رأيت في رابعة...  !!!!

عشت اعتصام رابعة من أول يوم إلى يوم  " الفض الدموي "، لا تزال المشاهد تترآى أمام عيني من البداية إلى النهاية، بدأ من النوم على الأرض وافتراش الملابس والكراتين الورقية حتى نصب الخيام لكل مدينة من مدن وطني الغالي .

شممت في رابعة رائحة طيبة وهواء عليلا، لا أكاد أشتمه عندما أخرج من محيطها وكأنها خصت بهذه الريح الطيبة، وهكذا معظم الأماكن التي تمتلئ بالطهارة والأطهار .

تجمع في رابعة  صنوف شتى،  وتخصصات متنوعة من الناس؛ فرأيت الشيخ الوقور جنبا إلى جنب مع الشاب الفتي ، والصبي اليافع مع الطفل الرضيع ، والأمهات الصامدات مع الأخوات الشامخات ، رأيت فيها العلماء العاملين والمجاهدين المخلصين، والمتطوعين الدائمين والباذلين الأسخياء ، رأيت الصانع والزارع والمهندس والطبيب وأستاذ الجامعة ، رأيت فيها من كل الأعمار وكل الفئات جاؤوا من كل بقعة من بقاع مصر الطيبة .

رأيت في رابعة  وجوه ناضرة ساعية بين الناس بنشر الخير وتعريف الناس بسبب اعتصامنا رأيت الركع السجود في الليل رأيت فيها الحراسة والعين التي لا تنام ترجو أن يكون لها أجر الرباط والحراسة في سبيل الله .

رأيت في رابعة  من يعطي دون أن يسأل من أخذ، بذل  دون حساب  وإنفاق بلا كتاب ، رأيت أخوات يلهبن حماس النائمين أن قوموا فالله يدعوكم لجنات النعيم رأيت فيها قيام في الليل ما قمت مثله ولا بعده ، مشيت منها مسيرات ونحن صائمون ولا أدري كيف  وكم مشينا ؟

 رأيت في رابعة  من طلب الشهادة فنالها ، ورأيت فيها من مرت الرصاصة من جوار رأسه ولم تصبه، رأيت فيها شهداء لم نعلمهم إلا عندما أعلنت أسماءهم على المنصة أنهم قضوا نحبهم، وانتظرت أن ألحق بهم ولكن لم يكتب الله لي .

رأيت في رابعة  الإيثار الحقيقي والأخوة التي تعلمناها وتربينا عليها، وأذكر يوم المسيرة التي كانت قادمة من المطار قبل الفجر وكنا نتناول طعام السحور وإذا بإذاعة المنصة تنادي أن أدركوا إخوانكم بالسحور وهم قادمون من جهة (شارع عباس العقاد)  فإذا بكل من في الخيمة يخرج يحمل طعامه الذي كان يأكل فيه قبل لحظة النداء ويذهب ليعطيه لأول أخ يقابله في مشهد ممزوج بروح لم أرها من قبل تصبه عبرات المخلصين ودموع المحبين .

رأيت في رابعة ...المدينة الفاضلة اجتمعت فيها كل الأخلاق الحميدة، وامتزجت فيها كل القيم السامية، وتتوج كل ذلك بهمم عالية تحمل همَّ دينها ووطنها وأمتها أحسب كل من كان فيها من المخلصين، والله حسيبهم أجمعين .

رأيت في رابعة ..... الطهر والنقاء، والبذل والعطاء ، والتضحية والفداء ، والفهم والإخاء ، والجود والسخاء ، والثقة والوفاء ..... كل ذلك بعمل ملموس وليس بكلام مرصوص ....

رأيت في رابعة ..... كل ما أحببت أن أعيشه في هذه الحياة، وتمنيت ألا تنتهي أيامها ولكن الله أراد شيئا آخر .. وتمت إرادة الله