في تطور دراماتيكى غريب، قررت الهيئة الوطنية للانتخابات إحالة جميع الناخبين الذين تخلفوا عن التصويت فى الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ، إلى النيابة العامة.
وهى فضيحة بكل ما تعنيه الكلمة؛ لأن الشعب أعلن العصيان المدنى على نظام الانقلاب القمعى، وقاطع الانتخابات المزورة التى أشرفت عليها الأجهزة الأمنية من بدايتها حتى نهايتها، والذين أدلوا بأصواتهم حسب زعم اللجنة الوطنية، 8 ملايين ناخب فقط.

وليعلم النظام القمعى، أن الثمانية ملايين الذين ذهبوا وأدلوا بأصواتهم، ذهبوا أساسًا لاستلام الكراتين- والرشا الانتخابية- التى وزعها، مرشحو حزب مستقبل وطن، والمرشحون المستقلون. وأنا لا ألوم المواطن الذى نزل ليأخذ كرتونة طعام تسد جوعه، لأن حزب العسكر الحاكم استغل حاجته وفقره فأذله بهذه الصورة المهينة،  فنزل منزل المواطن المسكين ليحصل على بعض الفتات حتى لايموت جوعًا وهو يعلم أن صوته لا يقدم ولا يؤخر، لكن كرتونة الطعام تفرق معه حينما يعود بها لأولاده الجوعى ليسد بها رمقهم.

إعلام مسيلمة الكذاب الفاشل،  حاول أن يشيطن كل من قاطع مسرحية الانتخابات الهزلية، باعتباره من الإخوان، ولكن الأجهزة الأمنية لم تسلم لها بذلك. لأن هذا يعنى ببساطة أن الشعب معظمه إخوان مسلمون، فضلًا عن حالة التناقض التى تفضح كذب هؤلاء وهؤلاء، ففي الوقت الذين أعلنوا فيه القضاء على جماعة الإخوان فكيف لـ54 مليون إخوانى قاطع الانتخابات، هذه فضحية بجلاجل لأجهزة النظام وإعلامه الكذاب الأشر.
الإعلام الانقلابى، الذى منح صفة إخوانى لكل من يعارض النظام، حتى ولوكان مسيحيًا، أو من مؤيدى الانقلاب، ولكن أصابته نار الانقلاب التى تمناها، والتى هى عنده أفضل من جنة الإخوان. لا شك أنها فضيحة الموسم!

أما الفضيحة الثانية، فهي أن شيخ الأزهر "أحمد الطيب" كان معتكفا في "القرنة" مسقط رأسه، اعتراضا على مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء، ولم يذهب ليدلى بصوته. فهل النيابة ستستدعى الطيب ليدفع غرامة 500جنيه لأنه أحد المتخافين عن الذهاب لانتخابات الشيوخ؟!
أليست الانتخاب، والذهاب للاقتراع حرية شخصية؟، فهل عندما يمارس المواطن حقه، في الامتناع عن المشاركة في مسرحية هزلية عبثية، معروفة ومكررة يحال للنيابة العامة؟، هذا الوضع لا يوجد حتى في جمهوريات الموز أوالبلح!

والسؤال لسلطة الانقلاب وأجهزتها الأمنية والهيئة الوطنية للانتخابات، هل المشاركة في الانتخابات تكون بالتهديد الوعيد، أم بتوفير الظروف المناسبة وفتح المجال أمام مشاركة سياسية جادة، بعيدًا عن ألاعيب شيحة؟

الناخب أدرك أن ذهابه فقط من أجل اللقطة، لإظهار الإقبال الكثيف على الانتخابات، كما وضح ذلك أحد العمد، في إحدى قرى محافظة الفيوم، وهو يتحدث مع أهالى قريته قائلًا: هم ناجحون انتخبتم أم لم تنتخبوا!

سناريو هابط مكرر، في كل انتخابات منذ الانقلاب الدموى الغاشم،  لجان خاوية على عروشها، بهائم –حُمُر وأغنام وكلاب ضالة- تسرح وتمرح في اللجان، وبعض الأرجوزات يقومون بعمل أكروبات بهلوانية، من فوق شاحنات توزع كراتين مواد غذائية، وصلات رقص سمجة، وهزالوسط على واحدة ونص.
وقد نشر ناشطون مقاطع فديو مصورة على منصات التواصل لبطاقات شراء مستلزمات غذائية توزع على الناخبين بقيمة 100 جنيه، شريطة الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، وتوزيع سلع غذائية ورشى مالية أمام لجان الاقتراع.

فالناخب زهد في انتخابات، لايرجى من ورائها خير، وأنها محسومة سلفًا، وأنها لا تعدو عن كونها مسرحية، وستأتى بمجلس أرجوزات للتصفيق والتطبيل.
والسؤال الآخر لماذا تطالب المواطن بالذهاب للجان الاقتراع في مسرحية هزلية كلفت الدولة أكثر من ثلاثة مليارات، في الوقت الذى توصد فيه المساجد أبوابها أمام المصلين؟، فإذا كان المانع من فتح المساجد الخوف من انتشار فيروس كورونا، فالذى منع الجمهور من الذهاب هو الخوف من انتشار فيروس كورونا!

ولكن مجلس إدارة الهيئة الوطنية، فكر وقدر، ونظر وعبس وبسر، وأكد أن الدولة وفرت كافة الإمكانيات والتجهيزات اللازمة لنزول الناخبين من أجل ممارسة حقهم السياسى فى التصويت بالجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ، واتخذت الهيئة الوطنية كل الإجراءات الاحترازية التى من شأنها حماية أطراف العملية الانتخابية والناخبين من جائحة كورونا، واستعدت اللجان لاستقبالهم، ونبهت مرارا وتكرارا بضرورة النزول إلا أن البعض تقاعس عن أداء دوره وواجبه الوطنى فى المشاركة وهو ما انتهى إليه مجلس إدارة الهيئة باحالة جميع من تخلفوا عن الاقتراع بتحويلها إلى النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم فى هذا الشأن.

‎لكن على مايبدو هى سبوبة جديدة لنظام الانقلاب، ممكن يحصل منها على عشرات المليارات، لصندوق تحيا مصر، لكى تهتف تحيا مصر 3 مرات متتابعات!

وبذلك ستدخل مصر التاريخ والجغرافيا، وموسوعة جينيس، بتحويل 54 مليون مواطن للنيابة العامة، لعدم مشاركتهم في انتخابات مجلس الشيوخ، التي ليس له أى لازمة، وسيتم تغريم كل مواطن 500 جنيه، والعسكر يلم النقطة، ولكن في حال عدم دفع الغرامة، سيتم حبس المواطنين الـ54 مليونا، وسوف يقوم نظام الانقلاب بعمل سور حول الصحراء الغربية، والصحراء الشرقية، لعمل سجن جديد ليكون أحد إنجازات العسكر، "وبكرة تشوفوا ماسر"!