كشف مصدر من داخل سجن أبو زعبل عن تعمد إدارة السجن التنكيل بالمعتقل جهاد عبد الغني محمد سليم بعدما استطاع أن يسرب رسالته الأخيرة والتي كشفت تعمد قتله بالبطيء عبر الإهمال الطبي بأوامر من الأمن الوطني الذي يعرقل حصوله على حقه في العلاج المناسب وإجراء جراحة عاجلة بعدما أصيب بسرطان في حلقه داخل محبسه.

وأضاف أن الرسالة التي تعاطف معها مئات الآلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي ووثقتها عدد من المنظمات الحقوقية والتي بدورها طالبت بحق جهاد في الحصول العلاج المناسب وبدلًا من أن تستجيب إدارة سجن أبو زعبل للنداءات والمطالبات بضرورة إجراء الجراحة اللازمة لحالة جهاد حفاظًا على حقه في الحياة قامت بالتشديد عليه داخل محبسه بمستشفى السجن ومنعت دخول احتياجاته الأساسية خلال آخر زيارة ولم تسمح له بالخروج للمستشفى المتخصص بحالته.

وأوضح المصدر الذي نتحفظ عن ذكر اسمه حفاظًا على سلامته أن حياة جهاد باتت في خطر بالغ مع تدهور حالته الصحية يومًا بعد الآخر في ظل ما يحدث معه من إهمال متعمد وعدم إجراء الجراحة اللازمة لحالته.

وطالب المصدر كل من يهمه الأمر بالتحرك بشكل سريع قبل فوات الأوان خاصة وأن حالته الصحية تسوء بشكل متسارع يومًا بعد الآخر، واصفًا أن ما يحدث معه هو جريمة قتل بالبطيء وبشكل متعمد.

مؤخرًا أكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا على أن ما يتم بحق المعتقل “جهاد عبد الغني محمد سليم” القابع بسجن أبو زعبل هو عملية شروع في قتل متعمد وأن سلطات النظام الانقلابي في مصر تتحمل مسؤولية الحالة الصحية المتردية التي يعاني منها منذ عام ونصف بعد إصابته بالسرطان.

ودعت المنظمة في بيان صادر عنها كافة المؤسسات الحقوقية والإعلامية والصحفيين والنشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان إلى التدوين والنشر حول “جهاد سليم” ومحاولة تكوين رأي عام ضاغط للإفراج عنه وتمكينه من العلاج، وإنقاذ حياته من الخطر الذي يحيق به.

وأشارت إلى أن منظومة السجون المصرية تعاني من سمعة سيئة وأوضاع احتجاز غير إنسانية، ينتشر فيها الفساد والتلوث وسوء المعاملة، ويُحتجز “سليم” داخل واحد من أكثر تلك السجون سوءًا، وهو سجن أبو زعبل الذي سبق ونُفذت فيه مذبحة سيارة الترحيلات الشهيرة عام 2013، حيث قُتل 38 معتقلًا من السياسيين المعارضين للنظام الانقلابي.

ونشرت المنظمة بعضًا من محتوى رسالة جهاد الأخيرة “لا تحزنوا، لم أرتكب أي جرم ولا أستحق أن أكون هنا، لكن الأمن الوطني يقتلني، اعتنوا بأبنائي واذكروني، كنت أود أن أراكم وأشعر بعناقكم في هذه الأيام الصعبة، أشعر أنني أحتضر، عُرضت على الطبيب في معهد الأورام أخبرني أنني لن أعيش أكثر من عشرة أيام دون تدخل جراحي عاجل، لا تتعبوا أنفسكم أعتقد ألا أحد يستطيع أن يفعل لي شيئًا الآن”.

وكان الضحية قد أستطاع تسريب رسالة لعائلته من داخل محبسه في سجن أبو زعبل بعدما وصلت حالته الصحية لمرحلة متأخرة لا يمكن السيطرة عليها دون تدخل جراحي، وهو ما ترفضه الجهات المعنية وتتعنت في حصوله على العلاج اللازم.

والمعتقل الشاب جهاد عبد الغني محمد سليم 33 عامًا، هو أب لطفلين ويعاني من ورم سرطاني في البلعوم، يمنعه الأكل والشرب، ووصلت حالته الصحية إلى مرحلة متدنية، وبعد عرضه على طبيب مختص في المعهد القومي للأورام أخبره أن علاج حالته مستحيل دون تدخل جراحي، وأنه قد يفارق الحياة خلال أيام في حال لم يتم إجراء عملية جراحية لاستئصال الورم الذي أغلق الحلق بصورة نهائية، وعلى الرغم من ذلك يرفض الأمن الوطني كل مساعي الإفراج الصحي عنه بحسب القانون لتتمكن أسرته من علاجه على نفقتها، كما ترفض إدارة السجن التكفل بجراحته العاجلة المطلوبة.

واعتقلت قوات الانقلاب جهاد منذ سبتمبر 2015 على خلفية قضية سياسية تتعلق بمعارضة النظام الانقلابي، ثم أصيب بورم سرطاني في اللسان قبل حوالي عام ونصف، ثم تفاقم وضعه الصحي وانتشر الورم في منطقة الفم والبلعوم وجزء من رأسه نتيجة للإهمال الطبي وتعنت إدارات السجون التي تنقل بينها بسجن الزقازيق العمومي وأبو زعبل في توفير الرعاية الطبية اللازمة له، والتأخر في عرضه على الطبيب، وحرمانه من العلاج، وفي المقابل رفض طلبات عائلته لعلاجه على نفقتها الخاصة في مستشفيات متخصصة.

وقبل حوالي ثلاثة أشهر قرر الأطباء المسئولون ضرورة خضوعه لعملية جراحية لاستئصال الورم، لكن جهاز الأمن الوطني والمسؤول عن متابعة كل ما يتعلق بالمعتقلين السياسيين في مقار الاحتجاز رفض الاستجابة، لتنتشر الأورام بجسده وتتضاعف آلامه بصورة لا يمكنه تحملها كما تصف عائلة جهاد.

ومنذ اعتقاله عانى “سليم” من سلسلة من الانتهاكات الجسدية والنفسية على يد السلطات الأمنية والقضائية للانقلاب، إذ اعتقل قبل حوالي سبع سنوات، وتعرض للاختفاء القسري لمدة 30 يومًا ذاق خلالها صنوف مختلفة من التعذيب من أجل إجباره على الاعتراف بجرائم لم يرتكبها، وبعد سنوات من الحبس الاحتياطي حُكم عليه بالسجن لمدة 15 عامًا بعد محاكمة مسيسة افتقرت لأدنى معايير المحاكمات العادلة.