بدأ حجاج بيت الله الحرام، بعد غروب شمس الخميس، التاسع من ذي الحجة، في النفرة إلى مشعر "مزدلفة"، بعد الوقوف على صعيد عرفات وقضاء ركن الحج الأكبر.

جاء ذلك في يوم توحدت فيه ألسنة الحجيج، رغم اختلاف جنسياتهم، على التلبية برجاء قائلة: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك".

وكان حجاج بيت الله تدفقوا، صباح اليوم، إلى صعيد جبل عرفات قادمين من منى، حيث قضوا "يوم التروية"، في الثامن من ذي الحجة، وسط إجراءات احترازية هي الأولى من نوعها لمنع تفشي فيروس كورونا.

ويقع جبل عرفات (عرفة) على بعد 12 كم شرق مكة، على الطريق الرابط بينها وبين محافظة الطائف بحوالي 22 كم، وعلى بعد 10 كم من مشعر منى و6 كم من مزدلفة، وهو المشعر الوحيد الذي يقع خارج حدود الحرم المكي.

ويقول المؤرخون إن تسميته جاءت على عدة أقوال منها أن آدم عرف حواء فيها، ومنها أن جبريل عرَّف النبي إبراهيم - عليه السلام- فيها المناسك، وقيل لتعارف الناس فيها.

تهليل وتكبير ودعاء

وفي عرفة، أدى الحجاج صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا، واستمعوا إلى خطبة عرفة، في مسجد نمرة، التي ألقاها عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع، ودعا خلالها الأمة الإسلامية إلى "صيانة الدماء" و"منع تأجيج الصراعات والفتن".

قبل أن يقضى الحجاج يومهم على صعيد عرفة في التهليل والتكبير والدعاء طمعا في مغفرة الله ورضوانه.

ومع غروب شمس اليوم، بدأ الحجاج في النفرة إلى مزدلفة، التي تقع بين منى وجبل عرفات.

من جانبه، أعلن وزير الحج والعمرة السعودي، محمد صالح بن طاهر بنتن، في تصريحات متلفزة، نجاح خطة تصعيد حجاج بيت الله إلى مشعر "عرفات"، وفق البروتوكولات الوقائية المعتمدة من وزارة الصحة.

ويؤدي الحجاج عقب وصولهم إلى مزدلفة صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير اقتداءً بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويلتقطوا بعدها الجمار.

ويبيت الحجاج هذه الليلة في مزدلفة، ثم يتوجهون إلى منى بعد صلاة فجر الـ10 من شهر ذي الحجة، الذي يوافق أول أيام عيد الأضحى، لرمي جمرة العقبة ونحر الهدي، ثم الحلق أو التقصير والتوجه إلى مكة لأداء طواف الإفاضة.

ويقضي الحجاج في منى أيام التشريق الثلاثة (11 و12 و13 من ذي الحجة) لرمي الجمرات الثلاث، مبتدئين بالصغرى فالوسطى ثم جمرة العقبة (الكبرى).

ويمكن للمتعجل من الحجاج اختصارها إلى يومين فقط، حيث يتوجه إلى مكة لأداء طواف الوداع، وهو آخر مناسك الحج.

حج استثنائي
وتأتي مناسك الحج الاستثنائي هذا العام، في ظل تغييرات كبيرة فرضتها جائحة كورونا؛ إذ يقتصر عدد الحجاج على نحو 10 آلاف من داخل المملكة فحسب، وهو عدد محدود جدا مقارنة بنحو 2.5 مليون حاج العام الماضي.

وتحدّدت نسبة الحجاج غير السعوديين من المقيمين داخل المملكة بـ70 بالمئة، ونسبة السعوديين 30 بالمئة، وهم من الممارسين الصحيين ورجال الأمن، الذين تعافوا من "كورونا"، وذلك تقديرا لجهودهم في خدمة المجتمع.

كما استبقت السلطات بدء مناسك الحج بإجراء فحوص كورونا لجميع ضيوف الرحمن، قبل إخضاعهم لحجر صحي مدته 10 أيام منها 7 في منازلهم فور ترشيحهم لأداء الشعيرة، و3 في فنادق مكة.

وشددت السلطات السعودية إجراءات التعقيم في المشاعر، والمسجد الحرام، وفرضت تعليمات بمنع الحجاج من لمس كسوة الكعبة.

وعند انتهاء موسم الحج، سيخضع ضيوف الرحمن للحجر المنزلي للتأكد من صحتهم وسلامتهم، وفق وزير الحج والعمرة.