تابع الشعب السوداني بحذر وترقب مجريات مفاوضات السلام بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية حتى التوقيع النهائي بعاصمة دولة جنوب السودان الشقيقة، أملاً في حقن الدماء، وتحقيق السلام والأمن والاستقرار والحفاظ على وحدة البلاد.

إلا أن المحصلة الختامية جاءت على غير ما يرجو الشعب، وكرّست للجهوية والمناطقية والمحاصصة السياسية، وتوسيع مؤسسات الحكم مما يشكل عبئًا إضافيًا ثقيلاً على خزينة الدولة المنهكة أصلا، والعاجزة عن توفير الضروريات للشعب، وتطويل أمد الفترة الانتقالية ( ٣٩) شهرًا أخرى تبدأ من تاريخ التوقيع النهائي، متجاوزًا الوثيقة الدستورية وحق الشعب في اختيار من يحكمه.
بالإضافة إلى الترتيبات الأمنية التي تشكل قنبلة موقوتة قابلة للانفجار؛ حيث نص الاتفاق على دمج القوات كألوية وكتائب لا كأفراد كما هو متعارف عليه في الدمج والتسريح، إلى جانب تشكيل قوة للحماية في دارفور نصفها من الحركات المسلحة، أما المنطقتان فقد تم منحهما الحكم الذاتي تحت حماية قوات الحركة واستقلالية في التشريع والاحتكام لدستور ١٩٧٣ وبعض الحقوق السيادية مثل توقيع الاتفاقيات مع الدول والمنظمات الدولية والقروض الخارجية بضمان البنك المركزي  (وضع أقرب للدولة المستقلة) يمكن أن يؤدي إلى الانفصال في حال نشوب أي خلاف بين الأطراف.
 
إن تقسيم السودان إلى ثمانية أقاليم كما نصت عليه الاتفاقية يمثل تهديدا لوحدة البلاد في ظل تفشي العصبية القبلية والجهوية، فضلا عن تجاوز الحكومة الانتقالية في معظم بنود الاتفاقية صلاحياتها كحكومة تصريف أعمال يجب أن تناقش هذه القضايا في المؤتمر الدستوري  بمشاركة كافة القوى السياسية والاجتماعية في البلاد.
كنا نرجو أن تظل السلطة القضائية مستقلة بعيدة عن المحاصصة السياسية والجهوية، فمنح بعض الأقاليم نسبة 20% منها يمثل خرقًا لاستقلاليتها.

إن اتفاقية السلام على ما فيها لم تكن شاملة؛ حيث لم توقع عليها حركتا (عبد الواحد محمد نور وعبد العزيز الحلو) أكبر الحركات المسلحة على الأرض، ولم تحظ برضا وقبول أهل المصلحة؛ حيث رفضها النازحون في معسكرات دارفور، وخرج بعض أهل الشرق مطالبين بالانفصال، وتحفّظت عليها بعض أحزاب تحالف الحرية والتغيير الحاكم.
 
يؤكد الإخوان المسلمون ترحيبهم بأي اتفاق سلام عادل وشامل يحقن الدماء، ويحفظ هوية ووحدة واستقرار البلاد، ويضمن توزيعًا عادلًا للثروة والسلطة للمناطق المتأثرة بالحرب.
 حفظ الله السودان وشعبه ورد عنه كيد الكائدين.
 
والله أكبر ولله الحمد
دكتور. عادل علي الله إبراهيم - المراقب العام للإخوان المسلمين بالسودان
أكتوبر 2020