قالت ورقة تحليلية لموقع الشارع السياسي إن الملاحقات الأمنية الإلكترونية التي تتم يوميًّا للنشطاء، بإغلاق صفحاتهم؛ حتى يتوقفوا عن النشر، وإذا لم يتوقفوا يتم البحث عنهم، واعتقالهم؛ حتى لا يفاجأ النظام بدعوات جديدة للحشد يمكن أن تهدد بقاءه واستقراره في الحكم.
وكشف الورقة التي جاءت تحت عنوان "تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على صانع القرار في مصر" أن الانقلاب متأكد من جود غضب في الشارع المصري؛ نتيجة القرارات الخاطئة والمشاريع الفاشلة، وتأثر حياتهم سلبيًّا بسبب هذه السياسات، بالإضافة إلى سلسلة الاعتقالات التي لا تتوقف.
وأكد أنه "بالرغم من حركة الاعتقالات والرقابة الإلكترونية التي أطلقتها -ومازالت تطلقها- أنظمة الحكم الاستبدادية، إلا أنها لم تستطع وقف تأثير مواقع التواصل الاجتماعي؛ نتيجة للتكنولوجيا الحديثة في التخفي الإلكتروني، والدخول لشبكة الإنترنت بأكثر من هوية، بالإضافة إلى عدم معرفة مدى الانتشار الذي يمكن أن تحققه دعوات الرفض التي يتم إطلاقها".

بداية التأثير
وقالت الورقة إن وسائل التواصل الاجتماعي بدأت في الضغط على صانع القرار خلال العقد الأخير، وذلك مع الاحتجاجات التي ظهرت في الدول العربية ”ثورات الربيع العربي”، واعتماد نشطائها على المنصات الرقمية، وفي مصر تم الاستفادة من هذه الوسائل؛ لكشف القصور والتجاوزات الموجودة في المنظومة الأمنية، فتم نشر فيديوهات وصور تثبت تجاوز ضباط الشرطة تجاه المواطنين، وتداول النشطاء هذه الفيديوهات محليًّا وعالميًّا.
وأضافت أن "وسائل التواصل الاجتماعي" سهلت عملية تواصل المحتجين بالميادين؛ للمطالبة بحقوقهم الإنسانية والاجتماعية، وتحقيق مبدأ الحشد الجماهيري؛ للضغط على صانع القرار، حتى أجبره على الانهيار والتنحي.

قمع لامتناهٍ
وقالت الورقة إن أنظمة الحكم في العالم العربي تمارس السيطرة على هذه الوسائل بنفس الأسلوب بشكل عام، فتبدأ السيطرة عادة باعتقالٍ واسع للنشطاء الإلكترونيين وتكثيف الضغط عليهم، وكان تقرير “فريدوم هاوس” قد أشار لعدة حالات اعتقال طالت المتظاهرين لأسباب تتعلق بتبادل الرسائل إلكترونيًّا.
وأضافت أنه للسيطرة على محيط السوشيال ميديا "تلجأ الحكومات أيضًا لبناء لجان إلكترونية تروج لما تريد الحكومات تسويقه، وتهاجم المعارضين وتشوههم.. إلخ. فلم تكتفِ فقط بقمع مستخدمي هذه الوسائل الجديدة، إنما حاولت أن تؤسس سلطتها داخل هذا المجال؛ ليصبح خاضعًا لها، وليس مساحة مجهولة لا تحسن التعاطي معها".
كما تحاول السلطات استخدام أنظمة التجسس التي تضمن للحكومات والنظم مصادر لا تنضب من البيانات، ليس فقط عن المعارضين، إنما على المجتمع الذي تحكمه ككل، والمزاج العام للمحكومين، والرأي العام السائد في هذه الفضاءات الجديدة تجاه سياسات الحكومة.

2011: 2013
ورصدت الورقة تطور تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في التأثير على صانع القرار في مصر منذ نجاح ثورة 25 يناير 2011 في الإطاحة بنظام الحكم الذي دام لثلاثة عقود، وأصبح له دور كبير في التأثير في الواقع السياسي المصري، وما حدث في 25 يناير خلق حالة من الذعر للأنظمة الاستبدادية، ولكن ما حدث عبر وسائل التواصل وتم تطبيقه في ميادين مصر كان حركة غير مدروسة الخطى على المدى البعيد، فاقتصر دور وسائل التواصل الاجتماعي على إسقاط النظام، من دون تنظيم أو تخطيط للمستقبل لما بعد إسقاط النظام.
ورأت الورقة أن شعبية جماعة الإخوان المسلمين بين الناس، كان لمواقع التواصل دور أساسي في وصولها إلى الحكم، وبعد فترة من حكم الجماعة والقرارات الملتبسة للرئيس التي أغضبت مجموعة من المصريين أدت إلى حدوث دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى النزول إلى الميادين؛ لرفض قرارات الحكومة، ونتيجة للحشد والدعوات الإلكترونية التي أطلقتها حركة “تمرد” المدعومة من الدولة العميقة، اندفعت تشوه الرئيس، وتطلق الشائعات، وتحرض الجماهير على الاحتجاج، وهو ما انتهى بمشهد الانقلاب على الرئيس المنتخب.

ظهور محمد علي
وقالت إن وسائل التواصل لها دور في تبني دعوات الفنان والمقاول محمد علي بشكل قوي في سبتمبر 2019 بعد الفيديوهات التي نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك وتويتر”، والتي ثبت فساد الانقلاب العسكري، وإهداره للمال العام بالمليارت، من خلال بناء قصور رئاسية، وتحقيق مصالح شخصية.
ورأت الورقة أن وسائل الإعلام الجديد لها ميزة أنها غير نخبوية بصورة كبيرة؛ حيث يشارك فيها الجميع باختلاف انتماءاتهم الثقافية والطبقية والدينية، وتأثيرها أقوى من وسائل الإعلام التقليدية المتعارف عليها، ولها دور بارز في الاهتمام بالواقع السياسي والتأثير فيه وحشد أعداد كبيرة من الآراء والتوجهات لا سيما على "فيسبوك" و"تويتر".