بقلم: د. رشاد لاشين

تكوين الجيل المسلم القويّ البدن يستدعي حمايةَ الجنين من المخاطر الكثيرة التي يمكن أن تهدِّدَه منذ اللحظات الأولى لتكوينه، والواقع يشهد أن كثيراتٍ من النساء لا يعرفن أنهن حوامل إلا بعد قدوم موعد الحيض التالي مع عدم حدوثه، وتظل الواحدة منهن في حيرة من أمرها فترةً من الزمن، ثم تذهب لعمل اختبار حمل فتُفَاجأ بأنها حامل، في الوقت الذي يكون قد مرَّ زمنٌ لا بأسَ به على تكون الجنين، وقد تتعرَّض في هذه الفترة لأدوية أو مخاطر تهدد الجنين؛ وذلك لعدم وعيِها بحدوث الحمل في وقت مبكر.

لذلك وجب على النساء اللاتي يُهيِّئْن أنفسَهن للحمل أن يعرفْن الوقتَ المتوقَّع لحدوثه، وبالتالي يلتزمن بالآتي: (الحذر المبكر من المخاطر المهددة للجنين، بدءًا من موعد التبويض في كل دورة شهرية).

وللتدريب على حماية الجنين ينبغي التعريف بالآتي:

============================

(أ) التعريف بنظام الدورة الشهرية.

(ب) التعريف بمراحل تكوين الجنين.

(ج) التعريف بالأخطار التي تهدد الجنين.

-------------

(أ) التعريف بنظام الدورة الشهرية :

===================

- مدة الدورة الشهرية عند أغلب النساء 28 يومًا، ولكنها قد تزيد عند بعضهن أسبوعًا فتأتي كل 35 يومًا، وقد تنقص عند بعضهن أسبوعًا فتأتي كل 21 يومًا.

- مدة الحيض عند أغلب النساء 5 أيام، وقد تزيد يومين عند بعض النسوة فيحِضْن 7 أيام، وقد تنقص يومين عند بعض النسوة فيحضن 3 أيام، أي أن:

-------------------------------------------------------------------------

فترة الدورة= 28 يومًا + 7، ومدة الحيض= 5 أيام + 2

-------------------------------------------------------------------------

ويبدأ حساب الدورة من أول يوم في الحيض الحالي إلى أول يوم في الحيض التالي.

موعد التبويض :

-------------------

- في الدورة المنتظمة التي مدَّتها 28 يومًا تنزل البويضة في اليوم الرابع عشر من الدورة (14).

- في الدورة المنتظمة التي مدتها أطول أو أقصر من 28 يومًا تنزل البويضة قبل موعد الحيض التالي بأربعة عشر يومًا.

- إذا كانت الدورة مدتها 35 يومًا فإن موعد التبويض هو:

----------------------------------------------------------------

35- 14= 21 أي اليوم الحادي والعشرين من الدورة.

- إذا كانت الدورة مدتها 21 يومًا فإن موعد التبويض هو:

----------------------------------------------------------------

21- 14= 7 أي اليوم السابع من بداية الدورة.

(ب) التعريف بمراحل تكوين الجنين :

===================

(1) مرحلة ما قبل تكوين العلَقة (النطفة الأمشاج) (الأسبوع الأول):

---------------------------------------------------------------------------------

إذا حدث الجماع في موعد التبويض فإن الحيوان المنوي يلقِّح البويضة وتتكون النواة الأولى للجنين التي تسمَّى النطفة الأمشاج (الزيجوت)، وتعيش هذه النطفة الأمشاج حرةً في القناة الرحمية (قناة فالوب) قبل أن تصلَ إلى تجويف الرحم ولا يوجد أي التقاء بينها وبين دم الأم حيث تتغذَّى اعتمادًا على محتوياتها بالإضافة إلى الانتشار البسيط؛ لذلك فالأخطار التي يمكن أن تصيب الجنين في هذه الفترة هي الأشعة فقط أما ما دونها فلا؛ وذلك لعدم وجود الاتصال الدموي الذي تصل عن طريقه الأدوية والكيماويات والأخطار الأخرى، وفي حالة التعرض للأشعة يسير الأمر حسب قانون "الكل أو لا شيء" فإما أن يموت الجنين وإما أن يسلم تمامًا.

(2) مرحلة التخليق (مرحلتا العلَقة والمُضغة):

------------------------------------------------------

بدءًا من اليوم السابع تبدأ النطفة الأمشاج في الانغراس في جدار الرحم وتكوين العلَقة، وتستمر عملية التعلق هذه إلى اليوم الرابع عشر، ثم تبدأ عملية التخليق وتشكيل الأعضاء في الفترة (من اليوم الخامس عشر حتى اليوم السادس والخمسين).. وهذه هي أخطر مراحل التعرض للمخاطر على اختلاف أنواعها؛ لأنها مرحلة التشكل والتكون والتخليق، ويسهل تشويه الجنين وإصابته اعتمادًا على عاملين:

(أ) نوعية وجرعة المادة المشوَّهة التي يتعرَّض لها الجنين.

