نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا عن الانتخابات السورية التي قالت فيها إن الرئيس بشار الأسد اختار مثل الحكام الديكتاتوريين العرب الآخرين، من ينافسه في الانتخابات.

وأضافت أن الرجال الأقوياء عادة ما يختارون شركاء لمدة قصيرة وابتسامة جميلة وطموحات محدودة. مشيرة إلى أن المرشحين للرئاسة عادة لا يحتاجون لتقديم أنفسهم: فالترشح لأعلى منصب هو عبارة عن تتويج لمسيرة عملية في الحياة العامة.

لكن الأمر ليس كهذا بالنسبة لفاتن علي نهار، والتي يبدو أنها حصلت على طموحها في وقت من حياتها. ففي نيسان، أعلن رئيس مجلس الشعب السوري، أن نهار قد سجلت اسمها كمرشحة في الانتخابات الرئاسية. ولم يكن أحد في سورية قد سمع باسمها من قبل. وعند البحث عنها على منصات التواصل الاجتماعي لا نجد معلومات كثيرة. وانتشرت صورة يقال إنها لها تظهر أيضا في منشور على فيسبوك لصيدلية روسية انتحرت عام 2017. وتعلق المجلة أنه لا يهم إن كانت سيرة وأجندة نهار لغزاً، فالرئيس الحالي بشار الأسد قضى عقدا وهو يدمر بلده من أجل البقاء في السلطة ولا نية له لخسارتها الآن.

وفضّل الديكتاتوريون العرب وعلى مدى نصف القرن الماضي عدم عقد استفتاء ” نعم أو لا” على حكمهم. وكلما كان هامش الفوز كبيرا، كلما اعتقدوا أن شعبهم يعبدهم. وفي عام 1995 لم يحصل صدام حسين على أصوات 3052 من بين 8.4 مليون صوت. وفي المرة الثانية، عام 2000 كانت النتيجة أفضل، فقد حصل على 100% وبمشاركة غير مسبوقة بنسبة 100%.

ومنذ منتصف العقد الأول من القرن الحالي، بدأ بعض المستبدين بالسماح لمنافسين لهم في الانتخابات، مع أنها لم تكن حرة، وكانت تشهد تقييدا قبل التصويت وتجاوزات يوم الانتخابات وحملات قمع شرسة بعدها. وكان الحكام يرغبون بمنح مظهر من الديمقراطية والحد من السخط الشعبي والدفاع عن أنفسهم أمام النقد الدولي. لكن المشكلة في الانتخابات المزيفة تظل قائمة، كيف يمكنك اختيار المرشح المنافس لك والخاسر في النهاية؟

والقاعدة الأولى في الاختيار: عليك تجنب المرشح الجدّي. وتحت الضغط الأمريكي، سمح حسني مبارك بمرشحين ضده في انتخابات عام 2005، وكان من بينهم أيمن نور، الميّال للإصلاح وعضو البرلمان ومؤسس أول حزب معارضة مرخص به. وكان التزوير الواسع في الانتخابات تأكيدا على عدم فوز نور إلا بأقل من 8% من الأصوات ثم اعتُقل وسُجن، وللمفارقة بتهمة التزوير في الانتخابات، ولكنه ظل مزعجا لمبارك حتى ثورة 2011.

أما عبد الفتاح السيسي فهو لا يتسامح مع هذا الوضع. وعندما رشح نفسه للمرة الثانية في 2018 تم اعتقال كل منافسيه أو التحرش بهم قبل الانتخابات. والشخص الوحيد الذي سُمح له بمنافسة السيسي، هو رجل مجهول لا يعرفه الكثيرون، وكان نفسه من داعمي السيسي.

والقاعدة الثانية، عليك العثور على منافس غير محبوب أكثر منك، ففي 2014 كان على الجزائريين الاختيار بين الرئيس المريض عبد العزيز بوتفليقة، وعلي بن فليس، رئيس الوزراء السابق الذي يتهم بشكل واسع بقتل المتظاهرين. واستطاع بوتفليقة الفوز وهو على فراش المرض.

وسمح ديكتاتور تونس السابق زين العابدين بن علي لعدد من المنافسين، حيث اعترف واحد منهم في 2009 أنه لا يستطيع منافسة الرئيس وإنجازاته “الخارقة”.

أما القاعدة الثالثة، قيجب ألا يشبه المنافسون الرئيس، فقد منعت السلطات في اليمن مرشحا من المشاركة نظرا لتشابه اسمه مع الرئيس علي عبد الله صالح.

وبالنسبة لفاتن نهار، يبدو أنها تمتعت بدورها في الأضواء. وقدمت نفسها في مقابلة مع قناة تلفزيونية روسية، وفي صفحة فيسبوك، قيل إنها صفحة حملتها الإنتخابية قدمت خطتها الانتخابية والتي تتضمن إطلاق رحلة فضائية بحلول 2025، في بلد يكافح فيه أصحاب السيارات والمركبات للحصول على الوقود. ويا حسرة، فقد تحطمت طموحاتها، ففي 3 أيار/مايو صادقت المحكمة العليا السورية على مرشحيْن اثنين فقط من أصل 50 مرشحا ولم يكن اسمها من بين المختارين. ويجب أن تعتبر نفسها محظوظة، فبعد ساعات من قرار المحكمة، سرب النظام صورا عارية لواحدة من المرشحين ضد الأسد.