إلى الصحفي المناضل " مجدي حسين"الثورة لم تنته

ظهر الأستاذ "مجدى أحمد حسين" عقب الإفراج عنه على فضائية الجزيرة مباشر بعد سنوات من الاعتقال، ليقول بأن "موجة ثورة 25 يناير 2011 انتهت، وليست هناك ثورة تستمر للأبد، لكن مصر لم تنته بعد.”

وأن “المطلوب الآن هو أن تجتمع القوى السياسية المصرية من إسلاميين وقوى مدنية للتصدي للتحديات التي تواجه مصر من الشمال والجنوب، وهي كثيرة جدا.

وإن “تجربة النخبة الإسلامية في مصر لا تسر..

كانت هناك دعوى صريحة لإسقاط النظام،وأرى أنها كانت دعوى غير واقعية، الثورة خلاص استنفدت نفسها، الثورة مر عليها 10 سنوات، الثورة انتهت عام 2014،فلنعترف أن هذه النتيجة التى حدثت وهذه موازين القوى. أخطاؤنا وأخطاء الآخرين أدت إلى هذا الوضع،هذا رأيي من 2014.

نحن نعذر الأستاذ مجدى في ظل ظروفه التى يعيشها بعد سنوات الاعتقال ، وإن كان الأولى به الصمت، انطلاقاً من الحديث الشريف " فليقل خيراً أوليصمت" .

لكن على كل الأحوال الرجل معذور وقد يكون قد أكره على الإدلاء بهذا التصريح، والمكره يباح له التلفظ بكلمة الكفر عند الإكراه!!

لكن اللافت في الأمر أن البعض استغل تصريحات الأستاذ مجدى أحمد حسين للطعن والغمز واللمز بالتصريح والتلميح في جماعة الإخوان المسلمين.

وكأن الجماعة هى التى أجبرت الأستاذ مجدى أحمد حسين على أن يتبنى موقفاً معيناً، وبالتالى تحمل الجماعة كل أخطاء الماضى والحاضر والمستقبل .

وقد وصل الحقد لدى البعض أن يشكك فى مواجهة الأستاذ عمر التلمسانى للسادات وهو في عنفوانه وجبروته، وقد وجه السادات انتقادات عنيفة إلى جماعة الإخوان المسلمين واتهمها بتهم كثيرة، من بينها التخريب والعمالة وإشعال الفتنة الطائفية وإثارة الطلبة. فوقف الأستاذ عمر التلمسانى وقال للسادات: "لو أن أحدا غيرك وجه إلى هذه الانتقادات لشكوته إليك، أما وأنت صاحبها فإننى ليس أمامى إلى أن أشكوك لله أحكم الحاكمين وأعدل العالمين، لقد آذيتنى يا رجل.

ارتبك الرئيس السادات وقال: أنا لم أقصد الإساءة إلى الشيخ عمر ولا للإخوان، اسحب شكواك يا شيخ عمر.

وبعد الخطاب أرسل السادات كلا من الدكتور عبد المنعم النمر- وزير الأوقاف- ومنصور حسن -وزير الثقافة- لترضية الشيخ عمر التلمسانى.

فيقول هذا الحاقد المتحامل: "دعك من تحميل المواجهة بين السادات وعمر التلمساني أكثر مما تحتمل، فقد كانت عتاباً من محب، وقد وصلته تقارير أمنية تفيد تحالف التلمساني مع الشيوعيين، ورد التلمساني منطلقاً من المعترف بالجميل، فلا يمكن أن يتحالف مع أعدائه.. هذا عتاب المحبين، وليس مناكفة معارض للزعيم.

ولكن هذا المتحامل الحاقد يجهل أن كل إنسان نصب نفسه لمقارعة ومقاومة الباطل عرضة للابتلاء،

 فهناك من يصبر ويتحمل ويدفع الثمن لصبره وثباته، وهو يعرف طبيعة الطريق من البداية، كما قال المولى عزوجل : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ )سورة العنكوت آية 2.

ولايمكن أن يكون هناك تمكين إلا بعد جولات من الابتلاء والمحن .

وقد سأل رجل الشافعى فقال : يا أبا عبد الله ، أيما أفضل للرجل أن يُمكن أو يُبتلى ؟ فقال الشافعي : لا يمكن حتى يُبتلى ، فإن الله ابتلى نوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدًا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، فلما صبروا مكنهم ، فلا يظن أحد أن يخلص من الألم البتة» .

