مع اقتراب موعد الانتخابات الليبية المقرر عقدها حسب خارطة الطريق في 24 من ديسمبر المقبل، لا يزال الخلاف حول مشروع الدستور المعد من الهيئة التأسيسية قائماً ويتجدد، خاصة بعد مساندة المجلس الأعلى للدولة للاستفتاء على الدستور، بدلا من تقديم قاعدة دستورية مؤقتة.

أطراف عدة في ليبيا كانت ولا زالت معارضة للاستفتاء على الدستور، رغم موافقتها سابقاً، مما دعا مجموعة من المتتبعين إلى اتهامهم بالمعرقلين والمعارضين لإرادة الشعب الليبي، فالانتخاب على أساس دائم وصحيح يأتي في مرتبة تعلو الانتخاب على أساس مؤقت، غير مشرعن.

مجلس الدولة والتمسك بالدستور

ورغم أن التوجه للدستور يعتبر حبل نجاة لليبيا، ينقذها من الغوص في مراحل انتقالية أخرى، إلا أن عدداً من الأطراف لا زالوا يصرون على رفض مشروع الدستور منتقدينه في نقاط تتمثل في الجنسيات والأقليات.

وقال رئيس المجلس الأعلى للدولة وفي مؤتمرصحفي إنه من حق الشعب الليبي أن يستفتى على مشروع الدستور ويقول كلمته، مبيناً أن قانون الاستفتاء موجود لدى المفوضية العليا للانتخابات منذ فبراير 2019.

وأعلن المشري في كلمته أن المجلس الأعلى للدولة يتمسك بإجراء الاستفتاء على الدستور، مشدداً على أن هذا لا يتعارض مع الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل.

واتهم رئيس المجلس الأعلى للدولة مفوضية الانتخابات بأنها تتلكأ في إجراء الاستفتاء على الدستور، وأن حفتر يرفض الاستفتاء أيضاً.

وتابع المشري: “هناك جهات دولية أبلغتنا بأن خليفة حفتر يرفض الاستفتاء على الدستور”، وذلك بسبب وجود بنود ترفض ازدواجية الجنسية، داعياً إلى عدم ترك مصير الشعب الليبي مرهوناً في شخص واحد، وفق تعبيره.

وأردف قائلاً: نتحفظ على انتخاب رئيس بصلاحيات موسعة على أساس قاعدة دستورية، ونطالب بانتخابه على أساس الدستور.

وقال رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، خالد المشري، إنهم متمسكون بإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل.

واستنكر المشري تصريحات رئيس مجلس النواب الليبي، برفض الشعب لمشروع الدستور، مؤكداً أنه من الواجب أن يطرح هذا المشروع حتى يتم الاستعلام عن رفض الشعب أو قبوله به.

ورغم أن المجلس الأعلى للدولة قام بالمصادقة على قانون صادر بشكل أساسي من البرلمان الليبي، إلا أن تصريحات من رئيسه الداعم لحفتر عقيلة صالح، أوضحت موقفه من الاستفتاء على الدستور، وقد رجح العديد من المتتبعين تبنيه لهذا الموقف دعماً لموقف حفتر.

فقد قال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح من المغرب، إن هناك خلافاً كبيراً على مشروع الدستور المعد، موضحاً أنه من الممكن إجراء الانتخابات بناء على الإعلان الدستوري الحالي .

وتابع عقيلة صالح أنه من الممكن إجراء الاستفتاء على الدستور حين تتحسن الأوضاع في ليبيا، مشدداً على التزامه بنتائج المؤتمرات الدولية بما يحفظ سيادة ليبيا، ويحترم شئونها، مطالباً بخروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، وإجراء الانتخابات في موعدها.

الهيئة التأسيسية ترد

وقالت نادية عمران عضو الهيئة التأسيسية للدستور في تصريح لـ "القدس العربي" إن هناك عدة خيارات متاحة لإيجاد القاعدة الدستورية التي ستقام على أساسها الانتخابات التشريعية والرئاسية والتي ترتكز على مشروع الدستور وفي الإمكان إجراء الاستفتاء قبل الانتخابات لأن الاستفتاء من أسهل العمليات الانتخابية ولا يحتاج لدعاية أو توزيع مقاعد أو تقسيم دوائر خاصة وأن قانون الاستفتاء جاهز منذ فترة وتوافق عليه مجلس النواب والدولة.

