بسم الله الرحمن الرحيم

( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِّلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبنَا لاَ تُؤَاخِّذْنَا إِّن نسِّينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبنَا وَلاَ تَحْمِّلْ عَلَيْنَا إِّصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الذِّينَ مِّن قَبْلِّنَا رَبنَا وَلاَ تُحَملْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِّهِّ وَاعْفُ عَنا وَاغْفِّرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِّ الْكَافِّرِّينَ ).... البقرة:١٨٦.

الإخوة والأخوات الكرام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تجديداً لما بايعنا عليه الله سبحانه وتعالى، ووفاء لشهدائنا، وإخواننا، وأخواتنا، الذين اختطفتهم يد الظلم والاستكبار، دون خشية من الله سبحانه وتعالى، ومع وجود هذا العدد من الإخوة والأخوات في المنافي، وبالطاقات الموجودة خارج مصر، وهي حالة غير مسبوقة في تاريخ الجماعة، فقد أصبحت التكاليف أكثر ثقلاً على الجميع، فلم يعد الأمر مقتصراً فقط على ساحة الداخل التي تشهد ملحمة صدق وصبر، حسبة لله، سبحانه وتعالى، بل للخارج أيضا مهام إضافية، علاوة على صبر ومصابرة الداخل، ففي الفترة الماضية، كان هناك من البعض إعادة تقييم لجماعة الإخوان المسلمين، وامتدت إعادة التقييم هذه إلى ما يسمى الآن الإسلام السياسي، بعباءته الواسعة، وخصصوا لذلك شخصيات مُهمة، وتعرضوا لأدق التفاصيل على مستوي عالمي، وعلى مستوي الفكر والحكومات.

وحسبة لله تعالى أقول: إننا أمام مشهد لم تواجهه الجماعة قبل ذلك، ففي المحن من قبل كانت هناك مجموعات قليلة خارج الوطن، عملت بالحب، وقامت بحق الدعوة، وكان لها أثر إيجابي كبير، وحافظت على مفاهيم الجماعة التي صاغها الإمام الشهيد حسن البنا.

وخلال السنين الماضية، خاضت الجماعة أحداث النقابات والمجالس النيابية، ثم انتخابات الرئاسة، وحاولت فيها المحافظة على توازنها وفهمها وقيمها، كما اجتهد الإمام البنا في ترتيبها قائلا أنها :

(1) دعوة سلفية: لأنهم يدعون إلى العودة بالاسلام إلى معينه الصافي من كتاب الله وسنة رسوله.

(2) وطريقة سنية: لأنهم يحملون أنفسهم على العمل بالسنة المطهرة في كل شيء، وبخاصة في العقائد والعبادات ما وجدوا إلى ذلك سبيلا.

(3) وحقيقة صوفية: لأنهم يعلمون أن أساس الخير طهارة النفس، ونقاء القلب، والمواظبة على العمل، والإعراض عن الخلق، والحب في الله، والارتباط على الخير.

(4) وهيئة سياسية: لأنهم يطالبون بإصلاح الحكم في الداخل، وتعديل النظر في صلة الأمة الإسلامية بغيرها من الأمم  في الخارج، وتربية الشعب على العزة والكرامة والحرص على قوميته إلى أبعد حد.

( 5 ) ثم جماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية.

وباليقين، وكما رآنا غيرنا، فقد إرتدت علينا بعض سهام مراحل العمل السابقة بسبب تقدم بعض المراحل على غيرها.

والتي لانستطيع إنكارها عندما نعود إلى ما قام بترتيبه الإمام الشهيد (رحمه الله )؛ فنرى أن العمل السياسي قد طغى في بعض المراحل على أولويات الجماعة الأخرى.

والآن ونحن في لهيب هذه المحنة، فما نطلبه من الله سبحانه وتعالى قبل زوال المحنة وبعدها هو الآتي:

ـ نريد العودة الصادقة إليه عز وجل.

ـ نريد العودة إلى الأخوة الصادقة.

ـ نريد أن نقدم ديننا وجماعتنا على أنفسنا وأن ننطلق للعمل.

يشرفنا أن نعمل لرفعة شعوبنا وأمتنا، وألا نتخلى عن تحمل المسئولية.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن نرى الأجيال الجديدة، وهي تعمل وتصبر، وتملأ كل ساحات العمل، وفاء لدينها، وخدمة لشعبها والإنسانية جمعاء.

إنها ليست مجرد كلمات، ولكنها أدوار يجب أن نقوم بها.

أيها الإخوة:

لقد اختاركم الله في هذه المرحلة للفعل والعمل، وليس رداً لأفعال الغير، ونحسبكم كذلك إن شاء الله،

يجب أن نصفى قلوبنا وأن نلتزم بتقوى الله عز وجل، وتقديم النصيحة الخالصة لوجه الله تعالى، وتقبلها مهما كانت مرارتها،

انتم بإذن الله وعونه، إذا صدق العزم والنية، التيار الذي يصل إلى القلوب ليحيى هذه الامة بالقرآن، هذه بداية جديدة، امتداداً للمعين الصافي، إن شاء الله تعالى وهو المستعان.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

إبراهيم منير

نائب المرشد العام

12 من جُمادى الآخرة 1442 هـ الموافق 25 يناير 2021 م