تأمل معي في هذه الطرفة: كان رجل يمشي في طريقه مسترسلا لا يحذر خطرًا؛ فإذا لص يخرج عليه مدججًا بالسلاح، ويسلبه حافظة نقوده ثم يقول له: انس ما حدث! وامضي في طريقك!..
وحاول الرجل الكلام والمقاومة فإذا اللص يقول له فى حزم: قلت لك: انس ما كان وامض فى طريقك بسلام ! وإلاّ...

وجاء كاهن خسيس يقول للرجل المقهور: إنه يدعوك للمرور بسلام! السلام أولى بك، ألم تسمع قوله تعالى: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله}..
توكل على الله واقبل السلام.

قال الرجل البائس: إنني مسروق، ويجب أن أسترد مالي، وإذا لم يكن اليوم لي؛ فإلى الغد القريب أو البعيد.

وارتفعت أصوات من هنا ومن هناك تقول له: أتهدّد الأمن وتعكر الجو؟ إنك إرهابي مزعج تثير الفتن وتمنع الاستقرار.
وقال الرجل: كيف يوصَف المعتدَى عليه بأنه إرهابي؟ كيف يوصم المغلوب على أمره بأنه شر؟ أما يود عاقل أو عادل يقول: رُدّوا للمظلوم ما أخذ منه.

المضحك أن جهودًا مكثفة تبذل فى هذه الأيام لإقرار السلام أو بتعبير صريح لإكراه المسروق على السكوت؛ وتهديده إذا استأنف الصياح بأنه إرهابي جدير بالقتل.

إن قضية اغتصاب فلسطين وتشريد أهلها نموذج حي للسطو الصفيق والحق المضيم؛ ونموذج لأزمة الأخلاق والضمائر من عصور سحيقة.