وأضافت أنه في الإمكان أيضاً اعتماد الدستور كقاعدة مؤقتة لإجراء الانتخابات والاستفتاء عليه في ذات الوقت، لأن السعي المحموم من البعثة لإيجاد بديل لمشروع الدستور وتكليف اللجنة القانونية وملتقى الحوار بإيجاد قاعدة دستورية بديلة باء بالفشل ودحرجت الكرة لمجلسي النواب والدولة من جديد والجميع يدرك الصعوبة البالغة لإمكانية توافقهما على قاعدة دستورية ناهيك عن القوانين الانتخابية المنظمة للانتخابات.

وأوضحت أن تصريحات عقيلة صالح لا تعدو كونها تلاعباً بالوقت وتمطيطاً وإطالة للوضع القائم وتعدياً على الإرادة الشعبية، فالرفض الشعبي للدستور لا يستقي إلا من خلال طرح المشروع على الاستفتاء وليس بطريق التكهن والتخمين، وما يقوم به وغيره من الأطراف التي لا يخدم المشروع مصالحهم من محاولات ضرب المسار التأسيسي وزج ليبيا في مرحلة انتقالية جديدة قد تكون عواقبها وخيمة هو منزلق خطير ينبغي على الليبيين التفطن له ولما تحيكه أطراف محلية ودولية لا ترغب في استقرار ليبيا وحلحلة أزمتها بل إدارة الصراع فيها.

نواب المنطقة الغربية يردون

وقال أبوبكر سعيد عضو مجلس النواب الليبي في تصريح لـ "القدس العربي" إنه قد سبق وأن أحال مجلس النواب قانون الاستفتاء على مشروع الدستور للمفوضية العليا للانتخابات منذ عام 2018 وكما يعلم الجميع أن مشروع الدستور تمت الموافقة عليه من قبل الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، ويجب عرضه في استفتاء عام ليقول الشعب كلمته بالموافقة أو بالرفض .

وأضاف أن الجميع يعرف أن هناك أطرافاً عدة ترفض عرض مشروع الدستور للاستفتاء الشعبي ويستغلون مناصبهم لفرض وصاية على الشعب لتحقيق أهداف شخصية وقبلية وفئوية، مضيفاً أن الحل يكمن في المضي في تنفيذ الاستحقاقات المقبلة وفي مقدمتها إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في ديسمبر المقبل وفق قاعدة دستورية يتفق عليها ولا يجب السماح لأي طرف بعرقلة هذا الاستحقاق التاريخي .

خاطبت لجنة الحرية العامة وحقوق الإنسان في النقابة العامة للمحامين الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، بمراسلة دعت من خلالها بعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا إلى ترك البلاد فوراً أو العمل بجدية لحل مشكلتها.

وقد وجهت الرسالة أيضاً إلى رئيس البعثة يان كوبيش، وقد تضمن فحواها أن البعثة عمدت إلى إدارة الأزمة وليس حلها، وذلك بتجاهل الأهداف الرئيسية لتشكيلها ومنها تحقيق المصالحة الوطنية والمساعدة في إجراء الانتخابات.

واتهمت الرسالة بعثة الأمم المتحدة بقيامها بالانتزاع الكامل لاختصاص المؤسسات الليبية المعنية وتحولها إلى سلطة مركزية في ليبيا، وتعليق عمل الدائرة الدستورية في المحكمة العليا والحيلولة دون تصدي المحكمة العليا للقرارات والقوانين غير المشروعة دستورياً وقانونياً الصادرة عن البعثة وتابعيها.

وشككت اللجنة في خطابها بوطنية الشخصيات المختارة من قبل البعثة في ملتقى الحوار السياسي، منتقدة قيام البعثة بإحياء مجلس النواب المنتهية ولايته على حد وصفها .

وبين قرب موعد الانتخابات والخلافات الدائرة بين الأجسام السيادية في الدولة، فضلاً عن عدم قدرة البعثة على السيطرة على أعضاء ملتقى الحوار يبقى تنفيذ الاستحقاق الانتخابي مهدداً بالخطر والتأجيل والتجاوز خاصة من قبل مجموعة من المعرقلين .