نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا أعدته تشاو دينج، قالت فيه إن الفتنة تتزايد في تونس وسط تآكل الديمقراطية وتزايد المصاعب الاقتصادية.

وقالت فيه إن الغضب الشعبي ينتشر نتيجة التضخم ومحاولات الرئيس تقوية سلطاته، وسط أصوات تقول "لو احتجنا لبداية ثورة فلن نتردد". وأضافت أن الدستور الجديد الذي سيعزز من سلطات الرئيس التونسي قيس سعيد يثير مشاكل وسط التونسيين الغاضبين أصلا مما يرون أنه وبشكل متزايد حكما مستبدا ويواجهون مصاعب من ارتفاع الأسعار والمعاناة الاقتصادية.

وقدم سعيد يوم الخميس مسودة من الدستور الجديد التي ستمنحه القدرة على تمديد حكمه أبعد من فترتين في الرئاسة، وسيزيد الدستور أيضا سلطات الرئيس ويحد من صلاحيات البرلمان، الذي يقوم بمراقبة السلطة التنفيذية بناء على الدستور الحالي.

ويخطط سعيد لعقد استفتاء على الدستور في نهاية الشهر الحالي، لكن الكثير من قادة المعارضة ومنظمات المجتمع المدني يخشون من عدم حرية الاستفتاء أو نزاهتها.

وتقول الصحيفة إن الكثيرين يخططون لمقاطعة الاستفتاء بشكل سيزيد من التوتر في بلد ارتفعت فيه معدلات التضخم وزادت الأسعار التي عادة ما كانت في الماضي تقود إلى تظاهرات ضد الحكومة.

وتعلق الصحيفة أن تونس هي البلد الوحيد الذي خرج من الربيع العربي بديمقراطية مستمرة. وعقد البلد أول انتخابات برلمانية في 2014 وفي 2019 فاز سعيد بالرئاسة في انتصار حاسم. لكنه قام في تموز/يوليو 2021 بتعليق عمل البرلمان وعزل رئيس الوزراء، مبررا إجراءاته بأنها ضرورية بعد الاحتجاجات العنيفة بسبب الأوضاع الاقتصادية ووباء كورونا. ثم بدأ بالحكم من خلال المراسيم، ثم عين رئيسة وزراء وعزل عددا من القضاة بشكل قوض سلطة هيئة مستقلة في البلاد.

 ويرى محتجون منتظمون وقادة أحزاب سياسية أن سعيد يقود البلاد نحو الديكتاتورية. ولم يرد مكتب الرئاسة على أسئلة للتعليق. وقالت سلمى لغريب، 41 عاما، الفنية والتي شاركت في ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، وقادت ثورات الربيع العربي "نحن لسنا مستعدين للتخلي عنها” و”لو كانت هناك حاجة لبدء ثورة جديدة فلن نتردد”. وشاركت في إضراب دعا إليه الاتحاد التونسي العام للشغل احتجاجا على خطط سعيد تخفيض رواتب الموظفين وقالت إن على التونسيين التظاهر حماية لحريتهم المدنية.

وأضافت "نشاهد اعتقال الناس والتحرش بهم لأنهم شاركوا برأيهم على فيسبوك" و"نحن خائفون على حقوقنا".

 وصعد سعيد إلى السلطة بناء على أجندة شعبوية وحظي بالدعم لتعهده بمكافحة الفساد. واستطاع توسيع سلطاته نظرا لعدم وجود محكمة دستورية تراقب سلطاته. ودعا دستور 2014 والدستور الحالي لإنشاء محكمة دستورية، لكن بعد توسيع سلطاته وسيطرته على القضاء فأي محكمة تظهر فيما بعد ستكون في صالحه، كما يقول الخبراء. وفي مايو عندما أعلن سعيد عن نية لإنشاء "جمهورية جديدة" وكتابة دستور اتهم حركة النهضة، أكبر أحزاب المعارضة في تونس ذات التوجه الإسلامي بأنها مجموعة من “الإرهابيين واللصوص”.

وفي بداية يونيو عزل سعيد عددا من القضاة التونسيين متهما إياهم بالفساد ومساعدة الإرهابيين، ومنذ ذلك الوقت أضرب القضاة. وفي نفس الوقت أعلن الاتحاد التونسي العام للشغل عن إضراب تبعه احتجاج نظمته عدة منظمات معارضة.

وقال سليم بن هادي، 43 عاما، المساعد الإداري الذي شارك في إضراب الاتحاد التونسي العام للشغل "بدون ديمقراطية فلن تقدم لنا الدول الأجنبية الاستثمارات".

وقال إنه سيقاطع الاستفتاء و"نحن مستعدون للاحتجاج أمام قصره".

وتقول الكاتبة إن التوتر حول حكم سعيد مرتبط بالمعاناة المتزايدة التي تسببت بها الحرب الأوكرانية. فقد أدت الحرب التي رفعت أسعار الوقود والمواد الغذائية على مستوى العالم إلى زيادة المال الذي تحتاجه الحكومة إلى 5 مليار دينار أو 1.6 مليار دولار حسب البنك المركزي التونسي. وتقدم تونس ومنذ السبعينات من القرن الماضي، الدعم للمواد الأساسية مثل الحبوب والحليب وزيت الطبخ والباستا. ويخطط سعيد لتخفيض رواتب الموظفين والدعم على المواد الأساسية في العام المقبل لكي يعبد الطريق أمام قرض 4 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي. ولدى تونس تاريخ في التظاهرات المعارضة للحكومة بسبب أسعار الطعام، ففي الثمانينات من القرن الماضي أدت مظاهرات ضد الرئيس الحبيب بورقيبة إلى مقتل أكثر من 100 شخص.

 وتقول الصحيفة إن بعض المواطنين يشعرون بالخيبة من السياسة وقلقون من زيادة كلفة المعيشة ولا يهتمون بالتظاهر. وتقول ابتسام الدريدي، الإدارية في وزارة التعليم إنها تكافح لدفع ثمن الطعام والدواء وتريد الحصول على المال أكثر من متابعة الاضطرابات السياسية، وخسر زوجها وظيفته كنادل أثناء الوباء و"أهم شيء هو إطعام الأولاد".

ويقول الناشط السياسي جرشاوي بن مبارك وزعيم "مواطنون ضد الانقلاب" إن جماعته وجبهة الإنقاذ الوطني يخططون لمسيرة وطنية قبل استفتاء 25 يوليو في محاولة لإقناع الناس مقاطعة الاستفتاء. وقال “استيقظ الناس ووجدوا أنفسهم في طريق مغلق”. وسواء حصلت احتجاجات أم لا فهذا يعتمد على أشخاص مثل هيثم موني، 26 عاما المتخرج في تخصص الأفلام الذي بات ناقما على سعيد بعد التصويت له عام 2019. وقال إنه سيقاطع الاستفتاء وينتظر إن كان سعيد سيقوم بتفعيله وعندها يقرر ماذا سيفعل. وأضاف "لا يزال كثيرون يؤمنون بقوة الشارع".