تحت عنوان "قانون بلا قيمة: السلطات المصرية تحتجز أطفال وتعرضهم للخطر" استنكرت "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان" ما اعتبرته "إصرار حكومة الانقلاب على اللجوء إلى الحل الأمني العنيف في تعاملها مع دعوات التظاهر منذ 20 سبتمبر والتي لاقت تفاعلًا محدودًا في عدد من أحياء القاهرة وعدد من المحافظات، وقيامها بالقبض على عشرات الأشخاص، واتهامهم بالتجمهر، والانضمام إلى جماعة إرهابية، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي".

وقالت الجبهة الحقوقية في بيان، أمس السبت، إنّ "تعامل الدولة مع المواطنين تحول إلى خصومة مباشرة، ليصل الأمر إلى إلقاء القبض على أطفال أقل من 15 سنة، لا يتحملون مسؤولية جنائية كاملة، فضلًا عن كونهم لم يخالفوا القانون، في حين خالف ضباط الشرطة ووكلاء النيابة ما لا يقل عن 4 مواد من قانون الطفل المصري، والذي ينص على أنه لا يحاكَم الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة سوى أمام محكمة الطفل، ولا يتم الحكم عليهم بعقوبات جنائية عند مخالفتهم للقانون بأي حال، إلا أنه في الفترة الأخيرة، وبسبب عشوائية وزارة الداخلية في القبض على المواطنين، احتجز أطفال تتراوح أعمارهم بين 11 و14 سنة في ظروف قاسية وغير إنسانية، وتم التحقيق معهم أمام نيابة أمن الدولة".

وتابع البيان: "لم تفرق قوات الأمن بين المقبوض عليهم، لتؤكد أن محاولة الدولة لفرض السيطرة لن تفرق بين طفل وبالغ، إذ احتجز ضباط الشرطة خلال التظاهرات الأخيرة طفلين (11 و12 سنة) في أسوان، و8 أطفال في أطفيح تتراوح أعمارهم بين 12 و14 سنة، وفي الوقت نفسه، صرح فيه نائب أطفيح في البرلمان أنه لم تخرج مظاهرات، وهو ما يتنافى مع التحقيق الرسمي الذي أجرته النيابة".

وطالبت الجبهة حكومة الانقلاب أن تحدد إذا كان ضباط وزارة الداخلية ووكلاء النيابة يجهلون القانون، أم قرروا ببساطة مخالفته، أم تعمدوا عدم الالتزام به. 4 مواد على الأقل من قانون الطفل المصري لم يتم أخذها في الاعتبار عند التعامل مع أطفال أسوان وأطفيح، ما يستوجب التحقيق والمحاسبة لرجال الشرطة بسبب ما قاموا به من انتهاكات بحق الأطفال، ولوكلاء النيابة بسبب عدم الوقوف في وجه هذه المخالفات، وتصحيحها، بدلًا من التعامل معها على أنها أمر طبيعي".

وأضافت: "بعد القبض على أطفال أسوان وأطفيح، لم يسعَ أي من ضباط وزارة الداخلية للتحقق من أعمار الأطفال، وأحالوهم إلى النيابة التي أجرت التحقيق الأول معهم من دون وجود ما يثبت أعمارهم، ولم يتم التواصل مع أي جهة مختصة لتقدير سن الأطفال، الأمر الذي تسبب في نقلهم إلى القاهرة لعرضهم على نيابة أمن الدولة بالمخالفة للقانون".

ونقلت الجبهة الحقوقية عن محامين أنّ "طفلي أسوان احتجزا في معسكر الشلالات لمدة يومين، وهو مكان احتجاز غير رسمي، وغير معد قطعًا لاستقبال الأطفال، ناهيك عن أن أطفال أطفيح احتجزوا لمدة من يوم إلى يومين بقسم شرطة أطفيح، والذي لا يوجد به مكان مخصص للأطفال، وذلك قبل أن يصدر القرار بترحيل جميع الأطفال إلى نيابة أمن الدولة العليا بالقاهرة، وهو ما يعني بقاءهم لساعات سفر طويلة في سيارات الترحيلات مع بالغين. لم يخطر على بال أحد من ممثلي وزارة الداخلية أو وكلاء النيابة، الذين أصدروا ونفذوا قرار تحويل الأطفال لنيابة أمن الدولة العليا، أن قانون الطفل ينص على  أنه لا يجوز احتجاز الأطفال أو حبسهم أو سجنهم مع غيرهم من البالغين في مكان واحد، ويراعَى في تنفيذ الاحتجاز تصنيف الأطفال بحسب السن والجنس ونوع الجريمة".

يذكر أنه عند عرض الأطفال على النيابة ظهرت عليهم أعراض الإجهاد والإعياء، ذلك لشعورهم بالجوع والعطش، فضلًا عن وصولهم إلى مبنى أمن الدولة بالقاهرة حفاة من دون أحذية، وبملابس بالية، فضلًا عن تعرض طفل من أسوان لإصابات ناتجة عن سحلة أثناء القبض عليه يوم 20 سبتمبر، ولم يتم عرضه على طبيب.

وفي البداية، صدر قرار بحبس أطفال أطفيح لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيق، ذلك لأن أحدًا لم يشغل باله بالتأكد من سن الأطفال، ما تسبب في مخالفة ضباط الشرطة ومعهم وكلاء النيابة لقانون الطفل، وقالت الجبهة المصرية: "في تخبُّط وانعدام كفاءة واضحة، أصدرت النيابة قرارات حبس احتياطي غير قانونية، لتتراجع عنها فيما بعد عندما اكتشفت أخيرًا مخالفتها للقانون، لتقوم بإصلاح خطئها بشكل صوري، حيث أمرت النيابة بإيداع الأطفال إحدى دور الرعاية، من دون الإعلان عن اسمها، إلى جانب طفلي أسوان اللذين أعلمت النيابة أهلهما برجوعهما إلى أسوان بالقطار صباح يوم 26 سبتمبر، إلا أن ذلك لم يحدث، وما زال مصيرهما مجهولًا حتى الآن، ما يجعلهما في حال عدم تواصلهما مع أهلهما أو محاميهما لأكثر من 24 ساعة في عداد المختفين قسريًا".

وأضاف البيان: "رغم أن قانون الطفل يحتاج إلى تعديل في ما يخص السماح بمحاكمة الطفل أمام محاكم الجنايات وأمن الدولة عند ارتباطه مع بالغ وكان أكبر من 15 سنة، إلا أن الأمر واضح فيما يخص أطفال أسوان وأطفيح، إذ ينص قانون الطفل على أن: تختص محكمة الأحداث دون غيرها في أمر الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف. كما ينص على: يتحدد اختصاص محكمة الأحداث بالمكان الذى وقعت فيه الجريمة، أو يقيم فيه هو أو وليه أو وصيه. ما يعني أن سفر الأطفال قسرًا من محافظاتهم إلى القاهرة لا يعتبر سوى مخالفة واضحة للقانون، وإهمال متعمد من وزارة الداخلية والنيابة العامة تسبب في تعريض أولئك الأطفال للخطر".

وأضافت الجبهة: "بخلاف التحقيق أمام نيابة أمن الدولة، ورغم صدور قرار بإيداع 7 أطفال على الأقل، من الفيوم والجيزة، إحدى دور الرعاية، ما زالت السلطة القضائية مُصرّة على مخالفة قانون الطفل، حيث قامت محكمة جنح مستأنف القاهرة بنظر أمر مدّ إيداع الأطفال، بدلًا من الالتزام بنص القانون الذي يحصر هذا الدور على محكمة الطفل، مما يجعل من أمر إيداع الأطفال باطلًا، ويوجب إطلاق سراح الأطفال بشكل عاجل".

وحمّلت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان كلاً من وزارة  داخلية الانقلاب والنيابة  كامل المسؤولية عن سلامة الأطفال البدنية والنفسية،مطالبة بفتح تحقيق عاجل لمحاسبة الضباط ووكلاء النيابة الذين تسببوا في احتجاز الأطفال ونقلهم للقاهرة للعرض على نيابة أمن الدولة بمخالفة القانون، كما طالبت وزارة التضامن الاجتماعي بالاضطلاع بدورها في قيام مشرفين اجتماعيين بمتابعة أوضاع الأطفال حتى رجوعهم لبيوتهم، فضلًا عن ضرورة تحرك المجلس القومي للطفولة والأمومة لبحث أحوال الأطفال باعتبارهم معرضين للخطر طوال فترة وجودهم في عهدة وزارة الداخلية.