(ب) الاستعداد الوراثي عند الجنين الذي يسهل ظهور هذه التشوهات.

(3) مرحلة ما بعد التخليق (مرحلة النشأة خلقًا آخر):

---------------------------------------------------------------

- تمتد هذه المرحلة من نهاية الشهر الثاني وحتى الولادة.

- في هذه المرحلة يتم النموّ والنضج لكافة الخلايا والأجهزة التي تكوَّنت في المرحلة السابقة.

- تعرض الجنين لعوامل الخطر لا يؤدي إلى تشوُّهات كبيرة بأجهزة الجسم، وإنما يؤدي فقط إلى تخريب بعض الأنسجة والأعضاء بعد تكونها، كموت بعض الأنسجة، أو بتْر الأعضاء، أو حدوث التخلف العقلي، أو خلل السلوك والتصرفات، والقاعدة العامة هي:

أن الجنين ليس في مأمن من التعرض للمخاطر في أي فترة من فترات الحمل

(ج) التعريف بالأخطار التي تهدد الجنين :

======================

1- الأدوية: يجب على السيدة الحامل أن تمتنع عن تناول الأدوية إلا تحت إشراف الطبيب الذي يختار لها الأدوية الآمنة، ويجب أن تحرصي عند زيارة أي طبيب أن تذكري حملك أولاً فتقولين: يا دكتور أنا حامل ثم أشتكي من كذا..

2- الأطعمة غير الصحية: مثل الأطعمة غير جيدة الطهي وخاصةً اللحوم غير الصحية، مثل اللانشون والباسطرما والسجق والكبد غير معروفة المصدر، وخصوصًا كبد الدجاج والحيوانات التي تتغذَّى على الهرمونات، والأطعمة المحفوظة، والأطعمة المعرضة لكثير من المبيدات الحشرية.

3- سوء التغذية: سوء التغذية الشديد للأم بالإضافة إلى أنه قد يضعف الجنين فإنه قد يسبب للطفل أمراضًا فيما بعد، مثل أمراض القلب وارتفاع الضغط والسكتة الدماغية.

4- اقتناء القطط والكلاب: حيث إنها تساعد على الإصابة بمرض التوكسوبلازما، أو ما يسمَّى بالعامية (مرض القطط)، والتي قد تؤدي إلى إسقاط الجنين أو إصابته بالعديد من التشوُّهات.

5- الكحول والتدخين والإفراط في تناول المواد التي تحتوي على الكافيين: مثل الشاي والقهوة والكولا، وفرصة الآن أن نقاطع الكوكا كولا والبيبسي وجميع المنتجات اليهودية والأمريكية والدانماركية.

6- التعرض للأشعة: سواءٌ كانت علاجيةً أو تشخيصيةً أو في أحد المصانع، علمًا بأن الأشعة التلفزيونية مأمونة التأثير وغير ضارة أثناء الحمل.

7- الارتفاع الشديد لدرجة الحرارة: سواءٌ كان ذلك من جرَّاء الإصابة بالحميات أو بسبب حمامات البخار "الساونا"؛ لذا وَجَب على الحامل أن تحرص على تخفيض حرارتها المرتفعة بسرعة عن طريق الكمَّادات والسوائل، ثم الذهاب إلى الطبيب للتشخيص والعلاج؛ حيث تَبيَّن أن الارتفاع الشديد للحرارة قد يؤدي إلى تشوُّهات الأجنة.

8- الإصابة بالعدوى (البكتريا- الفيروسات- الطفيليات): لذا يجب على الحامل أن تتجنب أماكن العدوى أو الاختلاط بالمصابين، ويجب على السيدة الحامل أن تحرص على الحصول على إجازة عند انتشار الأوبئة في المجتمع، وخصوصًا إذا كانت تعمل بالتدريس في أحد المدارس التي تنتشر فيها الحصبة الألمانية أو العادية.

10- المواد الكيماوية: مثل الرصاص- الزئبق- الليثيوم- اليود، بكمية أكثر من احتياجات الجسم، وذلك بالابتعاد عن مصادر التلوث البيئي وعوادم السيارات ومخلفات المصانع والمبيدات الحشرية.

11- نقص الأكسجين: وُجد أن الأمهات اللاتي يسكنَّ الجبال أطفالُهن أقلُّ وزنًا من الأطفال اللاتي يسكنَّ على مستوى البحر، كذلك الأمهات المصابات بأمراض القلب المترافقة بنقص الأكسجين.

12- أمراض الأم غير المنضبطة: مثل القلب والسكر والكلى والصرَع وغيرها؛ لذا يجب على الأم أن تضبط هذه الأمراض أولاً ثم تستشير الطبيب قبل حدوث الحمل؛ حفاظًا على سلامتها وسلامة جنينها.

احرصي على سلامة جنينك حتى تقدِّمي لأمتك جيلاً قويًّا ينهض برسالتها وحضارتها من جديد.