بالتزامن مع الاشتباكات المسلحة التي يخوضها المقاومون الفلسطينيون مع قوات الاحتلال في عدد من مدن الضفة الغربية المحتلة، يواصل الشبان الفلسطينيون رشق مركبات المستوطنين ودوريات جيش الاحتلال الحامية لهم بالحجارة والزجاجات الحارقة، كتعبير عن رفض تواجد المستوطنات الجاثمة على الأرض الفلسطينية، والمقامة على أراض فلسطينية مسلوبة بالقوة.

ودفعت عمليات الرشق بقيادة الجيش ورئيسه أفيف كوخافي إلى ما وصفه بـ"إعلان الحرب" على راشقي الحجارة، بزعم أن الحجر في بعض الأحيان يؤذي كالرصاصة الحية.

وأدى تزايد شكاوى المستوطنين من تحول شوارع وطرق الضفة الغربية إلى جحيم لا يطاق، إلى ابتكار المزيد من الأساليب والوسائل التي من شأنها الحدّ من هذه الظاهرة الخطيرة، سواء بالوسائل التكنولوجية أو بالكمائن العسكرية، دون ضمان أن تنجح في وقف الشبان الفلسطينيين الذين لا يحتاجون إلى تنظيم خلايا عسكرية ولا تمويل مادي، بل حجارة منتشرة في كافة مناطق الضفة الغربية، وبالمجّان. 

نوعام أمير المراسل العسكري لصحيفة مكور ريشون، ذكر أن "المخاطر الأمنية على طرق الضفة الغربية وشرق القدس باتت تأخذ وجهًا جديدًا، فبالإضافة إلى إلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف التي أصبحت شائعة، تم هذا الأسبوع إلقاء علب الطلاء على المركبات الإسرائيلية أثناء قيادتها، لاسيما عند المنحدرات الجبلية، حيث يصعب أن يرى السائقون اليهود الطرق بعناية، وفي هذه الحالة فإن رشق زجاج السيارة بالطلاء من شأنه أن يحطم الزجاج الأمامي، ويخلق شاشة ملونة تمنع الرؤية، ما يجعلها أداة خطيرة للغاية وفعالة ضمن المقاومة الشعبية للفلسطينيين". 

وأضاف في تقرير أنها "ليست الظاهرة الوحيدة التي تواجه المستوطنين والجنود، ما يستدعي أن الجيش كلما جاءه بلاغ للشرطة فإن عليه أن يرسل قوات معززة لحماية المستوطنين من أي استهداف، لكن هذه المسألة تعني استنزاف الجيش، وإشغاله عن مهام عسكرية أهم وأخطر في الضفة الغربية، مع العلم أن ذروة هذه العمليات بلغت في شهر مايو بوصول عددها إلى 580 هجوما حجريا ضد المستوطنين".

وتزامنت حملة جيش الاحتلال ضد راشقي الحجارة الفلسطينيين مع إعلان أفيف كوخافي قائد الجيش لما وصفها "المخاطر الكامنة على المستوطنين اليهود على طرق الضفة الغربية، لأن الحجر يمكن أن يكون مميتًا وقاتلًا مثل المقذوف الناري، والمشكلة التي تواجهنا أن الهجمات الحجرية خطيرة بالفعل، لكنها منخفضة في ترتيب الأولويات، ما يتطلب من الجيش تدريب جنوده على مواجهة هذه الهجمات عن طريق الوحدات المتناوبة، بجانب مواجهة التحديات المتفجرة مثل موجات العمليات المسلحة، والخشية أن يفقد الجيش قبضته في الميدان، لأنه ليس من السهل وضع الجنود في مهمة كهذه 365 يومًا في السنة". 

تجدر الإشارة أن وزارة الحرب الصهيونية دأبت على إصدار تعليماتها لتحويل ملايين الشواقل لتوفير وسائل حماية لمركبات المستوطنين في الضفة الغربية، من حملات إلقاء الحجارة التي يقوم بها الفلسطينيون هناك، في حين شهد الكنيست ووزارة الأمن الداخلي والشرطة جهودا حثيثة للغرض ذاته.

وحسب معطيات قدمها ما يسمى بمجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، فإنه في كل عام يقع ما يقرب من 15 ألف حادث إلقاء حجارة على سيارات المستوطنين خلال سفرها على طرق الضفة الغربية المختلفة، وفي معظم الحالات يتسبب بأضرار بالغة بالسيارة، وإصابة عدد منهم بجروح متفاوتة، في حين أن الهجمات المسلحة تتسبب في العديد من الأحيان بوقوع قتلى من المستوطنين على مفترقات الطرق والشوارع الالتفافية المنتشرة بالضفة الغربية المحتلة.