهندية قمع شعب كشمير. لكنها لم تنجح".

وتابع الباحث أن باكستان تحتاج إلى الوقوف مع الشعب الكشميري، مبينًا في الوقت ذاته أن الحكومة الباكستانية تقع تحت ضغط هائل من شعبها الذي يريد ردا على تلك التحركات الهندية.

قلب الموازين

ويؤكد الموقع الأميركي أن الساسة الكشميريين في شطري الإقليم يعتقدون أن إلغاء حقوق المواطنة الخاصة يهدف إلى قلب طبيعة التركيبة الديمغرافية التي تميل كفتها لصالح الأغلبية المسلمة.

وأفاد مسؤول حكومي -اشترط عدم ذكر اسمه- بأنه تقدم منذ 18 مايو/أيار الماضي نحو 33 ألف شخص بطلبات للحصول على شهادات الإقامة، منحت لحوالي 25 ألفا منهم.

وضمن هؤلاء "المواطنين الجدد" نجد اللاجئين الهندوس الذين استقروا بالمنطقة في فترة تقسيم شبه القارة عام 1947، وهاجروا من مناطق أصبحت حاليا جزءا من باكستان، لكن بسبب قوانين الإقامة والوضع الخاص في الولاية لم يمنحوا حقوق المواطنة المحلية.