الدكتور محمد مرسي.. الدكتور عصام العريان.. غيَّبكم سلطان القمع والقهر وراء الأسوار أكثر من ستة أشهر بلا ذنب أو جريرة، إلا أنكما تجرَّأتما وأعلنتما كلمةَ الحق، ووقفتما كالعهد بكما لتُناصرا قضيةً من أهم قضايا مجتمعنا المغلوب على أمره.

 

شاركتم في الوقوف بجانب القُضاة، وطالبتم باستقلالهم، فهم الحصن الباقي بعد أن استَشرى الفساد وعمَّت الفوضى، فماذا كانت النتيجة؟! تمَّ سحْلُ أحدِ القضاة عيانًا بيانًا على مسمع وبصر العالم كله، وتم اعتقال أكثر من 750 من خيرة شباب الأمة وكنتم على رأسهم.

 

وحاول النظام تلفيق القضايا والاتهامات، ولما لم يجِد ما يستند إليه أفرج عن المعتقلين تباعًا، ولما جاء الدور عليكما وبطريقة فجَّة لا تستند إلى منطق أو قانون تمَّ توجيهُ الاتهام لكُما في قضية أخرى حدثت وأنتم داخل المعتقل، وتوالَى تجديدُ أمرِ الحبس الاحتياطي دون التزام بقانون أو مراعاة لمنطق أو أي حق من حقوق الإنسان.. حتى الطعن أمام القضاء لم يُجدِ شيئًا!!

 

وإنني لأتساءل عن هذا العبث بمقدَّرات المجتمع والاستخفاف بقِيَمه وأصوله والتغاضي عن أبسط الحقوق التي يكفلها القانون والدستور والتعامل بمنطق البلطجة والسوقية.. كل هذا يُشين النظام، ويَنال من هيبته التي داستها التجاوزات وخرقتها ممارسات غير مسئولة غير واعية أو مدركة.

 

أما الدكتور محمد مرسي والدكتور عصام العريان فلن تزيدهم هذه المحنة إلا استمساكًا بالحقِّ وصلابةً في الوقوف بجانبه، ولن تنال منهم ولا من عزيمتهم شيئًا، فهم في معية الله أينما كانوا وكيفما وُجدوا، ولن يستطيع إنسانٌ كائنًا مَن كان أن يغيِّبهم في مكان ليس فيه رب العزة.

 

ولن يغفر التاريخ لهذه الطُّغمة المتجنّية، ولعلهم يذكرون قول الله تعالى ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ (الأنعام: 11).

 

زفرة أخرى

إذ هاجت الدنيا وماجت عندما تصدَّى المصريون بجميع أطيافهم لتصريحات فاروق حسنى التي تُنكر فرضًا يعلمه الكافَّة، ويدرك قيمته القاصي والداني، وتَدافَعَ مَن يدَّعون أنهم مثقَّفون يدافعون عن حرية الرأي وعن حرية التعبير ويتباكون على الحق الإنساني المغتصب.

 

وأقف مندهشًا متسائلاً: من الذي سمَّى هؤلاء المثقفين؟! ومن الذي أسبغ عليهم صبغة المثقفين؟ وما هي الضوابط والأُطُر التي تصنِّف الناس وتصفهم تحت لافتة المثقفين وغير المثقفين..؟!

 

أجدني في حيرة!! هل لا بد لكي تكون مثقفًا أن تكون متمردًا على أصولك وقيمك؟! وهل شرط أن تدافع عن كل ما من شأنه النَّيل من الإسلام والمسلمين لتنال شرف الانتساب إلى هذه المجموعة؟!

 

وإذا كنتم تدافعون عن حرية الرأي والتعبير فأين أنتم والدكتور مرسي والدكتور العريان وراء الأسوار دون ذنب أو جريرة؟! أين أقلامكم؟! أين ثورتكم؟! وهل حرية التعبير والرأي مقصورة على بقايا الفكر الشيوعي المتخلِّف الذي يعشش في نفوسٍ خربةٍ وعقولٍ صدئةٍ.

 

لم نسمع لكم صوتًا في الدفاع عن أي قضية انتُهكت فيها كرامةُ الإنسان المصري، ولم نرَ منكم حراكًا لمواجهة الفساد المتردي في كل مرفق من مرافق الدولة!!

 

يا هؤلاء.. وانكشف سترُكم، وعُرفت هويتُكم، وستلحقون بمزبلة التاريخ كما دُفن سادتُكم ومعلموكم.

 

وزفرتي الثالثة تحوم حول جامعة عين شمس وما جرى وما يجري فيها.. أهكذا يا حضرات المسئولين هانت عليكم جامعتكم؟! رخُصت لديكم حرمتُها وأبَحْتم ذلك الحرم للمأجورين والبلطجية ليدنِّسوها تحت سمعكم وبصركم!! لن ينسى لكم التاريخ تواطئكم ومعالجتكم للأمور بأسلوب أمني رخيص، امتُهنت فيه كلُّ قيمة أو كرامة!!

 

ورحِمَ الله الدكتور مورو باشا- رئيس جامعة فؤاد الأول (القاهرة)- عندما وصله الأمر باعتقال أحد أساتذة الجامعة، فكتب استقالةً وقدمها إذا تم ذلك، ورضخت الحكومة، وسمحت للأستاذ بالسفر للخارج.. هكذا كانوا.. وهكذا أصبحتم!!

 

----------
* عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين.