بسم الله الرحمن الرحيم

في هذه الأيام المباركة وبينما يتهيَّأ الناسُ لاستقبال عيد الأضحى المبارك، ويذهب الحجيجُ إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج.. نُفاجأ نحن- الإخوان المسلمين- بحملةٍ تصعيديةٍ جديدة من النظام المصري تشنُّها أجهزةُ الأمن على دار التوزيع والنشر الإسلامية، وهي شركة مساهمة مصرية يمتلكها مساهمون من الإخوان وغيرهم، وعلى مطبعتها وعلى المكتبات التابعة لها في منتصف ليلة أمس وتكسير الأبواب والاستيلاء على الأموال التي كانت مخصصة لدفع رواتب العاملين وسداد شيكات مستحقة، وكذلك الاستيلاء على جميع المستندات والوثائق الخاصة بالعمل والمعاملات، والاستيلاء على كميةٍ كبيرةٍ من الكتب، والقبض على مدير الدار الأستاذ أحمد أشرف، ثم تمَّ تشميع كل مقرات الدار وفروعها ومخازنها ومطبعتها، كذلك تمَّ القبض على الأستاذ حسن مالك رجل الأعمال وإغلاق شركاته ومعارضه، والمهندس أحمد شوشة وإغلاق مكتبه وشركته الخاصة والاستيلاء على مبالغ مالية من بيته بما فيها مصاريف المنزل، وما كان ينبغي أن تتجاوز الخصومة السياسية المنافسة الشريفة، وتصل إلى حدِّ قطع الأرزاق ومصادرة الأموال وفرض البطالة على العاملين.

 

وللعلم فإنَّ دار التوزيع والنشر الإسلامية أنشأها الأستاذ عمر التلمساني- رحمه الله- منذ ثلاثين عامًا لنشر الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل، وكان لذلك أثره البالغ في حمايةِ عشرات وربما مئات الآلاف من الشباب من الانخراط في جماعاتِ التكفير والعنف.

 

إننا إذْ نُدين هذه الهجمات الظالمة الإرهابية التي تتجاوز كل المبادئ والقيم والقوانين وتعصف بكلِّ حقوق الإنسان إنما نُحمِّل النظام والحكومة مسئولية كل ما حدث، ونسألهم هل من مصلحة مصر أن يُصادر الفكر المعتدل؟ هل من مصلحةِ مصر أن يُفزَّع المستثمرون؟ وتُغلق المؤسسات الاقتصادية التي تُمثل مصدرًا لرزقِ كثيرين؟ هل من مصلحة مصر أن يعيش الناس في هذه الأجواء الإرهابية؟

 

إننا نطالب كل القوى الوطنية الشريفة ومؤسسات المجتمع المدني أن تُحدد موقفها وتُعلن رأيها في هذه التصرفاتِ غير المسئولة.. وهل يعلم السيد رئيس الجمهورية بما حدث؟ وما هو رأيه وموقفه؟

 

إننا نعلم علم اليقين أنَّ هذه الحملاتِ المتصاعدة وغير المبررة إنما هي ستار لما يُراد تمريره من تعديلاتٍ دستوريةٍ يتمُّ إعدادها بصورةٍ سريةٍ سوف تقودنا إلى الأسوأ، وقد تكون ستارًا لما هو أخطر من ذلك، ومن ثمَّ جاءت هذه الحملات لتكميم الأفواه، وتقييد حركة المعارضة لهذه الإجراءات.

 

ورغم كل ما حدث وما يحدث فسنظل- بإذن الله- ثابتين على طريق الإصلاح السلمي التدريجي الذي نُؤمن به، وسنظل نقول الحقَّ ونأمر بالمعروف وندعو بالحسنى.

﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾، و﴿حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾

محمد مهدي عاكف

المرشد العام للإخوان المسلمين

القاهرة في: الأحد 4 من ذي الحجة 1427هـ = 24 من ديسمبر 2006م