لوكان عندنا دولة حريصة على أمنها القومي، حريصة على مصالح الشعب، دولة بها برلمان جاء بإرادة شعبية صحيحة، بها إعلام حر يحرص على رفع الوعي لدى المواطن، وليس همه التطبيل للسلطة الفاشلة!!
بالطبع كانت الدولة ستخبر الشعب بحقيقة كارثة السد الإثيوبي، وتقوم بطرح اتفاقية المبادئ على البرلمان المنتخب، ليقول كلمته فى قضية هى مسألة حياة أوموت!!
أو تفتح حواراً مجتمعياً موسعاً يشارك فيه كل الخبراء مع الإعلام لمعرفة حقيقة هذا الاتفاق المشبوه، وحقيقة الموقف المصري الهزيل خلال المفاوضات، وما هي تداعيات التعنت الإثيوبي والإصرار على الإضرار بدولتي المصب؟ .
لكن هيهات هيهات؛ لأننا لسنا في دولة تحترم عقلية المواطن، ولكنها شبه دولة يحكمها عصابة من الفاشلين!!
واليوم مصر تسـتجـدي إثيوبيا، بعـد اكتمال بنـاء السـد، شــربـة مـاءٍ مـن المحسـنيـن الإثيــوبييـن، وتقبـل أيـاديهـم وأقـدامهـم بعدما كانت حصتها 55مليار متر مكعب، وهى صاحبة الأرض التى بني عليها السد فى منطقة بني شنقول التى تنازلت عنها مصر للحبشة آنذاك، مقابل عدم قيام الحبشة بأي أعمال عدائية تؤثر على جريان نهر النيل وتدفقه إلى مصر!!
وقد وضح تعامل النظام الانقلابي مع كل من انتقد تعامل النظام في هذا الملف الهام ، كما حدث مع السفير يحيى نجم السفير المصري السابق في فنزويلا الذى قال :
"هذه الخزعبلات التي يتفوه بها مسئولو النظام تؤكد عدم وجود مؤسسات أو عقل جماعي يدير الدولة، وأن من يدير الأمور هو جهة واحدة، أو شخص واحد، يقوم بخداع وتخدير -بل وخيانة - الشعب المصري لحين الانتهاء من بناء السد".
فتم اعتقاله والتنكيل به.
وكذلك التعامل مع الفنان "إيمان البحر درويش" الذى كتب عبر صفحته على "فيسبوك" منشوراً -حذفه في ما بعد- قال فيه : "قرأت خبراً عن تكليف الرئيس السيسي الحكومة بتحلية مياه البحر! بعد المناورات وحماة النيل اللي بيضحكوا به على الناس ، إذا لم يتم إلغاء هذه الاتفاقية من خلال البرلمان فانتظروا المصائب بالجملة ، ولا تصدقوا كل اللي بينشره إعلام العار،  إذا كان رئيس الجمهورية نفسه يقوم بما يجعل تهديداته لإثيوبيا في حكم العدم" .
"ظالمون يظنون أنهم الأذكى ويصدرون قراراتٍ تُنسيهم أن القرار يصدر من الله"  ودعا أن "يعجّل الله بنهاية الظالمين".
"أنا لم أنطق إلا بالحق الذي يعرفه الكثيرون ولا ينطقون به ، ومن المؤكد ليس لي أي هدف سوى مكانة وطني وما وصلنا إليه من حالٍ يرثى لها ، وقول الحق هو أفضل الجهاد عند الله ، وأكثر الناس للحق كارهون". 
وانتقد تكرار الهجوم عليه، واعتبر أن كثيراً من الأكاذيب تُنشر ضده، لكنه يشكو أمره لله .
وفى منشور لاحق قال : "فين غيرتكم على شرف وتاريخ بلدكم؟ رئيس الجمهورية يهدد ويتوعد إثيوبيا بضرب السد لو نقطة واحدة نقصت من النيل ، قلنا : الله أكبر ، ويقوم بمناورات حماة النيل وفرحنا كلنا وقلنا : اضرب يا ريس! وبعد كده نلاقي خبر إصدار قرارات للحكومة بالاهتمام بتحلية مياه البحر! "
ونشر الدكتور عصام حجي بحثاً لجامعة كاليفورنيا بعنوان: “عجز المياه في مصر وسياسات التخفيف المقترحة لسيناريوهات ملء سد النهضة الإثيوبي”. يرصد في هذا البحث آثار العجز المائي لمصر خلال سنوات ملء سد النهضة، ويقترح حلولاً عملية حقيقية بعيداً عن الفهلوة والفكاكة، وأفكار جنرلات الإعلام الذين يقدمهم الإعلام على أنهم خبراء استراتيجيون!!
البحث يقدر تراجع الرقعة الزراعية لمصر بنسبة 72% وعجز مائي يقارب 40% من حصة مصر .
وأن السد الذي يبلغ حجمه 74 مليار متر مكعب يوفر فرصاً تنموية واعدة لإثيوبيا، وأن التدفق المتغير لنهر النيل سيشكل عجزاً مائياً صعباً بالنسبة لمصر .
وفي حالة عدم معالجة العجز المائي والوصول لاتفاق لخطة التخزين ؛ فإن الرقعة الزراعية يمكن أن تتراجع بنسبة تصل إلى 72% من إجمالي المساحة الزراعية الحالية ، كما أن متوسط العجز المائي لمصر قد يصل إلى 40% من الموازنة المائية الحالية لمصر ، أما معدلات البطالة فقد تقفز إلى 25% وفق سيناريو الملء خلال 3 سنوات ، وهو السيناريو الأقرب للحدوث، وفقاً لما نشهده حالياً على أرض الواقع .
وفي حالة عدم تنفيذ أي من إجراءات التخفيف الفوري لتأثير هذا العجز المائي، فإنه يمكن لسيناريو الملء قصير الأجل - ومدته ثلاث سنوات - أن يتسبب في تقليص المساحة الزراعية الحالية بنسبة قد تصل إلى 72٪ ، مما سيترتب عليه هبوط إجمالي الناتج المحلي الزراعي من 91 مليار دولار أمريكي إلى 40 مليار خلال فترات الملء .
وبالتالي سينتج عن هذه الأرقام انخفاضٌ كبيرٌ في الناتج المحلي الإجمالي للفرد بنسبة 8 ٪ تقريباً، وزيادة في معدلات البطالة الحالية بنسبة 11 ٪ ، وسيؤدي كل ذلك إلى انعدام الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي بشكل حاد، وزيادة محتملة لحركة النزوح والهجرة في الداخل والخارج .
وبدوره قدم المهندس ممدوح حمزة رؤية واقعية عن الخلفية التاريخية للسد ، وكيف تدخل بعض أعداء مصر للمشاركة في تمويل وتشجيع بناء السد ، وعدد من الأمور الفنية التي تؤكد التأثير السلبي الكبير للسد على مصر .
وأن هناك محاولات إثيوبية سابقة لتحويل مجرى النيل الأزرق لحرمان مصر من مياه نهر النيل بتشجيع من طرف ثالث دائماً ، والطرف الثالث في أزمة السد الحالي هو الصهيونية العالمية .
وأكد على طبيعة "التصميم العدائي" لسد النهضة الإثيوبي ، وكيف تحولت طبيعته من حجز 14 مليار متر مربع إلى 94 ملياراً ، وليس 74 ملياراً كما تشيع إثيوبيا في بياناتها .
وأن إثيوبيا تهدف - بشكل معلن - إلى جعل النيل الأزرق بحيرة إثيوبية، وأن مصر وافقت في واشنطن على جدول الملء الثاني؛ فلماذا تعترض على الملء الذي وافقت عليه من قبل؟!!
وهذا ما أوضحه مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير فرغلي طه الذي قال : "اتـفاق المبادئ أضـر بمصر ومنح إثيوبيا شرعية بناء السد" .
لأن العسكر يديرون البلاد بطريقة إدارة العزبة، وليس بطريقة إدارة الدولة . 
ولك الله يا مصر .