يعاني الصحفيون المحبوسون في عدد من السجون من أوضاع سيئة وانتهاكات بالجملة لأبسط حقوقهم المنصوص عليها في القانون، بينما لا تستمع نقابة الصحفيين لأيٍّ من مناشدات أسرهم.

فالصحفي المصري محمود الطيب، أنهى عامين كاملين في الحبس الاحتياطي، منذ القبض عليه في 12 أكتوبر 2019 من منزله في محافظة القاهرة، وعُرض على النيابة على ذمة القضية 488 لسنة 2019 حصر أمن الدولة العليا، ما يستوجب إخلاء سبيله فوراً. ومع ذلك لا يزال حبس الخطيب يُجدَّد من دون محاكمة. قرار القبض على الخطيب جاء بعد نشره خبراً عن القبض على طالبين بريطانيين موجودين في مصر لأغراض أكاديمية من محيط ميدان التحرير، ووجهت إليه النيابة تهم الانضمام إلى جماعة إرهابية، مع العلم بأغراضها، وإشاعة وإذاعة أخبار كاذبة، واستخدام أحد المواقع على الإنترنت لارتكاب هذه الجريمة.

والصحفي أحمد سبيع ممنوع من الزيارات منذ القبض عليه منذ 20 شهراً، بالمخالفة للقانون. وكانت إيمان محروس، زوجته قد تقدمت بطلب إلى نقيب الصحفيين ضياء رشوان، طالبت فيه بتكليف محامي النقابة الحضور مع زوجها وتكليفه زيارة زوجها في سجن شديد الحراسة جنوب القاهرة. وأوضحت: "زوجي ممنوع من الزيارة منذ قُبض عليه مطلع عام 2020 حتى وقتنا هذا، ولا نتمكن نحن أسرته من إدخال الأدوية الخاصة به، وخاصة بعد سوء حالته الصحية في محبسه، كذلك باقي المتعلقات الشخصية الضرورية، وبناءً عليه أطلب من سيادتكم التدخل لتمكيني من زيارته والاطمئنان عليه وعلى أنه لا يزال على قيد الحياة". 

ألقي القبض على الصحفي ومدير مكتب قناة "الأقصى" في القاهرة، أحمد سبيع، في أثناء مشاركته في عزاء المفكر الإسلامي البارز وعضو هيئة كبار العلماء، الدكتور محمد عمارة، في الأول من مارس 2020، وأدرج على ذمة القضية رقم 1360 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، المتهم فيها ببث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ومشاركة جماعة إرهابية. وقضى سبيع 5 سنوات في سجن العقرب، قبل أن يحصل على إخلاء سبيل من التهم الموجهة إليه في قضية عرفت إعلامياً بـ"إدارة الملف الإعلامي في غرفة عمليات اعتصام رابعة العدوية" عام 2013، وعانى حينها من ظروف مشابهة كمنع الزيارة.

في السياق نفسه، يعاني المصور الصحفي عبد الرحمن خطاب من سلسلة انتهاكات متواصلة منذ القبض عليه وإخفائه قسرياً وتدويره على ذمة عدد من القضايا على مدار أربع سنوات. ووثقت الشبكة المصرية الانتهاكات التي تعرض لها المصور الصحفي عبد الرحمن خطاب.

خطاب مصور صحفي من مواليد 1996، اعتقل للمرة الأولى في 19 سبتمبر 2016، من محل إقامته في حلوان، وعانى الإخفاء القسري لفترة دامت 35 يوماً. تعرّض خطاب لعدد هائل من الانتهاكات في أثناء فترة إخفائه قسرياً، بداية من الإهانة النفسية والجسدية بكل الألفاظ البذيئة، مروراً بالصعق بالكهرباء، والتجريد من الملابس، وصولاً إلى التعليق بالباب وخلع الكتف.

ظهر خطاب أمام النيابة للمرة الأولى في 22 أكتوبر 2016 على خلفية اتهامات بالضلوع في خلية إعلامية تسمى اللجان الإلكترونية، وأخلي سبيله بعد سنة من التحقيقات. بعد عام ونصف، أعيد اعتقاله مرة أخرى بتاريخ 19 مايو 2019 من سكن الطلبة في المعادي عند الواحدة فجراً خلال شهر رمضان، وأخفي قسرياً لمدة 64 يوماً، رأى فيها ألواناً مضاعفة من العذاب، لا تقارن بما تعرض له سابقاً، ليظهر أمام النيابة بالقضية 840 حصر أمن دولة عليا، وهي قضية إعلامية أيضاً.

وفي ديسمبر 2020، حصل على إخلاء سبيل، وجرى تدويره مرتين على ذمة قضايا أخرى، ولا يزال رهن الاعتقال حتى الآن.

يشار إلى أن مصر حافظت على تدني مرتبتها المتأخرة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، حسب تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" لعام 2021، إذ احتلت المركز الـ 166 الذي يقيّم الوضع الإعلامي في 180 بلداً. وأشارت المنظمة إلى أن "أكثر دول الشرق الأوسط استبداداً، السعودية ومصر وسورية، كثفت ممارساتها القمعية المتمثلة بتكميم الصحافة، لتحكم قبضتها على وسائل الإعلام في سياق جائحة كوفيد-19، حيث جاءت الأزمة الصحية لتعمق جراح الصحافة العميق أصلاً في هذه المنطقة التي لا تزال الأصعب والأخطر في العالم بالنسبة إلى الصحافيين".