ليس بمستغرب على الإعلام العكاشي، الذى شيطن ثورة يناير وشيطن رموزها، واعتبرها مؤامرة كبرى ضد استقرار الوطن، واستعان في ذلك بعلماء السلطة، وعملاء الشرطة، الذين اعتبروا من يخرج ليطالب بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، مجرد خوارج خرجوا على ولي الأمر الشرعي، ومن مات منهم مات ميتة جاهلية.
مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "سيد الشهداء يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فنهاه وأمره فقتله".

وقد بلغ السقوط الأخلاقي بإعلام النظام الانقلابى، الذى يتلقى أوامره من الجهات الأمنية، إلى حد من الإفلاس، وأن هاجس الإخوان أصبح يقض مضاجعه، فيحاول البحث عن أى شيئ يسيئ به للإخوان، حتى ولو كان على سبيل الدجل والتطبيل، فقد قال بوق الانقلاب، ومخبر أمن الدولة "أحمد موسى" عن ابتسامات الشباب الذين أعدمهم النظام المجرم قبل أيام ظلمًا وعدوانًا: "صدرت لهم تعليمات من جماعة الإخوان المسلمين بأن يبتسموا عند صعودهم منصة الإعدام وأن يحافظوا على ابتسامتهم لتظل مرتسمة على شفاههم بعد الموت"!.

وبدل أن يسأل هذا الأحمق عن سر الابتسامة، التي تملأ وجه الشهداء، وهل هى من رضى الله عن الشهداء الذين قتلوا ظلمًا،أم أن الملائكة بشرتهم بالجنة،أم أنهم فرحون ومسرورون بما أعد الله للشهداء من النعيم والكرامة؟!!
وعندما أعيته الحيل، بحث عن تفسير شاذ وغريب لظاهرة ابتسامة الشهيد، فاعتبر أن الابتسامة التى تغمر وجه الشهيد، هى بتعليمات من الإخوان للشهداء قبل استشهادهم.

وقد جاء في صحيح مسلم عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إن الشهيد "يضحك له ربه، ويرى مكانه في الجنة، ولا يتأوه في لحظة الموت، وتمحى ذنوبه إلا الدين".
وقال أهل العلم : فإذا عُرِفَ قدرُ السِّلعةِ، وعُرِف مُشترِيها، وعُرِفَ الثَّمنُ المبذولُ فِيهَا عُلِمَ شَأْنُهَا ومَرتبتُهَا في الوجودِ.

ومع ذلك، فإن بعض المخابيل والبهاليل، الذين صدقوا بأن الرئيس "محمد مرسي" باع قناة السويس وأهرامات الجيزة لدولة قطر، وأنه تنازل عن سيناء للفلسطينيين، وعن حلايب وشلاتين للسودان، وأن أوباما عضو في جماعة الإخوان، وأخوه المسئول المالي للجماعة، وأن "جون ماكين" هو المرشد الحقيقي لجماعة الإخوان، وأن الإخوان صلوا عليه صلاة الغائب يوم وفاته، وأن البيت الأبيض مخترق من جماعة الإخوان، وأن صحيفة الجارديان والواشنطن بوست،صحف إخوانية، وأن منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش منظمات إخوانية، وغير ذلك من الأباطيل... فلا مانع لديه أن يصدق مايروجه الإعلام العكاشي المفلس.

ولنا في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم - العبرة، فعندما وقع "خبيب بن عدى" و"وزيد بن الدثنة"، أسيرين لدى قبيلة هذيل، ذهبوا بهما إلى قريش، وقايضوهما بآخرين من قبيلة هذيل كانوا محتجزين لدى قريش.
فأخذ بنو الحارث "خبيببن عدى" ووضعوه في الأسر موثقا وحاولوا مساومته على إعلان خروجه من الإسلام وكفره مقابل عتقه، إلا أن الصحابي الجليل تمسك بإيمانه وبإسلامه، فما كان من بني الحارث إلا أن قرروا قتل خبيب فاصطحبوه إلى "التنعيم" -وهو أقرب مكان للحرم -تمهيدا لقتله.
فطلب منهم خبيب- رضى الله عنه- قبل قتله أن يصلي ركعتين، فأذنوا له، فصلى ركعتين في خشوع تام، وقد سن بذلك سنة،صلاة ركعتين قبل الموت، وود لو أنه أطال الصلاة، فالتفت إلى قاتليه قائلًا: والله لولا أن تحسبوا أن بي جزعا من الموت لازددت صلاة.
وبعدما أنهى صلاته، رفع يديه بالدعاء إلى الله، وهو ينظر إلى قاتليه قائلًا: اللهم احصهم عددا.. واقتلهم بددا.. ولا تغادر منهم أحدا.
أنشد قائلًا:
ولست أبالي حين أقتل مسلما..
على أي جنب كان في الله مصرعي.
وذلك في ذات الإله وإن يشأ
يبارك على أوصال شلو ممزعِ
ولست بمبدٍ للعدو تخشعًا
ولا جزعًا إني إلى الله مرجعي

وعندما شعر كفار قريش بالغيظ من كلمات "خبيب"- رضي الله عنه-، فأذقوه العذاب قبل موته، فقاموا بصلبه على جذوع النخل، حيث كانت تلك هي المرة الأولى -بحسب بعض المصادر- في تاريخ العرب التي يصلبون فيها رجلا.
وتجمع عدد من الرماة وأخذوا يصوبون رماحهم نحو جسده المسجّى على الصليب وهو لا يزال حيا يتنفس، فيما أخذ آخرون يمثلون بجسمانه بسيوفهم، ثم اقترب منه أحدهم قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة وقال له: "أتحب أن محمد مكانك، وأنت سليم معافى في أهلك؟ فرد عليه خبيب: "والله ما أحب أني في أهلي وولدي، معي عافية الدنيا ونعيمها، ويصاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم – بشوكة"، ثم ردد دعائه عليهم مجددا "اللهم احصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا".

فالإعلام الانقلابي الفاجر، الذى حرض على سفك الدماء ولايزال حتى اليوم، ويحرض على تعذيب المعتقلين وقتلهم، بزعم أنهم ليس لهم حقوق، لن يضر الشهداء الذين ارتقوا صابرين محتسبين بمحاكمات مسيسة، تفتقد لأبسط قواعد العدالة، نباح هذا الإعلام المخادع.