توافق غدًا ذكرى استشهاد الإمام حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين والمرشد الأول لها.
ولد الإمام في المحمودية بمحافظة البحيرة عام 1906م، واستشهد في مثل هذا اليوم من عام 1949م.

هو مؤسس حركة الإخوان المسلمين سنة 1928 في مصر، والمرشد العام الأول لها، ورئيس تحرير أول جريدة أصدرتها الجماعة سنة 1933، نشأ في أسرة متعلمة مهتمة بالإسلام كمنهج حياة، حيث كان والده عالماً ومحققاً في علم الحديث.

تخرج من دار العلوم عام 1927، ثم عين مدرساً في مدينة الإسماعيلية في نفس العام، ونقل إلي مدينة قنا بقرار إداري عام 1941، ثم ترك مهنة التدريس في عام 1946 ليتفرغ لإدارة جريدة الشهاب.

أسس في عام 1928 جماعة الإخوان المسلمين، بهدف تطبيق الشريعة الإسلامية في الحياة اليومية، وإعادة الحكم الإسلامي، مستنداً إلى آرائه وأطروحاته لفهم الإسلام حيث قال: "إن الإسلام عقيدة وعبادة، ووطن وجنسية، ودين ودولة، ومصحف وسيف”.

في ظل تشتت الأمة الإسلامية، ووقوعها تحت الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي والغزو الفكري الأوروبي للوطن العربي، أخذ يدعو الناس إلى العودة إلى السلام، ونشر مبادئ الإسلام في جميع المدن المصرية والريف.

كان يضع الشهيد البنا أمامه هدفيْن:

الأوّل: تحرير الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي
والثاني: أن تقوم في هذا الوطن الحر دولة إسلاميّة حرّة.

منهجية الإمام المجدد الشهيد حسن البنا في مقارعة الاحتلال:

1- جعل الإمام الشهيد تحرير الوطن من هذا الاحتلال هدفًا رئيسيًّا من أهداف المشروع الإسلامي، وجعله المرتبة الرابعة في مراتب العمل “وهي تحرير الوطن من كل سلطان أجنبي” وأن هذا لا بد أن يسبق إقامة الحكم الإسلامي المنشود.

2- أنه ينطلق في رؤيته تلك من الجانب العقائدي الإيماني، فأعاد للإسلام دوره الفعال في النفوس وفي واقع المجتمع؛ حيث قرر الإسلام أن الحرية فريضة من فرائضه لا يجوز التنازل عنها أو التفريط فيها، وأن الجهاد لتحرير الوطن فرض عين وواجب حتمي تسعى الأمة كلها إليه.

3- كان الإمام الشهيد يستهدف نزع جذور الاستعمار الأجنبي من العقول والأفكار ومن النفوس والقلوب، ومن تبعية السلوك والتقليد وادعاءات المصالح والارتباطات، كان يريد تحريرًا واستقلالاً كاملاً شاملاً لا يقتصر فقط على مجرد رحيل القوات الأجنبية، ولهذا كان يؤسس مشروعه لمواجهة الاحتلال وفق هذه الرؤية الشاملة والبعيدة المدى.

4- أن يسير في خطته الشاملة في محاور متوازية، تنمو وتتسع مع نمو واتساع الجماعة، فتكون خطواتها متناسبة مع الإمكانيات، وتسير في اتجاه تحقيق الأهداف وكانت هذه المحاور تشمل:

أ- محور تأمين نمو الجماعة، وتثبيت جذورها، وزيادة تأثيرها وانتشارها، مع البعد عن أي صراعات جانبية.
ب- محور إعداد أفراد الجماعة وتكوينهم للدور المطلوب منهم.
ج- محور توعية الشعب وإعداده وحشده في الاتجاه المطلوب.
د- محور الضغط السياسي والحراك المجتمعي.
هـ- محور التدريب العسكري والإعداد لمعارك التحرير.
5- كما كانت رؤية الإمام أنه لتحقيق ذلك الواجب، لا بد أن تنهض وتتعاون قوى الأمة جميعًا لتحقيقه.

رؤية الإمام البنا لمشروع التحرير من الاستعمار الأجنبي لمصر، كانت تقوم على:

1- أن متانة الإعداد العسكري لا تقوم على مجرد التدريب، وإنما لا بد لها من تربية وتكوين صحيح للشخصية المجاهدة، لكي تكون قادرة على الاستمرار وعلى تحمل التضحيات والتجرد والإخلاص، وهذا على مستوى الأفراد، وعلى مستوى الجماعة لا بد أن تراعى التدرج في الخطوات والعمليات، وعدم كشف كل الأوراق، واختيار التوقيت المناسب، وتجنب التصفية.

2- أهمية بناء الوعي الشعبي الحقيقي الذي لا يقوم على مجرد شعارات أو فورات حماسية ولكن أن تتحول العاطفة إلى إجراء عملي واقعي يقاوم المحتل ويحقق الاستقلال معنوياً وفكرياً واجتماعياً واقتصادياً، لقد حرص الإمام في أن يقاوم الاحتلال في مظاهره داخل النفوس والأفكار والعادات وكان من مظاهر ذلك تحفيز الأمة لمقاطعة المنتجات الإنجليزية وصور الثقافة الغربية.

3- كما كان له رؤية عميقة بشأن تحقيق الاستقلال الاقتصادي، ليسير هذا الهدف مع تحقيق الاستقلال من الاحتلال العسكري، ولهذا كان جهاده لتمصير الشركات وتشجيع المنتج الوطني، وإنشاء الصناعات الوطنية.

4- دعوته لتوحيد القوى الوطنية حول مشروع قومي واحد هو طرد المحتل وتحقيق الاستقلال الحقيقي، والنهوض بالأمة، وترك هذا التنازع الحزبي واعتبر أن هذه الأحزاب قد حل بها الفساد وأصبحت ألعوبة في يد الإنجليز.

5- الاهتمام بالضغط الإعلامي والسياسي، داخلياً وخارجياً، واستيعاب المتغيرات العالمية وموازين القوى الجديدة، والاستفادة من ذلك.