فجماعة الإخوان تعرف طبيعة الطريق وأنه شاق وأنه مفروش بالدماء والأشلاء وأن أهل الباطل لن يتركون أهل الحق في سبيل حالهم كما يتوهم البعض من الذين انخدعوا بشعارات الغرب المزيفة؛ كالحرية والديمقراطية وحقوفق الإنسان وغيرذلك.

كل ذلك يمكن أن يكون مقبولاً مع غير المسلمين أما مع المسلمين فالأمر فيه نظر!!

وكما يقول شهيد القرآن سيد قطب رحمه الله: لن يتركوك ... حتى لو اعتزلت في بيتك وأغلقت عليك بابك ...

حتى لو اعتزلت في بيتك طالما ضوء الحق ينفذ من شباك بيتك .

فأنتَ تهديد يجب أن يزول !

 ونعود للأستاذ مجدى الذى يرى بأن الثورة قد انتهت

 لا لا ياأستاذ مجدى الثورة لم تنته وإن نتائج الثورات لاتجنى بعد انتهاء الثورة، بل قد تحتاج لسنوات وعقود حتى تحقق نتائجها وتؤتى ثمارها.

فالأنظمة المستبدة والتى جثمت على صدور الشعوب لعقود، لايمكن اقتلاعها بسهولة، لكن الثورة حتماً

ستنجح ولو بعد حين، وستكون مصدر فخر وعزة وإلهام للأجيال القادمة التى ستجنى ثمار الثورة،  وتنعم بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية .

فهناك عصبة من أهل الحق عصية على التمييع ولاتزال متمسكة بحقوقها، ولن تعترف بنظام  انقلابى دموى فاسد قتل الألاف واعتقل الألاف واغتصب الحرائر وارتكب  الموبقات بحق الشعب .

فقد أعدم عدنان مندريس، رئيس الوزراء التركى المنتخب في ستنيات القرن الماضى، وظن العسكر أن مندريس قد انتهى للأبد .

ولكن  جاء  "توجورت أوزال" ورد الاعتبار لمندريس بعد ثلاثة عقود من إعدامه مع اثنين من رفاقه.

فأمر أوزال بنقل رفات مندريس ورفاقه من جزيرة "ياسي أضه" إلى مقبرة خاصة على تلة بإسطنبول، وشارك أوزال وقادة الجيش ورؤساء الأحزاب وجموع من الشعب التركي في استقبال الرفات ومراسيم إعادة الدفن وتأبينه بكلمة اعتبرته من شهداء الوطن والديمقراطية.

وبعد مرور ستة عقود على إعدام مندريس وفي خطوة تكريمية له افتتح الرئيس أردوغان في 27 مايو 2020 جزيرة "ياسّي أدا" في بحر مرمرة، وأطلق عليها اسماً جديداً هو "جزيرة الديمقراطية والحريات".

وقال أردوغان في كلمته فى الافتتاح: إن تركيا تعرضت في مثل ذلك اليوم (27 مايو) لأسوأ انقلاب في تاريخها.

مندريس الذى قال لحظة إعدامه: "ليذهب مندريس، فسيأتي مندريس آخر". كان يقصد أن تركيا لن تقبل بحكم العسكر ولو بعد حين!!

ياأستاذ مجدى، الثورة حية باقية ولم تنته.

 يكفى أن النظام لايزال في حالة رعب من عودة يناير جديدة بدليل السعى لقمع أى حراك مهما كان بسيطاً.

فثورة يناير مازالت بمثابة كابوس للنظام الانقلابى لذا فهو يحرص من خلال إعلامه المأجور لشيطنة الثورة ورموزها بماسبة وبغير مناسبة.

فليس صحيحاً أن الثورة فشلت، وليس صحيحاً أن الثورة المضادة الممولة  خليجيا ومدعومةغربيا  وصهيونياً نجحت.

ولكن طريق الحرية طويل وشاق ويحتاج لنفس طويل، أنت بذلت فيه الكثير. ومازالت الأجيال تنتظر عطاءك، برغم القهر والظلم الذي تعرضت له!

وكما قال شوقى:

وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق".